حورات خاصة

تحرك تركي كاد يقلب الطاولة على السوريين.. “الأنصار” يشهرون سيف القانون بوجه “المهاجرين”

أثيرت زوبعةٌ من التساؤلات حول تحرك تركي تجسد بقانونٍ أعيد تداوله مؤخراً، يقضي بمنع حاملي الجنسية التركية من أصولٍ سورية من تسجيل ممتلكاتهم بأسمائهم إلا في حال إمضاء صاحب المُلك على ورقةٍ يتنازل فيها عن عقاره لصالح خزينة الدولة التركية، إلا أنّ حملةً مضادة قادها مجموعةٌ من المحامين والحقوقيين السوريين أعادت الأمور لنصابها وأنقذت الموقف.

تحرك تركي كاد يقلب الطاولة على السوريين

فبعد أن كان السوري الحاصل على جنسية تركية يُلزم بحصوله على موافقةٍ خطية من مديرية شؤون الأجانب لإتمام عملية البيع والشراء لعقاراته، فضلاً عن إلزامه بالتوقيع على وثيقة التنازل عن ملكية العقار، عَدَلت السلطات التركية عن قرارها الذي رآه كثيرون مجحفاً وأصدرت قراراً جديداً أنهى الجدل في هذا السياق.

“الأنصار” يشهرون سيف القانون بوجه “المهاجرين”

والقانون الذي تمّ إلغاؤه صادرٌ منذ عام 1927 وقد بدأ العمل به بعد قرارٍ صادرٍ عن مجلس الوزراء لعام 1966، حيث منُع منذ ذلك الحين تملّك السوريين في الأراضي التركية على مبدأ “المعاملة بالمثل” التي أعادت أنقرة العمل بها مؤخراً.

لماذا أثيرت كل هذه الزوبعة والتساؤلات حول هذا القانون؟

ولتوضيح الملابسات المتعلّقة بهذا القانون والأسباب والدوافع حول إعادة تطبيقه من جديد، والمصير الذي ينتظر آلاف العقارات والشركات المسجلة بأسماء السوريين المجنسين بالجنسية التركية، وتبيان الأسباب التي أدت إلى الضغط على الحكومة التركية لإصدار قرارات جديدة، حاورت وكالة “ستيب” الإخبارية كلّاً من مدير تجمع المحامين السوريين، أ. غزوان قرنفل، والمستشار الاقتصادي السوري، أ. جلال بكار.

يقول مدير تجمع المحامين السوريين ، أ. غزوان قرنفل، إنّه: “بالنسبة للقرار الذي لا يحقّ للسوريين التملّك بسببه في تركيا، فهو قرار قديم يعود لمطلع ستينات القرن الماضي، وقد صدر عقب قرارٍ بمصادرة أموال السوريين الموجودة داخل الأراضي التركية، وذلك ردّاً على إجراء وقرار أقدم عليه الجانب السوري منذ عقود يقضي بمصادرة أموال الأتراك الموجودة داخل الجغرافية السورية ومنعهم من التملك في سوريا”.

 أمّا عن سبب استحضار هذا القرار من الماضي مجدداً، يشير أ. غزوان إلا أنّه لا أحد يملك الإجابة القطعية بعد، مرجحاً أن يكون خلفه بعض الجهات ذات مصالح سياسية معيّنة وقد أخرجت هذا الملف من الأدراج القديمة، واستحضرته في مواجهة عدد كبير من السوريين ممن يتملّكون في تركيا سواء عبر شركات أو عبر الحصول على جنسية أخرى، أو ربما لإحراج السلطة الحالية ممثلةً بحزب “العدالة والتنمية”.

لكن ما يجزم به المحامي السوري، هو أنّ هذا القرار من وجهة نظر الحقوقيين السوريين والقاطنين بتركيا منهم عموماً يعتبر قراراً تعسفياً ومخالفاً للقانون والدستور التركي خاصةً فيما يتعلّق بتملك السوريين المجنسين بالجنسية التركية”، لافتاً إلى أنّه ومجموعة من المحامين السوريين قادوا حملةً كبيرة في هذا الإطار “أثمرت عن صدور تعليمات جديدة بتاريخ 16/11 2021، وأنصفت السوريين من حملة الجنسية التركية”، مؤكداً على أنّ “العمل جارٍ حالياً للبدء بحملة موازية تخصّ السوريين حملة الجنسيات الأجنبية الأخرى كذلك”.

هل يحق للسوريين التملك من الآن وصاعداً بتركيا؟

وحول ما إذا كان يحق للسوريين من الآن وصاعداً التملّك في تركيا، ينوّه إلى أنّ: “السوريين من حملة الجنسية التركية، طبعاً بإمكانهم أن يتملكوا في أي مكان داخل حدود الجغرافية التركية، ويتصرفوا بأملاكهم كأي مواطن تركي آخر، وهذه هي الثمرة القانونية الرئيسية التي تمكنت حملتنا من قطفها من التعميم الأخير، فهي ثمرة الجهد الذي تمّ بذله والحملة الإعلامية الكبيرة التي بذلت لإنصاف السوريين المجنسين”.

وبالنسبة لما بعد وفاة مالك العقار ( سوري وحامل الجنسية التركية)، يلفت المحامي إلى أنّه: “في حال لم يكن هناك أحد من ورثته يحمل الجنسية التركية فيعود العقار إلى الخزينة العامّة إذ لا يمكن من الناحية القانونية أن يرثه سوريون، كابنه ووالده من غير حملة الجنسية التركية، وإنما يرثه فقط من يحمل الجنسية التركيّة ويكون مصنّفاً قانونياً كوارث”.

مصير العقارات والممتلكات بعد القرارات الأخيرة

وفيما يتعلّق بمصير العقارات والممتلكات يرى أنّه لم يعد هناك أي مشكلة فيها بعد تعديل القرار بالنسبة للسوريين حاملي الجنسية التركية، أمّا السوريين من حملة الجنسيات الأخرى بعد تاريخ 16/ 11/ 2021، فلم يعد لهم الحق في التملك في تركيا طالما أنّ أصولهم سورية أو ولدوا في سوريا”.

ويلفت أ. غزوان إلى أنّه المشكلة التي هم في صددها والتي يعملون على تفكيكها أيضاً وحلحلتها هي المسألة المتعلقة بالسوريين الذين لم يحصلوا على الجنسية التركية بعد، ولديهم ممتلكات مسجلة على اسم الشركات التجارية التي انشأوها”.

هل هناك مؤشرات لسحب الجنسية من السوريين بتركيا؟

أمّا موضوع سحب الجنسية فليس تلك البساطة التي يروّج لها البعض، فسحب الجنسية وفق القانون التركي له اشتراطات محددة ودقيقة وواضحة قانونياً، فإن توفرت شروط سحب الجنسية من فئة معينة فهذا أمر طبيعي كون الأمر سيان على الشخص التركي بالولادة، فإن حصل وسُحبت الجنسية من البعض فإنّ أموالهم وممتلكاتهم تعود لخزينة الدولة”.

قوانين جديدة لمعالجة هذه المسألة بشكل نهائي

وبالنسبة لإصدار قانون يعالج هذه المسألة، فينوّه المحامي السوري إلى أنّهم كانوا يقفون أمام ثلاث مهام وأنُجزت الأولى منهما المتعلّقة بالسوريين المجنسين بجنسية تركية، وبقيت مهمتان: الأولى منها تتعلق بالسوريين مالكي العقارات بموجب شركات تجارية أسسوها ولا يحملون أي جنسية غير السورية، والثانية: تتعلق بالسوريين من حملة الجنسيات الأجنبية (أوروبية وسواها) غير التركية، فأيضاً يتم العمل على معالجة إمكانية تملكهم في تركيا”.

الهدف من إعادة تفعيل قانون قديم مجدداً

ويعتقد أنّ استحضار القانون ووضعه على هذه الطاولة في هذه الظروف، وفي ظل استثمار قضية اللاجئين سياسياً، والصراع الانتخابي المحموم والمبكر جداً، يعكس مصالح قوى سعت لتفجير هذه المسألة حالياً وإثارة حنق اللاجئين السوريين في تركيا على السلطة فيها، ومن ثم استثمار هذا الموضوع انتخابياً، لكن تمّت الاستجابة لمطالب السوريين الأتراك حول قضية التملك”.

تركيا تكشف رسمياً أعداد السوريين المجنسين وتأثيرهم بالانتخابات القادمة وتهديدات أردوغان لشمال سوريا تهوي بالليرة

قضية تمسّ الأمن القومي التركي!

بدوره، يرى المستشار الاقتصادي السوري المقيم في تركيا، أ. جلال بكار، أنّ هذا القرار “هو قرار تاريخي وليس وليد اليوم وهو قرار ساري منذ عقود، لكن هذا القرار تمّ التداول به من بعد تجارب عديدة للحكومة التركية مع من تجنسوا من السوريين بجنسيات أجنبية (أوروبية أو أمريكية أو كندية) أي من خارج تركيا، وغير مرغوب بهم كشخصية سورية من حاملي هذه الجنسيات، وبناءً على هذا الموضوع تمّت إعادة صياغة القرار القديم وتمّ الإعلان عنه، ثم العدول عنه لاحقاً”.

ويجد أ. جلال أنّ القرار ينطوي على عدّة أخطاء خاصّةً في كيفية وآلية طرحه وتوقيه، حيث تساءل عن أسباب العودة إليه عمّا إذا كانت بأثر رجعي أو أنّه تمّ التعامل لدوافع أخرى انتفت تاريخ الـ 16 من شهر نوفمبر الحالي والتوضيحات التي قدّمتها الحكومة التركية حينها عبر القرار الجديد، إلا أنّه وبصورة عامّة فإنّ هذا الموضوع يعتبر حساساً لكون البعض يرى فيه أنّه يمسّ الأمن القومي التركي”.

سبب ارتباطه بالسوريين دون سواهم

أمّا عن سبب ارتباطه بالسوريين دون سواهم، فالأمر يعود لكونهم لا يستطيعون من الناحية القانونية التملك في تركيا وفقاً لتعميمٍ قديم ردت بموجبه تركيا على تحرّك سوري سبقه يمنع تملّك الأتراك في سوريا وتمّ سحب أملاكهم لصالح الحكومة السورية آنذاك، فهذا القرار ليس وليد اليوم وإنما يندرج ضمن خانة المعاملة بالمثل”.

وفيما يتعلّق بالمجنسين السوريين ممن يمتلكون الجنسية السورية فهم لن يعانوا من أي إشكالات لأنّ الحكومة التركية بمجرد إعطائهم الجنسية التركية، فقد اعترفت بهم كأتراك وهذا قانونياً لا ينطبق مع القانون التركي الذي لا يصنّف الجنسية كدرجات أولى وثانية”، أمّا فيما يتعلّق بحاملي الجنسيات الأخرى، يؤكد أ. جلال أنّه لا يوجد مشاكل، وإنّما يوجد هناك ثلاث جنسيات ومنها السورية لا يحق لها الاستحواذ على عقار داخل تركيا”.

الأسباب الحقيقية لانهيار الليرة التركية لمستويات تاريخية.. من المستفيد والخاسر من هذه المعركة!؟

ما تأثير الخطوة التركية من الناحية الاقتصادية

وعن ربط البعض بين هذا التحرك والضغوطات التي تتعرض لها الحكومة التركية خاصّةً تلك المتعلّقة بانهيار الليرة التركية، إذ سبق وأن استخدمت السوريين كورقة في أزماتٍ سابقة، يعتبر المستشار الاقتصادي أنّ “الاقتصاد التركي متنوع ويمكن وصفه بالاقتصاد الحي”، مشيراً إلى أنّ “التراجع الذي تشهده الليرة يؤثر على الاقتصاد سلباً بالطبع لكن هناك جوانب أخرى ترتفع وتنمو، والاقتصاد الانتاجي من الأمور الطبيعية أن يتعرّض للصدمات، وهو أمر كان متوقعاً نظراً لأنّ البنوك الأوروبية والأجنبية مستثمرة داخل تركيا بأكثر من 56 مليار دولار وهو رقم مهول بالاستثمار المباشر”.

ويشير إلى أنّه وبالصورة العامة “هناك ضبابية تحيط بالمشهد الاقتصادي العالمي، وبالمقابل يسلّط الضوء على الأخبار التي تخصّ الاقتصاد التركي بشكل مركّز والتي على صلة بالجالية العربية في تركيا وهذا ما يجعل أنقرة دوماً تحت ضغط من قبل الإعلام العربي أكثر من أي إعلام آخر، فلا شكّ أنّ الاقتصاد التركي ليس اقتصاداً آمناً مئة بالمئة لكن يمكن القول إنّه يمضي بالاتجاه الصحيح”.

تحرّك تركي كاد يقلب الطاولة على السوريين.. "الأنصار" يشهرون سيف القانون بوجه "المهاجرين"
تحرّك تركي كاد يقلب الطاولة على السوريين.. “الأنصار” يشهرون سيف القانون بوجه “المهاجرين”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى