حورات خاصة

أثر اتفاقيات تركيا والإمارات الاقتصادية التي فاقت 10 مليارات دولار على الاقتصاد والليرة التركية

جاءت زيارة الشيخ محمد بن زايد، ولي العهد الإماراتي، إلى تركيا قبل أيام لتكون واحدة من أهم الزيارات التي ستفتح المجال أمام مرحلة جديدة من العلاقات الاقتصادية والسياسية بالعديد من القضايا.

ولكن ماذا عن أثر المصالحة الإماراتية التركية وعودة العلاقات بين البلدين، وعن اتفاقيات تركيا والإمارات الاقتصادية التي فاقت قيمة 10 مليارات دولار ومدى تأثيرها على قيمة الليرة التركية التي تدهورت مؤخراً.

وللحديث عن الأمر التقت وكالة “ستيب الإخبارية” مع المحلل الاقتصادي الإماراتي، نايل الجوابرة، والمحلل السياسي التركي، مهند أوغلو.

 

– اتفاقيات تركيا والإمارات 

 

يشرح المحلل الاقتصادي الإماراتي، نايل الجوابرة، حول عدد وقيمة اتفاقيات تركيا والإمارات التي وقعها الشيخ محمد بن زايد والرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال لقائهما الهام الأخيرة. 

ويقول: “من أبرز اتفاقيات تركيا والإمارات هو تأسيس صندوق بقيمة 10 مليار دولار لدعم الاستثمار بتركيا إضافة إلى مذكرات تفاهم منها مذكرة تفاهم بين البنك المركزي التركي ونظيره الإماراتي، ومذكرة تفاهم حول مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، ومذكرة تفاهم بين ميناء أبو ظبي والصندوق السيادي التركي، وأخرى بين شركة أبو ظبي التنموية القابضة والصندوق السيادي التركي، ومذكرة تعاون بين شركة أبو ظبي القابضة وهيئة الاستثمار الرئاسي، ومذكرة تعاون وتفاهم بين بورصة أبو ظبي وبورصة إسطنبول، إلى جانب التعاون الإداري والشراكة في الشؤون الجمركية بين البلدين، ومذكرات تعاون بمجالات الطاقة والبيئة”.

اتفاقيات تركيا والإمارات الاقتصادية
اتفاقيات تركيا والإمارات الاقتصادية

ويضيف: نلاحظ أن المذكرات معظمها سيادية بين الصناديق الكبرى للبلدين، وهذا ما سيدعم بشكل كبير الاقتصاد خاصة في تركيا، حيث تعتبر الاتفاقيات بمثابة سيولة جديد وهو ما سيؤثر قطعاً على سعر الليرة التركية لتتحسن بعد الهبوط التاريخي، إلا أنّ ذلك يحتاج لوقت لنقل الأموال وتطبيق الاتفاقيات خصوصاً بين الصناديق السيادة، وغالبًا سيظهر التحسن في الوضع الاقتصادي التركي خلال النصف الأول من 2022.

ويؤكد “الجوابرة” أن تركيا ستقدم تسهيلات كبيرة للمستثمرين الإماراتيين وستفتح المجال لهم، خصوصاً أن هناك استثمارات إماراتية فردية أيضاً خاصة في القطاع العقاري. 

 

– لماذا سيظهر الدعم الإماراتي أكثر من القطري لتركيا؟ 

 

يتحدث “الجوابرة” عن أن الاقتصاد التركي شهد تدهورات كبيرة مؤخراً لا سيما بعد تدهور قيمة العملة، وخسارتها بنحو 400 نقطة أساس وبالتالي أثّر بشكل سلبي على عموم الاقتصاد التركي والاستثمارات بالبلاد. 

ويقول: تحتاج تركيا للدعم الإماراتي لا سيما بعد البلبلة بين تركيا وأمريكا والتي تسببت بتراجع الاقتصاد التركي، وضخ السيولة وتماسك العملة التركية سيجعل الأمور تتجه نحو الاستقرار مما يدفع المستثمرين الأجانب للعودة إلى السوق التركية، وخصوصاً الأوربيين. 

ويتابع: لماذا سيظهر الدعم الإماراتي أكثر من القطري لتركيا، لأن الاقتصاد لا يمكن أن يعتمد على جهة واحدة حتى لا يصبح هناك قصور كما يحصل من خلال جائحة كورونا وأثره السلبي على جميع الاقتصادات، وهذا يمكن أن يفتح المجال أيضاً لاستثمارات جديدة من دول ثانية مثل السعودية ربما. 

– نقلة نوعية بعلاقة تركيا والإمارات

من جانبه يشيد المحلل السياسي التركي، مهند أوغلو، بالتطور الكبير الذي حصل بعلاقة البلدين بعد سنوات من الصراعات التي أدت إلى أزمات متعددة.
ويقول: يمكننا القول إنها نقلة نوعية جاءت بعد تنسيق طويل بين الجانبين خلف الأضواء، وهذا التحول فرضته عوامل متعددة منها المتغير الدولي الأساسي وصول بايدن إلى البيت الأبيض بالإضافة إلى وباء كورونا الذي خلط أوراق اقتصاد الدول كلها.
ويؤكد “أوغلو” قطعًا أن اتفاقيات تركيا والإمارات الاقتصادية سوف تساعد على تحسين الوضع الاقتصادي التركي، إلا أنه يرى بأنها قد لا تكون منقذ للاقتصاد، لأن المشكلة التركية في الداخل التركي هي مشكلة ذات اتجاهين.
ويضيف: المشكلة ذات اتجاهين وهما، طبيعة الاقتصاد التركي نفسه والذي يتصف بأنه اقتصاد حر، ومشكلة العملة التركية والتي تؤثر فيها عوامل متتعدة آخرها العوامل الاقتصادية العامة وأولها العوامل السياسية.
ويتابع: ليست المشاريع الإماراتية وحدها التي تُناقش في تركيا اليوم بل مشاريع متعددة قادمة سواء من إعادة ترتيب الهيكلية الاقتصادية التركية داخلياً مع مشاريع إقليمية يُجهز لها وستبصر النور قريبا.

– هل ستنقذ أردوغان داخلياً وخارجياً؟

يوضح السياسي التركي بأن التذمر الداخلي بتركيا سببه الفوضى الإعلامية التي تثيرها المعارضة لتأجيج الناس للمطالبة بإجراء انتخابات مبكرة، بالوقت الذي فشلت فسخ المعارضة في اقناع القيادة التركية على قبول دعواتها تلك.
ويقول: السياسة الخارجية الأمريكية وبعد سنة كاملة لوصول بايدن للحكم بات واضحاً أنها غير مهتمة بالشكل الكافي للشرق الأوسط وعليه تحتم على دول المنطقة التقارب وإدارة الخلافات البينية وعدم الخوض فيها ولو مؤقتاً ريثما يتضح مسار العلاقات بعد انقطاع دام لعقد كامل.
ويشير “أوغلو” إلى أنّ هذا التقارب التركي الإماراتي ربما يشكل بداية لتحالفات إقليمية جديدة اذا ما كان هناك بناء حقيقي للثقة بين الأطراف، لأن سنوات عجاف جعلت الثقة مهتزة ولا بد من وقت كاف لتأكيدها وبعدها يمكن القول بأن حقبة إقليمية بدأت تظهر للعيان.

وريثما يظهر نجاعة الدعم الإماراتي لتركيا على عملتها واقتصادها حتى منتصف العام القادم، ستتجه سياسة أردوغان الجديدة لتوطيد المزيد من العلاقات مع دول إقليمية أخرى لا سيما مصر والسعودية، ومحاولة نزع فتيل الصراعات بعدة قضايا، وقد بدأت تركيا تقديم بوادر حسن نية منها التخلي عن جماعة الإخوان المسلمين المصرية، وفيما يبدو أن الرئيس التركي اقتنع أخيراً بأن المحيط العربي هو الأساس الأنسب لبناء المصالح الإقليمية على أساس التفاهم والتشاركية وليس التنافس والصراع.

اقرأ المزيد|| التقارب بين تركيا والإمارات.. أسبابه ودوافعه ونتائجه المحتملة على ملفي سوريا وليبيا بنظر الخبراء

 

أثر اتفاقيات تركيا والإمارات الاقتصادية التي فاقت 10 مليارات دولار على الاقتصاد والليرة التركية
أثر اتفاقيات تركيا والإمارات الاقتصادية التي فاقت 10 مليارات دولار على الاقتصاد والليرة التركية

حاوره: جهاد عبد الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى