سفير اليمن لدى اليونسكو يكشف الخطر الحقيقي في البلاد وكيف استغل الحوثيون اتفاقاً لتفجير الحرب
يعاني اليمن منذ عام 2015، عقب استيلاء ميليشيا الحوثي على العاصمة صنعاء وحتى اليوم، إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم ولا سيّما مع استمرار التصعيد العسكري في مأرب التي يعد سقوطها نقطة تحول رئيسية في الحرب القائمة.
ومع إزالة واشنطن لميليشيا الحوثي من قوائم الإرهاب، بلغ الصراع مستوى آخر حيث شهدت البلاد تحركات مكثّفة نحو تجنيد الأطفال وإبعادهم عن مقاعد الدراسة إلى جانب عمليات قتل واغتصاب وتشويه لم يتم تسجيلها، وسط تحذيرات دولية من ظهور جيل كامل غير متعلم من الأطفال قد يتحول لقنبلة موقوتة تهدد المجتمع اليمني.
التصعيد مستمر وتجنيد الحوثيين للأطفال يتضاعف بحسب الحكومة اليمنية، وسط حصول الجماعة على أحدث الأسلحة من حلفائها لا سيّما إيران وميليشيا حزب الله اللبناني. للوقوف على المشهد الحالي في اليمن، حاورت وكالة “ستيب الإخبارية” سفير اليمن لدى اليونسكو الدكتور محمد جميح.
حكومة اليمن تطالب بإعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية
يقول سفير اليمن لدى اليونسكو الدكتور محمد جميح حول مساعي بلاده لإعادة إدراج ميليشيا الحوثي ضمن قوائم الإرهاب: “كان رفع الحوثيين من قائمة الإرهاب الأمريكية خطأ فادحاً من طرف إدارة الرئيس جو بايدن”.
ويضيف: “في اليوم التالي لرفع التصنيف شنَّ الحوثيون هجومهم على محافظة مأرب، متشجعين بأنهم نجوا من سيف العقوبات”.
ويتابع جميح: “الحكومة اليمنية تطالب بإعادة التصنيف، لأن مواصفات الجماعات الإرهابية تنطبق على الحوثيين. هم يستهدفون بالصواريخ البالستية والطائرات المسيرة الأعيان والمنشآت المدنية، ويزرعون الألغام البرية والبحرية، وسبق أن استهدفوا طرق الملاحة بصواريخ، وقاموا بعمليات قتل بدم بارد لسجناء ومعارضين سياسيين، ناهيك عن شبكات واسعة من الفساد وغسيل الأموال والتهريب، لذا فإن وصف الإرهاب ينطبق عليهم بكل تأكيد”.
ويواصل كلامه: “وبعد أن رفعت واشنطن الحوثيين من قائمة الجماعات الإرهابية، حاولت التخفيف من آثار هذا القرار بمعاقبة أشخاص في الجماعة، ومعاقبتهم أصلاً ليست مجدية، ما لم توضع الجماعة كلها ضمن التصنيف، ليشعر من يتعاملون معها مالياً وسياسياً بأنهم يتعاملون مع جماعة إرهابية”.
وفيما يتعلق بتنديد واشنطن لما تفعله ميليشيا الحوثي من انتهاكات وعدم الرّد الفعلي عليها، جميح يؤكد أن “واشنطن تعرف أن الحوثيين قاموا بكل ما يعد عملاً إرهابياً، ومع ذلك لم يصنفوهم إرهابيين.
وقد جاء في قرار رفع جماعة الحوثي من قائمة المنظمات الإرهابية، أن رفع التصنيف جاء لأسبابٍ إنسانية، بحكم أن الجماعة تسيطر على ميناء الحديدة ومطار صنعاء، وبالتالي فإن التصنيف سيعني عدم التعامل معها، الأمر الذي يضاعف من الأزمة الإنسانية.
وهذا التبرير لا يستقيم مع وجود موانئ ومطارات أخرى يمكن أن تدخل عبرها المعونات وهي خارج سيطرة الحوثيين”.
مصير أطفال اليمن
وحول مصير الأطفال اليمنيين، يقول سفير اليمن لدى اليونسكو إن الخطورة ليست في حرمان الطلاب من الدراسة، ولكن في “غسيل الأدمغة الذي يتعرض له الأطفال من خلال المناهج الطائفية والعنصرية التي يتم من خلالها تحويل المدارس إلى معسكرات يخرج منها أطفال في سن الرابعة عشرة إلى ميادين الحرب.
هناك تقارير دولية تتحدث عن عشرات آلاف الأطفال الذين جندهم الحوثيون في الحرب لأسباب مختلفة يأتي ضمنها الحاجة المادية، حيث يرفض الحوثيون صرف المرتبات إلا لمن يقاتل في صفوفهم، وكذلك عمليات غسيل أدمغة الصغار، والترشيد المذهبي والطائفي وغير ذلك مما يسهم في جعل آلاف الأطفال وقوداً لهذه الحرب.
وإذا كان الحوثيون يزرعون الأرض بمئات آلاف الألغام، فإن ما هو أخطر من ذلك هي تلك الألغام والأفكار السامة التي يدسونها في أدمغة الأطفال، وهو ما يجعل منهم قنابل موقوتة تنفجر عندما يراد لها ذلك”.
دور الإعلام في تقليب الموازين باليمن
جميح وردّاً على سؤال لوكالة “ستيب الإخبارية” حول دور الإعلام في تقليب الموازين، يؤكد أن “الآلة الدعائية الحوثية، برعت في تصوير الحرب في اليمن على أساس أنها حرب على اليمن، مع أنها هي من بدأت الحرب منذ 2004، قبل عشر سنوات من تدخل التحالف، وهذا أسهم في التحشيد لمعركتهم على أساس أنهم يدافعون عن الوطن، فيما هم من جلب الحرب من أجل الوصول إلى السلطة والثروة”.
ويضيف: “لذا عملت وسائل إعلامهم المرتبطة بالآلة الإعلامية الإيرانية على تأجيج الصراع الذي يصب في مصلحة الإيرانيين الذين يسعون إلى نشر الحروب والصراعات لإضعاف الدول المستهدفة من أجل أن تسهل السيطرة عليها”.
كيف استغل الحوثيون الاتفاقيات لتفجير الحرب!؟
السفير اليمني، يقول: “في عام 2018، كانت القوات المشتركة اليمنية مدعومة بالتحالف على بعد 3 كيلومترات فقط من ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الحوثيين، لكن البريطانيين والأمريكيين تحركوا بالضغط لإيقاف المعركة بحجة تدهور الوضع الإنساني.
ومن ثم تم الذهاب لمفاوضات استوكهولم، التي تمخض عنها اتفاق ينهي المعركة ويدعو لانسحاب الحوثيين من المدينة والميناء، وهو ما لم ينفذه الحوثيون حتى اللحظة، بل إن الحوثيون استغلوا الاتفاق لتفجير الحرب ومهاجمة مناطق أخرى بعد أن ضمنوا وقف الهجوم على الحديدة.
كما أن هناك فيما يبدو ضغوط لمنع تسليح الجيش الوطني بأسلحة تحدث الفارق، في وقت تصل للحوثيين فيه أنواع الأسلحة المتطورة”.
دور حزب الله اللبناني والنظام الإيراني فيما يجري داخل اليمن
وبخصوص دور ميليشيا حزب الله اللبناني والنظام الإيراني في حرب اليمن، يؤكد جميح أنه لم يعد خافياً تدخل الإيرانيين وحزب الله في الشأن اليمني.
ويزيد: “حزب الله وميليشيات إيران الأخرى تتلقى تعليماتها من طهران، ولا تتبع الحكومات في بلدانها، إذا فإن هذه الميليشيات تقاتل حيث توجهها طهران، حتى ولو كان ذلك ضد مصلحة بلدانها”.
ويمضي في القول: “بالنسبة للحوثيين فإن سلاحهم إيراني من الطائرات المسيرة إلى الصواريخ البالستية إلى خبراء إطلاق هذه الصواريخ والطائرات، ناهيك عن تجهيزات ضخمة يتم تهريبها للحوثيين من قبل الإيرانيين عبر شبكات تهريب عالمية يشترك فيها حزب الله وغيره”.
ويتابع: “على أية حال فالإيرانيون وحزب الله لم يعودوا ينكرون دورهم في الحرب على اليمن، بل إنهم يفاخرون بذلك. طهران تفاخر بسيطرتها على أربع عواصم عربية، وحسن نصر الله تمنى لو يجاهد هو شخصياً في اليمن بعد أن أكد سقوط قتلى لحزبه في البلاد”.
حاورته: سامية لاوند