البرنامج النووي العراقي السري .. أسس له صدام وقصفته إسرائيل وإيران
في وقتٍ شهد فيه مسار التسليح العراقي تطوراً غير مسبوق في عهد الرئيس الراحل، صدام حسين، الذي أمر بإنشاء البرنامج النووي العراقي بشكلٍ سريّ، إلا أنّ إيران وإسرائيل ضربت المشروع في مقتل.
البرنامج النووي العراقي السري الذي أطلقه صدام حسين
فبعد أشهرٍ من العدوان الإسرائيلي الذي طال مفاعل تموز العراقي في الـ 7 من حزيران /يونيو من العام 1981 م، وأدى لتدميره، أمر صدام حسين بإطلاق برنامج نووي “سري” والذي لحقه الدمار عقب دخول المفتشين الدوليين إلى العراق بعد غزوه، إلا أنّ العلماء النوويين العراقيين كانوا قد تمكنوا وبشكلٍ ذاتي من تخصيب اليورانيوم بصورة كهرومغناطيسياً دون اللجوء إلى طلب المساعدة من أي طرفٍ أجنبي.
وعبر الخوض بشكلٍ مفصلٍ أكثر في بداياته، فإنّ البرنامج النووي العراقي قد بدأ بتفاهم بين العراق والاتحاد السوفيتي في الـ 17 آب / أغسطس 1959 م لبناء مفاعل نووي.
وشهد العام 1968 م، تطوراتٍ حاسمة في البرنامج، حيث بنى العراق خلاله مفاعلاً بحثياً من نوع (IRT-2000) بمساعدة السوفييت، إلى جانب عدة منشآت شُيدت قرب العاصمة بغداد وكانت قادرة على إنتاج النظائر المشعة حينها.
بالفيديو|| إسرائيل تنشر فيديو نادر لـ صدام حسين يزور المفاعل العراقي في ثمانينات القرن الماضي
أبرز علماء الذرة العراقيين
الدكتور جعفر ضياء جعفر صاحب مشروع القنبلة النووية العراقية.
العالم الفيزيائي العراقي د. سلمان رشيد سلمان اللامي الذي وافته المنية في جنيف بمرض غامض عام 1981، وهو العام الذي ضرب فيه مفاعل تموز.
الدكتور زياد حنا الحداد (مهندس مفاعلات الماء الثقيل ويقيم حالياً في روسيا).
د. سعيد عبد الفتاح الدليمي.
د. نعمان النعيمي.
إسرائيل ترفع السرية عن وثائق حول قصفها لمفاعل تموز النووي في العراق (صور)
السوفييت رفضوا طلب صدام وباريس قبلته
وفي عام 1975 م، زار صدام حسين موسكو وطلب بناء محطة نووية متطورة، إلا أنّ طلبه قوبل برفضٍ من قبل السوفييت الذين اشترطوا عليه أن تكون المحطة تحت سيطرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو ما رفضه العراق في المقابل ودفع للاستمرارية بحثاً ع سبلٍ جديدة.
وفي الـ 15 نيسان / أبريل من العام ذاته، تم توقيع اتفاقية تعاون بين العراق والاتحاد السوفييتي، حيث أعقبت هذه الاتفاقية اتفاقية عام 1959 م.
وبعد توقيع الاتفاقية بـ 6 أشهر، أعطت باريس موافقتها تجاه بيع 72 كيلو جراماً من اليورانيوم المخصب بنسبة 93٪، فضلاً عن موافقتها على بناء محطة نووية في العراق دون أن تكون خاضعة لسيطرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بتكلفةٍ بلغت حينها الـ 3 مليارات دولار.
فرنسا توافق على بناء مفاعلين نووين في العراق
في بداية عام 1975 وافقت الرئاسة الفرنسية على بناء مفاعلين في العراق يشبهان إلى حد بعيد مفاعلين في مركز البحوث النووية التابع لوكالة الطاقة الفرنسية (CEA):
المفاعل الرئيسي (الأول) وكان يدعى (أوزيريس): بلغت سعته 40 ميغاواط، كما كان بالإمكان ترقيته إلى 70 ميغاواط، أما عن سبب تسميته بـ (أوزيريس) فيعود لدمج كلمتي العراق وأوزوريس (الذي يعني إله القيامة والحساب في الأساطير المصرية القديمة) وهو يعمل بالماء الخفيف وكان يسميه العراق مفاعل (1 تموز).
مفاعل التدريب (الثاني): وكان يدعى (ISIS) بقدرة 600KW ويستخدم في فرنسا لتدريب العمال على تشغيل المفاعل الرئيسي (OSIRIS) وكان يسمى في العراق بمفاعل (2 تموز).
غارة إيرانية على مفاعل تموز
مع بدء عمليات نقل الوقود النووي إلى المفاعلين العراقيين بطائرة فرنسية عبر رحلاتٍ يفصل بينها 40 يوماً، ما بين مطاري ” الفرنسي و”المثنى العراقي”، كان الموساد يراقب العملية عن قرب.
وتحديداً في الـ 27 من أكتوبر من العام 1976 م، أبرمت إيران صفقة أسلحة مع الولايات المتحدة كان من المفترض أن تتسلم بموجبها 160 طائرةً من طراز الـ ” F-16″، على أن تبدأ بتسلمها اعتباراً من 1979 بـمعدل 4 طائرات شهرياً.
إلا أنّ مفارقةً غريبةً لفتت انتباه كثيرٍ من المراقبين، هي أنّه وفي ذات الأسبوع الذي وقع فيه العراق مع فرنسا عقد بناء مفاعلي تموز، ألغت الحكومة الإيرانية آنذاك صفقتها مع واشنطن، في حين أخذت إسرائيل الـ 8 طائرات، والتي قصفت بها المفاعلين العراقيين.
وعقب انطلاق شرارة حرب الخليج الأولى بتاريخ 22-9-1980 والّتي ستستمرّ لمدّة 8 سنوات في نفس يوم البدء (أي 22-9)، ضمت قاعدة همدان الجوية الإيرانية اجتماعاً لعناصر من المخابرات الإيرانية والإسرائيلية، وثقته حينها المخابرات الألمانية، حيث نصحت تل أبيب طهران بذلك الاجتماع بضرب المفاعلين النوويين العراقيين وهذا ما تمّ فعلاً.
الغارة الإسرائيلية على مفاعلي تموز
حددت تل أبيب يوم الـ 7-6-1981 موعداً لتنفيذ هجومٍ خططت له طويلاً، وذلك ضمن إطار عملية عرفت باسم “عملية أوبرا” أو “عملية بابل”.
وزودت حينها كلّ طائرة من 8 طائرات المهاجمة بقنبلتي Mark-84 وزن كل منها 925 كيلوغرام بوزن كلّي لكلّ الطائرات 7 طن TNT حشوة.
أقلعت الطائرات المشاركة في العملية من قاعدة “عتصيون” الجوية في سيناء (كانت إسرائيل تسيطر عليها) والّتي هي حالياً مطار طابا الدولي.
وخلال الغارة التي استغرقت قرابة 190 دقيقة، تمّ تدمير جزء من مبنى المفاعلين مع المختبر الحار وغرف السيطرة والمختبر الذرّي والمختبر الإيطالي والمعهد النووي من خلال ثمان قنابل أصابت أهدافها والثمان الأخرى أما لم تنفجر أو سقطوا في العراء.