مملكة جوك ترك.. أول دولة أسسها الأتراك بالعصور الوسطى وتاريخها الذي تحمله النقوش إلى يومنا هذا
تعتبر “مملكة جوك ترك” أول دولة أسست من قبل الأتراك وتحمل اسم “الترك”، وتعني كلمة “جوك ترك” الأتراك السماويون، وتم تأسيسها في آسيا بالعصور الوسطى عام 552 وتقع اليوم ضمن حدود منغوليا، وكانت في فترات ازدهارها تسيطر على تجارة طريق الحرير التي جعلتها من الممالك الثرية ودام حكمها لما يقارب 195 عاماً.
تاريخ مملكة جوك ترك
وبحسب كتاب “نقوش أورهون” للكاتب والباحث في تاريخ الأدب التركي، محرم أرجين، فإن مملكة جوك ترك أسسها الخان (السلطان) بومين، وكانت عاصمتها أوتوكان.
وبعد وفاة الخان صعد أبناؤه الثلاثة تباعاً إلى العرش، وخاضوا حروباً كبرى مع الإمبراطورية الصينية، وبحلول عام 630 تمكنت الصين من السيطرة على قسم من مملكة جوك ترك.
وفي عام 682 تمكن الخان “كوتلوج” من إعادة أراضي الدولة التي احتلتها الصين، وأسس دولة جوك ترك الثانية التي استمرت حتى منتصف القرن الثامن.
وأشار الكاتب “أرجين” إلى أن دولة جود ترك الثانية تركت العديد من الآثار التي بقيت حتى يومنا هذا، كالتماثيل والمقابر الحجرية، إضافة إلى أن أهم ما تركته أيضاً هو نقوش جوك ترك.
وفي بحث للكاتب “حسين نامق أوركون” بعنوان “النقوش التركية القديمة” قال إن نقوش مملكة جوك ترك تعتبر أول وثيقة مكتوبة للأتراك، وقد كتبت بأول أبجدية تركية، والتي تحمل اسم جوك ترك أيضاً، وتتكون هذه الأبجدية من 38 حرفاً.
اقرأ أيضاً:
نقوش مملكة جوك ترك
وكان أول من ذكر هذه النقوش الكاتب والمؤرخ المغولي، علاء الدين مليك جوميني في كتابه “تاريخ جهانكشا”.
ووفقاً للكاتب أرجين فإن نقوش جوك ترك تعود إلى الحقبة الزمنية التي حكمها ابن الخان “كوتلوج” وهو الخان “بيلجي” الذي تولى العرش بعد والده وكلن له أخ يدعى “كولتاجين” يساعده في إدارة الدولة إلى جانب الوزير “طونيو كوك”.
وفي كتاب “نقوش أورهون” يذكر الباحث، طلعت تكين، أن نقوش مملكة جوك ترك كتبت على ثلاثة حجارة الأولى نقوش طونيو كوك وتعود لعام 731، والثانية: نقوش كولتاجين لعام 732، والثالثة: نقوش بيلجي لعام 735.
عثر على النقوش في القرن الـ 19 حين أرسلت فنلندا عام 1887 هيئة أثرية للبحث في تلك المنطقة، وتم العثور عليها، وأُخذت صورة من هذه النقوش. وفي نفس العام ذهبت هيئة أثرية روسية أخرى لمحاولة فك رموز هذه النقوش لكنها لم تتمكن من ذلك أيضًا.
وفي عام 1893 تمكن عالم اللغة الدنماركي “فيلهلم تومسن” وبمساعدة عالم اللهجات التركية الروس “فاسيلي رادولوف” من فك رموز النقوش، وفي نفس العام تم الإعلان عن هذا الاكتشاف للعالم في الأكاديمية الملكية الدنماركية للعلوم.
وقد تسبب اكتشاف نقوش جوك ترك في لفت انتباه الباحثين حول العالم. ووفقًا للباحث علي كمال مرام في بحثه المعنون بـ”جوك تركلار”، فإن أول من ترجم نقوش جوك ترك هو البروفيسور التركي نجيب عاصم، المختص في تاريخ الأدب التركي، عام 1924. وفي السنوات اللاحقة تم تأليف العديد من الأبحاث حول هذه النقوش، وتُرجمت ترجمات أخرى من قبل الباحثين: أيسو أتا وطلعت تكين ومحرم أرجين.
اقرأ أيضاً:
بالصور والفيديو || اكتشاف مذهل بالسودان ..مدينة تحت الأرض بأنفاق عظيمة
ووفقًا للمؤرخ عثمان نديم تونا في كتابه “نقوش جوك ترك”، فإن حجر كولتاجين يبلغ طوله ثلاثة أمتار و75 سنتيمتر، وعلى أحد جوانبه نقوش باللغة الصينية، وعلى بقية الجوانب نقوش بلغة جوك ترك. والنقوش على هذا الحجر كُتبت بلغة أدبية، وهي إهداء من الخان لأخيه كولتاجين، الذي ساعده في إدارة الدولة ولم يصارعه على العرش، وتنتهي النقوش بمديح للأتراك.
والحجر الثاني هو حجر الخان بيلجي وهو يشبه حجر كولتاجين والذي كتب عليه هذه النقوش هو ابن الخان، ولكن نقلا عن لسان والده، وهذا الحجر أطول من الحجر السابق بحوالي 6 سم، وعلى أحد جوانبه أيضاً نقوش باللغة الصينية، وتشرح الكتابة الموجودة على هذا الحجر طرق إدارة الدولة وعلاقة الخان بالشعب، وعلاقة دولة جوك ترك بالإمبراطورية الصينية.
اقرأ أيضاً:
مقبرة منحوتة بالصخر ومومياءات من العصر اليوناني.. اكتشاف أثري جديد في مصر بعد كنوز سقارة
أما حجر طونيو كوك، فتعود النقوش التي عليه إلى الوزير طونيو كوك نفسه، لكن لغة الكتابة على هذا الحجر أكثر بساطة. ويشرح الوزير فيها تجربته في إدارة الدولة. ويضيف المؤرخ عثمان نديم تونا أن الشخص الذي كتب هذه النقوش على حجري كولتاجين وبيلجي يدعى يولوج تجين، ابن أخت الخان بيلجي، ولا يُعرف الذي كتب على حجر الوزير طونيو كوك حتى الآن.
