حورات خاصة

هل يهدد انقسام الشارع في السودان التحول الديمقراطي ولماذا أصبحت موانىء البلاد محور تنافس إقليمي ودولي!؟

تظاهر عشرات الآلاف من أنصار الحكم المدني في شوارع العاصمة السودانية الخرطوم، أمس الخميس، في وقت يعتصم مؤيدون لـ”حكومة عسكرية”، منذ أيام، يرون أنها وحدها قادرة على إخراج البلاد من أزمتين اقتصادية وسياسية متفاقمتين.

ويزيد ذلك من التأزم في العلاقة بين المكونين المدني والعسكري، لمجلس الحكم السيادي، الذي يدير شؤون البلاد منذ أغسطس/آب 2019، في إطار مرحلة انتقالية، يفترض أن تفضي إلى حكم مدني، بعد انتخابات مرتقبة في البلاد، مطلع العام 2024.

وفي وقت تظهر الخلافات بين الأحزاب السياسية في السودان تزداد المخاوف من إطالة عملية الانتقال إلى الديمقراطية، ولكن هل الانقسام في الشارع يعني نهاية التحول الديمقراطي وهل بات الوصول إلى توافق بعيد المنال ولماذا أصبحت موانىء البلاد محور تنافس إقليمي ودولي وهل سيشهد السودان أزمة أخطر وانقسام؟ للوقوف على كل هذه الأسئلة حاورت وكالة “ستيب الإخبارية” المحلل السياسي السوداني شوقي عبد العظيم.

السودان
هل يهدد الانقسام بالشارع السوداني التحول الديمقراطي ولماذا أصبحت موانىء البلاد محور تنافس إقليمي ودولي!؟

ماذا يريد الشارع السوداني؟

يقول المحلل السياسي السوداني شوقي عبد العظيم، إنَّ “التظاهرات في السودان هي الآن على شقين، الشق الأول هنالك من يريدون أن يفوضوا العسكر لإدارة البلاد وبعضهم مدنيين وبعضهم أمين حركات مسلحة كانت تقاتل منذ نظام البشير ووقعوا بعد ذلك اتفاق جوبا (وتعرف باتفاق الجبهة الثورية) وهؤلاء يريدون الآن نفوس أكبر وسلطات ووزارات ويتحدثون على أنه تمّ تهميشهم من قبل الأحزاب الموجودة”.

ويضيف: “وهؤلاء هم من بدؤوا هذه المسألة وخرجوا للشارع كي يفوضوا الفريق الأول عبدالفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي. هؤلاء هم من خرجوا للشارع ضد الحرية والتغيير (وهي مجموعة أحزاب تحالف قادت الثورة) وهم الآن بعد أن وقعوا اتفاق سلام (الجبهة الثورية) يريدون أن يكون لهم سلطات أكبر هذا من جانب”.

ويؤكد عبدالعظيم أن “المظاهرات الأخرى التي خرجت، أمس الخميس، هي من الحرية والتغيير وترفض هيمنة العسكر وتفويضهم”.

ويتابع: “كانت هذه المواكب تحت شعار دعم الحكم المدني في السودان، ضد الذين يطالبون بحكم عسكري أو تفويض للعسكر أو حل حكومة رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك”، مضيفاً “بالأمس كان هناك خروج كبير في الشوارع يؤيد الحكم المدني ويطالب به ويرفض العودة إلى الحكومات الشمولية أو الحكومات العسكرية التي بدأت تلوح في الأفق بعد انقلاب عسكري فاشل قبل أسابيع”.

ويزيد: “بدأت هذه التوترات بين المدنيين والعسكريين أمس، حيث تقول جماعة الحرية والتغيير إن الشارع الواحد الذي خرج لا يعترف بتلك المجموعة والمجموعة الأخرى لا تعترف بالمجموعة المذكورة، وبالتالي هذا هو المشهد في الشارع السوداني”.

الانقسام في الشارع السوداني يهدد التحول الديمقراطي

وحول ما إذا كانت المظاهرات التي خرجت على قسمين تعني نهاية التحول الديمقراطي، يوضح المحلل السياسي أن رئيس الوزراء تدخل وشكل لجنة أو خلية للأزمة من 7 أشخاص اثنين منهم من المكون العسكري واثنين من الحرية والتغيير واثنين من الجبهة الثورية، وهذه اللجنة برئاسة حمدوك وتنظر في الحل، ولكن الحرية والتغيير أصرّت على أن تخرج المواكب الخميس، ثم بعد ذلك أن تجلس للتفاوض أو الحل.

ويضيف: “أبداً لا تعني المظاهرات نهاية التحول الديمقراطي، هي ممارسة ديمقراطية أستطيع أن أصفها بذلك رغم الخشونة التي فيها وطبيعة بعض القوات التي كانت تحمل السلاح، ولكن هي ممارسة ديمقراطية وإن خروجهم بالأمس هو تأكيد الحفاظ على الديمقراطية والحكم المدني، وأعتقد أنهم كسبوا الجولة؛ ولذلك سيحافَظ على المجتمع المدني”.

ويواصل عبد العظيم حديثه: “حتى المجتمع الدولي حريص على أن تكتمل الفترة الانتقالية وعلى الحكم المدني الديمقراطي، وهنالك رئاسة مجلس السيادة يجب أن يتحول إلى المدنيين. الآن يرأسه عسكري وهذه واحدة من الأزمات ولكن الجميع يصرّ على أن يتحول البلاد إلى الحكم المدني بالكامل حتى رئيس المجلس السيادي أن يكون من المدنيين”.

شريان الحياة في السودان

أعادت الاحتجاجات القبلية في شرقي السودان، واستخدام المحتجين للموانئ كواحدة من أدوات الضغط على الحكومة السودانية، أهمية هذه الموانئ داخلياً وخارجياً إلى الواجهة.

المحلل السوداني، يقول: “موانىء السودان هي من الموانئ المهمة تجارياً أولاً واستراتيجياً وأمنياً لأنها من أكبر الموانىء التي تطل على منطقة الخليج بشكل واسع ومساحة الموانىء فيه طويلة جداً، لذلك الجميع يهتم بها من الناحية الاستراتيجية والأمنية كروسيا وإيران إلى جانب الإمارات والسعودية”.

ويضيف: “يُهتم بها من ناحية المسألة الأمنية والسياسة أكثر من كونها اقتصادية مع وجود فؤاد اقتصادية، ربما بعض الدول تهتم و تريد الميناء للتجارة فقط ولكن هناك جوانب استراتجية لأنه يوازي دول الخليج والصراع معلوم هناك”.

من يريد تأزيم الوضع في السودان؟

وفيما يتعلق ببعض التقارير التي وجهت أصابع الاتهام إلى وجود مصالح خارجية في تأجيج الوضع بالسودان، يؤكد عبد العظيم: “نعم هناك اتهامات لدول كثيرة، مثلاً ك دعم قطر للإسلاميين وأيضاً هناك اتهامات لدول الجوار إريتريا وإثيوبيا بأنها لا تريد للأوضاع أن تستقر في السودان؛ لذلك مفهوم أن المصالح الدولية لا تريد الاستقرار في السودان وبعضها لا تريد الديمقراطية فيه. هناك اتهامات لكن لا توجد أدلة مباشرة على هذه الاتهامات”.

تقسيم السودان لدولتين

المحلل السياسي، تعليقاً على احتمالية انقسام البلاد لدولتين، يقول: “لا يمكن تقسيم السودان إلى دولتين. دولة جنوب السودان قُسِمتْ لأسباب التهميش والاضطهاد وكانت مناطق مقفولة أيام الحكم الإنكليزي للسودان، كل ذلك أدى إلى فصل الجنوب ثم الطريقة التي تعامل فيها الشماليين مع قضية الجنوب؛ والحرب التي خاضها الجنوبيون ضد الشماليين هي حرب طويلة آخرها انتهت بالاستفتاء”.

ويتابع: “السودان سيظل موحداً وتجربة الجنوب تجربة بائسة لا تشجع على الانفصال ولا أعتقد أن هناك دواعي لفصل أي جزء من البلاد، كما لا أعتقد أن هذه المسألة ستنجح على الأقل في الوقت القريب”.

هل يشهد السودان أزمات أخطر؟

بحسب المحلل السوداني، فإن الأزمة الحالية هي واحدة من أكبر الأزمات في الفترة الانتقالية تحديداً، قائلاً: “الآن يريدون أن يخلقوا أزمة دستورية بأن تكون هناك أكثر من حاضنة سياسية من الحرية والتغيير التي تعد بمثابة الحزب الحاكم وهناك من يحاول الانقلاب على السلطة والسيطرة عليها”.

ما دور إخوان السودان فيما يحدث!؟

يرى عبد العظيم أن للإسلاميين “دور كبير فيما يحدث وهم النظام البائد الذي سقط عن طريق هذه الثورة وهو يخاف على مصالحه وأمواله، بعضهم يريد أن يعود للسلطة مرةً أخرى وبعضهم يريد أن يعوق الفترة الانتقالية التي من المفترض أن تنتهي بالانتخابات، حتى إذا جاؤوا في الانتخابات سيقولون إن الجميع فشلوا في إدارة البلد”.

ويزيد: “وهم يحتفظون الآن بالكثير من الأموال ويريدون استخدامها في الانتخابات القادمة لذلك هم المستفيدون الأول من تعويق الفترة الانتقالية ومن الصراع الذي يحدث. والآن الشعب يتهمهم بشكل مباشر في خلق الأزمات في شرق البلاد والكثير من المناطق. حيث يخلقون أي فرصة لزعزعة أمن البلاد”.

حوارته: سامية لاوند

هل ينقسم السودان 1
هل يهدد الانقسام بالشارع السوداني التحول الديمقراطي ولماذا أصبحت موانىء البلاد محور تنافس إقليمي ودولي!؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى