بعد قرارات الفصل الأخيرة.. حسين العبدالله يكشف ملفات الائتلاف السوري المعارض والخطوة القادمة لتيار الإصلاح
شهد الائتلاف السوري المعارض تغييرات عدة مؤخراً أثارت موجة من الجدل حول أسبابها الحقيقية وإن كانت تندرج تحت بند الإصلاح كما أعلنت المؤسسة، أم أن هناك دوافع أخرى ورائها، وكذلك آثارها وعواقبها على المعارضة السورية في فترة يعتبرها البعض تاريخية.
إقصاء أعضاء من الائتلاف السوري المعارض
ولإيضاح ما حدث داخل الائتلاف وأدى إلى إقصاء عدد من أعضائه وحول موقفهم من هذا القرار والنظام الداخلي الجديد في المؤسسة التقت “وكالة ستيب الإخبارية” مع العضو المؤسس في الائتلاف، حسين العبدالله، والذي كان من بين الأعضاء المستبعدين.
قال العبدالله: “الأعضاء الذين تم استبعادهم يعتبرون أنفسهم هم الجسم الشرعي للائتلاف، ولا يقبلون بالقرارات التي اتخذت” مؤكداً أن: “العضو الذي كان يعمل في المكتب الإعلامي سوف يبقى يعمل في الإعلام لخدمة الثورة، والذي يعمل بمكتب الجاليات سوف يستمر في تقديم خدمات للجاليات، وعلى هذا المنوال سوف يتابع الجميع عمله ومسؤولياته تجاه الثورة”.
وأضاف: “والطرح الأساسي الذي نطرحه حالياً هو الطلب من الشعب السوري أن يشكل لجنة قانونية حقوقية مستقلة من الحقوقيين والقضاة والسياسيين تنظر بكل ملفات الائتلاف، من الفساد المالي والإداري فيه إلى وجود عملاء للنظام السوري بداخله”.
وأكد: “بدأنا حالياً التواصل مع مجموعة من الحقوقيين السوريين الذين يتمتعون بالنزاهة والخبرة السياسية والقانونية، ونحن نعتبر كل الحقوقيين السوريين من الطبقة المثالية، ونطلب منهم أن يأخذوا دورهم في تصحيح مسار المعارضة السورية التي تسير إلى الجحيم”.
موقف الائتلاف من تيار الإصلاح
وعن رد فعل الائتلاف على موقف تيار الإصلاح، قال: ” نحن لسنا موظفين عند شخص معين، نحن سوريون قدمنا تضحيات ونريد الاستمرار بهذه الثورة، ولا يمكن أن يتحكم أشخاص بأعناقنا، هذا الأمر لن يمر بأي شكل، ونحن يهمنا الشارع السوري، لأننا في الائتلاف نمثل فقط الشعب السوري ونحن مجبرين على العودة إليه”.
وأشار العبدالله إلى أن فعالية الجهة لا تتعلق بعدد الأعضاء فيها، فعالية الجهة تتعلق بوعيها السياسي، السؤال ما هي الدماء الجديدة التي أضيفت اليوم للمؤسسة وهل تمتلك حرية الرأي بالفعل.
وأوضح أن الائتلاف حالياً لا يحاكي طموحات الشعب السوري لأنه يقسم المقسم ويفتت المفتت، وذلك من خلال تغلب قوى في داخله على أخرى، وتكريس مفاهيم لم تعد تمثل السوريين، ومنح العضوية لفئات يجب أن تُمثل سياسياً بشكل مختلف”.
وتابع أن “الحالة الوطنية هي المنقذ الوحيد للشعب السوري، وقد عاشها السوريون في الخمسينات، حيث كان هناك وعي سياسي واجتماعي تحت سقف الوطن وبمرجعية واحدة هي الوطن، إلى أن أتت تجربة الوحدة بين سوريا ومصر وبدأت تنهي هذه الحالة، وتلاشت فيما بعد في ظل حكم النظام السوري، لكن اليوم لإنقاذ الثورة وإنقاذ السوريين علينا التشبث بالحالة الوطنية ومحاربة الانقسامات بكل أشكالها”.
وأكد أن تشكيل كتل الائتلاف في البداية لم تكن من أجل تكريس حالة انقسامية بل كان من أجل حق المكونات السورية في التمثيل السياسي، ولكن على أن تعتبر كل جهة نفسها ممثلة لكل الشعب السوري وتعمل لمصلحته وليس لمصلحة فئة واحدة فقط.
عدم الفاعلية وكثرة الغيابات
وحول مسألة الفاعلية، واتهام الأعضاء المستبعدين بعدم الفاعلية و”كثرة الغيابات” بحسب تبرير الائتلاف السوري المعارض للقرار، أوضح حسين العبدالله أن: ” السلطة في الائتلاف حولت الأعضاء داخله إلى غير فاعلين، وعندما يتحدثون عن كثرة الغيابات فهذا صحيح ولكن ما السبب وراء ذلك”.
وأوضح: “في بداية تشكيل الائتلاف كان هناك صلاحيات للهيئة العامة للائتلاف وكانت كل شهر تجتمع وتتخذ القرارات وتناقش الحالة السورية وهناك مكاتب تتابع العمل، ولكن بعد أن قاموا بتشكيل جسم الهيئة السياسية والتي كانت في البداية مجرد هيئة استشارية مكونة من الأعضاء الذين يمتلكون تجربة أكبر في السياسة، فكان يفترض أن ينحصر دورها في إعطاء الرأي حول المسائل السياسية، لكنهم حولوا هذه اللجنة إلى نادي مغلق مكون من عشرين شخص يتخذون كافة القرارات وأصبح بقية الأعضاء لا يمتلكون أي صلاحيات ولا داعي لحضورهم سوى خلال الدورة لترشيح فلان والتصويت لفلان”.
وتابع: “هل هذا دوري كعضو في الائتلاف، لا أريد هذا الدور، أنا أقبل أن يقولوا الآن كلفنا العضو فلان بهذا العمل ولم ينجزه، كلفناه بمهام ولم ينجزها، أنا بهذا أكون مخطئ، ولكن هذا لم يحدث، بل إننا قدمنا مشاريع عدة وحاولنا تفعيلها لكنها رُفضت وتوقفت”.
بينما كان رئيس الائتلاف السوري المعارض، سالم المسلط، قد قال إن الهدف من “عملية الإصلاح” هو تعزيز التمثيل الحقيقي والشرعي للشارع السوري، وأن يكون الائتلاف يمثل انعكاساً للشارع الثوري، وزيادة التشاركية السياسية.
وأوضح أن التعديلات على النظام الأساسي الجديد تم إقرارها في الجلسة الطارئة للهيئة العامة، بموافقة الغالبية الساحقة من الأعضاء، إضافة إلى بدء القبول بالاستبدالات المجمدة لسنوات لمكونات الائتلاف، وفصل الأعضاء والمكونات التي وصفها بغير الفاعلة أو التي فقدت مرجعياتها، بحسب تعبيره.
وبدوره، كان أمين سر الهيئة السياسية في الائتلاف السوري المعارض عبد المجيد بركات، قد أوضح أن “عملية الإصلاح” التي بدأها الائتلاف هي خطة متكاملة، بدأت بدراسة النظام الأساسي، ومن ثم إقرارها عبر الهيئة العامة، وسيتبعها خطوات لاحقة تشمل التوسعة وتعزيز الشرعية والتمثيل، موضحاً أن البدائل عن المكونات التي تم إزالتها، هي المجالس المحلية والنقابات والاتحادات.
ومن جانبه، ذكر حسين العبدالله أمثلة على تحجيم فاعلية الأعضاء بقوله: ” بين عام 2014 وعام 2015 اقترحنا مشروع الهيئة العليا للاجئين السوريين على طريقة الهيئة العليا للاجئين الفلسطينيين وأردنا تشكيلها للاهتمام بشؤون اللاجئين بشكل خاص، وعقدنا لقاء مع الهلال الأحمر التركي، كما عقدنا لقاء مع أعضاء في الأونروا الفلسطينية للاستفادة من تجربتهم، وقمنا بتجهيز مشروع متكامل، لكن كان ينقصنا الإحصاء، والمعلومات التفصيلية عن كل لاجئ في كل مخيم، للبدء بخطوات عملية كانت إحداها محاولة تأمين العمل للاجئين، حيث علمنا أن المنطقة الصناعية في ولاية غازي عنتاب التركية بحاجة إلى مهندسين ومحاسبين وعمال متخصصين بحرف عدة، فكان يجب أن نقدم معلومات تفصيلية عن اللاجئين وشهاداتهم العلمية ومكان إقامتهم في أي مخيم وعدد الأفراد وغيره من المعلومات، فقمنا بطرح المشروع في الائتلاف وطلبنا إجراء إحصائيات دقيقة لتقديمها للجانب التركي، ولكن الفكرة بمرمتها قوبلت بالرفض”.
وأضاف: “أكثر شخص عارض الفكرة هو هادي البحرة حيث قال إن الأمم المتحدة لديها كل المعطيات الخاصة باللاجئين وهذا عملها”.
وقدم مثالاً آخر بقوله: “في منطقة تل أبيض كان هناك مشروع إكثار البذور، ففي سوريا هناك نوعين من البذور، الأول هو المحسن والمخصص للزراعة فقط، والثاني هو الحنطة العادية التي تطحن للاستخدام، وكان في تل أبيض يوجد 13 ألف طون من البذور المحسنة، أي الخاصة للزراعة وإكثار البذار، فبعد أن تُزرع تنتج بذار ومواسم جديدة، فحاولنا تشكيل لجنة أطلقنا عليها اسم، لجنة القمح السوري، للمحافظة على هذه البذور وزراعتها بالشروط المناسبة، لتفادي تبعات عدم زراعتها وخوفاً من أن تستحوذ عليها داعش أو أي جهة أخرى في ذلك الوقت وأن تقوم بطحنه فتضيع فرصة زراعته، ودعماً لهذا المشروع قدم الجانب القطري 100 ألف دولار خصصت لشراء هذا القمح ومن ثم استثماره، ولكن المشروع فشل فيما بعد” .
وختم بالقول: “لن نقبل حقيقة لن نقبل، هذه لحظة تاريخية لأبناء الثورة السورية، يجب تعديل مسار الائتلاف بالشكل الحقيقي الذي يخدم الثورة السورية والذي يخدم السوريين ككل، اليوم وغداً، إذا لم يتدخل العقلاء ولم يحلوا هذه المشكلة سوف تجلب مشاكل إضافية أخرى”.
وحسين العبدلله من مدينة تل أبيض محافظة الرقة عضو مؤسس في الائتلاف الوطني وممثل المكون التركماني في الائتلاف وفي المجلس الوطني السوري.
اقرأ أيضاً : الائتلاف الوطني السوري ينهي عضوية أربعة مكونات من هيكليته بشكل مفاجئ وردود فعل متباينة
بيان تيار الإصلاح في الائتلاف
وفي سياق متصل، وبتاريخ 13 من الشهر الجاري أصدر الأعضاء المستبعدين تحت اسم “الائتلاف الوطني السوري – تيار الإصلاح” بياناً قالوا فيه: “بيان حول النظام الأساسي لسلطة انقلاب السابع من نيسان في الائتلاف الوطني السوري: أصدرت سلطة انقلاب السابع من نيسان في الائتلاف الوطني السوري نسخة مريبة من النظام الأساسي للائتلاف بعد أسبوع من تمريره في تصويت غيابي غير قانوني”.
وأضاف البيان: “وقد سعى رئيس سلطة الانقلاب إلى تمرير مجموعة بنود ستصبُّ في خانة تمديد فترة ولايته، وتعمل على تركيز الصلاحيات في يده ويد الفئة المرتهنة”.
وسجل تيار الإصلاح في الائتلاف الوطني السوري ملاحظاته الأساسية مبيناً أنه “تم العبث في مكونات الائتلاف، بحيث بات تمثيل القوى السياسية محدوداً وغير فاعل، بينما تم شطب تمثيل قوى الحراك الثوري والشخصيات الوطنية المستقلة، وجرى إضافة ممثلين عن مجالس مناطقية لا تخضع لسلطة الائتلاف، كما تحوَّل جسم الائتلاف إلى محاصصة إثنية وعرقية مع غياب مكونات مهمة من الشعب السوري، وهو أمرٌ ستكون له تداعيات خطيرة، ويخرج الائتلاف من المساحة الوطنية التي يجب أن يكون حامياً لها” بحسب رأيه.
وأضاف أنه: “تم تحويل الائتلاف إلى نظام رئاسي استبدادي احتكر فيه المسلط سلطات واسعة، تتيح له التحكم شبه المطلق، والسيطرة على الائتلاف ومؤسساته وتقييد صلاحيات الهيئة العامة، وأعطى المسلط لنفسه في المادة 10 فقرة 8 صلاحية التدخل في أعمال جميع اللجان التخصصية وهيئات الائتلاف ومؤسساته عبر احتكار صلاحية “اتخاذ القرارات المناسبة”، وهذا يلغي دور المؤسسة في المحاسبة والمساءلة والرقابة” بحسب تعبيره.
ورأى أن: “المسلط منح لنفسه في المادة 24 صلاحية تشكيل اللجان الفنية المتخصصة، بعد أن كانت بيد الهيئة العامة للائتلاف، وأعطى لنفسه في المادة 27 صلاحية تسمية رئيس الحكومة، بعد أن كانت تتم عبر تصويت الهيئة العامة، وأعطى رئيس الحكومة في المادة 27 فقرة 6 صلاحية إقالة وقبول استقالة الوزراء، بعد أن كانت بيد الهيئة العامة”.
وتابع أن المسلط: “أعطى لنفسه في المادة 30 صلاحية تشكيل اللجنة القانونية ولجنة العضوية، بعد أن كانت بيد الهيئة العامة، وأعطى لنفسه في المادة 31 صلاحية إدارة الميزانية المالية للائتلاف، بعد أن كانت بيد الأمانة العامة، مما ألغى دور الرقابة والمتابعة والمساءلة”.
وشدد التيار على أن “نشر سلطة انقلاب السابع من نيسان لنظام داخلي مشوَّه وهجين، يقتضي من القوى الوطنية السورية داخل الائتلاف وخارجه التحرك العاجل للتصدي للفئة المرتهنة، التي حولت الائتلاف إلى حالة استبداد سوف تستخدم في وقت قريب لتمرير استحقاقات سياسية خطيرة تواجهها القضية السورية”.