الشأن السوريسلايد رئيسي

سرّ توقيت “العفو الرئاسي” والإفراج عن المعتقلين السوريين وشهادات صادمة من المفرج عنهم

يفترشون الطريق تحت ما يسمى “جسر الرئيس” ويصلون الليل بالنهار منتظرين شعاع أمل يحمل أخباراً عن غائب ومفقود، ويتهافتون على المعتقلين السوريين المفرج عنهم، بعضهم يرفع صورة وآخرين يطلب طريقة للوصول إلى من بقي بالداخل، بهذا المشهد وصل الحال بمئات العائلات السورية منذ أيام بعد مرسوم العفو الرئاسي وإخراج دفعات من المعتقلين.

سرّ توقيت "العفو الرئاسي" والإفراج عن المعتقلين السوريين وشهادات صادمة من المفرج عنهم
سرّ توقيت “العفو الرئاسي” والإفراج عن المعتقلين السوريين وشهادات صادمة من المفرج عنهم

مرسوم الإفراج عن المعتقلين السوريين

جاء المرسوم الرئاسي الذي وقّعه الرئيس السوري بشار الأسد، بمثابة خطوة وصفها مراقبون بمحاولة التغطية على أخبارٍ أخرى، بينما رآها الأهالي أملاً بالوصول لأبنائهم المفقودين.

مصادر محلية كشفت لوكالة ستيب الإخبارية العديد من القصص المفجعة لحال من أفرج عنهم، وأخرى لأهالي بعض المختفين قسراً والمغيبين في سجون النظام السوري.

وقال مصدر فضّل عدم الكشف عن اسمه لأسبابٍ أمنية، إن أحد الأشخاص المفرج عنهم من درعا جنوب سوريا، خرج فاقداً للذاكرة من سجن صيدنايا بعد قضاء 11 عاماً فيه.

وأوضح المصدر بأنه جرى التعرّف على الشخص من خلال الأهالي المتواجدين عند جسر الرئيس، مضيفاً بأنه عند وصول المعتقل المفرج عنه إلى بيته كانت المفاجأة بأنه لا يذكر من عائلته سوى زوجته، إلا أنّ الصدمة الأكبر كانت بأن زوجته قد تزوجت بغيابه بعد أن وصلت لعائلته أخباراً تؤكد وفاته بالسجن.

وليست القصة هذه هي الوحيدة بل هناك عشرات القصص التي وردت، حيث ذكر مصدر آخر بأن أحد المعتقلين المفرج عنهم أوصل أخباراً عن مغيبين قسراً تعرّف عليهم في السجن، بعضهم ظن أهله أنه قد توفي وأقيمت له مراسم عزاء قبل سنين.

توقيت المرسوم محلُ شَك

لم يكن توقيت المرسوم يمر مروم الكرام على السوريين، حيث أنه تزامن مع نشر مشاهد مصورة قبل أيام من صدوره، تظهر جنوداً من قوات النظام السوري يرتكبون مجزرة مروّعة في حي التضامن الدمشقي.

يقول مدير تجمع المحامين السوريين في تركيا، غزوان قرنفل، في حديث لـ”وكالة ستيب الإخبارية”: لا يوجد أي ضغط على النظام السوري لإصدار العفو، ولكن بتقديري الموضوع يأتي ضمن سياق يسعى النظام من خلاله وبدعم من العديد من الحكومات العربية لإعادة اندماجه ضمن المنظومة العربية ومحيطه الإقليمي تمهيداً لإعادة تعويمه عالمياً، وهي تأتي عقب إصدار قانون تجريم التعذيب كخطوات بهذا المنحى.

ويؤكد أيضاً الحقوقي السوري أن ما أدى إلى تسريع هذه الخطوة يأتي لهدف إثارة ضجيج حولها يخفف أثر وارتدادات فيديو المجزرة “مجزرة التضامن” الذي نشرته وسائل إعلام غربية.

ويضيف: ليس لدى هذا النظام نوايا حسنة أصلاً ولكن هي استحقاقات يؤديها لاسترداد شرعيته عربياً وإقليمياً لا أكثر.

ويشير إلى أن معظم هؤلاء السجناء أمضوا مدة محكومياتهم أو ارتأى النظام أنهم أكثر سلامة من أولئك الموجودين في سجون الأفرع الأمنية فأطلقهم.

ويتابع: كل المحاكمات في سوريا سواء أمام القضاء العادي أو الاستثنائي ( محاكم الإرهاب – محاكم الميدان – المحاكم العسكرية ) كلها محاكمات لا تتوفر فيها الحدود الدنيا للمحاكمات العادلة، كما أن القضاء ليس مستقلاً ولا يستطيع التصرف بمعزل عن أوامر السلطة التنفيذية.

مزيد من الإذلال

يؤكد بدوره الكاتب والسياسي السوري، صلاح قيراطة، بأن مرسوم العفو جاء للتغطية على مجزرة حي التضامن، في محاولة لإلهاء الناس والرأي العام.

ويشير قيراطة في حديثه لـ”وكالة ستيب الإخبارية”، إلى الأسلوب الذي اتبعه النظام السوري بإطلاق سراح المعتقلين، معتبراً أنّه نوع من التعالي والفوقية والإذلال للناس، من خلال إطلاق سراح المفرج عنهم بمواعيد وأماكن مختلفة ولا أحد يعلم عنها شيء.

ويوضح الكاتب والسياسي السوري الفرق بين مفهوم “العفو” ومفهوم “رفع المظلمة”، معتبراً أنّ ما جرى لا يتجاوز رفع مظلمة عن مظلومين أودعوا السجن ظلماً، بينما العفو يكون عن المخطئ ومرتكب الجرائم حقاً، حسب وصفه.

منظمات حقوقية تترقب

من جهته ينضم فضل عبد الغني، مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، إلى رأي “غزوان قرنفل” و “صلاح قيراطة”، ويقول في حديث لـ”وكالة ستيب الإخبارية”: ما جرى من إفراج عن معتقلين من سجون النظام السوري، جاء للتغطية على التحقيق في مجلة نيوز لاين الذي كشف مجزرة حي التضامن مؤخراً.

ويضيف: ما تم الإفراج عنه من أعداد لا يتجاوز العشرات بالوقت الذي يعرف ما لا يقل عن 132 ألف معتقل ضمن سجون النظام السوري المختلفة.

ويوضح عبد الغني سبب المفاجأة بوجود أشخاص مفرج عنهم رغم إعلان وفاتهم، مشيراً إلى أنه لا يوجد جهات تملك المعلومات عن السجناء سوى أجهزة النظام السوري الأمنية نفسها وبالتالي مصداقية المعلومة تبقى محل شك.

ويقول: إن هناك آلاف الأشخاص المختفين قسراً في سجون النظام السوري ولم يصدر بحقهم أي أحكام وبالتالي لا أحد يعرف مصيرهم ولا يتم شمولهم بأي عفو كان ومنهم من له سنوات دون حكم قضائي.

ويؤكد أن معظم المحكومين أيضاً انتزعت منهم شهادات تحت التعذيب والترهيب وبدون أي مقومات لمحاكمة عادلة ولفّقت لهم تُهم، ووثقت شهادات حول سلسلة من الانتهاكات بحقهم في السجون السورية.

ويشير الحقوقي السوري إلى أن الشبكة السورية لحقوق الإنسان تعمل على التواصل مع المفرج عنهم وجمع شهاداتهم من أجل توثيق تلك الحالات لاستخدامها ضد النظام السوري.

 المعتقلين السوريين أبرز الملفات العالقة

ورغم أن ملف المعتقلين كان واحداً من أبرز الملفات التي طالما طرحته المعارضة السورية عبر مؤسساتها المختلفة إلا أن النظام السوري كان ينفي مراراً وجود انتهاكات بسجونه.

مواضيع ذات صِلة : تفاعل واسع مع حملة “لا تخذلوهم” لمناصرة المعتقلين والمغيبين في سجون النظام السوري

وبقي النظام السوري على سياسته تلك حتى خرج الضابط السوري المعروف باسم “قيصر” والذي سرّب آلاف الصور لقتلى تحت التعذيب على يد أجهزة النظام السوري الأمنية، قتلوا خلال التحقيق أو في السجون السورية، ودفنوا في مقابر جماعية دون الإشارة إلى هوياتهم أو إبلاغ ذويهم، وصدمت تلك الصور والمشاهد العالم أجمع حتى سنّت بعض العقوبات الاقتصادية كنوع من العقاب الرادع الذي لم يؤثر فعلياً على سياسية الاعتقال في سوريا.

شاهد أيضاً : أضخم الأعمال الدرامية العربية “عنبر6”.. يتناول قضايا “الابتزاز والرشوة والفساد” مستوحى من أحداث حقيقية في السجون

سرّ توقيت "العفو الرئاسي" والإفراج عن المعتقلين السوريين وشهادات صادمة من المفرج عنهم
سرّ توقيت “العفو الرئاسي” والإفراج عن المعتقلين السوريين وشهادات صادمة من المفرج عنهم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى