أخبار العالمسلايد رئيسي

مؤسسات ومنهجية منظمة.. استهداف المسلمين من قبل المحافظين الجدد في بريطانيا

ناقش كتاب صدر في بريطانيا حديثاً مسألة ساخنة تتعلق بـ المسلمين، تعرض خلاله الكاتب، بيتر أوبورن، إلى الدور الذي لعبه مركز بحث للمحافظين الجدد في بريطانيا في تفكيك فكرة التعددية الثقافية والتسامح وكيفية استهدافه المسلمين في بريطانيا.

استهداف المسلمين في بريطانيا

ويقول الكاتب في كتابه الذي جاء بعنوان “مصير إبراهيم: كيف أخطأ الغرب مع الإسلام؟” إنه توقع بعد كارثة غزو العراق عام 2003 أن يتم نزع المصداقية عن الأيديولوجية التي قادت الرئيس الأمريكي، جورج دبليو بوش، ورئيس الوزراء البريطاني، توني بلير، إلا أن هذا لم يحدث، بل واستمر تيار المحافظين الجدد مؤثرا في السياسات ووضع المعايير واحتل رموزه أماكن مهمة في المؤسسة السياسية البريطانية والأمريكية.

وأشار إلى أن هناك عدة أسباب وراء استمرار هذا التأثير، منها معهد التفكير “بوليسي إكستشانج” في لندن، الذي ظل رغم عدم معرفة الكثيرين به حاملا لشعلة المحافظين الجدد في بريطانيا وله تأثير في دوائر صناعة القرار السياسي.

وأوضح أنه في السياسة التقليدية فإن “بوليسي إكستشانج” ارتبط أولا بـ “تسويق” كلمة بشعة تصف مبادئ القطاع الخاص التي أدخلت للنظام التعليمي والخدمة المدنية، لكن الإنجاز الأهم للمركز هو إعادة تشكيل السياسة الحكومية تجاه المسلمين البريطانيين.

ورأى الكاتب أنه لوضع القصة في سياق أسهل، فقد تعاملت الحكومة البريطانية والمخابرات والشرطة مع عملها كمنفذين للقانون لا حراسة معتقدات شخصية أو أيديولوجية.

اقرأ أيضاً: وزير الدفاع البريطاني لبوتين: “لا يوم نصر لك وإنما يوم هزيمة في أوكرانيا”

وذكر مثالاً هو “أبو حمزة المصري” وأوضح أنه ” لم يخف تعاطفه مع القاعدة وكان في دعواته المتشددة التي نشرها من مسجد فينزبري ذكيا في جعل كل ما يقوله ضمن القانون، فلم يأت طرده من المسجد على يد الشرطة، ولكن المصلين الذين أغلقوا أبواب المسجد ومنعوه من دخوله”.

وكشف أن شرطة لندن كانت مشاركة في عملية إخراجه، حيث بنت علاقات مع المجتمع المحلي والمصلين غير الراضين عنه، وكانت تنتظر قريبا من المسجد للتدخل حالة تطور الوضع وكانت قصة إخراجه مثالا عن التعاون المجتمعي وتنفيذ الشرطة للقانون.

ويعلق أوبورن أن هذا النهج من “التعددية الثقافية” هو في قلب ما كانت عليه بريطانيا، فطالما احترم المهاجرون القانون، سمح لهم بجلب تقاليدهم وعاداتهم التي تركوها في البلدان التي خلفوها وراء ظهورهم.

وتناسب هذا النهج مع تاريخ بريطانيا في الترحيب بالمعارضين والمنفيين من الخارج، مثل البروتستانت الفرنسيين في القرن السابع عشر إلى اليهود الفارين من المذابح في روسيا وغيرهم.

وفي هذا السياق، قام معهد “بوليسي إكستشانج” بتفكيك تقاليد التسامح هذه، فقد وافق المحللون فيه على ضرورة مواجهة الشرطة للعنف، لكنهم اختلفوا فيما بينهم حول السماح بتسامح قد يكون بوابة للعنف.

اقرأ أيضاً:بريطانيا تعلن رصد أول إصابة بـ”فيروس جديد” مصدره القرود ولا لقاح له

وكانت اتصالات المركز عالية المستوى، فقد أنشئ في 2002 في أعقاب هزيمة حزب المحافظين عام 1997 و2001 على يد مجموعة من المحافظين شعروا أن الحزب سيظل في المعارضة. وكان أعضاء الحزب الذين أطلقوا على أنفسهم بالحداثيين من المعجبين بزعيم العمال توني بلير والداعمين لغزو العراق. واعتقد هؤلاء الحداثيون أن مهمتهم تقليد تجربة بلير في جعل حزبه ناجحا. وكان مايكل غوف، المسؤول البارز في حكومة بوريس جونسون، مديرا للمركز.

وعندما قرر، ديفيد كاميرون، الترشح لزعامة المحافظين بعد هزيمة الحزب في انتخابات عام 2005 حاول البحث عن أفكار من المركز الذي شكلت صحيفة “إيفننغ ستاندرد” المركز الفكري له. وقدم لكاميرون العديد من الأفكار التي غيرت تفكيره.

وكان المركز جذابا في أفكاره لجناح، توني بلير، أو كير ستارمر في حزب العمال كما هو جذاب لكاميرون وجونسون في حزب المحافظين.

واستطاع المركز أكثر من أي منظمة مشابهة تشكيل فلسفة الحكم في بريطانيا بالقرن الحادي والعشرين وعندما أنشئ كان فيه وحدة سياسة خارجية وأمنية، ولم يهتم بالنظر لنشرياته بالتطرف المحلي وتغير كل هذا بوصول دين غودسون، الذي عين عام 2005 مديرا لأبحاث الشؤون الدولية.

ويبدو أن غودسون الذي عمل في كتابة افتتاحيات “ديلي تلغراف” فسر عمله الذي أوكل إليه في الشؤون الدولية كرخصة لاقتراح سياسة تتعلق بالمسلمين في بريطانيا ولم يكن هذا غريبا لأن اليمين السياسي البريطاني كانت لديه عادة مناقشة موضوع المسلمين في بريطانيا باعتباره أمرا مرتبطا بالسياسة الخارجية.

وجاء غودسون من عائلة مهتمة بالاستخبارات أثناء الحرب الباردة والدعاية والعمليات السرية، وعمل والده جوزيف غودسون كملحق عمالي في سفارة الولايات المتحدة في لندن واستخدم تأثيره لدعم الجناح المؤيد للولايات المتحدة في حزب العمال.

ومنذ عام 2005 بدا غودسون وكأنه في مهمة لتمزيق الإستراتيجية التي تبنتها الحكومات البريطانية المتعاقبة من مكافحة الإرهاب وحاول الترويج لنهج عن المسلمين عبر التقارير والأوراق البحثية واستعراض العضلات الإعلامية.

وبالتحديد، قال إن الوسائل التي استخدمتها الدولة البريطانية ضد الإرهاب، بما فيها ضد الجيش الأيرلندي الحر و”المشاكل” في أيرلندا، لم تعد صالحة فقد كانت الحكومة مرتاحة للعمل مع المجتمعات الكاثوليكية ومواجهة المسلحين والدعوة للمصالحة.

اقرأ أيضاً:الهندي عبد الكريم.. خادم الملكة فيكتوريا الذي علّمها لغة المسلمين

مواجهة الإيديولوجية

وبعد هجمات 9/11 كان الرد البريطاني الطبيعي هو تكرار التجربة الأيرلندية ودعوة قادة من المجتمع وعزل من ينظر إليهم كمتشددين والحصول على معلومات عنهم. لكن مركز “بوليسي إكستشانج” رأى أن السياسة غير صحيحة وأن الحكومة البريطانية لا تواجه المتطرفين. ويجب التركيز على أمر أكبر هو مواجهة الأيديولوجية.

وشدد الكتاب على أنه بالنسبة للمركز، فبريطانيا هي جزء من فيلق الدول الحرة إلى جانب الولايات المتحدة التي تخوض حرباً أبدية ضد مجموعة من القوى العازمة على مواجهة وتدمير الحضارة الغربية. ويعرف هؤلاء بالإسلاميين الذين يؤمنون بأيديولوجية “الإسلامية”.

ورغم اعتراف المركز بوجود تباينات بين الإسلاميين، فليس كل واحد منهم يتبنى العنف، إلا أن هذا لم يكن مهما مع مرور الوقت، فيجب قتالهم وهزيمتهم جميعا.

ورأى مركز “بوليسي إكستشانج” أن الإسلاموية هي رؤية عامة تعلم أتباعها أن الإسلام هو أيديولوجية سياسية شاملة ويجب معاملتها بهذه الطريقة. وهي تقسم العالم إلى مسلمين والبقية. وضمن هذا المنظور، فلا محل للتفاوض، لأن الإسلاميين يرفضون الديمقراطية وحكم القانون والمؤسسات السياسية والدولة الوطنية، ومن هنا فمحاولات جلب المسلمين للعملية السياسية تظل عبثية إلا في حالة نبذهم الأيديولوجية هذه.

ولفت الكاتب إلى أنه بالنسبة للمركز فلم تعد مهمة مكافحة الإرهاب هي حماية المواطنين البريطانيين من العنف، بل والتأكيد على القيم الغربية ضد التطرف الإسلامي كل هذا يعني ضرورة العودة إلى استراتيجية مكافحة التخريب التي استخدمت ضد الاتحاد السوفييتي أثناء الحرب الباردة واتباع نهج العزل وليس الحوار.

ويذكر أن الدين الإسلامي في المملكة المتحدة يعد ثاني أكبر ديانة في المملكة، ويتزايد المسلمون فيها بشكل ملحوظ، وفقا لتعداد المملكة المتحدة في عام 2011، يعيش أكثر من 2.7 مليون من المسلمين في إنجلترا وويلز حيث يشكلون 5.0% من عدد السكان العام و9.1% من الأطفال دون سن الخامسة، ويتركز معظمهم في لندن، ومانشستر وغلاسكو، ولكن يسكن لندن ما يقارب 43% منهم، وأغلب المسلمين في المملكة هم مهاجرون أو من أصول تعود لشبه القارة الهندية التي تشمل الهند وباكستان وأفغانستان وإيران، ومن بعدها الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومن ثم دول أخرى مثل ماليزيا ونيجيريا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى