فرنسا أكبر مستورد للغاز الروسي رغم العقوبات.. هل “يراوغ” ماكرون أوروبا؟!
مجدداً يظهر ما يصفه محللون بالموقف الفرنسي “المراوغ ” حيال الحرب الروسية الأوكرانية، إذ إن الرئيس إيمانويل ماكرون الذي يصطف مع الموقف الأوروبي مع أوكرانيا ضد الغزو الروسي، هو الرئيس ذاته الباحث عن المصالح الداخلية للبلاد إضافة لتعزيز صورته الشعبية كحاكم قادر على إدارة الأزمات، خاصة أزمة الطاقة بعد ان أثبت تقرير صدر اليوم الاثنين أن فرنسا باتت أكبر شارٍ لغاز روسيا.
الموقف الفرنسي من حرب أوكرانيا
وأصدر مركز البحوث حول الطاقة والهواء النظيف تقريراً يشير فيه بصورة خاصة إلى فرنسا التي زادت واردتها من الطاقة الأحفورية الروسية، لتصبح أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال الروسي، وذلك خلال الأيام المئة الأولى من غزو أوكرانيا، ما يثير تساؤلات حول عدم تناسب أقوالها مع أفعالها في دعم أوكرانيا.
رغم أن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، كان قد أظهر ميولاً لعدم معاداة روسيا في تصريحات سابقة قال فيها: “يجب عدم إذلال روسيا” مؤكداً أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ارتكب خطأ تاريخياً، لكنه يرى أنه يجب عدم إهانة روسيا والسعي إلى إيجاد حل دبلوماسي للحرب الأوكرانية.
وعرض ماكرون أن تلعب فرنسا دوراً وسيطاً للعودة إلى المفاوضات وتوقف القتال في أوكرانيا.
إلا أن التقرير الذي كشف حجم واردات الطاقة الفرنسية من روسيا يدل على خرق باريس للجهود الأوروبية في حصار موسكو وهذا الأمر الذي كان متوقعاً من دول أخرى عارضت مقاطعة استيراد الطاقة من روسيا مثل المجر، جاء في النهاية من فرنسا.
وكانت المجر قد اعترضت على الحزمة السادسة من العقوبات ضد روسيا والتي تشمل وقف استيراد النفط الروسي بسبب مخاوفها من عدم إيجاد البديل، وأمام هذا التصلّب المفاجئ في الموقف المجري، أعلن المسؤول الأوروبي عن السياسة الخارجية جوزيب بورّيل، أن المفاوضات حول الحزمة السادسة من العقوبات وصلت إلى طريق مسدود، قبل أن تعلن الدول الأوروبية فيما بعد خفض واردات النفط الروسي إلى 90 بالمئة.
وكان رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال قد قال في وقت سابق إنّ قادة دول الاتحاد الأوروبي اتّفقوا خلال القمّة على فرض حظر تدريجي على واردات النفط الذي تصدّره روسيا عبر السفن، ووافقوا في الوقت نفسه على منح إعفاء مؤقّت للنفط المنقول عبر خطوط الأنابيب، وذلك إرضاء للمجر التي هدّدت باستخدام الفيتو ضدّ هذه الحزمة السادسة من العقوبات الأوروبية على روسيا.
على الصعيد العسكري ساهمت فرنسا في دعم كييف مثل بقية الدول الأوروبية، إلا أن الرئيس الفرنسي لم يقم بزيارة كييف حتى الآن، إلا أن صحف غربية ذكرت أن المستشار الألماني أولاف شولتس، سيتوجّه إلى كييف مع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون ورئيس وزراء إيطاليا ماريو دراجي، قبل قمة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى في نهاية حزيران/يونيو.
وذكر تقرير مركز البحوث أن فرنسا والصين والهند والإمارات زادت مشترياتها من روسيا، وفي المقابل بذلت بعض الدول مثل بولندا وفنلندا ودول البلطيق جهوداً كبيرة لخفض وارداتها.
مطابقة الأفعال مع الأقوال
وقال المحلل لدى المركز لاوري ميليفيرتا، الذي شارك في إعداد التقرير إنه “في حين يبحث الاتحاد الأوروبي تشديد العقوبات على روسيا، زادت فرنسا وارداتها لتصبح أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال الروسي في العالم”.
وأوضح أن عمليات الشراء تتم نقداً وليس في إطار عقود بعيدة المدى، مما يعني أن فرنسا قررت عمداً التزود بالطاقة الروسية رغم غزو أوكرانيا، بحسب تعبيره.
وأكد أنه “يجب أن تكون أفعال فرنسا مطابقة لأقوالها: إن كانت تدعم حقاً أوكرانيا، عليها أن تفرض حالاً حظراً على مصادر الطاقة الأحفورية الروسية، وتطور بسرعة الطاقات النظيفة وحلولاً تؤمن كفاءة استخدام الطاقة”.
وأشار التقرير إلى أن الاتحاد الأوروبي شكل 61 في المئة من صادرات الطاقة الأحفورية الروسية، أي ما يقارب 57 مليار يورو، خلال الأيام المئة الأولى من الغزو الروسي لأوكرانيا بين 24 فبراير/ شباط و3 يونيو/ حزيران.
وفي سياق متصل، قال ماكرون في افتتاح معرض للصناعات الدفاعية، اليوم: “نحتاج إلى أوروبا قوية للحفاظ على السلام، ومواجهة الفوضى التي تعم العالم”.
وأضاف: ” أوروبا لم تعد ساذجة وبدأت بتعزيز قدرات صناعتها الدفاعية وجيوشها”.
وأشار إلى أن “الحرب أصبحت في أوروبا”، مؤكداً أنه يجب على الأوروبيين “الدفاع عن أنفسهم”.
واعتبر أن “استراتيجية الدفاع الأوروبية هي البوصلة والركيزة الأساسية لسياسة أوروبا”.
مواضيع ذات صِلة : ماكرون يحذر من “إذلال” روسيا.. ويكشف عن وجهين مختلفين ليوم 9 مايو
وسعى ماكرون للحفاظ على الحوار مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ بدء الحرب على أوكرانيا، رغم أنه أدان صراحة في خطاب رسمي الغزو الروسي لأوكرانيا، ويواجه موقف ماكرون المتناقض انتقادات واسعة من الزعماء الأوروبيين حيث اعتبروا أنه يقوّض الجهود الرامية للضغط على بوتين وإيقاف غزو أوكرانيا والجلوس إلى طاولة المفاوضات.
شاهد أيضاً : اعتذر ماكرون باسم فرنسا عن قتله واعترف جنرال بتعذيبه وتلفيق انتحاره.. الشهيد الجزائري علي بومنجل
