حورات خاصة

لماذا تتسابق الدول الكبرى إلى إفريقيا وما هو “الكنز” الذي تبحث عنه؟

خلال شهر واحد تحولت أنظار العالم باتجاه إفريقيا حيث تسابق وزراء خارجية وزعماء عدد من الدول لكسب ود الدول الإفريقية، في ظل الصراع العالمي المتصاعد بعدة بقاع شرقاً وغرباً، وحذر البعض من إمكانية نقل هذا الصراع إلى إفريقيا.

لماذا تتسابق الدول الكبرى إلى إفريقيا وما هو "الكنز" الذي تبحث عنه؟
لماذا تتسابق الدول الكبرى إلى إفريقيا وما هو “الكنز” الذي تبحث عنه؟

الصراع يشتد على إفريقيا 

 

وخلال الشهر الفائت اشتد الصراع بين عدة قوى على رأسها أمريكا وروسيا ودول أوروبية، وجرت زيارات مكوكية يطرح كل جانب فيها مالديه من نوايا للمنطقة.

حيث زار وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، جنوب إفريقيا، وجمهورية الكونغو الديموقراطية ثم رواندا، بينما زار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عدة دول بينها مصر وشملت الكونغو وإثيوبيا،  أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، زار عدة دول في الساحل الإفريقي.

وللحديث عمّا يبحث عنه الوزراء والزعماء في القارة الإفريقية، التقت وكالة ستيب الإخبارية، مع الباحث المختص بالشأن الإفريقي، محمد تورشين.

 

تسابق دولي على تثبيت القدم بإفريقا

 

يؤكد الباحث بالشأن الإفريقي، محمد تورشين، خلال حديثه لوكالة ستيب الإخبارية، أن تسابقاً دولياً لتثبيت القدم بالقارة السمراء. 

ويقول: التسابق الدولي على تثبيت القدم في إفريقيا هو حدث قديم متجدد، يعود بنا إلى التاريخ حينما اجتمعت الدول الاستعمارية في برلين عام 1984، بريطانيا وفرنسا والبرتغال وإيطاليا وإسبانيا وألمانيا، لتقسيم النفوذ والحضور في إفريقيا.

ويوضح تورشين أن الوضع اليوم مختلف بوجود التنافس بين القوى الدولية والإقليمية، إضافة إلى الدول النامية والطامحة بحضور بالقارة الإفريقية، مثل الهند وأستراليا وتركيا، وغيرها، علاوةً على الدول الكبرى مثل روسيا والصين وأمريكا وفرنسا.

ويضيف: كل تلك الدول تسعى لأن يكون لها دور فاعل في إفريقيا، وبالتالي الحصول على موار المنطقة الإفريقية الثمينة والمهمة، مثل الذهب او المواد الأولية للصناعات. 

 

الكنز الإفريقي 

 

ورغم أن إفريقيا من أكبر القارات مساحةً وتمتلك ثروات هائلة، إلا أنّ شعوبها تعيش فقراً كبيراً في ظل فئات حاكمة للبلدان هناك تحتكر الحكم والثروات، حسب تورشين. 

ويقول الباحث محمد تورشين: العديد من الدول الإفريقية لها دور مهم بالتجارة الدولية وخصوصاً البحرية على اعتبار أنها تملك طرق الوصل بين قارات العالم، كما أن القارة الإفريقية تضم 52 دولة وملايين الناس، ومعظم تلك الدول لا تستطيع تقديم 10 بالمئة من احتياج السكان، لذلك فإن القارة الإفريقية سوق ضخم ورابح للدول الكبرى. 

ويضيف: نتيجة للخيارات المحدودة والابتزاز الذي ضل يمارس من قبل بعض الدول، فإن الشعوب الإفريقية استفادتها من مقدراتها وثرواتها ضعيف جداً. 

ويشير إلى أنه غالباً سيبقى الأمر كذلك نتيجة أن الجانب الإفريقي لا يناقش مصالحه مع الدول الكبرى، بقدر ما يتم مناقشة مصالح النخبة الحاكمة بهذه الدول، حسب وصفه. 

ويتابع: وجود هذه النخبة الحاكمة هو ما يعقد مشاريع التنمية المستدامة في إفريقيا، ويجعل الحلقات تتسع بين الطبقات الحاكمة بالمجتمع وعامة الشعب. 

 

استقطاب دولي 

 

أما عن إمكانية نقل الصراع العالمي للقارة السمراء واستثمار النزاع الإفريقي الداخلي من أجل ذلك يرى تورشين أن نقل المواجهات بين الدول الكبرى إلى مواجهات مباشرة في إفريقيا غير ممكن حالياً، بينما يمكن أن يكون هناك ما هو أشبه بالحرب الباردة، حسب وصفه. 

ويضيف: مع اختلاف توجه الدول الإفريقية بين المعسكريين الشرقي والغربي، ودعم جماعات متناحرة يمكن أن تحدث مواجهات بينها،أي حرب بالوكالة دون تدخل مباشر لتلك الدول. 

ويتابع: الآن عملية الاستقطاب على أشده، ومعسكر الولايات المتحدة الأمريكية عادة ما تربط الدعم السياسي والعسكري بملفات أخرى منها الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان، وهو ما يجعلها تفقد شركائها لصالح المعسكر الشرقي. 

 

لا خيار لها

 

ومع تعدد الولاءات وذهاب كل طرف إلى معسكر، يرى الباحث بالشأن الإفريقي أن دول إفريقيا مشتته ولا تجتمع فيما بينها على رأي واحد. 

ويقول: الدول الإفريقية اليوم لا تملك خيار واحد تجتمع عليه، فهناك دول لا تزال تفضل التعامل مع فرنسا، بحكم التقارب الاجتماعي واللغوي ورأي النخبة الحاكمة المستفيدة من الدولة الفرنسية، ودول أخرى تفضل الولايات المتحدة الأمريكية على اعتبار أنها من أقوى الدول عسكرياً واقتصادياً، ويوجد دول أخرى وجدت بالصين وروسيا سبلاً لإنقاذها مما هي فيه من أزمات. 

ويؤكد أنه لا يوجد حتى الآن أي نموذج من هذه الدول تحقق السيادة والريادة لهذه الدول، حيث أن الشراكة المتكافئة، معتبراً أنّها وحدها الشراكة الجيوستراتيجية هي التي تحقق ريادة وطموحات الدول، حسب وصفه. 

وتبقى الدول الكبرى التي ترى في مصلحتها الأولوية الكبرى على حساب مصالح الدول الأخرى، هي صاحبة الكلمة الفصل فيما إذا أرادت نقل الصراع إلى أي مكان آخر، في ظل صعود جديد للشعور “الاستعماري” لدى تلك الدول، لا سيما منذ “الغزو” الروسي لأوكرانيا، الذي غذّى مطامع دول أخرى مثل الصين التي تهدد تايوان، وصربيا التي تهدد كوسوفو وغيرها.

لماذا تتسابق الدول الكبرى إلى إفريقيا وما هو "الكنز" الذي تبحث عنه؟
لماذا تتسابق الدول الكبرى إلى إفريقيا وما هو “الكنز” الذي تبحث عنه؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى