تحقيق يفضح عمل لجنة مكافحة الفساد في العراق.. “تعذيب وانتهاكات جنسية تحت الأرض”
قالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، اليوم الأربعاء، إنَّ تحقيقاً أجرته واستمر تسعة أشهر، كشف أن حملة مكافحة الفساد التي نفذتها حكومة رئيس وزراء العراق السابق مصطفى الكاظمي “استخدمت أساليب غير إنسانية، بينها انتهاكات جنسية، لانتزاع اعترافات من مسؤولين كبار ورجال أعمال”.
انتهاكات لجنة مكافحة الفساد في العراق
بحسب تحقيق واشنطن بوست، فإن مقابلات مع أكثر من 20 شخصاً، بمن فيهم خمسة رجال احتجزتهم اللجنة، وتسعة أفراد من ذوي المعتقلين و 11 مسؤولاً عراقياً وغربياً تابعوا عمل اللجنة، أظهرت أن الحملة اتسمت بـ”الإساءة والإذلال وكانت تركز بشكل أكبر على الحصول على اعترافات مكتوبة مسبقاً بدلاً من المساءلة عن أعمال الفساد”.
وبيّن التحقيق أن جميع الذين تمّت مقابلتهم تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هوياتهم خلال مناقشة مسائل حساسة أو لضمان سلامتهم.
ونقلت الصحيفة عن أحد المعتقلين السابقين، قوله: “تضمنت أساليب التعذيب الصعق الكهربائي والخنق بأكياس بلاستيكية والتعليق بالسقف واليدان مشدودتان للخلف والتجريد من الملابس”.
كما نقلت عن معتقلين سابقين إنهم كانوا يحتجزون في كثير من الأحيان في زنازين صغيرة داخل منشأة في مطار بغداد يديرها جهاز مكافحة الإرهاب العراقي، وعادة ما يستخدم لاستجواب واحتجاز المشتبه في قضايا متصلة بالإرهاب.
وقالت واشنطن بوست إن قادة قوة مكافحة الإرهاب كانوا “غير راضين عن استخدام منشآتهم”، وفقاً لاثنين من مسؤوليها، لكن لم يكن لديهم أي سلطة للتدخل لأنهم خاضعون لسيطرة مكتب رئيس الوزراء.
القوات الأمريكية “كانت على علم” بالانتهاكات!
التحقيق أشار إلى أن المسؤولين في القوات الأمريكية، التي كانت موجودة في مطار بغداد في تلك الفترة، كانوا على علم بما كان يحدث هناك.
وقال مسؤولون في قوة مكافحة الإرهاب إن نظراءهم الأمريكيين أثاروا مخاوف بشأن استخدام مرفق الاحتجاز للاستجواب غير المتعلق بالإرهاب.
تعليقاً على سؤال عما إذا كانت قوات التحالف على علم بتلك الانتهاكات أو أنها عبرت بالفعل عن مخاوفها لشركائها من العراقيين، قال المتحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية الكولونيل جو بوتشينو للصحيفة إنه لا يمتلك أية معلومات ليقدمها لها.
انتهاكات “جنسية” وتعذيب تحت الأرض
نقلت الصحيفة عن معتقلين سابقين ومسؤولين عراقيين، إن انتهاكات أخرى حدثت في سجن تحت الأرض في المنطقة الخضراء في بغداد.
وقال رجل اعتقلته اللجنة في بداية عملها: “بدؤوا في تعذيبي لمدة 13 يوماً، و سألوني حينها لمن أعطيت رشاوي ومقدار المال الذي أملكه”.
وأضاف: “لقد طلبوا مني 1.5 مليون دولار، فقلت لهم إنني لا أستطيع الدفع لأن الأموال كانت مقيدة في مشاريع، لكنهم بدؤوا بصعقي بالكهرباء في مناطق حساسة بالجسم وضربي بقضبان معدنية وتعليقي على الحائط”.
وأخبر معتقلان على الأقل، بحسب الصحيفة الأمريكية، عائلتيهما وممثليهما القانونيين، أنهما تعرضا للانتهاك الجنسي.
وقال مسؤول عراقي رفيع سابق لقريبه وزملائه في الزنزانة إنه أُجبر على الجلوس على جزء من محرك سيارة، وهو عمل يمكن أن يشكل “اغتصاباً شرجياً” بموجب القانون الجنائي العراقي، وفقاً للصحيفة.
حالة وفاة أثناء عمل لجنة مكافحة الفساد
واشنطن بوست أكدت في تحقيقها، أن حالة وفاة واحدة على الأقل حصلت لأحد المعتقلين وهو مسؤول رفيع سابق يدعى قاسم حمود منصور، وكان يشغل منصب مدير عام شركة المواد الغذائية في وزارة التجارة.
وأشارت إلى أن صوراً حصلت عليها من عائلة منصور، أظهرت فقدانه لعدد من الأسنان مع وجود كدمات حادة على جبهته.
مواضيع ذات صِلة : الكاظمي في ورطة.. تقرير يكشف مكان تواجده ودولة عمل لصالحها “استخباراتياً” بقلب العراق
وكان الكاظمي أعلن في أغسطس 2020 تشكيل لجنة تحقيق عليا بملفات الفساد الكبرى والجرائم الجنائية برئاسة وكيل وزارة الداخلية لشؤون الاستخبارات الفريق أول أحمد أبو رغيف، حيث منحت صلاحيات واسعة، واعتقلت مسؤولين كباراً وسياسيين معروفين بتهم تتعلق بالفساد، لكن عملها لم يخل من الاتهامات.