حورات خاصة

ماذا سيجني العراق من “خليجي25” سياسياً واقتصادياً ورياضياً؟ وهل تعيد له البطولة مكانته خليجياً؟

بعد أن غيّبت الأحداث الحربية والسياسية العراق لسنوات عن أجواء البطولة المحببة لدى أبنائها، يأمل المنتخب العراقي لكرة القدم في استعادة مكانته وتصدر المشهد في بطولة خليجي25، التي تستضيفها محافظة البصرة جنوب البلاد، منذ يوم الجمعة الماضي، والمستمرة لغاية 19 يناير/كانون الثاني الجاري.

كما يأمل العراق عبر البطولة من استعادة مكانته خليجياً، لا سيما بعد سنوات من القطيعة مع دولة الكويت على خلفية الغزو العراقي للكويت، مطلع أغسطس/آب 1990، في عهد الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين.

وتطرح استضافة العراق للبطولة تساؤلات عدّة عن أهميتها سياسياً وسبب ولادة بعض المشاكل مع أوّل يوم من انطلاقها، وكذلك انعكاسات خليجي25 على واقع الاستثمار والاقتصاد في البصرة التي تعدّ بوابة العراق البحرية، وسط استفسارات أخرى حول المنتخبات الأوفر حظاً في الوصول إلى النهائيات.

حول الأهمية السياسية لإقامة بطولة خليجي25 في العراق بعد عقدين من الزمن، يقول الدكتور غازي فيصل حسين، مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية لوكالة ستيب الإخبارية: “يمثل نجاح العراق في تحقيق الاندماج مع بلدان الخليج العربي من بطولة الخليجي25، مما يوفر فرصة للتعاون والتنسيق السياسي الأكبر وتنميص الشراكة الاقتصادية والتعاون الأمني”.

لماذا ذكر الصدر مصطلح “الخليج العربي” ترحيباً بـ خليجي25؟

يوم الجمعة الماضي، وقبل ساعات من انطلاق خليجي25، استخدم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في تغريدة له ترحيباً بالبطولة مصطلح “الخليج العربي”، ما أثار غضب إيران التي قدمت شكوى ضد العراق لدى الفيفا، مطالبةً باستخدام مصطلح “الخليج الفارسي”.

فيما يتعلق باستخدام الصدر مصطلح الخليج العربي، يقول حسين: “السيد مقتدى الصدر وعائلته العربية الأصول والجذور معروف بمواقفه العربية ودعمه لانفتاح العراق على دول الجوار العربية، خصوصاً بلدان الخليج العربي ورفض التبعية للسياسة الإيرانية وضمان استقلال العراق عن طهران؛ لذا جاء تصريحه لينسجم تماماً مع مواقفه الثابتة، لا شرقية ولا غربية، والإيمان بالعروبة”.

وحول ما إذا كانت هناك عواقب بانتظار العراق من إيران جرّاء ذلك، يؤكد مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، أنه يحق للعراق والدول العربية الخليجية اعتماد التسمية التاريخية للخليج العربي، ولا يحق لإيران فرض تسمية الخليج الفارسي “المرفوضة عربياً”.

ويضيف: “البلدان العربية حرة في تسمية مدنها وكلّ ما يرتبط بجغرافية العالم العربي. ولا يحق لإيران طبقاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة فرض عقوبات على العراق والدول العربية، وعليها أن تحترم سيادة وإرادة وحرية الدول العربية”.

هل تؤثر حادثة افتتاح البطولة على العلاقات العراقية الكويتية مجدداً؟

شهد حفل افتتاح بطولة خليجي25، ملابسات بروتوكولية نتيجة الفوضى التي سادت ملعب البصرة الدولي، انسحب على إثرها الوفد الكويتي بسبب عدم إمكانية وصول ممثل أمير دولة الكويت، رئيس اللجنة الأولمبية الكويتية فهد ناصر الصباح.

وحيال ذلك، أعرب رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم عدنان درجال، عن أسفه الشديد لخروج بعض الأمور التنظيمية في حفل افتتاح البطولة عن الإطار الصحيح.

يرى حسين أن الحدث كان “عارضاً ولم يؤثر على مشاركة الفريق الكويتي وقدم الجانب العراقي الاعتذار للجانب الكويتي، وعاد الوفد إلى البصرة لمتابعة المباريات بين الفرق الخليجية”.

ردّاً على سؤال حول ما إذا كانت الرياضة ستؤثر على العلاقات السياسية بين البلدين، يؤكد مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، أن “الرياضة قيمة نبيلة سامية لتكريس التعايش والشراكة والمحبة والسلام بين الشعوب؛ لذا ستكون عاملاً جوهرياً للتأثير إيجابياً في العلاقات السياسية بين العراق والكويت وبلدان الخليج العربي”.

بعض رواد مواقع التواصل، أشاروا إلى أن الوفد الكويتي “ربما تقصد خلق حالة توتر خلال حفل افتتاح البطولة” على خلفية جذور الخلاف السياسي مع العراق.

تعليقاً على ذلك، يقول حسين: “لا أعتقد أن الكويت تعمدت خلق التوتر، والعلاقات بين البلدين متنامية ووثيقة ويتم اللجوء للجهود الدبلوماسية لمعالجة أي إشكالات قد تنشأ وبما يخدم المصالح المتبادلة للشعبين والبلدين”.

IMG ٢٠٢٣٠١٠٩ ٢٠٠٩١٠
الدكتور غازي فيصل حسين مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية

الأهمية الاقتصادية لـ خليجي25 على العراق

فيما يتعلق بانعكاسات البطولة على واقع الاستثمار والاقتصاد في البصرة خاصةً والعراق عموماً، يقول الباحث في الشأن الاقتصادي والسياسي نبيل جبار التميمي: “لبطولة خليجي25 أبعاد عدّة؛ سياسية واقتصادية واجتماعية أيضاً”.

ويضيف لوكالة ستيب الإخبارية: “تتضمن بعض الأهداف السياسة بعكس قدرة العراق وحكومته على بثّ رسائل اطمئنان دولية وإقليمية بأنه (العراق) قد عبر مرحلة الأزمات وفترات الانفلات، وهو مؤهل للعودة إلى المجتمع الدولي مرةً أخرى بسمات دولة متكاملة”.

ويتابع: “في حين تركز الأهداف الاقتصادية على إعادة الصورة النمطية عن العراق ووضعه الراهن خصوصاً ما يتعلق بالأمن ومدى استتباب الأمن الداخلي، ويؤكد العراق من خلال البطولة أن أبوابه مفتوحة أمام استقبال الاستثمارات الإقليمية والدولية”.

التميمي أردف: “أما الأهداف الاجتماعية؛ فالبعض منها داخلي تتمثل في أن البطولة سمحت للعراقيين بالانتقال من وسط وغرب وشمال العراق باتجاه البصرة جنوب البلاد، معبرين عن تضامن الشعب وتوحده رغم تعدد أطيافه، وكسر للنمطية التي تتحدث عن صراعات اجتماعية عميقة مرتبطة بالمذهبية والعرقية.

أما الخارجية منها؛ فقد أنتجت البطولة تعزيز للروابط الاجتماعية التي تربط العراقيين وسكان البصرة على وجه الخصوص والزائرين من إخوانهم العرب من دول الخليج العربي، وما ظاهرة (الكرم) الذي شهده زائري الخليج العربي من البصرة إلا رسالة مودة وترحيب عكست مدى ترحيب العراقيين بضيوفهم”.

IMG ٢٠٢٣٠١٠٩ ٢٠٠٩٢٥
الباحث في الشأن الاقتصادي والسياسي نبيل جبار التميمي

وحول حجم الإيرادات المتوقعة من البطولة، يقول الباحث في الشأن الاقتصادي: “لا أتوقع أن ترفد البطولة أو تنعكس على النمو الاقتصادي العراقي بشكل مباشر؛ فعدّة الآلاف من الزائرين الخليجيين قد لا تشكل نسبة تذكر أمام حجم الإنفاق الحكومي خلال فترة الإعداد المسبق للبطولة، إلا أن النتائج قد تنعكس لاحقاً عبر عكس صورة إيجابية عن الظروف الواقعية لمدن العراق ومنها البصرة، ويعكس ترحيب العراقيين بإخوتهم العرب مدى رغبتهم في استقبال مستثمرين من الخليج أو من الحكومات الخليجية”.

ماذا سيجني العراق من "خليجي25" سياسياً واقتصادياً ورياضياً؟ وهل تعيد له البطولة مكانته خليجياً؟
ماذا سيجني العراق من “خليجي25” سياسياً واقتصادياً ورياضياً؟ وهل تعيد له البطولة مكانته خليجياً؟

المنتخبات الأوفر حظاً للفوز ببطولة خليجي25

تشارك في نسخة بطولة خليجي25 لكرة القدم المقامة حالياً في مدينة البصرة العراقية، جميع المنتخبات الكروية لدول مجلس التعاون الخليجي، إضافةً إلى اليمن والعراق.

وتنظم البطولة مرّة كلّ عامين، حيث انطلقت النسخة الأولى عام 1970 بالبحرين، بينما استضافت قطر النسخة الأخيرة عام 2019، أما العراق فقد استضاف البطولة لأوّل مرّة عام 1979 “خليجي5” بالعاصمة بغداد، حيث توّج باللقب حينها.

ووسط اختلاف الآراء والتوقعات حول المنتخبات الأوفر حظاً في الوصول إلى المربع الذهبي والنهائيات، يتوقع المعلق الرياضي لاوين هابيل الكردي، أن يتأهل إلى المربع الذهبي البحرين وقطر من المجموعة الثانية، ومن المجموعة الأولى السعودية وعمان، قائلاً: “ولكن منتخب العراق أيضاً على اعتباره صاحب الأرض والضيافة حظوظه قوية بالتأهل”.

ويضيف لوكالة ستيب الإخباربة: “كما أتوقع أن يصل منتخب البحرين إلى النهائي ومن المجموعة الأولى أتوقع أن يتأهل منتخب السعودية”.

لاوين هابيل
المعلق الرياضي لاوين هابيل الكردي

وفيما يتعلق بالمنتخب الأفضل أداءً خلال المباريات التي أقيمت خلال اليومين الماضيين، يقول الكردي: “حسب ما رأيت وخلال تعليقي أيضاً على المباريات، كان المنتخب السعودي مميزاً من المجموعة الأولى ومن المجموعة الثانية منتخبا البحرين وقطر، إذ قدما أداءً مميزاً في هذه البطولة”.

المعلق الرياضي ردّاً على سؤال حول اختيار البصرة دون غيرها من المحافظات العراقية لإقامة البطولة، يقول: “بحسب رأيي، فإن اختيار البصرة كان موفقاً؛ لأن المحافظة كانت مستعدة قبل سنوات لذلك لكن الظروف لم تسمح”.

ويزيد: “لكن الآن البصرة مستعدة وكلنا رأينا حفل الافتتاح المميز، كما أن تنظيم المباريات حتى الآن يمشي على الطريق الصحيح وبطريقة مميزة خاصةً في وقت كان العراق بحاجة لأن ينظم مثل هكذا بطولة”.

إعداد: سامية لاوند

ماذا سيجني العراق من "خليجي25" سياسياً واقتصادياً ورياضياً؟ وهل تعيد له البطولة مكانته خليجياً؟
ماذا سيجني العراق من “خليجي25” سياسياً واقتصادياً ورياضياً؟ وهل تعيد له البطولة مكانته خليجياً؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى