حورات خاصة

خبير يكشف كيف يمكن أن يتم اعتقال بوتين وأول دولة قد يطلب منها التنفيذ

أثار قرار اعتقال بوتين من قبل المحكمة الجنائية الدولية موجة من الجدل العالمي، حول إمكانية تطبيقه من جهة وحول تحويل المحكمة لأداة ضغط سياسي، واتهمها البعض بالعمل بمعايير مزدوجة، وهو ما قابلته روسيا بهجوم وتصعيد حاد ضد الدول الغربية، بينما كشف خبير سياسي في حديث لوكالة ستيب نيوز عن إمكانية تنفيذ القرار وتداعياته.

 

قرار المحكمة الجنائية حول اعتقال بوتين

ورغم أن هناك 130 دولة حول العالم وقّعت على اتفاق روما الأساسي الذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية، إلا أنّ اعتقال الرئيس الروسي ليس بالسهولة المتوقعة، حتى لو قام بزيارة إلى إحدى تلك الدول.

 

وكانت المحكمة ذاتها أكدت الأسبوع الفائت أنّ تنفيذ قرار اعتقال بوتين مرهون بالتعاون الدولي، مشيرةً إلى أنّ الرئيس الروسي مشتبه به بارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا.

 

وفي بيانها الذي صدر في 17 من مارس قالت المحكمة الجنائية الدولية ” إنّ فلاديمير فلاديميروفيتش بوتين، والسيدة ماريا أليكسييفنا لفوفا-بيلوفا، قد يكونان متورطين في جرائم حرب، تتمثل في الترحيل غير القانوني للسكان (الأطفال) والنقل غير القانوني للسكان (الأطفال) من الأراضي الأوكرانية إلى روسيا”.

 

كذلك أردفت أن “هناك أسساً معقولة للاعتقاد بأن بوتين يتحمل المسؤولية الجنائية الشخصية عن الجرائم المذكورة، لأنه (أولاً) ارتكب هذه الأفعال مباشرة، وبالاشتراك مع آخرين و/أو من خلال آخرين. (وثانياً) لعدم سيطرته بالشكل المناسب على العسكريين التابعين الذين ارتكبوا الأفعال أو سمحوا بارتكابها”.

 

منتدى 2

 

إمكانية اعتقال بوتين

وحول ذلك يقول مدير المركز العربي للبحوث والدراسات، هاني سليمان، في حديث لوكالة ستيب نيوز: إن قرار محكمة الجنائية الدولية حول اعتقال بوتين، هو نوع من السجال والحرب السياسية والإعلامية ومسألة الضغط بقوة على الرئيس الروسي في إطار الصراع بين الغرب وروسيا والتي لها تداعياتها على العديد من الجوانب.

 

ويؤكد أن القرار من المحكمة الجنائية الدولية هو حكم تمهيدي أولي، يلزمه بعض الإجراءات والأمور الخاصة القانونية.

 

ويوضح أيضاً أن طلب الاعتقال جاء بمطالبة من أوكرانيا وتوقيع 43 دولة عضو وهو رقم كبير وضغط قوي جعل المحكمة تتحرك وفق الإطار القانوني، ووفق القانون الرئيسي للمحكمة بالمادة 8 يحق لها التحرك بما يخص الاعتقالات وطلب الإجراءات القانونية من الدول الأعضاء.

 

ويشر “سليمان” إلى أن المحكمة بعثت برسالة للشعب الروسي من خلال المادة 25 فقرة 4، لتؤكد أن القرار يخص بوتين بشكل شخصي من خلال منصبه ومسؤوليته عما توجه إليه من تهم تتعلق بجرائم حرب، وليست موجهة تجاه روسيا كدولة.

 

أما عن إمكانية تطبيق القرار يقول: المادة 89 من قانون روما الأساسي المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية، ينص على أن الدول تكون مطالبة بتنفيذ قرارات المحكمة وملزمة بها، والقبض وتسليم الشخصيات المطلوبة وتسليمها للمحكمة لأن المحكمة لا تملك شرطة خاصة بها.

 

ويضيف: إمكانية تطبيق قرار اعتقال بوتين أمر صعب، فبالنظر تاريخياً كل القرارات المشابهة التي صدرت بحق رؤساء سابقين كانوا بالسُلطة لم تنفّذ، مثل ما حصل مع الرئيس السوداني السابق عمر البشير، والرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، ولم تثار تلك القضايا عليهم إلا بعد مغادرة السُلطة، فما بالنا بالرئيس الروسي الذي يملك زمام الأمور ببلاده ولديه علاقات قوية مع العديد من دول العالم.

 

أول دولة أمام اختبار تطبيق القرار

وقبل أيام سلطت وسائل إعلام الضوء على زيارة متوقعة للرئيس الروسي إلى جنوب إفريقيا، من أجل حضور قمّة مجموعة “بريكس”، وهي واحدة من الدول الموقعة على قانون المحكمة، مما قد يجعلها أمام ضغوط كبيرة لتنفيذ الأمر.

 

ويقول “سليمان”: جنوب إفريقيا الدولة التي تقدم نفسها كمدافعة عن حقوق الإنسان، وموقعة على قانون روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية، كانت قد رفضت سابقاً اعتقال الرئيس السوداني السابق، عمر البشير، خلال زيارته إلى بريتوريا.

 

ويضيف: رغم ذلك فإن بوتين سيختار زياراته القادمة لأي دولة بعناية، لأن معظم الدول خصوصاً الأعضاء بالمحكمة الجنائية سيكون عليها ضغوط مضاعفة لتطبيق القرار، ولن يغامر الرئيس الروسي بزيارة أي دولة يعتقد أنها قد تميل للحلف الغربي.

 

ومع صعوبة اعتقال بوتين إلا أنّ الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف هدد بأن أي محاولة ضد بوتين ستكون بمثابة “إعلان حرب” ولوّح باستخدام السلاح النووي، وحول ذلك يوضّح “سليمان” أن تصريحات ميدفيديف باستخدام الأسلحة النووية في حال تطبيق القرار ليست سوى للاستهلاك الإعلامي، فإمكانية استخدام النووي ليست بهذه السهولة.

 

موقف الدول العربية

أما عن موقف الدول العربية في حال قرر بوتين زيارة واحدة منها يؤكد “سليمان” أن الدول العربية اقتربت أكثر مؤخراً من الجانب الروسي، وتنوعت المصالح السياسية والاقتصادية بينهم، وفي حال كان هناك زيارة لبوتين إلى واحدة من تلك الدول سيكون عليها ضغط إضافي، مشيراً بذات الوقت أنه رغم ذلك الضغط سيكون رهان خاسر فغالباً لن تذهب الدول العربية لتطبيق القرار لأن تأثيره السلبي أكبر بكثير من إيجابيته، حسب وصفه.

 

ويرى الخبير السياسي أن قرارات المؤسسات الدولية فيها نوع من الازدواجية، فمثلاً هناك الكثير من الأشخاص وأنظمة الدول التي ارتكبت جرائم كبيرة منها مثلاً الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي المتهم بارتكاب جرائم عام 2019، وأشخاص كثيرون متهمون بارتكاب جرائم عرقية وضد الإنسانية، ولم يصدر عليهم أي قرا ر مشابه.

 

وفيما يلي نص الحوار:

 

1- ما أهمية قرار المحكمة الجنائية الدولية حول اعتقال بوتين ولماذا أثير الجدل حوله؟

قرار محكمة الجنائية الدولية حول اعتقال بوتين، هو نوع من السجال والحرب السياسية والإعلامية ومسألة الضغط بقوة على الرئيس الروسي في إطار الصراع بين الغرب وروسيا والتي لها تداعياتها على العديد من الجوانب.

 

القرار من المحكمة الجنائية الدولية هو حكم تمهيدي أولي، يلزمه بعض الإجراءات والأمور الخاصة القانونية، إلى جانب نقطة مهمة وهي أن روسيا ليست عضواً في المحكمة وكانت وقعت على القانون الأساسي لها في روما عام 2000 لكنها انسحبت عام 2016 بعد حرب القرم ولم تصدق على القانون الأساسي للمحكمة.

 

طلب الاعتقال جاء بمطالبة من أوكرانيا وتوقيع 43 دولة عضو وهو رقم كبير وضغط قوي جعل المحكمة تتحرك وفق الإطار القانوني، ووفق القانون الرئيسي للمحكمة بالمادة 8 يحق لها التحرك بما يخص الاعتقالات وطلب الإجراءات القانونية من الدول الأعضاء.

 

وحاولت المحكمة من خلال القرار أن تبعث رسالة إلى الشعب الروسي من خلال المادة 25 فقرة 4، لتؤكد أن القرار يخص بوتين بشكل شخصي من خلال منصبه ومسؤوليته عما توجه إليه من تهم تتعلق بجرائم حرب، وليست موجهة تجاه روسيا كدولة.

 

2- ما إمكانية تطبيق هذا القرار وتداعيات الأمر؟

المادة 89 من قانون روما الأساسي المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية، ينص على أن الدول تكون مطالبة بتنفيذ قرارات المحكمة وملزمة بها، والقبض وتسليم الشخصيات المطلوبة وتسليمها للمحكمة لأن المحكمة لا تملك شرطة خاصة بها.

 

إمكانية تطبيق القرار أمر صعب، فبالنظر تاريخياً كل القرارات المشابهة التي صدرت بحق رؤساء سابقين كانوا بالسُلطة لم تنفّذ، مثل ما حصل مع الرئيس السوداني السابق عمر البشير، والرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، ولم تثار تلك القضايا عليهم إلا بعد مغادرة السُلطة، فما بالنا بالرئيس الروسي الذي يملك زمام الأمور ببلاده ولديه علاقات قوية مع العديد من دول العالم.

 

ولتطبيق القرار داخل الدولة التي تثار ضدها مثل هكذا قضايا، يجب أن يكون هناك تحرك من النائب العام بها ويقدم طلب باعتقال الشخص المطلوب بعد إثبات القضايا ضده، وهو أمر مستبعد جداً في روسيا.

 

3- هل تتوقع تحدي بوتين للقرار والسفر إلى دول موقعة على اتفاقية المحكمة وكيف سيكون رد الفعل حينها؟

من المتوقع جداً أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيتحدى هذا القرار، وسيعمل على “انتهاكه” وسيواجه المحكمة والغرب عدة مواجهات، لأنه من المعروف عنه عقلية التحدي.

 

ورغم ذلك فإن بوتين سيختار زياراته القادمة لأي دولة بعناية، لأن معظم الدول خصوصاً الأعضاء بالمحكمة الجنائية سيكون عليها ضغوط مضاعفة لتطبيق القرار، ولن يغامر الرئيس الروسي بزيارة أي دولة يعتقد أنها قد تميل للحلف الغربي.

 

4- ما مدى استثمار الغرب لقرار اعتقال بوتين سياسياً، ولماذا صدر بحق بوتين ولم يصدر بحق آخرين؟

تداعيات الأمر سياسية إعلامية أكثر من كونها تداعيات واقعية على الأرض، حيث تبدو محاولات تأثير للحد من النفوذ الدبلوماسي للجانب الروسي، ومن جانب آخر محاولة الضغط على الرئيس بوتين وتقزيم دوره، وهو يعتبر أداة من أهم أدوات الحرب التي تضغط باتجاهها أمريكا وبريطانيا.

 

من جانبها روسيا بدأت حراكاً مع دول تحالفها من أجل وقف التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية وتجريم أنشطتها وعدم تقديم أي مساعدات لها.

 

5- في ظل التقارب الروسي مع العرب وفي حال زيارة بوتين لدولة عربية “هل يمكن أن يطلب منها تطبيق القرار”؟

الدول العربية اقتربت أكثر مؤخراً من الجانب الروسي، وتنوعت المصالح السياسية والاقتصادية بينهم، وفي حال كان هناك زيارة لبوتين إلى أحد تلك الدول سيكون عليها ضغط إضافي، رغم أن ذلك الضغط سيكون رهان خاسر فغالباً لن تذهب الدول العربية لتطبيق القرار لأن تأثيره السلبي أكبر بكثير من إيجابيته.

 

6- رئيس روسيا السابق ديمتري ميدفيديف هدد بالسلاح النووي إذا أقدمت إحدى الدول على فعل ذلك، ما جدية هذا التهديد ولماذا تتخوف روسيا برأيك من الأمر؟

تصريحات ميدفيديف باستخدام الأسلحة النووية في حال تطبيق القرار ليست سوى للاستهلاك الإعلامي، فإمكانية استخدام النووي ليست بهذه السهولة، ولكن المواجهة بين الغرب وروسيا والتي تتصاعد رغم الحديث عن قرب التفاهم بخصوص ملف أوكرانيا، قد تستدعي المزيد من التصعيد.

 

7- يتوقع أن يشارك بوتين بقمة بريكس في جنوب إفريقيا في أغسطس القادم، وهذه الدولة موقعة على اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية، كيف ستتصرف إذا طلب منها تنفيذ الأمر؟

جنوب إفريقيا الدولة التي تقدم نفسها كمدافعة عن حقوق الإنسان، وموقعة على قانون روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية، كانت قد رفضت سابقاً اعتقال الرئيس السوداني السابق، عمر البشير، خلال زيارته إلى بريتوريا.

 

اعتقد أن قرارات المؤسسات الدولية فيها نوع من الازدواجية، فمثلاً هناك الكثير من الأشخاص وأنظمة الدول التي ارتكبت جرائم كبيرة منها مثلاً الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي المتهم بارتكاب جرائم عام 2019، وأشخاص كثيرون متهمون بارتكاب جرائم عرقية وضد الإنسانية، ولم تصدر بحقهم مثل تلك المذكرات.

 

خبير يكشف كيف يمكن أن يتم اعتقال بوتين وأول دولة قد يطلب منها التنفيذ
خبير يكشف كيف يمكن أن يتم اعتقال بوتين وأول دولة قد يطلب منها التنفيذ

 

إعداد: جهاد عبد الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى