منوع

كيف يتعلم الدماغ أشياء جديدة.. علماء أعصاب يجيبون

تمكن علماء أعصاب من جامعة كاليفورنيا ومعهد إنسيرم الفرنسي من اكتشاف كيف يتعلم الدماغ أشياء جديدة، حيث اكتشفوا فئة خاصة من الخلايا العصبية المثبطة في قشرة الفص الجبهي تتواصل عبر مسافات طويلة، مما يمكن أن يسمح للدماغ بتغيير أنماط نشاطه عندما يغير الشخص سلوكه.

– كيف يتعلم الدماغ أشياء جديدة

وفقاً لمجلة “The Conversation”، فإن العلماء أكدوا أن التحلي بالمرونة وتعلم التكيف عندما يتغير العالم هو أمر يمارسه الدماغ كل يوم، موضحين أنه سواء أكان الشخص يواجه موقع إنشاءات جديدا أو تغييرات في المسارات المرورية تضطره إلى تغيير مساره المعتاد إلى العمل أو كان يقوم بتنزيل تطبيق بث جديد وعليه إعادة تعلم كيفية العثور على برنامجه المفضل، فإن تغيير السلوكيات المألوفة استجابة للمواقف الجديدة يعد مهارة أساسية.

– تغيير أنماط نشاط الدماغ وتعلمه أشياء جديدة

دائما ما يتساءل الكثير من الناس، كيف يتعلم الدماغ أشياء جديدة ويتمكن من إجراء التعديلات، وهنا أوضح الخبراء أن الدماغ يغير أنماط نشاطه داخل بنية تسمى قشرة الفص الجبهي – وهي منطقة في الدماغ مهمة للوظائف الإدراكية مثل الانتباه والتخطيط واتخاذ القرار. 

ويستخدم الدماغ دوائر محددة “تخبر” قشرة الفص الجبهي بتحديث أنماط نشاطها من أجل تغيير السلوك، وهي الدوائر التي سعى فريق علماء الأعصاب إلى دراستها للتعرف على كيفية معالجة الدماغ للمعلومات وما يحدث عندما تتعطل هذه الوظيفة.

وبهذا الشأن، قال أستاذ الطب النفسي بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، الباحث بروفيسور فيكاس سوهال: إنه تم اكتشاف فئة خاصة من الخلايا العصبية في قشرة الفص الجبهي والتي قد تتيح سلوكاً مرنا، وعندما تتعطل، يمكن أن تؤدي إلى حالات مثل الفصام والاضطراب ثنائي القطب.

كيف يتعلم الدماغ أشياء جديدة

شرح العلماء المشاركون بالبحث أن الخلايا العصبية المثبطة تقوم بتوقيف نشاط الخلايا العصبية الأخرى في الدماغ، حيث افترض الباحثون تقليديا أنها ترسل مخرجاتها الكهربائية والكيميائية إلى الخلايا العصبية القريبة فقط. 

ولكن تم العثور على فئة معينة من الخلايا العصبية المثبطة في قشرة الفص الجبهي التي تتواصل عبر مسافات طويلة مع الخلايا العصبية في النصف المعاكس للدماغ. 

وتساءل الباحثون عما إذا كانت هذه الاتصالات المثبطة طويلة المدى تشارك في تنسيق التغييرات في أنماط النشاط عبر قشرة الفص الجبهي اليمنى واليسرى، وأنها بالتالي تقدم الإشارات الحاسمة التي تساعد الشخص على تغيير سلوكه في الوقت المناسب.

كيف يتعلم الدماغ أشياء جديدة.. علماء أعصاب يجيبون
كيف يتعلم الدماغ أشياء جديدة.. علماء أعصاب يجيبون

السلوك المرن للدماغ

توصل الباحثون أيضاً إلى اكتشافات مفاجئة حول كيفية إنشاء هذه الاتصالات المثبطة طويلة المدى مرونة سلوكية، وتحديداً عندما تقوم الاتصالات المثبطة بمزامنة مجموعة من “موجات الدماغ” تسمى اهتزازات غاما عبر نصفي الدماغ الأيمن والأيسر.

وتذبذبات غاما هي تقلبات إيقاعية في نشاط الدماغ تحدث حوالي 40 مرة في الثانية، ويمكن اكتشاف هذه التقلبات خلال العديد من الوظائف المعرفية، مثل أداء مهمة تتطلب الاحتفاظ بالمعلومات في الذاكرة أو القيام بحركات مختلفة بناءً على ما يراه الشخص على شاشة الكمبيوتر.

وعلى الرغم من أن العلماء لاحظوا وجود تذبذبات غاما لعدة عقود، إلا أن وظيفتها كانت مثيرة للجدل، بل ويرجح العديد من العلماء أن مزامنة هذه التقلبات الإيقاعية عبر مناطق الدماغ المختلفة لا تخدم أي غرض مفيد، فيما تكهن البعض الآخر بأن التزامن عبر مناطق الدماغ المختلفة يعزز التواصل بين تلك المناطق.

اكتشاف غير مسبوق

أكد الباحثون أنهم اكتشفوا دورا محتملاً مختلفاً تماما لمزامنة غاما، فعندما تقوم الوصلات المثبطة طويلة المدى بمزامنة تذبذبات غاما عبر قشرة الفص الجبهي اليمنى واليسرى، يبدو أنها أيضا بوابة الاتصال بينهما، إذ يبدو أن الوصلات المثبطة طويلة المدى تمنع المدخلات من أحد نصفي الدماغ من “الوقوف في طريق” النصف الآخر عندما يحاول تعلم شيء جديد.

وعلى سبيل المثال، يمكن لقشرة الفص الجبهي الأيسر “تذكير” قشرة الفص الجبهي الأيمن بالطريق المعتاد للعمل، إلا أنه عندما تقوم الاتصالات المثبطة طويلة المدى بمزامنة هاتين المنطقتين، يبدو أيضا أنها تغلق هذه التذكيرات وتمكن أنماطا جديدة من نشاط الدماغ تتوافق مع تنقلاتك الجديدة.

وتؤدي الوصلات العصبية المثبطة طويلة المدى أيضا إلى تأثيرات طويلة الأمد، حيث يمكن أن يؤدي إيقاف تشغيل هذه الوصلات مرة واحدة فقط إلى حدوث صعوبة في تعلم القواعد الجديدة بعد عدة أيام.

وعلى العكس من ذلك، فإن تحفيز هذه الاتصالات بشكل إيقاعي لمزامنة تذبذبات غاما بشكل مصطنع يمكن أن يعكس أوجه القصور هذه ويعيد التعلم الطبيعي.

المرونة المعرفية وانفصام الشخصية

تلعب الروابط المثبطة طويلة المدى دورا مهما في المرونة الإدراكية، فعدم القدرة على تحديث القواعد التي تم تعلمها مسبقا بشكل مناسب هو أحد السمات المميزة للضعف الإدراكي في الحالات النفسية مثل الفصام والاضطراب ثنائي القطب.

حيث لاحظ الباحثون أيضا وجود أوجه قصور في مزامنة غاما والتشوهات في فئة من الخلايا العصبية المثبطة قبل الجبهية، والتي تشمل الخلايا العصبية محل البحث، لدى الأشخاص المصابين بالفصام.

في هذا السياق، ترجح نتائج الدراسة أن العلاجات التي تستهدف هذه الاتصالات المثبطة طويلة المدى يمكن أن تساعد في تحسين الإدراك لدى الأشخاص المصابين بالفصام عن طريق مزامنة تذبذبات غاما.

لكن لا تزال العديد من التفاصيل حول كيفية تأثير هذه الروابط على دوائر الدماغ غير معروفة. فعلى سبيل المثال، مازال هناك غموض فيما يتعلق بأي الخلايا داخل قشرة الفص الجبهي تتلقى مدخلات من هذه الاتصالات المثبطة طويلة المدى وتغير أنماط نشاطها لتعلم قواعد جديدة.

كما أن هناك حاجة إلى معرفة ما إذا كانت هناك مسارات جزيئية محددة تنتج تغييرات طويلة الأمد في النشاط العصبي. 

ويمكن أن تكشف الإجابة عن هذه الأسئلة كيف يتحول الدماغ بمرونة بين الحفاظ على المعلومات القديمة وتحديثها، وربما يؤدي إلى علاجات جديدة لمرض انفصام الشخصية والحالات النفسية الأخرى.

كيف يتعلم الدماغ أشياء جديدة.. علماء أعصاب يجيبون
كيف يتعلم الدماغ أشياء جديدة.. علماء أعصاب يجيبون

اقرأ أيضا:

))كيف تحدد الواقي المناسب من الشمس؟ مع اقتراب الحرّ

))5 أطعمة تنقص الوزن وتخفض مستويات السكر في الدم وتعزز صحة القلب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى