شخصية غامضة تدخل على الخط ولهذه الأسباب تم استبعاد السنوار.. من سيخلف هنية في رئاسة حماس؟
وسط تسارع مضطرد للأحداث في منطقة الشرق الأوسط وعقب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران جرّاء غارة اتُهِمَتْ إسرائيل بتنفيذها، هناك ترقب لمعرفة من سيخلفه ويقود مسيرته في توقيتٍ حرجٍ للغاية، وبينما تذهب التوقعات إلى أن الخليفة سيكون إما من التيار المعتدل أو الإيراني المتشدد دخلت على الخط شخصية غامضة لا يُعرف عنها الكثير حتى داخل الحركة نفسها ويُرجح أن تحظى بالفرصة الأكبر.
من سيخلف هنية؟
ولا تتوفر معلومات كثيرة عن الهيكلية التنظيمية في الحركة، نظراً للسرية التي تحيط بنشاطاتها وحركة قياداتها في الداخل والخارج وفي السجون.
وخلال جلسة مرتقبة لمجلس شورى حركة المقاومة الإسلامية، الهيئة الاستشارية الرئيسية لحماس، يرجح أن يؤثر السياق الحالي على مستقبل حماس أكثر من الشخصية التي سيقع عليها الخيار خلفاً لـ هنية الذي تولى منصبه في 2017 وأعيد انتخابه عام 2021.
وعلى الرغم من بروز شخصيات تُعد معتدلة داخل الحركة، إلا أن حماس ما زالت متمسكة بقرارها من أجل إقامة دولة فلسطينية بلا تنازلات.
يقول المحلل السياسي الفلسطيني عزيز المصري لوكالة ستيب الإخبارية إن “المنافسة بين ثلاثة أشخاص وهم: خالد مشعل وخليل الحية وزاهر جبارين”.
ويضيف: “وظهر اليوم اسم مجهول تحت مسمى أبو عمر حسن، ويقال إنه رئيس مجلس شورى حماس، وكان الخبر قد ورد في قناة الميادين بأن حسن هو المرشح التوافقي ثمَّ نفت القناة الخبر”.
ويتابع: “شخصياً أن المنافسة تنحصر بين مشعل والحية، إلا أن فرص الحية أعلى لأنه مدعوم من يحيى السنور والتيار الإيراني في الحركة”.
ويردف: “مشعل شخص غير مرغوب في المحور الإيراني وهو الأقرب للتيار القطري التركي في الحركة”.
المحلل السياسي الفلسطيني مضى في القول: “لا يمكن الجزم بشكل كبير بين من سيفوز من الشخصين المذكورين إلا أن الأقرب هو خليل الحية المدعوم من غزة”.
وحول ما إذا كان السنوار سيضغط على قيادة الحركة لقبول الحية خلفاً لهنية، يقول المصري: “نعم، موقف السنوار وجماعته في غزة سيكون له دور قريب في ترجيح شخصية على أخرى في رئاسة المكتب السياسي”.
ويزيد: “السنوار مقرب جداً من طهران وحزب الله ويتوافق معه في الموقف والتوجه خليل الحية؛ والسنوار يريد شخصية تساعده في رؤيته لمستقبل الحرب على غزة وموقفه من ملفات صفقة التبادل ووقف إطلاق النار، فيما يميل مشعل إلى إنهاء الحرب في غزة بأي شكل كان وهذا لا يتوافق مع توجه المحور الإيراني بشكل عام”.
لماذا تمَّ استبعاد اسم السنوار من هذا المنصب؟
عقب اغتيال هنية ذهب بعض المحللين السياسيين إلى القول إن السنوار هو الشخصية المحتملة لخلافته في رئاسة المكتب السياسي نظراً لدوره في المفاوضات من الداخل الفلسطيني، ولكن فيما بعد أشارت وسائل إعلام مقربة من حماس إلى شخصيتي مشعل والحية مستبعدةً السنوار.
يقول المحلل السياسي الفلسطيني تعليقاً على هذا السؤال: “السنوار لا يمتلك كاريزما وإجماع كبير ليكون هو رئيس المكتب السياسي”.
ويواصل كلامه: “كما لا أعتقد أنه يرغب بهذا المنصب لأنه مكتفي بمنصب رئيساً لحماس في غزة، إضافةً إلى وجوده الدائم في غزة واختفائه في الحرب بعيداً عن الأنظار”.
ويكمل: “منصب رئيس المكتب السياسي للحركة يتطلب منه العمل في داخل وخارج فلسطين وسفريات خارجية متواصلة تتيح له حرية العمل واللقاءات الدبلوماسية والسياسية، وهذه الشروط لا تتوفر بالسنوار في الوقت الحالي ولا حتى مستقبلاً”.
أهمية اختيار خليفة لهنية في هذا التوقيت الحساس
بعد خمسة أيام على اغتيال زعيم المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في طهران، تسعى الحركة لاختيار خليفة له وسط سياق إقليمي متوتر موسوم باستمرار الحرب في غزة ومخاوف من توسع رقعة الصراع.
المحلل الفلسطيني عزيز المصري يقول: “بطبيعة الحال لو لم تندلع الحرب في غزة، كان مقرراً في هذه الأيام إجراء انتخابات داخلية في حركة حماس لاختيار مكتب سياسي جديد ورئيس جديد خاصةً وأن ولاية إسماعيل هنية كانت في آخر أيامها ولم يكن يحق له الترشح لأكثر من ولايتين”.
ويستطرد: “واختيار شخصية رئيس المكتب السياسي في هذا الوقت الحساس يقع على عاتقها كيفية تعاملها مع التيارات الداخلية والمتناقضة داخل أطر حركة حماس، وعلاقاتها الإقليمية والعربية وملف التفاوض حول وقف إطلاق النار”.
ما تأثير الشخصية المختارة على سير المفاوضات مع إسرائيل؟
رداً على هذا السؤال، يقول المصري: “إذا كان خالد مشعل هو من سيتولى المنصب فسياسته هي العمل على وقف إطلاق النار بوقت سريع، أما خليل الحية وزاهر جبارين يتوافقان مع موقف يحيى السنوار في ضرورة حصد ثمن غالي لصفقة التبادل ووقف إطلاق النار”.
ويضيف: “والشخصية الجديدة لرئاسة حماس سيكون لها دور كبير في إدارة المفاوضات وكلمة الفصل”.
ويتابع: “بكل الأحوال وبغض النظر عن هوية الشخصية التي سترأس المكتب السياسي لحركة حماس في الفترة القادمة لحين إجراء انتخابات داخلية، ستحاول كافة الأطر التوحد خلف الشخصية الجديدة لعبور هذه المرحلة”.
المصري ختم كلامه: “لا أعتقد أن المشاورات الداخلية في حماس حول هوية الرئيس القادم للحركة سيشكل حالة انشقاق أو انقسام كبير فيها، خاصةً أن حماس تتميز عن نظرائها من الفصائل الفلسطينية بالتزامها بعملية ديمقراطية مستمرة داخل مؤسسات الحركة وتخضع للنظم قاسية وحديدية في التعامل والالتزام”.
ويُعرف عن نائب رئيس الحركة في غزة خليل الحية أنه مقرب من يحيى السنوار الذي تتهمه إسرائيل بأنه أحد العقول المدبرة لهجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، وقائد حماس في غزة.
وفي عام 2006، قاد الحية كتلة حماس في المجلس التشريعي بعد فوز الحركة في آخر انتخابات فلسطينية نظمت بعد قيام السلطة الوطنية، واندلعت بعد فترة غير طويلة منها اشتباكات مسلحة مع حركة فتح برئاسة محمود عباس.
ويعد من أبرز مؤيدي الكفاح المسلح ضد إسرائيل. نجا من عدة محاولات اغتيال إسرائيلية لا سيما في العام 2007 حين أدى استهداف منزله في شمال قطاع غزة إلى مقتل عدد كبير من أفراد عائلته.
أما خالد مشعل الذي خلفه هنية، فيعيش في المنفى منذ عام 1967. تنقل بين الأردن وقطر وسوريا ودول أخرى.
واختير رئيساً للمكتب السياسي للحركة بعد اغتيال إسرائيل مؤسس حماس الشيخ أحمد ياسين ومن بعده خليفته في الأراضي الفلسطينية عبد العزيز الرنتيسي.
ونجا مشعل نفسه من محاولة اغتيال في عام 1997 في عمان في عملية نفذها عملاء الموساد، جهاز المخابرات الإسرائيلي.
وعندما كان يعيش في سوريا، انتقد النظام السوري بسبب قمعه العنيف للاحتجاجات المناهضة للحكومة، ما تسبب في توتر علاقاته مع إيران، الحليف الاستراتيجي لسوريا والداعم الرئيسي لحماس.
ستيب: سامية لاوند