هذا ما يدور برأس السنوار.. خبراء يكشفون “الرسالة” الأخيرة والخيار “المستحيل” لحماس
بعد نحو أسبوع من عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، أعلنت الحركة عن مفاجأة باختيار يحيى السنوار رئيساً جديداً بدلاً من هنية، رغم تداول عدة أسماء أخرى، وبدا أن السنوار الذي يميل لإيران بحسب تقارير، استطاع التفرد بقيادة الحركة لا سيما أنه كان صاحب الكلمة الفصل بالمفاوضات الأخيرة، إلا أن خبراء في حديث لوكالة ستيب نيوز قرأوا الرسالة من هذا القرار والخيار “المستحيل” الذي وضعت حماس نفسها أمامه.
والسنوار الذي يقيم في غزة ويشرف على الحرب مع إسرائيل منذ أشهر، ويعد المطلوب الأول لإسرائيل، قد تنتقل الحركة معه إلى القوة والمواجهة الأكبر أو قد يكون “انتحار” لها، بحسب الخبراء.
ومن جانبها، اعتبرت هيئة البث الإسرائيلية اختيار السنوار “رسالة لإسرائيل بأنه حي وأن قيادة حماس في غزة قوية وقائمة وستبقى”.
اختيار السنوار زعيماً لحماس رسالة لإسرائيل
يقول مأمون أبو عامر، الباحث في الشأن الفلسطيني والإسرائيلي، في حديث لوكالة ستيب نيوز: “إن اختيار السنوار كان ضمن الخيارات السياسية حيث يمكن تقسيم هذا الأمر من جانبين: جانب سياسي وجانب إداري، ويبدو أنه تم ترجيح الجانب السياسي هنا، حيث جاءت بمثابة رسالة قوية لإسرائيل التي تحاول تحقيق أي إنجاز، خصوصاً أنها تضع السنوار على رأس قائمة أهدافها”.
ويرى الباحث في العلاقات الدولية إسماعيل تركي، أنه بعد مشاورات كبيرة داخل الحركة، جاء الاختيار على السنوار عكس كل التوقعات التي كانت تطرح أسماء مثل خليل الحية وموسى أبو مرزوق أو محمد إسماعيل درويش.
ويقول: “جاء اختيار السنوار بمثابة مفاجأة لكثير من الأطراف، رغم أن الجميع يعرف أنه القائد الفعلي لحماس، خصوصاً في الحرب الأخيرة، ويعد اختياره إرباكاً للحسابات، خصوصاً لإسرائيل التي ستُجبر على التفاوض معه في حال أرادت صفقة لتبادل الأسرى أو وقف الحرب”.
ويؤكد تركي أن اختيار السنوار يمكن قراءته من وجهتي نظر: الأولى أنه انتصار لمعسكر “الصقور” أو المقاتلين الذين يخوضون المعركة على الأرض، وإعطاء صلاحيات أوسع للقائد الفعلي للحركة في الملفات السياسية كاملة، بينما الثانية قد يراه البعض “انتحار سريع للحركة”، لا سيما أن السنوار هو المطلوب الأول لإسرائيل التي تراه المسؤول عن معركة طوفان الأقصى، وبالتالي فإن الوصول إليه أو اغتياله يعد أكبر إنجاز يمكن تحقيقه لإسرائيل الآن.
ويوافق محمد شعت، الكاتب والباحث السياسي، رأي الخبراء ويقول: “أعتقد أن اختيار السنوار كان رسالة لإسرائيل بأنه سيكون هناك تصعيد عسكري وتغليب الطابع العسكري على السياسي بعد اغتيال إسماعيل هنية، ولا أعتقد أن السنوار سيخرج من غزة، بل سيواصل قيادة الحركة من هناك، بينما يمكن لنائبه، وأعتقد أنه قد يختار خليل الحية لهذا الدور، وهو من سيتولى السياسة الخارجية من خلال الاتصال بالدول والمجتمع الدولي”.
هل انتصر تيار إيران باختيار السنوار؟
يرى خبراء أن حماس تضم تيارين: الأول يميل للاعتدال وكان يقوده إسماعيل هنية وخالد مشعل، والآخر يميل لإيران ويقوده السنوار، وباختيار السنوار قد يكون تغليب للطابع العسكري المتشدد بالحركة، وانتصار لتيار إيران، وبالتالي التفرد بالقرار مع مراعاة مصالح إيران و”محورها” بالمنطقة، في أي صفقة ربما تكون قادمة.
وحول ذلك يقول مأمون أبو عامر: “بخصوص الوضع الداخلي والتيارات داخل حماس التي كانت تميل للدول العربية أكثر من إيران، فهي تحترم موقف إيران خصوصاً نتيجة الدعم المقدم للحركة خلال الحرب الأخيرة، والخلاف الذي كان موجوداً ليس جوهرياً إنما خلاف على نقاط سياسية يمكن تجاوزها، ومؤخراً أخذوا موقفاً حيادياً بتلك النقاط بحيث لا يكون هناك شرخ داخلي بالحركة”.
ويضيف: “أعتقد أن الموقف العام للحركة يتم اتخاذه بشكل جماعي وليس فردياً، وبالتالي ليس بقدرة فرد واحد فرض رأيه على الجميع، وبوجود السنوار لا أعتقد أن المواقف السياسية للحركة ستتغير عما كانت عليه، ولا أعتقد أن السنوار سيخرج من غزة في الوقت الحالي، وسيبقى يقودها من هناك”.
ويرى تركي أن السنوار رجل ذو خبرة سياسية وهو رجل محنك وذكي، ويعرف تفاصيل المجتمع الإسرائيلي جيداً ويتحدث العبرية بطلاقة، وقبع في سجون إسرائيل لسنوات فهو يعرف تماماً السياسات الإسرائيلية، وبالتالي فإنه قادر على التعامل مع إسرائيل بقوة.
أما محمد شعت، فيقول: “لا أرى أن السنوار سينفرد بالقرار داخل حماس، وبالتالي قد لا نرى تغييراً جذرياً في المواقف العامة، وسبق للسنوار أن تواصل مع دول عربية خلال المفاوضات، وبالتالي فوجوده يعد رمزياً ورسالة لإسرائيل أكثر من كونه تغييراً في القيادة والرأي”.
وتطرقت تحليلات أخرى إلى أن السنوار ربما تفرد بالقرار السياسي لحماس من خلال تفويضه بقيادة المكتب السياسي خلفاً لإسماعيل هنية، وقد يكون ذلك ضمانة لحياته في حال لم تصل له إسرائيل قبل نهاية الحرب الجارية.
الموقف العربي من السنوار
على مدار أشهر من المفاوضات في محاولة لوقف الحرب على غزة وتبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل، خرجت أنباء بأن دولاً عربية تضغط على قيادة حماس التي كانت متمثلة بإسماعيل هنية من أجل تجاوز رأي السنوار “المتشدد” في تلك المفاوضات، بل وصلت إلى أن هددت تلك الدول بطرد قيادة حماس من أراضيها، بحسب التقارير، وبالتالي فإن خبراء يرون أن علاقة السنوار بالدول العربية ليست بالقوية كما هي مع إيران.
يقول إسماعيل تركي: “أعتقد أن الدول العربية المعنية بالقضية الفلسطينية مثل قطر ومصر والأردن قادرة على التعامل مع هذا الملف المعقد سواء بوجود السنوار أو غيره، وبالتالي فإن هذا الاختيار قد يسهل التفاوض لأن السنوار كان صاحب القرار الأول خلال الأشهر الأخيرة في هذه العملية”.
بينما يرى مأمون أبو عامر أن اختيار السنوار وموقفه العام وإمكانية الضغط عليه في ملفات التفاوض وغيرها لا تزال ضبابية، حيث يمكن لاختيار النائب له أن يوضح الأمور أكثر.
ويقول: “لا أعتقد أنه بوجوده داخل غزة إمكانية للضغط عليه، حيث يمكنه في هذه الحالة تحديد أهدافه من تصعيد أو تخفيف التوتر وفقاً للمعطيات والظروف الميدانية على الأرض، بينما الموقف السياسي الدولي لا أعتقد أنه يمكن تحديده الآن سواء أنه سيكون أكثر تشدداً أو سيبقى كالموقف الكلاسيكي المعتاد للحركة مثل القيادات السابقة”.
من هو يحيى السنوار؟
كان رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو هو من وافق على قرار الصفقة التي خرج بموجبها السنوار من السجن عام 2011.
ولد السنوار يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 1962 في مخيم خان يونس للاجئين جنوب قطاع غزة، وأمضى السنوار نحو 23 عاماً من حياته في السجون الإسرائيلية، وتلقى أحكاماً بأربعة مؤبدات، قبل أن تفرض كتائب القسام الإفراج عنه في صفقة أسرى عام 2011.
وقد اعتقل لأول مرة في العام 1982، ثم أعيد اعتقاله مرة أخرى في 20 يناير/كانون الثاني 1988، وحوكم بتهم تتعلق بقيادة عملية اختطاف وقتل جنديين إسرائيليين، وقتل أربعة فلسطينيين يشتبه في تعاونهم مع إسرائيل، وصدرت في حقه أربعة مؤبدات (مدتها 426 عاماً).
استثمر يحيى السنوار فترة السجن التي استمرت 23 عاماً في القراءة والتعلم والتأليف، تعلم خلالها اللغة العبرية وغاص في فهم العقلية الإسرائيلية، وألف عدداً من الكتب والترجمات في المجالات السياسية والأمنية والأدبية، ومن أبرز مؤلفاته: رواية بعنوان “شوك القرنفل” صدرت عام 2004 وتحكي قصة النضال الفلسطيني منذ عام 1967 حتى انتفاضة الأقصى.
يقود السنوار حركة حماس في غزة منذ خروجه من السجن، وأصبح المطلوب الأول في إسرائيل بعد أن أشرف على هجوم طوفان الأقصى في أكتوبر العام الماضي.