بالفيديو: ظهور أكبر قنديل البحر في العالم يمكن أن يلدغ 160 شخص في وقت واحد في مدينة فلاديفوستوك الروسية
قنديل البحر
قنديل البحر هو كائن بحري ينتمي إلى مجموعة اللاسعات من الرخويات، يتميز بشكله الفريد الذي يشبه القرص الشفاف وهلامي القوام، ويحيط به العديد من الأطراف الطويلة والرقيقة التي تعرف باللوامس. هذا الحيوان البسيط يفتقر إلى التعقيد التشريحي؛ إذ لا يملك رأسًا أو جهازًا هضميًا كاملًا، كما أنه يفتقر إلى أعضاء تركيبية متطورة، حيث يُعتبر من اللافقاريات. تعتمد أمعاؤه على استقبال الطعام مباشرةً بدلاً من المعدة، ويُشكّل الماء حوالي 95% من وزنه، مما يجعله خفيفًا ومناسبًا للطفو في المياه. في وسط جسمه فتحة فم تتيح له التغذية، وتحيط به مجموعة من اللوامس أو المجسات الحسية، التي تساعده في استشعار البيئة المحيطة.
يتحرك قنديل البحر بانقباض جسمه ثم فرده في حركة متتابعة، إضافةً إلى مساعدة التيارات المائية التي تسهم في دفعه لمسافات بعيدة، مما يمنحه حرية التنقل في بيئته البحرية بكل سلاسة وانسيابية، مجسدًا في رحلته البحرية خفة قنديل البحر ومرونته الفائقة.
قنديل البحر كان محور دراسة بحثية مثيرة قام بها فريق دولي مشترك، حيث تمكّن هذا الفريق من رصد ظاهرة فريدة لنوع من قناديل البحر الهلامية، تتمثل في اندماج قنديل مصاب بآخر غير مصاب لتشكيل كائن واحد، مما يساهم في بقاء القنديلين على قيد الحياة. تتضمن هذه الظاهرة تحول قنديلين بسرعة ليصبحا قنديلًا واحدًا، حيث يقومان بمزامنة تقلصات عضلاتهما على الفور، إلى جانب اندماج جهازهما الهضمي لمشاركة الطعام وتبادل الموارد الغذائية.
ووفقًا لما أشار إليه الباحثون في الدراسة التي نُشرت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري في مجلة “كارنت بيولوجي”، فإن هذه النتائج قد تكون لها تطبيقات هامة في مجال تجديد الخلايا البشرية، حيث تقدم رؤى حول إمكانية تآزر الأنسجة الحية. وقد درس الفريق نوعًا من اللافقاريات البحرية الهلامية المعروفة باسم “جوز البحر” أو “الهلام المشطي”، الذي يتميز بتركيب جسمه المائي بنسبة تصل إلى 95%، ومن الخصائص اللافتة التي رصدها الفريق أيضًا وجود نهايتين فمويتين لهذا الكائن. بهذا يشكل قنديل البحر مثالًا حيويًا مذهلًا على التعاون الفطري بين الكائنات الحية.
قنديل البحر: أسرار الاندماج والتكيف الفطري
يشير المؤلف الرئيسي للدراسة، كاي جوكورا، الباحث ما بعد الدكتوراه في جامعة إكستر البريطانية والمعاهد الوطنية للعلوم الطبيعية في اليابان، إلى أن دراسة قنديل البحر الهلامي أسفرت عن نتائج مذهلة، حيث كشف فريقه عن ظاهرتين رئيسيتين. أولى هذه الظواهر هي ارتفاع معدل اندماج قنديلين من نوع “الهلام المشطي”، حيث أثبتت 90% من التجارب إمكانية اندماجهما بسرعة عالية، بحيث يحدث تزامن فوري في تقلصات العضلات، ويصل الأمر إلى اندماج أجهزتهما الهضمية بشكل وظيفي كامل.
“هذا الاكتشاف يشير إلى أن قنديلين من هذا النوع لا يمتلكان نظامًا متطورًا للتعرف على الأجسام، أو ربما يكون هذا النظام ضعيفًا للغاية، مما يفقدهما القدرة على التمييز بين الذات والآخرين. كما تشير النتائج إلى أن فردين منفصلين بإمكانهما دمج أجهزتهما العصبية بسرعة وتبادل الإشارات الكهربائية”، وفق ما صرح به جوكورا لموقع الجزيرة نت.
توصل الفريق إلى هذه النتيجة بعد سلسلة من التجارب المختبرية؛ حيث احتفظوا بمجموعة من قناديل البحر في خزان من مياه البحر، وخلال ثلاثين دقيقة فقط، لاحظ الباحثون التصاق الأنسجة بين قنديلين هلاميين. بعد وقت قصير، بدأت تقلصات العضلات المتباينة في التزامن تدريجيًا، وما هي إلا ساعتين حتى أصبحت التقلصات العضلية متزامنة بشكل كامل تقريبًا.
اندماج أكثر من قنديل فى جسم واحد
رصد الفريق البحثي ظاهرة فريدة في قنديل البحر، إذ لاحظوا أن أحد القناديل كان كبير الحجم بشكل لافت ويمتلك طرفين خلفيين وبنيتين حسيتين، مما أثار تساؤلهم حول ما إذا كان هذا الفرد قد نتج عن اندماج قنديلين مصابين. للتحقق من هذه الفرضية، أجرى الفريق تجربة دقيقة تضمنت إزالة فصوص جزئية من قناديل أخرى، ثم وضعها متجاورة في أزواج بهدف ملاحظة أي حالات اندماج.
وجاءت النتائج مفاجئة؛ ففي 9 من أصل 10 تجارب، اندمج القنديلان المصابان بشكل كامل ليصبحا كائنًا واحدًا، واستمر هذا الكائن الجديد في الحياة لمدة 3 أسابيع على الأقل. وفي تجربة إضافية، لاحظ الباحثون أنه بعد ليلة واحدة فقط من بدء التجربة، أصبح القنديلان فردًا واحدًا بشكل سلس ودون وجود أي خطوط فاصلة ظاهرة بينهما، مما أظهر قدرة مدهشة لقنديل البحر على الاندماج في هيكل متكامل لضمان البقاء.
قنديل البحر: اندماج غير كامل ولكن مذهل
قنديل البحر يكشف عن ظاهرة اندماج غير عادية؛ فقد أظهرت ملاحظات فريق الباحثين أن قناديل البحر التي مرت بعملية الاندماج بدأت بحركات عفوية خلال الساعة الأولى، تلاها تزامن تدريجي في انقباضات عضلاتها حتى وصل إلى التزامن التام بعد ساعتين. نتيجة لهذا الاندماج، اندمج الجهازان الهضميان للكائنين لتشمل العملية فتحتي الشرج، مما أتاح لهما أداء وظائف حيوية مشتركة.
صرّح الباحث كاي جوكورا لموقع الجزيرة نت بأن الفريق واجه في البداية صعوبة في تحديد العوامل التي تُحفّز هذا النوع من الاندماج. لذا، عمدوا إلى تكرار التجربة في ظروف متنوعة. ووجدوا أن إصابة قناديل الهلام المشطي بدرجة معينة تحفّز عملية الاندماج، مما يُشير إلى أن تجدد الأنسجة ربما يكون العامل الأساسي في حدوث هذا الاندماج.
ويضيف جوكورا أن مفهوم “الاندماج الكامل” في هذا السياق لا يزال غير واضح تمامًا؛ فقد لوحظ أن بعض الوظائف الفسيولوجية، كحركة الأهداب وتوقيت إخراج الفضلات، لم تتزامن بشكل كامل في قناديل البحر المندمجة.
قنديل البحر: ألغاز التناغم الجيني والعصبي
قنديل البحر لا يزال يحمل العديد من الأسرار التي تسعى الدراسات لكشفها؛ إذ يختم كاي جوكورا تصريحه قائلاً: “أحد الأسئلة المهمة التي تطرحها هذه الظاهرة هو مدى الاختلاف الجيني بين قناديل المشط المندمجة، وما إذا كان لهذا الاندماج أي تأثير على التركيب الجيني”. إلى جانب هذا، يبرز سؤال رئيسي آخر حول كيفية تنسيق الشبكات العصبية المندمجة لوظائفها الفسيولوجية، خصوصًا إذا ما اندمجت الأنظمة العصبية بالفعل.
تثير هذه التساؤلات فضول الباحثين، الذين بدأوا فعليًا مشروعات جديدة لمحاولة الإجابة عنها، واستكشاف كيفية تفاعل أنظمة قنديل البحر في حالات الاندماج، لتكوين صورة أكثر وضوحًا حول طبيعة هذا الكائن البحري الفريد وعملياته البيولوجية المعقدة.
الأعراض والعناية اللازمة بعد التعرض لقرصته
تعد قرصة قنديل البحر من الحالات الشائعة التي قد تُسبب للمصاب مجموعة من الأعراض تتراوح بين البسيطة والخطيرة. ووفقًا لما صرحت به الدكتورة لمياء عبد الودود، استشاري الأمراض الجلدية بكلية طب الزقازيق، يمكن أن تتسبب لسعة قنديل البحر في الشعور بألم موضعي أو حكة وحرقان، بالإضافة إلى ظهور طفح جلدي وبقع حمراء في مكان اللدغة. وأوصت الدكتورة بضرورة استخدام كريمات تحتوي على الكورتيزون إلى جانب أدوية مضادة للحساسية وللالتهاب للسيطرة على هذه الأعراض. كما أشارت إلى أن بعض الأشخاص يستخدمون الخل كعلاج شعبي موضعي لتخفيف الأعراض، إلا أن فعاليته لم تثبت علميًا حتى الآن.
متى تصبح قرصة قنديل البحر حالة طارئة؟
تحذر الدكتورة لمياء من أن لسعة قنديل البحر قد تتفاقم في بعض الحالات لتصبح خطرًا على الصحة، حيث يجب على المصاب التوجه إلى أقرب مستشفى عند ظهور أعراض مثل: صعوبة التنفس، وألم في الصدر، وتشنجات عضلية، وغثيان وقيء شديد، وارتفاع ملحوظ في درجة الحرارة، وصعوبة في البلع، وآلام حادة في البطن، إلى جانب تعرّق مفرط، وهبوط في ضغط الدم، أو التعرض لصدمة عصبية ناتجة عن شدة الألم. وأكدت أهمية نقل المصاب إلى المستشفى في الحال، إذ يمكن حينها تنظيم ضغط الدم والعلامات الحيوية الأخرى للمصاب لضمان سلامته.