تحميل سعر البتكوين... | تحميل الدولار مقابل الليرة التركية... | تحميل الدولار مقابل الليرة السورية... | تحميل الدولار مقابل الدينار الجزائري... | تحميل الدولار مقابل الجنيه المصري... | تحميل الدولار مقابل الريال السعودي...
مقال رأي

مذكرة قبض بحق ترامب محشوة بالتمر العراقي

من عجائب السياسة في بلاد الرافدين العريقة، التي تجعلنا أحياناً نشعر وكأننا في مسلسل كوميدي مليء بالمفاجآت، بل ويتخطى حدود الواقع بجرأته وخيال مؤلفه الجامح، مبادرة العراق بتهنئة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بفوزه، بينما يحتفظ مجلس القضاء الأعلى في الوقت نفسه بمذكرة قبض رسمية باسمه، هذا مشهد مثير للتساؤل، وكأننا نشاهد فصلاً من فصول المسرح السياسي بنكهة شرقية، ولكي نعطي الموضوع حقه، فلعلّ السبب يبطل العجب كما قيل ويقال، فدعونا نتخيل سيناريو عراقي-أميركي غير مألوف، ولكن لنتخيل فحسب.

حيث تُعلن بغداد، في خطوة غير مسبوقة، عن عزمها تنفيذ مذكرة القبض بحق الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية، دونالد ترامب، حتى لو كان على بعد آلاف الكيلومترات من سجن الحلة المركزي!

تخيلوا أن مجلس النواب العراقي يلتئم لعقد جلسة طارئة، حيث تشرع لجنة العلاقات الخارجية النيابية في تلاوة تقرير طويل تتناول فيه قضية اغتيال نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس والجنرال الإيراني قاسم سليماني، التي نُفذت أوائل كانون الثاني من عام 2020، بأوامر مباشرة من ترامب، الرئيس الأمريكي آنذاك. يقرر النواب، بملامح جادة، كأنهم في مهمة وطنية كبرى، تنفيذ مذكرة القبض على ترامب، رغم آلاف الكيلومترات التي تفصلهم عن البيت الأبيض. غير أن المفارقة هنا تكمن في كيفية تنفيذ ذلك القرار “الشجاع”!

ولنتابع تخيل هذا السيناريو العبثي: تعلن وزارة الخارجية العراقية في مؤتمر صحفي صاخب عن إرسال وفد خاص إلى واشنطن لتسليم مذكرة القبض، وكأنها وثيقة دبلوماسية هامة، يتم تجهيز طائرة خاصة مكتوب عليها بخط الرقعة “الخطوط الجوية العراقية”، ولا يمكن أن تكون أقل من طائرة مصنوعة في العراق! كل شيء يُخطط له بدقة، ويبدو الوفد العراقي في أبهى حلة، كأنهم فريق في مهمة استخباراتية رفيعة الطراز، على شاكلة سلسلة جيمس بوند ولكن بلمسة شرقية.

على الجانب الآخر من المحيط، في واشنطن تحديداً، يستقبل ترامب، المعروف بشخصيته المسرحية المميزة، نبأ التهنئة العراقية بفخر، دون أن يذكر ربما أنه لا يزال مدرجا على لائحة “المطلوبين” في بغداد، فهل ستصبح قضية تسليم ترامب أقرب إلى دراما تسليم المطلوبين بين “الدول الصديقة”؟ أم أنها ستكون فرصة لتجربة فريدة من نوعها، حيث يتحول التهديد إلى فرصة لعقد صفقات يكون العراق هو الخاسر الوحيد فيها؟ فلا نستبعد أبداً أن يجد بعض المسؤولين في الحكومة العراقية، في لحظة صفاء نادرة، أن لترامب في منصبه الجديد فائدة للعراق، وأن مذكرة القبض يمكن تعليقها بلمسة من المرونة القانونية التي يتقنها الجميع، ربما يجد العراق في نهاية المطاف حلاً وسطاً غريباً، كأن يرسل مذكرة القبض في ملف بلاستيكي ملون، مع بطاقة تهنئة مزينة بطلاء ذهبي أو ببعض الألوان البراقة.

دعونا نغوص أعمق في هذا السيناريو العجيب، ونضيف بعض المشاهد التي ستباري في عظمتها أفلام بوليوود وتنافسها في الخيال الجامح، فمن يدري، قد تصل الأمور إلى أن يتسلل الوفد العراقي بذكاء ليبدأ بتسليم مذكرة القبض وسط حفل دبلوماسي راقٍ، وهم يناقشون “أهمية التعاون الاستراتيجي”. ووسط هذا الحديث العميق، تُطرح فكرة خيالية بأن تُقدَّم مذكرة القبض داخل سلة فاخرة من التمور العراقية! ثم يدركون أنهم ليسوا بحاجة إلا إلى زيارة سريعة إلى محل للكوزمتك للحصول على هدايا تذكارية وكتيب “ترامب تاور” بدلاً من تسليم المذكرة، في حين أن ترامب، وبطريقته المعتادة، قد يستقبلها بابتسامة ويضعها على مكتبه ويغرد لاحقاً معلقاً: “لدي أكثر مذكرة قبض وديّة في العالم!”

ولكن لنتجاوز الخيال لوهلة: ماذا لو قرر العراق أن يأخذ الموضوع بجدية حقاً؟ هل سيضطر لإرسال المذكرة عبر الإنتربول أو البريد السريع؟ وربما يتلقى ترامب طرداً بريدياً غريباً فيه مذكرة القبض مع رسالة تهنئة، قد ينشر صورة للمذكرة على حسابه، معلناً عن مزاد علني لبيع “مذكرة القبض العراقية الودية”.

ولنفترض للحظة أن العراق قرر أن يكون جاداً حقاً ويُصر على تنفيذ المذكرة، كيف سيواجه العواقب؟ هل سيتلقى اتصالاً من مسؤول أميركي يقول بلهجة تهكمية: “نقدر جهودكم، لكن ترامب الآن رئيس الولايات المتحدة، وأمامه مهام كثيرة من أهمها كتابة تغريدات جديدة وعقد صفقات عقارية حول العالم”.

وفي ختام القصة، قد يجد العراق نفسه أمام موقف فريد: هل يتمسك بالمذكرة ويخسر رئيساً قد يكون حليفاً في وقت ما، أم يُعلقها كأيقونة للعدالة العراقية وتصبح جزءاً من متحف التراث السياسي في بغداد، أو يضعها في المتحف الوطني العراقي؟

الكاتب والصحفي العراقي: جليل إبراهيم المندلاوي

مذكرة قبض بحق ترامب محشوة بالتمر العراقي
مذكرة قبض بحق ترامب محشوة بالتمر العراقي

ملاحظة: ما جاء في المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعبر بالضرورة عن رأي الوكالة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى