العراق بين ناري حليفَتَيْها واشنطن وطهران..مستشار ترامب يكشف ما يريده الرئيس من بغداد وخبير يتوقع ما ينتظرها
فيما تسعى الحكومة العراقية جاهدةً في تحقيق توازنٍ دقيق بهدف إبعاد البلادِ عن التوترات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط منذُ أكثر من عام، تتصاعدُ المخاوف العراقية من الزج بالبلاد في الصراع الإيراني الإسرائيلي في ظل ارتفاع حدة التهديدات الإيرانية بتوجيه ضربةٍ جديدة لإسرائيل، يقول مطلعون بأنها ستكون عبر الأراضي العراقية وبمشاركةٍ مباشرة من الفصائل المسلحة في العراق، وفي وقت تزدادُ المخاوف أيضاً من سياسة إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الغامضة تجاه بغداد.
فمع تغير الحكومات في بغداد ومع وصول ترامب مجدداً إلى سدة الحكم، تبقى العلاقة بين العراق والولايات المتحدة تغطيها الضبابية في ظل انقسام الموقف العراقي الرسمي عن السياسي والفصائلي، بشأن ولاية ترامب الجديدة، إذ ذهبت الفصائل المسلحة إلى مسار بعيد ومختلف عن مسار الحكومة الرسمي والمتمثل بمباركة فوز ترامب، معتبرين ذلك مخالفاً لرغبات الشعب العراقي، محذرة من سياسته تجاه البلاد.
وفي مسارٍ تصاعدي قد يأخذ أبعاداً مختلفة مع الوقت في الفترة المقبلة، زادت الفصائل المسلحة في العراق من وتيرة هجماتها، متوعدةً بزيادة الضربات في قادم الأيام ومؤكدة بأن هناك مفاجآت كثيرة في الطريق.
وحول سياسة الرئيس الأمريكي المنتخب تجاه العراق، يقول غبريال صوما البروفيسور في القانون الدولي والعضو في المجلس الاستشاري للرئيس دونالد ترامب، لوكالة ستيب الإخبارية: “سياسة ترامب تجاه العراق ترمي إلى تقليص النفوذ الإيراني في البلاد”.
ويضيف: “إيران تشكل تهديداً للأمن القومي العراقي. إيران أنشأت فصائل المقاومة الإرهابية لكي تنفذ أوامرها، لذلك من الضروري إلغاء النفوذ الإيراني في العراق وفي بقية الدول العربية” .
ويزيد:” ترامب يريد أن يرى العراق بلداً حراً مستقلاً تقرر سياسته مؤسساته الدستورية بعيداً عن التدخل الإيراني”.
صوما مضى في القول:” إيران تطلق صواريخها الباليستية وطائراتها المسيرة على إسرائيل عبر الفضاء الجوي العراقي”.
وأكمل: “إسرائيل قامت بضرب القواعد الجوية الإيرانية مؤخراً وقضت على كافة الدفاعات بحيث أصبحت، على حد قول الجنرال الأمريكي جان كين، عارية لأن إيران ليس لديها دفاعات جوية. ولولا معارضة جو بايدن لكانت الطائرات الإسرائيلية دمرت المواقع النووية الإيرانية وآبار النفط”، قائلاً:” الرئيس ترامب سوف يسمح لإسرائيل بضربها”.
وفيما يتعلق بقوات التحالف في العراق وموعد انسحابها، قال مستشار ترامب: “هذه القوات موجودة لمحاربة داعش، ودعم القوات العراقية، وموجودة بطلب من الحكومة العراقية. مازال داعش يهدد الأمن القومي العراقي ولم ينته بعد”، متابعاً “الاتفاق بين الحكومة العراقية والبنتاغون يحدد موعد الانسحاب”.
هل ستهاجم إسرائيل العراق؟
هجمات الفصائل المسلحة في العراق على إسرائيل مستمرة، وتأتي بالتزامن مع قصف إسرائيلي طال مواقع عدة في العاصمة السورية دمشق وعلى مدار يومين على التوالي، ما آثار تساؤلات حول سبب عدم رد تل أبيب على الفصائل العراقية رغم تحديدها في وقت سابق بنك أهداف في العراق وتحذيرها من تكرار هجماتها، وما إذا كانت لمواقف الحكومة العراقية المتوازنة تجاه ما يجري في المنطقة علاقة بذلك.
مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية الدكتور غازي فيصل، يقول لوكالة ستيب الإخبارية: “الفرق بين بغداد ودمشق من الناحية الجغرافية والجيوستراتيجية مهم جداً لأن سوريا تعني الجولان والجولان تعني قلب المواجهة مع إسرائيل”.
ويضيف: “سوريا تشكل قاعدة للدعم اللوجستي والعملياتي وكذلك الصناعات العسكرية والحربية والصواريخ والقواعد المختلفة. سوريا تشكل قاعدة مهمة لدعم حزب الله في لبنان. لهذا السبب ذهبت إسرائيل لقصف الجسور والطرق والمعابر التي تربط الأراضي السورية بالأراضي اللبنانية لتعزيز القدرات الدفاعية والهجومية العسكرية لحزب الله، بينما العراق لا يشكل هذه القاعدة المهمة في الدعم اللوجستي أو العملياتي أو العسكري وما تقوم به الفصائل العراقية إلى الآن محدود جداً ورمزي جداً قياساً لما قام به حزب الله”.
ويردف: “حزب الله يقصف مئات الرشقات الصاروخية. نذكر أيضاً حماس كانت تقصف بمئات الرشقات الصاروخية، بينما الفصائل العراقية تقصف بصاروخين أو ثلاث أو مسيرتين باتجاه الجولان ويتم معالجتها من قبل مضادات الصواريخ الإسرائيلية. إذن لا يوجد تهديد خطير من قبل الفصائل العراقية على أمن إسرائيل”.
ويتابع: “طبيعي أن تعلن الفصائل المسلحة في العراق الحرب ضد قوات التحالف الدولي وتعتبر أن الوجود الأمريكي في العراق والشرق الأوسط قوات احتلال، لتبرر لنفسها شنَّ هجمات مسلحة القواعد الأمريكية والمصالح الأمريكية سواء في الخليج أو في العراق أو سوريا وغيرها”.
ويزيد: “إذن الفصائل تمارس عملية إعلان الحرب ضد الولايات المتحدة، وبالتالي هذا الإعلان يتناقض تماماً مع سياسة الحكومة العراقية المتحالفة مع الولايات المتحدة الأمريكية عسكرياً واقتصادياً في إطار اتفاقية الشراكة الاستراتيجية”، مضيفاً “الفصائل تطبق استراتيجية وتنفذ سياسات يضعها الحرس الثوري الإيراني وكذلك المرشد الأعلى علي خامنئي”.
وبحسب فيصل، فإن الفصائل تمتلك بعض الأسلحة المتطورة على سبيل المثال، الصواريخ الباليستية وفرط الصوتية التي تزودها بها إيران، لكي تصل إلى إسرائيل سواء على صعيد المسافة أو نوع الحمولة العسكرية والقدرات التدمرية لهذه الصواريخ لتكون أكثر فعالية.
ويستطرد: “لكن لحد الآن تعلن إيران صراحة أنها لا تزود ولن تشترك ولن تنطلق من الأراضي العراقية، لأن أي شراكة أو دعم للفصائل من قبل طهران للتصعيد العسكري خصوصاً بعد انتخاب ترامب، يشكل تراجعاً لإيران عن تعهداتها الكثيرة بالتهدئة وعدم التصعيد وغيرها من التعهدات التي قدمتها سواء عبر التفاوض غير المباشر مع واشنطن من خلال العراق أو عمان أو عبر لقاء السفير الإيراني بإيلون ماسك حول نفس الموضوعات والانتقال من حالة الحرب إلى الذهاب نحو هدنة ولاحقاً لبناء السلام”.
فيصل مضى في القول: “بالتأكيد إيران لن تتورط اليوم بالذهاب لأبعد مما ذهبت إليه في هذه الحرب، لأن حجم الدمار هائل ومروع في غزة ولبنان، وبالتالي إيران في ورطة إما أن تذهب باتجاه الحرب وتدفع تكلفة باهظة أو أن تذهب إلى بناء السلام لتحقيق التنمية ومحاولة رفع العقوبات المفروضة عليها”.
ستيب: سامية لاوند