مصر تتجه إلى بيع الشركات الحكومية الكبرى.. كيف تؤثر هذه الخطوة على الاقتصاد المحلي؟

مصر تستعد لخوض خطوة اقتصادية جديدة تعكس طموحاتها لتعزيز استثماراتها في قطاع النقل البحري والخدمات اللوجستية. تعتزم الحكومة المصرية طرح شركتي “بورسعيد لتداول الحاويات” و”دمياط لتداول الحاويات والبضائع” في البورصة خلال الربع الأول من العام القادم، في خطوة تهدف إلى جذب المزيد من الاستثمارات وتعزيز كفاءة الأداء في هذا القطاع الحيوي.

وبحسب مصادر مطلعة ، من المتوقع أن يتم البدء بطرح شركة “بورسعيد للحاويات” قبل نهاية فبراير 2025، على أن تتبعها شركة “دمياط للحاويات” في مارس أو أبريل على الأكثر. وتُقدّر نسب الطرح المرتقبة لكل من الشركتين بما يتراوح بين 20% و25%، ما يفتح الباب أمام مشاركة أوسع من المستثمرين المحليين والدوليين.

شركة دمياط للحاويات

وأوضحت المصادر أن عملية الطرح ستتم على مرحلتين: الأولى اكتتاب خاص موجه إلى المؤسسات والكيانات المالية الكبرى، والثانية اكتتاب عام مخصص للأفراد. ومن بين الكيانات التي يُتوقع أن تكون في طليعة المؤسسات المستهدفة بالاكتتاب، صناديق استثمارية تابعة لمجموعتي موانئ أبوظبي ودبي، وهو ما يعكس اهتمامًا إقليميًا واضحًا بهذه الخطوة.

بهذا الطرح، تُرسّخ مصر مكانتها كوجهة استثمارية جاذبة في قطاع الحاويات والنقل البحري، مما يعزز مكانتها الاقتصادية على الصعيدين الإقليمي والدولي.

تحديث استراتيجية قطاع الحاويات والموانئ في مصر لتعزيز التنمية الاقتصادية والتجارة الدولية

في إطار التحضيرات الجارية لتوسيع قاعدة الاستثمارات في قطاع النقل البحري، أفادت مصادر مطلعة أن وزارة النقل المصرية قامت مؤخرًا بتسليم بيانات محدثة عن الأداء المالي وخطط التطوير لشركتي “بورسعيد لتداول الحاويات” و”دمياط لتداول الحاويات والبضائع”. جاء ذلك استجابة لطلب من مجلس الوزراء بهدف وضع رؤية شاملة لما يمكن تحقيقه خلال السنوات الثلاث القادمة.

وتضمنت البيانات المقدمة تفاصيل دقيقة حول مستهدفات الشركتين، بما في ذلك حركة التداول المتوقعة في ميناءي “بورسعيد” و”دمياط”، إلى جانب الإيرادات المرتقبة في ظل الخطط التطويرية الموضوعة. وأشارت المصادر إلى أن شركة “بورسعيد للحاويات” تأثرت بشكل ملحوظ خلال العام المالي الحالي بسبب تداعيات أزمة البحر الأحمر، حيث فقدت نحو 35% من حجم البضائع المتداولة نتيجة تغيير مسار خطوط الشحن نحو طريق رأس الرجاء الصالح بدلاً من قناة السويس.

في السياق ذاته، لجأت العديد من الخطوط الملاحية العالمية إلى الاعتماد على موانئ البحر المتوسط، مثل ميناء الإسكندرية، كمحطة رئيسية لتفريغ وشحن البضائع الموجهة إلى القارة الأوروبية. جاء هذا التحوّل كإجراء احترازي لتجنب التوترات الجيوسياسية التي يشهدها البحر الأحمر منذ أكتوبر 2023، على خلفية تصاعد العدوان الإسرائيلي على غزة.

تسعى مصر من خلال هذه الجهود إلى تعزيز دورها المحوري في التجارة العالمية، وذلك عبر تطوير استراتيجيات تضمن استدامة حركة الملاحة وزيادة القدرة التنافسية لموانئها الرئيسية، بما يعزز مكانتها كمركز لوجستي إقليمي ودولي.

تطوير البنية التحتية وتحديث المعدات في ميناء دمياط لزيادة الكفاءة والسرعة

كشفت مصادر مطلعة أن شركة دمياط لتداول الحاويات تعمل على تنفيذ خطة استراتيجية تهدف إلى جذب عدد من الخطوط الملاحية الكبرى خلال السنوات المقبلة. تأتي هذه الخطوة في إطار سعي مصر لتعزيز موقعها كمركز لوجستي عالمي، خاصة مع المنافسة المرتقبة في ميناء دمياط.

وأشارت المصادر إلى أن التحديات الجديدة التي ستواجه “دمياط للحاويات” تتزامن مع بدء تشغيل شركة “دمياط أليانس لمحطات الحاويات”، التي تمثل شراكة قوية بين تحالف يوروجيت، كونتشيب إيتاليا، وهباج لويد. هذا المشروع الطموح يُتوقع أن يُحدث نقلة نوعية في حركة التداول بالميناء، مع إطلاق محطة “تحيا مصر 1” في منتصف عام 2025، والتي ستساهم في رفع كفاءة الخدمات المقدمة وزيادة الطاقة الاستيعابية.

من المتوقع أن تكون هذه التطورات بمثابة دفعة قوية لتعزيز مكانة ميناء دمياط على خارطة النقل البحري العالمية، مما يعزز تنافسية البلد في استقطاب كبرى الخطوط الملاحية، ويُسهم في تحقيق قفزة نوعية في حركة التجارة الإقليمية والدولية.

محطة “تحيا مصر 1”: تطوير البنية التحتية والمرافق الحديثة للموانئ البحرية المصرية

تعد محطة “تحيا مصر 1” واحدة من أكبر المشروعات البحرية في تاريخ الموانئ المصرية، إذ تمثل إنجازًا هندسيًا واستراتيجيًا من شأنه تعزيز مكانة مصر كمحور رئيسي للتجارة العالمية. المحطة، التي تقع ضمن ميناء دمياط، تتميز بمواصفات متقدمة تجعلها منافسًا قويًا في مجال تداول الحاويات على المستويين الإقليمي والدولي.

محطة “تحيا مصر 1”

تمتد الأرصفة البحرية للمحطة بطول يصل إلى 1970 مترًا، ما يمنحها قدرة على استيعاب أكبر السفن العالمية. كما تضم ساحات تداول واسعة تُقدّر مساحتها بحوالي 922 ألف متر مربع، مع عمق مائي يصل إلى 18 مترًا، مما يتيح استقبال السفن ذات الغاطس العميق بسهولة. وتسعى المحطة إلى تحقيق طاقة استيعابية طموحة تُقدّر بنحو 3.5 مليون حاوية مكافئة سنويًا، مما يجعلها إحدى أهم المحطات الداعمة لحركة التجارة البحرية في مصر.

يُتوقع أن تُحدث محطة “تحيا مصر 1” تأثيرًا اقتصاديًا كبيرًا، حيث ستسهم في زيادة الكفاءة التشغيلية للموانئ، واستقطاب المزيد من الخطوط الملاحية العالمية، فضلًا عن تعزيز دور مصر كمركز لوجستي رئيسي يخدم المنطقة بأسرها.