
رئيس كوريا الجنوبية في ورطة كبيرة بسبب تصاعد الأزمة السياسية بعد إعلان الأحكام العرفية
شهدت كوريا الجنوبية، يوم الأربعاء، دعوات لعزل الرئيس يون سوك يول بعد إعلانه الأحكام العرفية قبل أن يتراجع عنها بعد ساعات، مما أثار واحدة من أكبر الأزمات السياسية منذ عقود في رابع أكبر اقتصاد في آسيا.
الإعلان المفاجئ، الذي صدر الثلاثاء، أدى إلى مواجهة حادة مع البرلمان، حيث رفض محاولات الرئيس لحظر النشاط السياسي وفرض رقابة على وسائل الإعلام. كما اقتحمت قوات مسلحة مبنى الجمعية الوطنية في العاصمة سول، مما زاد من حدة التوترات.
وفي هذا السياق، أعلن ائتلاف من المشرعين المعارضين اعتزامه تقديم مشروع قانون لعزل الرئيس يون، على أن يتم التصويت عليه في غضون 72 ساعة. وقال النائب هوانغ أون ها، أحد أعضاء الائتلاف، للصحفيين: “يجب على البرلمان أن يركز جهوده فورًا لتعليق صلاحيات الرئيس والمضي قدمًا في إقرار قانون العزل بأسرع وقت ممكن”.
أعلن مسؤول في كوريا الجنوبية أن كبير موظفي الرئاسة وعددًا من كبار معاوني الرئيس قدموا استقالاتهم بشكل جماعي، في خطوة أثارت تساؤلات حول استقرار الحكومة في ظل التطورات الأخيرة.
تصاعد الاحتجاجات العمالية في كوريا الجنوبية: مطالب باستقالة الرئيس يون
احتشد آلاف العمال المضربين، صباح الأربعاء، في تقاطع رئيسي بالعاصمة سيول، ضمن موجة احتجاجات تقودها أكبر نقابة عمالية في البلاد، مطالبين باستقالة الرئيس يون سوك يول.
وأعلن اتحاد النقابات العمالية، الذي يمثل أكثر من مليون عامل، في وقت سابق عن دخول أعضائه في إضراب عام مفتوح حتى يتم تنحي الرئيس.
في ميدان غوانغ هوامون، أحد أبرز الميادين في العاصمة والمجاور لقصر غيونغبوك التاريخي، رفع المحتجون لافتات كُتب عليها “اعتقلوا مجرم الحرب الأهلية يون سوك يول”، مطالبين بعزله فورًا. يُعد هذا الميدان، الواقع في منطقة حيوية ومزدحمة، رمزًا للمواجهات بين المحتجين والسلطة، ما يسلط الضوء على تفاقم الأزمة السياسية والاجتماعية في كوريا الجنوبية.
كما أعلن مسؤول في كوريا الجنوبية أن كبير موظفي الرئاسة وعددًا من كبار معاوني الرئيس قدموا استقالاتهم بشكل جماعي، في خطوة أثارت تساؤلات حول استقرار الحكومة في ظل التطورات الأخيرة.
ماذا حدث في كوريا الجنوبية؟
في خطاب مفاجئ بثه التلفزيون في ساعة متأخرة من ليل الإثنين-الثلاثاء، أعلن الرئيس يون سوك يول فرض الأحكام العرفية، مبررًا ذلك بضرورة حماية البلاد من “القوات الشيوعية” والتصدي لما وصفه بـ”العناصر المناهضة للدولة”. أشار يون إلى تحركات حزب المعارضة الديمقراطي، الذي يسيطر على البرلمان، متهمًا إياه بمحاولة عزل كبار المدعين العامين ورفض ميزانية الحكومة، معتبرًا أن هذه الأفعال تهدد استقرار البلاد. وقال في خطابه: “لحماية كوريا الجنوبية الليبرالية من التهديدات التي تشكلها القوات الشيوعية في كوريا الشمالية، والقضاء على العناصر المناهضة للدولة، أعلن حالة الطوارئ والأحكام العرفية”.
في أعقاب هذا الإعلان، دعا وزير الدفاع كيم يونغ هيون إلى اجتماع طارئ مع كبار القادة العسكريين، ورفع مستوى التأهب الأمني. وأفادت وكالة “يونهاب” الكورية الجنوبية أن الإجراءات الأمنية حول البرلمان تم تعزيزها، مما أعاق دخول المشرعين إلى المبنى. كما شهد البرلمان في سول إغلاقًا تامًا، وهبطت مروحيات عسكرية على سطحه.
بعد ساعات قليلة من إعلان الأحكام العرفية، عقد البرلمان جلسة طارئة بحضور 190 من أصل 300 عضو، بمن فيهم 18 عضوًا من حزب الرئيس، حيث تم التصويت بالإجماع على رفع الأحكام العرفية. سرعان ما تراجع يون عن قراره وألغى الإعلان. وفي الخارج، هتف المتظاهرون “لقد فزنا!”، واحتفلوا بالقرار عبر التصفيق وقرع الطبول.
تأتي هذه التطورات وسط تراجع شعبية يون وصعوبة تمرير أجندته السياسية في البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة منذ توليه منصبه في عام 2022.
أسباب التوتر السياسي في كوريا الجنوبية: مواجهة محتدمة بين الأحزاب واستياء شعبي
وصل حزب “سلطة الشعب” الحاكم إلى طريق مسدود مع الحزب الديمقراطي المعارض بشأن مشروع قانون الميزانية للسنة المقبلة. وتفاقمت التوترات السياسية بعد رفض الرئيس يون سوك يول الدعوات لإجراء تحقيقات مستقلة في الفضائح المحيطة بزوجته وبعض كبار المسؤولين في حكومته، مما أثار انتقادات لاذعة من المعارضة وزاد من تعقيد المشهد السياسي. هذه التطورات أثارت تساؤلات حول مستقبل حكم يون واستقرار الأوضاع السياسية في البلاد.
الاستقالة أو العزل: خيارات صعبة أمام الرئيس يون
دعا الحزب الديمقراطي، أكبر أحزاب المعارضة، الرئيس يون، الذي تولى منصبه في عام 2022، إلى الاستقالة أو مواجهة المساءلة على خلفية إعلان الأحكام العرفية. يُعد هذا الإعلان الأول من نوعه منذ عام 1980، مما أثار موجة غضب سياسي وشعبي.
وفقًا للقانون الكوري، يمكن للجمعية الوطنية عزل الرئيس إذا حصلت عملية التصويت على دعم أكثر من ثلثي أعضائها البالغ عددهم 300. وفي حال تم تمرير القرار، تتولى المحكمة الدستورية مراجعة العزل، ويتطلب تثبيته موافقة 6 من أصل 9 قضاة.
في حال استقالة يون أو إقالته، سيتولى رئيس الوزراء هان داك سو مهام الرئاسة بشكل مؤقت حتى تُجرى انتخابات جديدة، مما يضع مستقبل القيادة في كوريا الجنوبية أمام تحديات غير مسبوقة.