كيف تحوّل الجيش السوري من درع للأمة إلى أداة لحماية النظام و”الأسرة الحاكمة”
الجيش العربي السوري من درع الأمة إلى جيش النظام:
– المرحلة الأولى تأسيس جيش وطني قومي: منذ تأسيسه في الأربعينيات، كان الجيش السوري رمزًا للوطنية والقومية العربية وقد برز دوره في الحروب ضد “إسرائيل” في الاعوام (١٩٤٨، ١٩٦٧، ١٩٧٣) وكان يُنظر إليه على أنه أحد أقوى جيوش المنطقة، علما أن حمل الجيش لشعار “جيش الشعب” وكان يعكس تعددية المجتمع السوري، حيث كان ضباطه وجنوده يمثلون مختلف الأطياف الطائفية والاجتماعية.
– المرحلة الثانية بداية التسييس والطائفية مع حكم حافظ الأسد
فبعد وثوب حافظ الأسد للسلطة عام ١٩٧٠ عبر ماسمي “الحركة التصحيحية’، بدأ الجيش يتحول تدريجيًا من مؤسسة وطنية إلى أداة سياسية تهدف إلى حماية النظام، وفي هذه الأوقات تمّ اقصاء العناصر المعارضة أو غير الموالية من صفوف الجيش، واستبدالها بضباط موالين له، معظمهم من طائفته العلوية، فعلى سبيل المثال أُنشئت وحدات خاصة مثل “سرايا الدفاع” بقيادة رفعت الأسد، والتي كانت أقرب إلى ميليشيا طائفية لحماية العائلة الحاكمة، وقد كان واضحا أن حافظ الأسد كان قد استخدم الجيش في قمع التمرد الداخلي، مثل أحداث حماة ١٩٨٢ حيث تم تدمير المدينة وقتل الآلاف بحجة مكافحة الإخوان المسلمين.
– المرحلة الثالثة استمرار النهج مع بشار الأسد، ومع وصول بشار الأسد للسلطة عام ٢٠٠٠، ورث نظامًا عسكريًا مسيسًا وطائفيًا، وطبعاً خلال توليه العرش كانت الحرب السورية (٢٠١١ – ٢٠٢٤ )، التي تحول الجيش خلالها على رؤوس الأشهاد إلى أداة للقمع الداخلي بدلًا من حماية حدود الوطن مما أدى إلى:
تفكك الهوية الوطنية للجيش نتيجة اعتماد بشار على ميليشيات طائفية مثل “الشبيحة” بالإضافة لقوات أجنبية “حزب الله، الميليشيات الإيرانية” لتعزيز سلطته.
وهكذا فقد ظهر التعفيش والتشليح حيث أصبح التعفيش الذي يعني “نهب الممتلكات” ممارسة شبه رسمية، وهذا ما ساهم في تدمير صورة الجيش كمؤسسة وطنية.
ولن ننسى ماقام به من قصف عشوائي، فقد استخدم الجيش العنف المفرط ضد المدنيين، بما في ذلك البراميل المتفجرة والهجمات الكيميائية، مما أدى إلى تصنيفه كجيش إرهابي في نظر الكثيرين.
آثار تحويل الجيش إلى أداة طائفية وحزبية :
– تفكيك الهوية الوطنية، حيث تحوّل الجيش من مؤسسة تضم جميع السوريين إلى كيان طائفي يُستخدم لخدمة مصالح ضيقة.
– استنزاف الموارد بدلاً من حماية الوطن، انخرط الجيش في قمع الشعب، مما أدى إلى خسائر بشرية ومادية هائلة.
– تآكل كفاءته العسكرية نتيجة الانشقاقات الكبيرة، الاعتماد على ميليشيات غير نظامية، وفقدان الروح القتالية.
وهنا يطرح السؤال التالي نفسه وهو : هل انهيار الجيش يعني سقوط النظام؟..
وللإجابة على هذا السؤال بموضوعية أحافظ من خلالها على الأمانة البحثية لابد من أمر مسجلا آخر ما وصلت إليه البلاد من ما استجد من أمور حيث نشاهد
– حصار حمص، فإذا استمرت فصائل المعارضة في تقدمها نحو حمص، فإنها تقترب من قلب النظام في دمشق، مما يشكل تهديدًا استراتيجيًا كبيرًا.
– إغلاق معبر نصيب، فالمعارضة في درعا تضيق الخناق على النظام عبر تعطيل خطوط الإمداد والتجارة مع الأردن، ما يزيد الضغط الاقتصادي والسياسي.
– سيطرة “قسد” على الشمال الشرقي، فهي كما هو معلوم تسيطر كقوات سوريا الديمقراطية على مناطق حيوية، مما يحرم النظام من موارد الطاقة والزراعة، واليوم مستغلة مايحدث في جبهات أخرى أطبقت سيطرتها على الرقة.
لكن هل الانهيار وشيك؟
أيضا حتى تكون الإجابة دقيقة لابد من تسليط الضوء على الواقع بمستجداته:
– ضعف الجيش، فانهياره يعني فقدان النظام لقدرته على السيطرة الجغرافية، خاصة في حال تزامنت الهزائم مع ضغط اقتصادي خانق وانهيار ولاء الميليشيات.
– الدعم الخارجي فبقاء النظام يعتمد بشكل كبير على الدعم الإيراني والروسي، وأي تراجع لهذا الدعم قد يسرّع سقوطه.
– الدور الشعبي فإذا استمرت المعارضة في توحيد صفوفها وزادت قوتها، فقد يؤدي ذلك إلى سقوط النظام خلال فترة قصيرة.
لكن ماذا عن دور بشار الأسد في تخريب الدولة والجيش، نحن أمام عدة رؤى
– الخيانة الاستراتيجية :
فبشار الأسد دمّر مؤسسات الدولة لصالح بقاء النظام، والجيش، الذي كان من المفترض أن يحمي الوطن، تحول إلى أداة طائفية لا تخدم سوى بقاء بشار الأسد وأسرته، وبدلاً من إصلاح الجيش وإعادة بنائه كقوة وطنية، اعتمد بشار على ميليشيات أجنبية وأمراء حرب، مما أضعف السيادة الوطنية.
– مما أدى الى النتائج الكارثية التي ترى ونعيش ومنها :
– فقدان الثقة الشعبية، فلم يعد الجيش يُعتبر مدافعًا عن الشعب، بل أداة قمع وترويع.
– عزلة دولية، فتصنيف الجيش كجيش إرهابي يعكس حجم التدمير الذي ألحقه بشار بمؤسسة كانت تعتبر رمزًا وطنيًا.
– تدمير الدولة الذي حصل من تآكل مؤسساتها وغياب السلطة المركزية في العديد من المناطق.
ختاماً
تحويل الجيش العربي السوري إلى جيش طائفي أضر بسورية على المستويين الداخلي والخارجي، وانهياره هو مقدمة لسقوط النظام، لكنه أيضًا يترك سوريا في حالة من الفوضى، مما يزيد تعقيد الأزمة.
أما دور بشار الأسد في تدمير الدولة والجيش هو جزء من نهج شمولي استهدف تأمين بقائه على حساب الوطن، ما يجعل من سقوطه ضرورة لإعادة بناء سورية على أسس وطنية حقيقية.
ملاحظة: ما جاء في المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعبر بالضرورة عن رأي الوكالة