الجدل العلمي حول حقن الأوزيمبك والمونجارو… هل يستحقان التكلفة؟
كشف الدكتور أسامة حمدي، أستاذ الأمراض الباطنية والسكري بجامعة هارفارد، عن الجدل الدائر حول استخدام حقن الأوزيمبك والمونجارو في التخسيس، مُسلطًا الضوء على الحقائق العلمية وراء هذا الموضوع الذي أثار نقاشًا واسعًا في مصر.
وفي منشور نشره عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أشار الدكتور حمدي إلى تزايد الحديث واللغط بشأن هذه الحقن، التي أصبحت نادرة في الأسواق رغم تكلفتها المرتفعة. وأوضح أن بعض الأفراد، الذين يدّعون أنهم مختصون في السمنة والتغذية، أدلوا بآراء غير دقيقة حول فعاليتها، بل واستغلوا هذا الأمر بفتح مراكز غير مؤهلة لخسارة الوزن، ما أثار استياءه نظراً لافتقار هذه المراكز إلى المعلومات الطبية والغذائية السليمة.
وأكد الدكتور حمدي أنه، باعتباره متخصصًا قضى سنوات طويلة في دراسة السمنة والتغذية وعلاج مرض السكر، يشعر بمسؤولية كبيرة لتصحيح المفاهيم المغلوطة. وفي هذا السياق، قدم إجابات دقيقة على الأسئلة الشائعة المتعلقة بهذه الحقن، من أجل توعية الجمهور بالمعلومات الموثوقة حول حقن الأوزمبيك والمونجارو واستخداماتها.
مزايا وعيوب استخدام حقن الأوزيمبك والمونجارو
تعد حقن الأوزيمبك والمونجارو من الخيارات الرائدة التي أثبتت فعاليتها في تخفيض الوزن لدى مرضى السمنة، سواء كانوا يعانون من مرض السكري أم لا. وقد أظهرت الدراسات أن تأثير هذه الحقن يعتمد إلى حد كبير على طبيعة حالة المريض.
بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من السمنة فقط دون الإصابة بالسكري، قد يصل متوسط فقدان الوزن إلى نسبة تتراوح بين 16% و21% من إجمالي الوزن خلال فترة علاج تستمر حوالي 70 أسبوعًا مع أعلى جرعة موصى بها. أما لدى مرضى السمنة المصابين بالسكري، فيكون فقدان الوزن أقل قليلاً، حيث يتراوح المتوسط بين 11% و16%.
يرجع هذا الانخفاض الملحوظ في الوزن إلى تأثير هذه الحقن على مراكز الشهية في الدماغ، حيث تعمل على تقليل الشعور بالجوع بشكل مباشر، مما يساعد المرضى على تناول كميات أقل من الطعام وبالتالي تحقيق نتائج ملموسة في فقدان الوزن.
تلعب هذه الآلية دورًا محوريًا في تحسين جودة حياة المرضى الذين يعتمدون على هذه الحقن لتحقيق التوازن الصحي الذي يحتاجونه.
الاستخدام الأمثل لحقن الأوزيمبك والمونجارو: مرضى السكري أم السمنة
تتميز حقن الأوزيمبك والمونجارو بفاعليتها المزدوجة، حيث تُستخدم لعلاج مرضى السكري وكذلك الأشخاص الذين يعانون من السمنة، مع اختلاف الجرعات الموصى بها حسب الحالة الصحية. تكمن الفكرة في أن المادة الفعالة المستخدمة في كلا النوعين واحدة، لكنها تُقدم بأسماء وجرعات مختلفة لتلبية احتياجات كل فئة.
على سبيل المثال، يحتوي عقار “أوزمبيك” (Ozempic) المستخدم لعلاج السكري على المادة الفعالة سيماجلوتيد (Semaglutide) بجرعات تصل إلى 2 مجم. بينما يُستخدم نفس المركب تحت اسم “ويجوفي” (Wegovy) لعلاج السمنة، حيث تصل الجرعة إلى 2.4 مجم. وهذا الاختلاف في الجرعات يعكس الهدف العلاجي لكل نوع.
أما “مونجارو” (Mounjaro)، فهو مخصص لعلاج السكري باستخدام المادة الفعالة ترزيباتيد (Tirzepatide) بجرعات تصل إلى 15 مجم. ويُستخدم هذا المركب نفسه لعلاج السمنة تحت اسم “زيبَّاوند” (Zepbound)، مع جرعات متماثلة.
تُظهر هذه الحقن مرونة كبيرة في علاج كل من السكري والسمنة، مما يجعلها حلاً مبتكرًا وشاملًا يساعد على تحسين صحة المرضى بشكل ملحوظ.
الأعراض الجانبية الناتجة عن استخدام حقن الأوزيمبك والمونجارو
تُعد حقن الأوزيمبك والمونجارو من العلاجات الفعالة التي حققت نتائج ملموسة في إدارة الوزن والسكر، لكن كغيرها من العلاجات، قد تصاحبها بعض الأعراض الجانبية التي تختلف في شدتها بين المرضى.
يُعتبر الغثيان من أبرز هذه الأعراض وأكثرها شيوعًا، حيث يعاني منه العديد من المرضى بدرجات متفاوتة. ومع ذلك، فإن شدة الغثيان تميل إلى التراجع تدريجيًا مع الوقت، خاصة عند اتباع نظام دقيق لزيادة الجرعات، يبدأ من أقل جرعة ممكنة ويزداد تدريجيًا بعد مرور أربعة أسابيع على الأقل.
بالإضافة إلى الغثيان، قد تظهر أعراض أخرى مثل القيء أو اضطرابات الجهاز الهضمي التي تشمل الإسهال الشديد أو الإمساك الحاد. وفي بعض الحالات، قد تكون هذه الأعراض حادة بما يكفي لتستدعي إما تقليل الجرعة أو التوقف عن العلاج تمامًا بناءً على توصية الطبيب.
على الرغم من هذه الأعراض الجانبية، تبقى حقن الأوزيمبك والمونجارو خيارًا طبيًا مميزًا عند استخدامها بشكل مدروس وتحت إشراف طبي متخصص، مما يضمن تحقيق أقصى فائدة مع تقليل التأثيرات السلبية قدر الإمكان.
المخاوف الصحية المحتملة من حقن الأوزيمبك والمونجارو
تشير الدراسات التي أُجريت على حيوانات التجارب إلى ارتباط حقن الأوزيمبك والمونجارو بنوع نادر للغاية من سرطان الغدة الدرقية يسمى “Medullary Cell Carcinoma”. ورغم عدم تسجيل حالات بين البشر حتى الآن، يُنصح بعدم استخدام هذه الحقن للمرضى الذين لديهم تاريخ عائلي لهذا النوع من السرطان. أما بقية أنواع سرطان الغدة الدرقية، فلا تشكل هذه الحقن خطرًا عليها. وبالنسبة لسرطان البنكرياس، فإن الأبحاث لم تثبت أي علاقة مؤكدة بين الحقن وحدوث هذا النوع من السرطان.
كيفية التعامل مع الآثار الجانبية والتقليل منها
من الأعراض الجانبية الخطيرة التي قد ترتبط باستخدام حقن الأوزيمبك والمونجارو هو التهاب البنكرياس الحاد، رغم أن نسبة حدوثه قليلة جدًا. يُنصح بتجنب هذه الحقن للأشخاص الذين لديهم تاريخ سابق لالتهاب البنكرياس أو معرضين له، مثل مرضى حصوات المرارة أو من يعانون ارتفاعًا شديدًا في الدهون الثلاثية أو الإفراط في شرب الكحول. أعراض هذا الالتهاب تشمل آلامًا شديدة في البطن، قيئًا حادًا، وارتفاع إنزيمات البنكرياس.
شلل الأمعاء: ربما يكون احتمال نادر
قد تؤدي حقن الأوزيمبك والمونجارو في حالات نادرة جدًا إلى بطء شديد في حركة المعدة والأمعاء، مما قد يُسبب شللًا مؤقتًا، خاصة لدى مرضى السكري من النوع الأول الذين يعانون من التهابات في أعصاب الجهاز الهضمي. يُذكر أن هذه الحقن غير مرخصة للاستخدام في علاج ارتفاع السكر لدى مرضى النوع الأول.
هل الوزن المفقود كله من الدهون؟؟
لا، ما يقارب 40% من الوزن المفقود نتيجة استخدام حقن الأوزيمبك والمونجارو يكون من كتلة العضلات، خاصة عضلات الفخذين والحوض والأكتاف. هذا الفقدان قد يؤدي إلى ضعف عام، خاصة عند كبار السن الذين يعانون من نقص هرمونات النمو مع تقدم العمر. انخفاض حجم العضلات يؤدي أيضًا إلى تقليل حرق السعرات الحرارية، مما يزيد من احتمالية عودة الوزن بعد التوقف عن العلاج.
كيف نحافظ على كتلة العضلات؟
للحفاظ على العضلات أثناء استخدام حقن الأوزيمبك والمونجارو، يجب زيادة تناول البروتين بمعدل 1 إلى 1.5 جرام لكل كيلوجرام من وزن الجسم. يُنصح أيضًا بممارسة تمارين تقوية العضلات يوميًا لمدة 20 دقيقة، مع التركيز على عضلات الفخذين والكتفين.
هل يعود الوزن بعد التوقف عن الحقن؟
نعم، غالبًا ما يعود الوزن إلى مستوياته السابقة بعد التوقف عن استخدام حقن الأوزيمبك والمونجارو، ويكون معظم الوزن المكتسب من الدهون وليس العضلات.
الأوزيمبك عن طريق الفم: هل هو فعّال؟
يوجد علاج عن طريق الفم من مادة الأوزيمبك يُعرف باسم “ريبالسس” (Rybelsus). ورغم أنه يحقق تحسنًا في مستويات السكر وفقدان الوزن، إلا أن تأثيره أقل مقارنة بالحقن. يُتناول قبل الإفطار بنصف ساعة، وأي تأخير يُقلل من فعاليته.
فوائد طبية إضافية لحقن الأوزيمبك والمونجارو
تُظهر حقن الأوزيمبك والمونجارو فوائد طبية تتجاوز التخسيس، مثل تقليل خطر تكرار الجلطات القلبية والدماغية لدى المرضى المصابين بها، وخفض ضغط الدم، وتحسين وظائف الكلى لدى مرضى السكري.
ضرورة الإشراف الطبي
لا يجوز شراء حقن الأوزيمبك والمونجارو واستخدامها بدون استشارة طبيب متخصص في الغدد الصماء والسكر والسمنة. استخدامها دون إشراف طبي يعرض المريض لمخاطر كبيرة، ويجب أن يكون القرار العلاجي مبنيًا على تقييم دقيق للحالة الصحية.
تعرف على: ما لا تعرفه عن الباراسيتامول… مخاطر تهدد صحتك على المدى الطويل