السلطات الأمريكية تعترف بواقعة شاركت بها بعد 104 عام
كشف تقرير حديث لوزارة العدل الأميركية، صدر يوم الجمعة، عن تورط بعض أفراد سلطات إنفاذ القانون في أعمال الحرق العمد والقتل التي وقعت خلال مذبحة تولسا عام 1921 بولاية أوكلاهوما.
وأسفرت هذه المذبحة عن مقتل نحو 300 شخص، معظمهم من السود الذين كانوا يقيمون في حي غرينوود المعروف بازدهاره الاقتصادي في تلك الفترة.
انتهاء قوانين التقادم وصعوبة المقاضاة
ورغم خطورة النتائج التي خلص إليها التقرير، أكدت وزارة العدل أنه “لا يمكن الآن مقاضاة أي شخص عن الجرائم المرتكبة آنذاك”، مشيرة إلى أن قوانين التقادم المرتبطة بالقضية قد انتهت، كما أن أصغر المتهمين المحتملين تجاوز عمره 115 عامًا.
تورط قوات الشرطة والحرس الوطني
وأوضح التقرير أن ضباطًا من شرطة تولسا والحرس الوطني كانوا متورطين بشكل مباشر في الأحداث، حيث قاموا بنزع أسلحة السكان السود ومصادرتها واحتجاز العديد منهم في معسكرات مؤقتة تحت حراسة مشددة.
وأشار التقرير إلى أن بعض ضباط إنفاذ القانون لم يكتفوا بالاعتقال، بل تورطوا في جرائم القتل والحرق والنهب.
وأوردت شهادة شهود عيان أفادت بأن ضابط شرطة كان “يطلق النار على السود فور ظهورهم”. كما أوضح التقرير أن الضابط نفسه قيد ستة رجال سود بالحبال وساقهم خلف دراجته النارية إلى موقع احتجازهم.
ونقل التقرير عن شاهد آخر قوله إن بعض الضباط استغلوا عمليات التفتيش لسرقة أموال السود، مضيفًا أنهم كانوا يطلقون النار على من يعترض منهم. وأفاد شاهد بأنه رأى أحد الضباط يتفاخر بقتل أربعة رجال سود.
بداية الأحداث وتصعيد العنف
أشار التقرير إلى أن المذبحة اندلعت بعد حادثة مزعومة في مصعد بمبنى تجاري في وسط المدينة، حيث اتُّهم رجل أسود بجذب امرأة بيضاء من ذراعها. وقامت الشرطة باعتقاله، في حين روّجت إحدى الصحف المحلية للقصة، مما أدى إلى تجمع حشد من السكان البيض أمام المحكمة للمطالبة بإعدامه.
وأضاف التقرير أن مواجهة نشبت أمام المحكمة بعد تجمع رجال سود من غرينوود لدعم الرجل المعتقل، مما أدى إلى اندلاع أعمال العنف عقب إطلاق رصاصة من أحد الحضور. كما بيّن التقرير أن الشرطة استعانت بمئات السكان البيض، وكان العديد منهم يؤيدون الإعدام دون محاكمة.
إحياء الذكرى والمطالبة بالعدالة
صدر التقرير بعد عقود من جهود الناجين وأحفادهم وجماعات حقوقية للمطالبة بتحقيق العدالة، بما في ذلك المطالبة بتعويضات ومراجعات اتحادية رسمية. وفي سبتمبر/أيلول الماضي، بدأت إدارة الحقوق المدنية التابعة لوزارة العدل تحقيقًا شاملاً حول المذبحة.
وقالت كريستين كلارك، مساعدة وزير العدل لدائرة الحقوق المدنية، إن “مذبحة تولسا تُعد جريمة حقوق مدنية فريدة بحجمها ووحشيتها وعدائها العنصري، وما تسببت فيه من إبادة كاملة لمجتمع أسود مزدهر”.
وأضافت: “هذا التقرير يُصدر تقديرًا للناجين الشجعان الذين يواصلون مشاركة شهاداتهم، وللاعتراف بالضحايا الذين فقدوا حياتهم بشكل مأساوي، وتكريمًا لجميع المتضررين والمدافعين عن هذه القضية الذين يدفعوننا لعدم نسيان هذا الفصل المأساوي من تاريخ أميركا”.