تُهم لم تسقط عن السوريين المعارضين رغم زوال أجهزة الأسد الأمنية
رغم زوال نظام الأسد وإعلان الحكومة السورية الجديدة حلَّ كل الأجهزة الأمنية في البلاد، والشروع في تشكيل أخرى قوامها فصائل عسكرية شاركت في الثورة ضد النظام السابق، إلا أن شكاوى وردت مؤخرًا أثارت الجدل حول مدى اختلاف الفكر والمعاملة بين أجهزة منحلَّة عُرفت بالقمع ومصادرة الحريات، وأخرى جديدة بُنيت عليها الآمال.
وتحدث عدد من الناشطين السوريين عن تعرضهم لسوء معاملة من قبل الأجهزة الأمنية السورية الجديدة، ما أثار دهشتهم، خصوصًا عند المنافذ الحدودية.
وأعادت القضية تسليط الضوء على ما يتم تداوله من وجود أسماء لشخصيات كانت تتبع للنظام السوري البائد، وجرى إعادة توظيفها في مواقع إدارية ضمن السلطات السورية الجديدة.
ويقول الصحفي السوري فارس المغربي، حول تجربة مرَّ بها: “أمس، خلال خروجي من سوريا باتجاه لبنان، وبعدما قضيت 15 يومًا في بلدي بعد غياب 11 سنة، حدثت المفاجأة التي ذكرتني بالنظام البائد.”
وأضاف: “أوقفني موظف الحدود، وكنت أتوقع أن يكون شخصًا مبتسمًا يرحب بي، لكنه فاجأني بالقول: ’أنت مطلوب لعدة أفرع أمنية، منها الجنائية وشعبة المعلومات.‘”
ويتابع المغربي: “في البداية، مُنعت من مغادرة الأراضي السورية، وطُلب مني مراجعة تلك الأفرع.” وهو ما أثار دهشته، إذ تساءل عن تلك الأفرع وما إذا كانت لا تزال موجودة بعد سقوط الأسد، لكن الإجابة “الصاعقة” من الموظف كانت أن الأفرع موجودة ويجب عليه مراجعتها.
ويضيف المغربي: “رغم أنني في النهاية حللتُ المشكلة بعد أن تواصلوا مع الفرع أو جهة ما، إلا أن هذه المشكلة ليست فردية، فقد سمعت عشرات الشكاوى المشابهة.”
ويوضح المغربي لـ”ستيب نيوز” أنه جرى إبلاغه بأن الأمر يتعلق بالقضايا الجنائية فقط، إلا أنه يشير أن هناك عدد من موظفي الدولة السابقة خجز على أموالهم بعد انشقاقهم ونسبت إليهم قضايا جنائية، وعند عودتهم منعوا من السفر مجددًا حتى تسوية ما عليهم ضمن الفرع الأمني.
ونشر أمس الصحفي السوري قتيبة ياسين مقطع فيديو تحدث خلاله عن قضية مشابهة، كما استعرض رسائل وصلته من عشرات السوريين الذين عادوا إلى سوريا بعد التحرير، ثم تفاجأوا عند المغادرة بمنع بعضهم من السفر والتغاضي عن آخرين، وكانت التهمة أنهم مطلوبون للأفرع الأمنية خلال عهد النظام البائد.
لكن ياسين أوضح أن موظفي الحدود لا يدققون سوى في المطلوبين لفرع الأمن الجنائي، خوفًا من وجود تهم جنائية وجرائم بحقهم.
من جهة أخرى، نشر صحفي سوري من جنوب سوريا قصة مختلفة عن تعامل أحد حواجز الأمن العام على طريق دمشق.
وذكر الصحفي أيمن أبو نقطة في منشور على صفحته في فيسبوك، أن حاجز الأمن العام على طريق درعا-دمشق أوقف صحفيًا سوريًا من درعا كان متجهًا إلى دمشق بحالة إسعافية مع والده، وخلال التوقيف وُجهت إليه أسئلة واتهامات “مستفزة”، منها: “أنت من درعا؟ أنت مع العودة؟” في إشارة إلى أحمد العودة، قائد اللواء الثامن سابقًا، والذي تداولت أنباء عن رفضه الانضمام إلى وزارة الدفاع الجديدة مع فصيله، إلا أن هذه الأنباء نُفيت لاحقًا.
وأوضح “أبو نقطة” أن التحقيق الغريب مع الصحفي السوري تسبب بتأخره عن موعد في مستشفى لوالده.
ووجه ناشطون سوريون رسائل إلى السلطات السورية الجديدة بضرورة معالجة الأخطاء الفردية أو الجماعية، حتى لا تنزلق الأمور إلى حالة من الاحتقان الشعبي، لا سيما في ظل الوضع الأمني السيئ، خصوصًا في العاصمة دمشق وما حولها، حيث لا تزال تعاني من عمليات سرقة واختطاف وغيرها.
ورغم أن سوريا لم تشهد فوضى كبيرة بعد سقوط نظام الأسد في ديسمبر العام الفائت، إلا أن الكوادر التي جاءت من إدلب مع إدارة العمليات العسكرية لا تكفي لتغطية كامل التراب السوري. وحينها، فتحت وزارتا الدفاع والداخلية باب التطوع، وبدأتا تدريب الآلاف من الشباب، لكن المشكلة الأبرز كانت في وجود أشخاص كانوا مع النظام السوري البائد، وعادوا إلى صفوف الدولة الجديدة حاملين الفكر ذاته.
