تساؤلات وانتقادات “مشروعة” برسم اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري
انطلقت أولى الجلسات الحوارية للجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري، الأحد، في مدينة حمص، تمهيدا لانطلاق المؤتمر العام، الذي سينتج عنه الإعلان الدستوي ولجان لإعداد دستور جديد للبلاد، وقضايا مهمة أخرى حددها الرئيس السوري أحمد الشرع، في خارطة الطريق التي أعلن عنها.
إلا أن اختيار اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري، أثار انتقادات وتساؤلات، بالوقت الذي رفضتها الإدارة الكردية تمامًا.
وكلّف الشرع كل من “حسن الدغيم، وماهر علوش، ومحمد مستت، ومصطفى الموسى، ويوسف الهجر، وهند قبوات، وهدى أتاسي”، بعضوية اللجنة التحضيرية.
ووفق القرار، تقر اللجنة المحدثة نظامها الداخلي وتضع معايير عملها “بما يضمن نجاح الحوار الوطني”، على أن ينتهي عملها “بمجرد صدور البيان الختامي للمؤتمر المرتقب”.
وحول ذلك يقول الصحفي والباحث السياسي السوري، يمان دابقي: “أُثيرت العديد من التساؤلات حول آلية ومعايير اختيار اللجنة، لكن برأيي الأهم من ذلك هو النتائج التي ستنتج عنها. فمسألة المعايير أو الآليات لا تختلف كثيرًا عن الانتقادات التي وُجهت عند اختيار وزراء الحكومة، حيث قيل إنها تمثل لونًا واحدًا وتعتمد على الولاءات أكثر من الكفاءات”.
ويشير إلى أن هذا أمر طبيعي في المرحلة التأسيسية الحرجة التي تمر بها سوريا حاليًا. مضيفاً “لا شك أن الحكومة هي من قامت بتعيين هذه اللجنة وفق رؤيتها لما يخدم الصالح العام في هذه المرحلة. ومع ذلك، هناك انتقادات مشروعة”.
ويتابع دابقي: “كنت أتمنى لو تم تشكيل اللجنة بحيث تضم ممثلًا واحدًا عن كل محافظة، ليكون عدد أعضائها 14، مما قد يسهل عملها ويزيد من فاعليتها. فوجود تمثيل واسع، خصوصًا من القانونيين، سيكون مفيدًا، لكنه ليس عنصرًا جوهريًا برأيي، إذ أن الأهم هو النتائج التي ستتوصل إليها اللجنة، وليس فقط تركيبتها”.
إلا أن أكثر ما أثير الجدل حوله هو عدم تجديد جدول زمني لعمل اللجنة، مما قد يؤدي إلى إمكانية استمرار الإعداد والتحضير للمؤتمر العام لوقت طويل، بالوقت الذي يترقب السوريون والعالم ولادة حكومة انتقالية جديدة شاملة مطلع الشهر القادم.
ويقول دابقي: “أعتقد أن عدم تحديد جدول زمني لعمل اللجنة هو أمر متعمد من قبلها ومن قبل الحكومة التي قامت بتعيينها. والسبب في ذلك يعود إلى عاملين رئيسيين، الأول تحديد جدول زمني يعني التزام الحكومة بمدة معينة، وإذا لم تتمكن من إنجاز عمل اللجنة أو تحقيق أهدافها ضمن هذه المدة، ستواجه مأزقًا أمام الشعب والرأي العام”.
أما الثاني بحسب الباحث السياسي فهو “ترك هذا الأمر مفتوحًا يتيح البناء على الخطوات العملية التي ستتبعها اللجنة، خاصة أن عملها يعتمد على الحوارات التي ستُجرى في المحافظات، والتي بدأت اليوم من مدينة حمص”.
ويتابع: “رغم الانتقادات، فإن عدم تحديد جدول زمني ليس إشكالية كبيرة، خصوصًا أن الأمر يرتبط بالظروف الصعبة التي يمر بها البلد، من تحديات أمنية واقتصادية. اللجنة قدمت تفسيرها لهذه النقطة، وأرى أنه مقنع إلى حد ما، حيث يدخل في إطار التقديرات التي تتناسب مع المصلحة العامة”.
أما حول آلية عمل اللجنة، فقد اختارت اللجنة دعوة أفراد بدلاً من مؤسسات، ويوضح دابقي ذلك بأنه “نظرًا لأن معظم الكيانات السياسية السابقة قد تم حلها، بما في ذلك الأحزاب المعارضة. لذلك، يتم الاعتماد على الأفراد من خلال آلية لا مركزية، بحيث توكل للمحافظين مهمة اختيار ممثلي كل محافظة”.
ويقول: “أعتقد أن المحافظين اليوم هم شخصيات مرموقة، يتمتعون بخبرة أكاديمية وسجل طويل من العمل والتضحيات، مما يعزز فكرة أن الاختيار سيتم وفق معايير مقبولة. ومع ذلك، تبقى هذه النقطة قابلة للنقاش، فهي رؤية الحكومة التي ارتأت أن تكون العملية لا مركزية، وأرى أن هذا النهج إيجابي من حيث إعطاء المحافظين صلاحية الاختيار”.
أما فيما يخص معايير الاختيار، فقد أكدت اللجنة أنها تعتمد على الكفاءة والوطنية بالدرجة الأولى، بالإضافة إلى ضمان تمثيل كافة الأصوات.
ويضيف دابقي: “في النهاية، الأهم ليس الجدل حول آلية عمل اللجنة بقدر ما هو نجاحها في تهيئة الأرضية لعقد مؤتمر الحوار الوطني”.
ويتساءل الباحث السياسي، “هل ستتمكن اللجنة من تحقيق الوئام الوطني واختيار الشخصيات المناسبة لحضور المؤتمر؟ وهل سيتم الوصول إلى هذا الهدف رغم التحديات القائمة؟ الأيام القادمة ستجيب عن هذه التساؤلات”.
اقرأ أيضًا.. خاص|| ما هي رسائل أحمد الشرع من زياراته إلى الشمال والساحل السوري بأول جولاته الداخلية كرئيس؟
