تحالف “قِمم” في السودان يكشف لـ”ستيب” المخطط الخفي بعد “فضيحة” تهريب السلاح في الإمارات
كشفت دولة الإمارات قبل يومين عن عملية أمنية معقدة نجحت خلالها في إحباط محاولة لتهريب كميات كبيرة من العتاد العسكري إلى السودان، بطريقة غير قانونية، إلا أنّ اللافت هو الشخصية التي كانت تقود العملية، فيما حذرت أطراف سودانية من خطورة القضية وكشفت لـ”ستيب” عن أبعاد وتفاصيل الملف.
تفاصيل العملية الأمنية
بحسب بيان النائب العام الإماراتي، المستشار حمد سيف الشامسي، تم ضبط عدد من المتهمين أثناء تفقدهم شحنة ذخيرة داخل طائرة خاصة في أحد مطارات الدولة. الطائرة، التي كانت قادمة من دولة أجنبية بحجة التزود بالوقود، كانت تحمل شحنة ضخمة من الذخيرة العسكرية من نوع “جيرانوف”، قدرت بنحو خمسة ملايين قطعة.
وقد عُثر على جزء من الأموال المتعلقة بالصفقة في حوزة اثنين من المتهمين داخل غرف فندق، كما تم مصادرة مستندات مزورة وعقود وشهادات تفيد زيفاً أن الأموال المدفوعة تخص استيراد مواد غذائية، مثل السكر.
وأوضحت التحقيقات أن القضية لم تقتصر على عملية تهريب منفردة، بل كشفت عن شبكة دولية تعمل في الوساطة والسمسرة والاتجار غير المشروع بالسلاح. وتضمنت الشبكة شخصيات سياسية وعسكرية سودانية بارزة، من بينها المدير السابق لجهاز المخابرات السوداني صلاح قوش، وضباط سابقون، ومستشارون ماليون، وسياسيون على صلة مباشرة بقيادات الجيش السوداني، منهم عبد الفتاح البرهان ونائبه ياسر العطا.
كما تضمنت العملية تحويلات مالية تمت بطريقة غير مشروعة عبر شركة مملوكة لأحد أعضاء الخلية الهاربين، مستخدمة آلية تعرف باسم “الحوالة دار”، وهي وسيلة غير رسمية لتحويل الأموال.
تورط مباشر لقيادات عسكرية سودانية
بحسب النيابة العامة الإماراتية، فإن الصفقات العسكرية تمت بطلب مباشر من لجنة التسليح في الجيش السوداني، وبعلم وموافقة رئيسها عبد الفتاح البرهان ونائبه ياسر العطا، وتم تكليف مجموعة من السماسرة لإتمام الصفقات، بما في ذلك أسلحة من نوع “كلاشنكوف”، ومدافع رشاشة، وقنابل، بملايين الدولارات.
وقد كشفت التحقيقات أن هذه المجموعة تلقت أرباحًا مالية ضخمة مقابل هذه الصفقات، حيث تم رصد فارق في السعر بقيمة 2.6 مليون دولار، جرى اقتسامها بين صلاح قوش وشركائه.
ومن اللافت أن التحقيقات أشارت إلى تورط شركات تجارية مملوكة لرجل أعمال سوداني يحمل الجنسية الأوكرانية، تعمل داخل الإمارات، وتورطت في تسهيل وصول الأسلحة إلى الجيش السوداني، رغم كونها مدرجة ضمن قوائم العقوبات الأميركية.
ردود سودانية متباينة
فيما نفت السلطات السودانية عبر المتحدث باسم الجيش صحة هذه الاتهامات، معتبرة أن الجيش السوداني مؤسسة وطنية لا تحتاج إلى تهريب السلاح، جاءت تصريحات قوى المعارضة المدنية لتسلط الضوء على أبعاد أخرى للحادثة.
قوى “قمم” في السودان تحذر من خطر الإسلاميين
وفي حديث مع “وكالة ستيب الإخبارية“، ثمّن عثمان عبد الرحمن سليمان، المتحدث الرسمي باسم تحالف القوى المدنية المتحدة (قمم)، يقظة وكفاءة الأجهزة الأمنية الإماراتية، معتبرًا ما قامت به يعكس التزامًا ثابتًا بدعم الشعب السوداني في وجه الممارسات “الإرهابية”.
وأكد أن الحادثة تكشف تمسك قيادة الجيش الحالية ببقايا النظام البائد، ممثلاً في الحركة الإسلامية وحزب المؤتمر الوطني، مشدداً أن ما كشفته الإمارات يبرهن على ضلوع هذا التنظيم في إشعال الحرب وتغذية الفوضى عبر شركات وهمية.
وقال: “هذه الحادثة تحمل دلالات كثيرة منها أن الجيش لا يرغب في إنها الحرب لأن قراره مختطف من قبل النظام البائد وأن البرهان يخطط مع بعض قادة الجيش لإعادة تدوير النظام البائد”.
وأضاف:” إن الحكومة المرتقبة التي نسعى للإعلان عن تشكيلها ستتمسك بإرساء الأمن والاستقرار وبسط سيادتها على كامل أراضيها، بما يمثله ذلك من قرار سيادي يحفظ السودان وشعبه دون فرز، ويفتح الطريق أمام التعافي على الصعد المختلفة”.
وتستعد قوى مدنية في السودان للإعلان عن حكومة جديدة، لكن الجيش السوداني بقيادة البرهان يرفضها ولا يعترف بها، معتبراً أنها تتبع لقوات الدعم السريع، التي تقاتل قواته.
دعوة دولية لتصنيف الحركة الإسلامية كجماعة إرهابية
وذهب سليمان أبعد من ذلك، مطالبًا المجتمع الدولي بتصنيف الحركة الإسلامية في السـودان كجماعة “إرهابية” تهدد الأمن الوطني، داعيًا دول الشرق الأوسط إلى التعاون في كشف مثل هذه الجرائم التي تستتر خلف واجهات تجارية.
والحركة الإسلامية في السـودان هي تنظيم سياسي-ديني، وهو الفرع السوداني من جماعة الإخوان المسلمين، وقد لعب دورًا محوريًا في الحياة السياسية السـودانية، خاصة منذ أواخر الثمانينيات وحتى سقوط نظام عمر البشير في 2019.
وتتهم جهات عديدة، بينها تحالف قوى “قمم“، الحركة الإسلامية بإعادة التسلل عبر دعم أطراف داخل الجيش السـوداني، والعمل على إعادة إنتاج النظام السابق، وهو ما يجعلها في قلب الجدل السياسي والأمني الحالي في السودان.
وأشار المتحدث باسم “قمم” إلى عمق العلاقات التاريخية بين الإمارات والسـودان، نافيًا صحة الادعاءات الصادرة عن “حكومة بورتسودان”، وواصفًا إياها بأنها تهديدات لا تستند إلى وقائع ولا تؤثر في الرأي الدولي أو الشرعية القانونية.
دعم للحلول المدنية وإنهاء تمدد الإخوان
واختتم عثمان عبد الرحمن تصريحاته بتجديد التزام القوى المدنية المرتقبة في السودان بتشكيل حكومة تسعى لبسط الأمن وبناء دولة ذات سيادة حقيقية، معلنًا دعم التحالف لأي جهد إقليمي أو دولي يحد من تمدد جماعة “الإخوان المسلمين” ويُسهم في استقرار المنطقة.
ويشهد السـودان صراعاً دامياً منذ منتصف عام 2023 بين الجيش السـوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، وتسببت الحرب بأسوأ أزمة إنسانية بالبلاد عبر التاريخ، حيث أدت لنزوح نحو 10 ملايين سوداني، وانهيار النظام الصحي والتعليمي، وانتشار المجاعة والفقر بعدة أقاليم، إضافة لمقتل الآلاف من الطرفين والمدنيين، وسط عشرات التقارير عن مجازر وانتهاكات بحقوق الإنسان.
