ترامب أعلن “استسلام” الحوثيين.. وخبير يتحدث عن “صفقة كبرى” قريبة في المنطقة
أعلنت الولايات المتحدة وجماعة الحوثي في اليمن عن اتفاق لوقف إطلاق النار، مما يمثل تحولًا مهمًا في الصراع المستمر منذ سنوات، إلا أن خبراء ربطوا هذا الإعلان بصفقة كبيرة يجهّز لها الرئيس الأمريكي خلال زيارته للشرق الأوسط، ودور إيران التي تفاوض على ملفها النووي به.
ترامب يعلن “استسلام الحوثيين”
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع جماعة الحوثي، بوساطة سلطنة عُمان، وينص الاتفاق على وقف الهجمات الحوثية على السفن الأمريكية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مقابل توقف الولايات المتحدة عن شن غارات جوية على مواقع الحوثيين في اليمن.
وأكد الرئيس ترامب أن الولايات المتحدة ستوقف استهداف الحوثيين في اليمن، وقال إن الجماعة وافقت على التوقف عن مهاجمة السفن الأمريكية، مشيراً إلى أنهم “استسلموا”.
من جانبهم، أوضح الحوثيون أن الاتفاق لا يشمل العمليات ضد إسرائيل، مما يعني أن هجماتهم على السفن المرتبطة بإسرائيل ستستمر.
وقال القيادي الحوثي محمد عبد السلام: “الاتفاق لا يتضمن إسرائيل بأي شكل من الأشكال… والذي حصل هو مع الأمريكي والتوقف سيكون عن استهداف السفن الأمريكية”.
الحرب ضد الحوثيين
منذ تصاعد الحرب في غزة في أكتوبر 2023، بدأت جماعة الحوثي، المتحالفة مع إيران، في استهداف السفن المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، حسب زعمها.
وأعلنت الجماعة أنها ستمنع مرور جميع السفن المتجهة من وإلى الموانئ الإسرائيلية، معتبرة أن هذه السفن أهداف مشروعة حتى يتم رفع الحصار عن غزة.
وردًا على هذه الهجمات، شنت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة غارات جوية على مواقع الحوثيين في اليمن، في إطار عملية “حارس الازدهار” لحماية حرية الملاحة الدولية. كما أرسلت إسرائيل سفنًا حربية وغواصات إلى البحر الأحمر لتعزيز أمنها البحري.
وتتهم الولايات المتحدة إيران بدعم الحوثيين من خلال تزويدهم بالأسلحة والمعلومات الاستخباراتية، مما يعزز قدرتهم على تنفيذ هجمات في البحر الأحمر.
وأدت الهجمات الحوثية على السفن في البحر الأحمر إلى اضطراب حركة التجارة العالمية، حيث توقفت العديد من شركات الشحن عن المرور عبر هذا الممر الحيوي، كما تم فرض رسوم مخاطر إضافية على السفن المتجهة إلى إسرائيل، وتوقف كامل لميناء إيلات.
وفي آخر هجماتها أطلقت جماعة الحوثي صاروخاً نحو إسرائيل سقط في مطار بن غورين وردت إسرائيل بغارات مكثفة على مطاري الحديدة وصنعاء تسببت بدمار هائل وخسائر قدرت بنحو مليار دولار.
وقد رحبت دول مثل قطر والكويت بالاتفاق بين الولايات المتحدة والحوثيين، معتبرة أنه خطوة نحو تهدئة التوترات في المنطقة.
صفقة في زيارة ترامب للشرق الأوسط
يستعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للقيام بجولة في الشرق الأوسط بين 13 و16 مايو 2025، تشمل السعودية، قطر، والإمارات العربية المتحدة، وتُعد هذه الزيارة الأولى له خارج الولايات المتحدة في ولايته الرئاسية الثانية، بعد زيارة سابقة إلى روما لحضور جنازة البابا فرنسيس.
وحسب مصادر متقاطعة تشمل الجولة عقد قمة مع قادة دول الخليج في الرياض، حيث يعتزم ترامب طرح رؤيته للدور الأمريكي في المنطقة، مع التركيز على التعاون الاقتصادي والاستثمارات، ومن المتوقع أن تركز الزيارة على التزامات استثمارية متبادلة وصفقات أسلحة.
ووعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الثلاثاء بـ”إعلان مهم جداً” قبل جولة شرق أوسطية سيجريها الأسبوع المقبل، لكنه لم يشأ إعطاء أي توضيح، وقال الرئيس الأمريكي في البيت الأبيض “أعتقد أنه قبل ذلك (الجولة)، سيكون لدينا إعلان مهم جداً جداً نصدره، لن أكشف ماهيته، وهو إيجابي للغاية”.
يقول المحلل السياسي المختص بالشؤون العربية، طلعت طه، في حديث مع وكالة “ستيب نيوز“: “ترامب سيأتي إلى الشرق الأوسط بصفقة كبرى، ليست مجرد اقتصادية، حيث قد نشهد عودة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، وإنهاء الحوثيين عسكرياً وسياسياً بتوافق إقليمي”.
الحوثيون بين فكي كماشة
وحسب خبراء مطلعون على الملف اليمني، أكدوا أن جماعة الحوثي وقعت “بين فكي كماشة”، حيث تراجع الدور الإيراني الداعم لهم بعد الخسائر التي تلقّتها أذرعهم في سوريا ولبنان وغزة، بينما تفاوض طهران على ملفها النووي مع واشنطن ويبدو أن كل الملفات خلال هذه المفاوضات مطروحة، بالوقت الذي يسعى المجتمع الدولي لإيجاد حل ينهي الأزمة اليمنية المستمرة منذ سنوات.
ويقول “طه”: “الحوثيون شبه انتهوا عسكرياً من خلال الضربات الكبيرة الأخيرة على يد إسرائيل وأمريكا، وواشنطن لن تقبل أن تستمر مصالحها في البحر الأحمر معطلة”.
ويضيف: “ما لا شك فيه أن إيران تريد التفاوض مع أمريكا اليوم على ملفها النووي، وقد بدأت التخلي عن مشروعها المتمثل بأذرعها بالمنطقة وبالتالي فإن موقف الحوثي ضعيف جدا”.
ويؤكد “طه” أن إسرائيل تمكنت من إغلاق كل أبواب الدعم للفصائل الفلسطينية من إيران والعراق وسوريا ولبنان، وبقي اليمن حيث أن المسافة البعيدة وصعوبة جغرافيا هذه البلد جعلها بآخر المحطات التي لن تتركها لا واشنطن ولا تل ابيب، وبالتالي فلابد من إيجاد حل للملف اليمني.
هل حققت أمريكا هدفها؟
وتشن الولايات المتحدة منذ 15 مارس/آذار الماضي ضربات جوية كثيفة على اليمن، إذ توعد ترامب الحوثيين بالقضاء عليهم، وحذر إيران من مواصلة دعمها لهم، وقال الجيش الأمريكي إنه ضرب أكثر من ألف هدف منذ بدء عملياته في اليمن، وأضاف أن الضربات أسفرت عن مقتل “مئات المقاتلين الحوثيين والعديد من قادة الحوثيين”.
ومن جانبها أصدرت الخارجية العمانية، بيانًا عن الاتفاق، بعد إعلان ترامب عنه، في وقت متأخر من مساء الثلاثاء، وصرح ناطق في الخارجية العمانية أنه بعد المناقشات والاتصالات التي أجرتها سلطنة عمان مؤخراً مع الولايات المتحدة الأمريكية والسلطات المعنية في صنعاء بالجمهورية اليمنية بهدف تحقيق خفض التصعيد، فقد أسفرت الجهود عن التوصل إلى اتفاق على وقف إطلاق النار بين الجانبين.
ويؤكد الخبير أن أمريكا حققت بعض أهدافها من خلال عزل الحوثيين عسكرياً وسياسياً، ما يجعلهم بموقف ضعيف بأي مفاوضات، وبالتالي قد نشهد عودة الحكومة اليمنية الشرعية للواجهة، وربما تتحرك الأجواء في الملف اليمني لحلحلة بعد جمود استمر سنوات.
