هل تنهي أمريكا حرب غزة قبل مؤتمر نيويورك؟.. خبراء يكشفون كواليس مهمة ويتكوف
أمام استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة لأكثر من 600 يوم، وما ترتب عليها من كارثة إنسانية غير مسبوقة، ظهرت في الأفق مبادرة أمريكية جديدة لوقف إطلاق النار، والمبادرة التي يتداولها الإعلام ضمن تسريبات منسوبة إلى المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، تطرح صيغة تتضمن هدنة مؤقتة وتبادلًا للأسرى، وانسحابًا جزئيًا للقوات الإسرائيلية.
ورغم ما قد تحمله من أمل للمدنيين، يرى مراقبون أنها تفتقر إلى عناصر اختراق حقيقي، وتعيد طرح أفكار سبق أن فشلت بسبب تعنت إسرائيل، وتعقيد المشهد السياسي في كلا الجانبين، فهل تتمكن واشنطن من فرض رؤيتها في ظل المتغيرات الدولية؟
تفاصيل المقترح
يرى المحلل السياسي محمد هواش، في حديث لوكالة ستيب نيوز أن المقترح لا يحمل أي عناصر جوهرية جديدة، معتبرًا أنه نسخة مكررة من عروض سابقة.
ويقول: “لا جديد حقيقي في مقترح ويتكوف، لا في عدد الرهائن ومفاتيح إطلاق الأسرى، ولا في أيام الهدنة”.
ويضيف: ” المشكلة الحقيقية تكمن في التغلب على تمسك إسرائيل باستمرار الحرب على غزة ورفضها مبدأ إنهاء الحرب، واستبداله بمبدأ “وقف القتال”
ويتقاطع رأيه مع رأي الباحث في العلاقات الدولية الدكتور إسماعيل تركي الذي أضاف خلال حديث لـ”ستيب نيوز“: “مجرد صيغة معدلة للمبادرات السابقة التي تركز على الهدنة وتبادل الأسرى دون معالجة الأسباب الجذرية للصراع”.
ويذكر أن هذا المقترح لا يختلف كثيرًا عن المبادرة التي عُرضت في يناير الماضي، والتي دخلت حيز التنفيذ قبل أن تخرقها إسرائيل وتعود إلى الحرب تحت ضغط اليمين المتطرف.
التحالف الإسرائيلي اليميني يرفض وقف الحرب
يربط الخبيران فشل المبادرات بعدم استعداد الحكومة الإسرائيلية الحالية لوقف الحرب.
يقول هواش: “إسرائيل لديها حكومة لا تريد وقف الحرب بأي ثمن، فهو يساوي تفككها”.
ويضيف: “وقف الحرب يعني خسارة الإنجازات العسكرية التي حققها الجيش الإسرائيلي، المتمثلة في تقليص قدرات حماس، تدمير البنية المدنية في غزة، وتقليص المخاطر الأمنية من هناك”.
ويؤكد الدكتور “تركي” أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى لتحقيق “النصر الكامل” الذي يشمل: “تفكيك القدرات العسكرية لحماس، تدمير أنفاقها، إعادة الرهائن، وتدمير القطاع بالكامل”.
انسحاب جزئي لا يعني نهاية الاحتلال
أحد البنود المحورية في المقترح الأمريكي الجديد هو الانسحاب الإسرائيلي الجزئي.
ويعتبر هواش أن هذه الخطوة: “تُسهّل فقط عملية نقل وتسليم الرهائن، ولا علاقة لها بمستقبل الوجود الإسرائيلي في غزة”.
بينما يرى “د. تركي” أن هذا الانسحاب قد لا يكون إلا إعادة تموضع، موضحًا:
“إذا تم، فقد يشير إلى اعتراف ضمني بصعوبة السيطرة الكاملة على غزة، لكنه لا يفتح بابًا تلقائيًا أمام حل دائم”.
المجتمع الدولي.. دور غائب أم ضغوط شكلية؟
يشكك هواش بجدوى الدور الدولي، ويقول: “لا معنى للمجتمع الدولي في هذا النزاع. واشنطن تريد فرض هدنة طويلة لأسباب شخصانية تخص الرئيس ترامب”.
ويوافقه د. تركي، مشيرًا إلى أن: “رغم امتلاك واشنطن نفوذًا كبيرًا على إسرائيل، فإن هذا النفوذ لم يُترجم دائمًا إلى ضغط فعال”.
ويلفت إلى أن مؤشرات دولية بدأت بالتحول مثل مواقف فرنسا، بريطانيا، إيطاليا، ألمانيا، روسيا، الصين، وعدد من الدول العربية، في ضوء الاستعدادات لعقد مؤتمر دولي للاعتراف بالدولة الفلسطينية منتصف الشهر المقبل في نيويورك.
مستقبل حماس والإدارة في غزة.. المعضلة الكبرى
يرى هواش أن حماس تبدي مرونة، إذ يقول: “حماس تفاوض بنفسها ولِنفسها، وقد أبدت استعدادًا للانسحاب من المشهد السياسي عسكريًا وإداريًا”.
لكن د. تركي يرى أن الأمر أكثر تعقيدًا: “حماس كحركة مقاومة تعتمد على سلاحها كأداة للبقاء والمساومة، وأي تسليم للسلطة يتطلب ضمانات، وهو ما ترفضه إسرائيل”.
ويشير إلى أن: “الضغوط من الحلفاء قد تدفع حماس نحو مرونة أكبر، لكنها لن تتخلى عن وجودها بسهولة، وربما الحل في إدارة فلسطينية تشاركية بضمانات أمنية، لكنه لا يزال بعيد المنال”.
فصل جديد أم مبادرة أخرى في سلسلة الفشل؟
في المحصلة، يُعد المقترح الأمريكي الجديد اختبارًا لقدرة واشنطن على الضغط على حليفتها إسرائيل. وبينما يتوقف نجاحه على حدوث تغييرات سياسية داخل إسرائيل قد تبدأ بسقوط حكومة نتنياهو، فإن فشله قد يعزز فكرة أن المجتمع الدولي غير قادر حتى الآن على فرض حل دائم في غزة.
