تحميل سعر البتكوين... | تحميل الدولار مقابل الليرة التركية... | تحميل الدولار مقابل الليرة السورية... | تحميل الدولار مقابل الدينار الجزائري... | تحميل الدولار مقابل الجنيه المصري... | تحميل الدولار مقابل الريال السعودي...
منوع

نيكولا تسلا.. عالم أثار الجدل عبر العصور وأبحاثه لازالت حافلة بالأسرار

نيكولا تسلا (1856-1943) كان مخترعا ومهندسا كهربائيا وميكانيكيا ومستقبليا صربيا-أمريكيا اشتهر بمساهماته في تصميم نظام التيار المتردد (AC) الحديث لتوريد الكهرباء. وُلد تسلا في سمليان، الإمبراطورية النمساوية (كرواتيا حاليا)، وقد وضعت عقلية تسلا المبتكرة واختراعاته الرائدة الأساس للكثير من عالمنا التكنولوجي الحديث.

 

الحياة المبكرة والتعليم:

تميزت حياة تسلا المبكرة بفضول قوي وذكاء استثنائي. درس في مدرسة ريالس شول كارلشتات (المعروفة لاحقا باسم “الجمنازيوم الملكي العالي”)، وجامعة غراتس للتكنولوجيا، وجامعة براغ. خلال دراسته، أصبح مفتونا بالكهرباء وإمكانياتها، وغالبا ما كان يقضي ساعات يتأمل أفكارا جديدة.

الإنجازات والاختراعات الرئيسية:

أنتجت مسيرة تسلا المهنية الحافلة العديد من الاختراعات والتطورات، التي كان الكثير منها ثوريًا في عصره ولا يزال يؤثر على حياتنا اليوم. تشمل بعض أهم مساهماته ما يلي:

  نظام التيار المتردد (AC): يُعد هذا بلا شك أهم إنجازات تسلا. أثناء عمله لدى توماس إديسون، الذي كان مدافعًا قويًا عن التيار المستمر (DC)، أدرك تسلا عدم كفاءة التيار المستمر في نقل الطاقة لمسافات طويلة. قام بتطوير وتسجيل براءة اختراع نظام التيار المتردد متعدد الأوجه (polyphase AC system)، بما في ذلك محرك التيار المتردد، والمحولات، والنظام العام لتوليد الطاقة ونقلها وتوزيعها. أدى ذلك إلى “حرب التيارات” بين تسلا وإديسون، حيث أثبت التيار المتردد تفوقه في انتشار الكهرباء على نطاق واسع نظرا لقدرته على النقل بكفاءة عبر مسافات طويلة وزيادة أو خفض الجهد بسهولة.

  ملف تسلا (Tesla Coil): اختُرع في عام 1891، وملف تسلا هو دائرة محول رنين تُستخدم لإنتاج كهرباء تيار متردد عالية الجهد ومنخفضة التيار وعالية التردد. لا يزال يُستخدم اليوم في تطبيقات مختلفة، بما في ذلك أجهزة الراديو والتلفزيون، وأجهزة الأشعة السينية، وحتى للعروض التعليمية والترفيهية.

 تقنية الراديو: بينما يُنسب الفضل في اختراع الراديو غالبًا إلى غولييلمو ماركوني، كان تسلا قد طور وعرض تقنية الاتصالات اللاسلكية قبل سنوات. قدم براءات اختراع لأجهزة التحكم اللاسلكي ونقل إشارات الراديو لمسافات طويلة. ألغت المحكمة العليا الأمريكية لاحقًا بعض براءات اختراع ماركوني لصالح تسلا، معترفةً بعمله الرائد في الراديو.

  التحكم عن بعد (Remote Control): في عام 1898، عرض تسلا أول قارب يتم التحكم فيه عن بعد في العالم في حديقة ماديسون سكوير. أظهر هذا الاختراع الرائد إمكانات التحكم اللاسلكي ووضع الأساس للأجهزة الحديثة التي يتم التحكم فيها عن بعد، والطائرات بدون طيار، والروبوتات.

 إضاءة الفلورسنت والنيون: أجرى تسلا تجارب مكثفة على أشكال مختلفة من الإضاءة، بما في ذلك مصابيح الفوسفور والفلورسنت. أجرى تحسينات كبيرة على تقنيات الإضاءة الحالية ويُنسب إليه تطوير بعض أقدم إضاءات النيون.

  التصوير بالأشعة السينية: أجرى تسلا تجارب على الأشعة السينية في نفس الوقت تقريبًا الذي قام به فيلهلم رونتجن. اكتشف اكتشافات مهمة تتعلق بتأثيرات الأشعة السينية وحتى حذر من المخاطر المحتملة للتعرض للإشعاع.

  الطاقة الكهرومائية: لعب تسلا دورًا حاسمًا في تطوير محطة شلالات نياجرا للطاقة الكهرومائية، والتي كانت أول محطة طاقة تعمل بالتيار المتردد على نطاق واسع في العالم. كان هذا المشروع شهادة على صلاحية وكفاءة نظام التيار المتردد الخاص به.

 

الجدل العلمي المرتبط باسمه:

على الرغم من عبقريته التي لا يمكن إنكارها، يرتبط اسم نيكولا تسلا بالعديد من الجدالات والخلافات العلمية، التي لا يزال بعضها قائمًا حتى يومنا هذا. غالبًا ما تنبع هذه الجدالات من الطبيعة التنافسية للاكتشاف العلمي، والمصالح المالية، ونزاعات تسلا الغريبة ورؤاه الطموحة التي لم تتحقق في بعض الأحيان.

 حرب التيارات مع توماس إديسون: ربما كان هذا هو الجدل الأبرز والأكثر علنية الذي شمل تسلا. دافع إديسون بشدة عن نظام التيار المستمر الخاص به، بينما دافع تسلا عن التيار المتردد. شن إديسون حملة تشهير ضد التيار المتردد، حتى أنه قام بصعق الحيوانات بالكهرباء علنًا لإظهار مخاطره المزعومة. في النهاية، أدى التفوق التقني للتيار المتردد في توزيع الطاقة إلى انتصاره، لكن التنافس كان شرسًا وترك بصمة دائمة في تاريخ الهندسة الكهربائية.

 الاعتراف باختراع الراديو (تسلا مقابل ماركوني): كما ذكرنا سابقًا، كان الفضل في اختراع الراديو نقطة خلاف طويلة الأمد. بينما نجح ماركوني في تسويق الراديو ويُعرف على نطاق واسع، كانت براءات اختراع تسلا وعروضه السابقة للاتصالات اللاسلكية لا يمكن إنكارها. كان حكم المحكمة العليا الأمريكية في عام 1943، الذي اعترف بأولوية تسلا في تقنية الراديو، يهدف إلى تسوية النزاع، لكن التصور الشعبي غالبًا ما يميل نحو ماركوني.

 “شعاع الموت” وأسلحة الطاقة الموجهة: في سنواته الأخيرة، ادعى تسلا أنه اخترع سلاح “القوة عن بعد” (teleforce)، والذي أطلق عليه شعبياً اسم “شعاع الموت”، القادر على إسقاط الطائرات من مسافة بعيدة. بينما لم يقم أبدًا بإثبات أو تسويق مثل هذا الجهاز بشكل كامل، إلا أن هذه الادعاءات غذت التكهنات ونظريات المؤامرة. تعامل المجتمع العلمي مع هذه الادعاءات بتشكك كبير، حيث افتقرت إلى أدلة ملموسة. ومع ذلك، فقد ساهمت في صورة تسلا كمخترع غامض وذو رؤية، ولكنه أحيانًا غير واقعي.

 الطاقة المجانية ونقل الطاقة اللاسلكي: كان تسلا مهتمًا بشدة بمفهوم توفير “الطاقة المجانية” للعالم من خلال نقل الطاقة اللاسلكي. تصور نظامًا عالميًا يمكن من خلاله نقل الكهرباء بدون أسلاك، بالاستفادة من التردد الرنيني للأرض. مشروعه برج واردنكليف (Wardencliffe Tower)، الذي كان مخصصًا لهذا الغرض، لم يكتمل في النهاية بسبب نقص التمويل. بينما يوجد مفهوم نقل الطاقة اللاسلكي اليوم (على سبيل المثال، الشحن الاستقرائي)، فإن رؤية تسلا الكبرى للطاقة اللاسلكية المجانية والعالمية لا تزال غير مثبتة إلى حد كبير ومحل نقاش حاد. يجادل المتشككون بأن مثل هذا النظام سيتعارض مع قوانين الديناميكا الحرارية، بينما يعتقد بعض المتحمسين أن تسلا قد اكتشف أسرارًا لم تُفهم أو تُكرر بالكامل بعد.

  الاختراعات المكبوتة ونظريات المؤامرة: بسبب أفكاره غير التقليدية، والتنافس المزعوم مع شخصيات قوية مثل إديسون، والإمكانيات غير المحققة لبعض مشاريعه اللاحقة، ظهرت العديد من نظريات المؤامرة حول تسلا. غالبًا ما تزعم هذه النظريات أن الحكومات أو الشركات قمعت اختراعاته الأكثر ثورية (مثل أجهزة الطاقة المجانية) لحماية الصناعات وهياكل السلطة القائمة. بينما لا يوجد دليل قاطع على مثل هذا القمع واسع النطاق، فإن هذه النظريات تستمر، مما يعكس افتتان الجمهور بعبقرية تسلا المطلقة والعالم الذي يتسم أحيانًا بالغموض للتنمية العلمية والتكنولوجية.

الإرث:

توفي نيكولا تسلا في فقر وظلام نسبيين في عام 1943، لكن إرثه نما بشكل هائل في العقود التي تلت ذلك. يُعرف الآن على نطاق واسع كواحد من أكثر المخترعين تأثيرا في التاريخ. يرتكز عمله على طاقة التيار المتردد على الشبكة الكهربائية العالمية بأكملها، وقد شكلت اختراعاته الأخرى بشكل عميق الاتصالات السلكية واللاسلكية والروبوتات والعديد من المجالات الأخرى. سُميت وحدة كثافة التدفق المغناطيسي في النظام الدولي للوحدات (SI) بـ “تسلا” (T) تكريماً له، وهو تكريم مناسب لمساهماته الهائلة في مجال الكهرومغناطيسية.

 كان نيكولا تسلا عبقريا ذا رؤية ثاقبة غيرت العالم. بينما تضيف بعض ادعاءاته اللاحقة والجدل المحيط به إلى غموضه، فإن مساهماته الأساسية في الهندسة الكهربائية والتكنولوجيا لا يمكن إنكارها وتستمر في تشغيل عالمنا الحديث.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى