مقال رأي

لم يكن أكثر من حلم !!

بقلم : ماجد العمري

لم يكن أكثر من حلم !!
منذ أن انطلقت شرارة الثورة السورية الأولى في 18 من آذار 2011 سارعنا إلى الالتحاق بركبها خرجنا في الخفاء كخفافيش الليل. دائما كنا نلتقي ملثمين لا يكاد يعرف أحدنا الآخر .شجعنا على التظاهر وكان لنا دور في التنسيق بين الثوري السوري ، كنت أنذاك مدرسا والكثير من أصدقائي يخاطبني زاجرا: ما الذي ينقصك حتى ترمي بنفسك إلى التهلكة ؟؟ الكرامة والحرية تنقصنا ؛

تلك كانت إجابتي لهم …

كانت أيام حملنا عليها أحلامنا البيضاء التي سرعان ما تخضبت بالدم. فلم يكد يمض العام الثاني على انطلاقة الثورة حتى أصبحت خارج السلك التعليمي وطردت من الحرم الجامعي . حيث تلقيت خبر فصلي من التدريس والجامعة كطالب في السنة الأخيرة في الأدب العربي للوهلة الأولى بالصدمة الكبرى ؛ فقد اضطرني ذلك للالتحاق والانخراط أكثر في العمل السياسي والإعلامي .كل ذلك من أجل قضية شعب ألجمه جلاده وقطع لسانه لسنيين طوال ؛ مرت السنة الثانية والثالثة من عمر الثورة ثقيلة علي وعلى رفاق الدرب’ الذين قضى بعضهم .كما استهدفنا بعض متسلقي الثورة من الجيش الحر ممن كانوا على ولاء سابق مع النظام .هجرت بيتي وتشردت عن عائلتي؛ و

وصفونا بأسوأ الصفات التي كانوا يتصفون بها .غردت خارج سرب الأسرة فكم كان الطريق وعرا وشاقا وليله طويل ، ثم عدت لأسرتي لأرعى أطفالي وعملت في الخفاء لكن لم أكن بمأمن ممن باعوا أنفسهم للنظام بثمن بخس ؛نجوت مرات عديدة من حوادث اغتيال كان آخرها العاشر من يوليو 2014م حيث خسرت يومها معدات التصوير ونجوت بأعجوبة ..

عدت أجر ذيول الخيبة لكن لم أفقد الأمل الذي حلمت به ؛تواريت عن الأنظار لفترة عملت في شبكات الأنترنت متكسبا منها مصدر رزقي لمدة عام قبل أنت تحل الفاجعة بريف حلب الشمالي مساء ال 26 من شباط2016 باقتحام مليشيات النظام تحت غطاء جوي روسي سقط على أثرها ريف حلب الشمالي معظمه؛ وخيل لي أن الثورة قد لفظت أنفاسها الأخيرة ،

لأجد بعد هذا الكابوس نفسي بين مفترق طرق تسوقني إليها وأسرتي سوق البعير ؛ فقد كان خسرانا مبينا ؛لا الأرض ولا البيت ولا المال نملك .. وكأن القيامة قامت؛ والأهل والأصدقاء تفرقوا عنا شذر مذر؛ كل الدروب أغلقت وبلغت القلوب الحناجر وضاقت علينا الأرض على اتساعها !! لكن فتح لي بصيص أمل عبر أراض سيطر عليها الأكراد ،عبرنا حدود عفرين على تخوف إلى ريف حلب الغربي؛

وليتني ما أتيت.. للغربة ؛ هنا ناس اتخذوا منا سلعا لتجارتهم في المسكن والمأكل ..فلا في التعليم قبلت ولا كنازح احتضنت ؛ قوم عيرونا بغربتنا وأسلمونا لجشعهم الذي حصد بعض ما ادخرناه لهذه الأيام العجاف التي أكلت من عمرنا كما تأكل النار من هشيم الحطب …

/فلم يكن أكثر من حلم/

لنواجه معه الآن قدرنا المحتوم ولأجد نفسي وجها لوجه مع ألف عدو وعدو …مارست العمل الإعلامي كناشط مشتقل فلم أستطع أن أقف مكتوف الأيد حيال مجرم يقتل شعبي أطفالا ونساء ليل نهار …فليذهب حلمي للجحيم وليعش شعبي حرا أبيا من بعدي ….تلك قصتي اختصرت فيها معاناة الكثيرين من بني جلدتي الذين تكالبت عليهم الأمم تكلاب الكلاب على قصعتها ..

ملاحظة : وكالة خطوة الإخبارية لا تتبنى وجهة نظر كاتب المقال وليس من الضروري أن يعكس مضمون المقال التوجّه العام للوكالة

%d9%85%d8%af%d9%88%d9%86%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b4%d8%ae%d8%a7%d8%b5-3-01

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى