الشأن السوري

من جسد الثورة السورية … الرقة

تقع محافظة الرقة في وسط شمال سوريا على الضفة الشمالية لنهر الفرات و على مسافة 200 كم شرق مدينة حلب , و يعتمد اقتصاد المحافظة على سد الفرات وعلى الزراعة و الحقول النفطية المجاورة لها , وتعد مدينة الرقة مدينة بسيطة عمرانيا ويمتد شارع القوتلي (السوق الشعبي الشرقي) فيها والذي يعتبر المكان الأكثر شعبية في المدينة ويعرف محليا بـ ” سوق الشوايا ” وهو اسم يُطلق على الأغلبية العظمى من سكان الرقة ، نسبة إلى كرمهم ودأبهم على شيّ لحم الضأن وتقديمه للضيوف .
تضم مدينة الرقة متحف تاريخي صغير يسمى متحف الرقة يحوي اثار الحقبات التاريخية السابقة حيث كشفت الحفريات فيها عن آثار تعود إلى العصر العباسي (750 هـ – 1258) و من أهم الآثار الباقية في المدينة قصر العذارى أو قصر البنات، والجامع الكبير الذي بني في القرن الثامن الميلادي كما تضم الأجزاء القديمة من المدينة على أضرحة عدد من الشخصيات الإسلامية، منها الصحابي عمار بن ياسر وأويس القرني و هاشم بن عتبة , ويبلغ عدد سكان محافظة الرقة في اخر إحصائية رسمية قبل الثورة ما يقارب المليون نسمة.

الثورة في الرقة :
تأخر اهالي محافظة الرقة في الدخول بالحراك السلمي في الثورة حيث اقتصر الحراك بداية على بعض المظاهرات الشبابية بأعداد قليلة وبشكل خاطف حتى تاريخ 2012/3/14 حيث سقط اول شهيد في محافظة الرقة وهو علي البابنسي وذلك بعد وصوله مع بعض الشباب المتظاهرين الى ساحة المحافظة لتتصدى لهم قوات الامن هناك بالرصاص الحي وليكون ذلك التاريخ نقطة تحول في مسيرة الرقة الثورية , حيث خرجت مظاهرات عارمة بعشرات الالاف من أبناء المدينة في تشييع اول شهدائها بتاريخ 15-3-2012 واستمرت المظاهرات لما يقارب الأسبوع بشكل متواصل ويومي سقط خلالها عدد من الشهداء برصاص قوات الامن التي عملت جاهدة على اخماد فتيل الثورة في المحافظة ونفّذت حملت اعتقالات طالت المئات من الشباب السلمي المتظاهر .
استمرت المظاهرات في مدينة الرقة ولكن بوتيرة أخف حيث اقتصرت المظاهرات على حي الثكنة بأعداد قليلة بعد صلاة العشاء من كل ليلة , ونتيجة استمرار النظام بقمع المتظاهرين السلميين بدء أبناء المدينة الاتجاه الى حمل السلاح للدفاع عن انفسهم واخذوا ينظّموا بعض الكتائب بهدف حماية احياء المدينة الى ان توسع الامر واخذت التشكيلات العسكرية تظهر تباعا في المدينة والريف الذي تحرر كاملا ليتبعه تحرير المدينة الذي اعلن عنه الثوار بتاريخ 4-3-2013 ولتكون بذلك محافظة الرقة اول محافظة سوريا تتحرر بالكامل من سيطرة نظام الحكم في سوريا .
عاشت محافظة الرقة عاما كاملا من الحرية تحت حكم الثوار من أبناء المدينة الى ان بدأت معارك تنظيم الدولة فيها والتي انتهت بسيطرة كاملة للتنظيم على المحافظة في 13 يناير عام 2014 .
ومنذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا لا يزال تنظيم الدولة باسطا سيطرته على المحافظة بالكامل ومستمرا بالانتهاكات بحق أهلها من المدنيين الذين عانوا الويلات من ظلم وقهر وموت يومي في ظل حكم التنظيم المتشدد.
تمكنت بعض فصائل الثوار الى جانب وحدات حماية الشعب الكردي من استعادة السيطرة على أجزاء من محافظة الرقة في ريفها الشمالي ( سلوك – عين عيسى – تل ابيض ) , الا ان انتهاكات الوحدات الكردية بحق السكان العرب في تلك المناطق جعلت من معاناتهم تستمر كما كانت عليه اثناء حكم التنظيم وأكثر .

خاتمة :
تقبع الان محافظة الرقة تحت حكمين لا يقل كل منهما ظلم عن الاخر بحسب اهل المحافظة فالتنظيم يسيطر على 90 % من المحافظة بينما تسيطر الوحدات الكردية على ما يقارب الـ 10 % منها وسط اشتباكات مستمرة بين الطرفين يدفع ثمنها اهل المحافظة من المدنيين.

الرقة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى