مسابقة خطوة 2014

خبز الدم

اسم المتسابق : وسام باكير

ملاحظة : المقالة المشاركة بالمسابقة لا تمثل رأي الوكالة بل تعبر عن رأي المتسابق فقط دون ان تتبنى الوكالة اية افكار او اراءا شخصية مذكورة ضمن المقالة

—————————————

 

يجانب صوابا من عايش سنوات الحرب الأربع في سوريا إن ارتى  تسميتها بأسوء أزمات و مآسي العصر الحديث، و لن يبذل جهد كثير  ليدلل على صواب ما ذهب إليه ، فالجرح الفائض عن جغرافيا الوطن والاقليم حوَّلَ هذا الشعب لأيقونة  يشار إلى سوء و عظم ما ذاقت .

و إن كان من ضاقت به البلاد و اختار رحيم الموت بأن ركب البحار وهاجر قد وجد نسبيا عوضا بالحياة عن الموتالوطنياليومي ، فإن أقواما هنالك ما تزال تصارع حروبا ليس أصعبها على الإطق آلات القتل المبتكرة من طائرات و صواريخ و دبابات و سواها .

فشعب طحنته سنون أربعون قهرا وفقرا و تهميشا ، لم يكن بحاجةفي ظل ثورتهالى تجويع و حصار و حرب خبز لكي يبين عن فظاعة حاله ويكتشف فريد مأساته  !

هناك ، داخل الوطن و داخل داخله تحديدا ، تقبع مناطق نفضت عنها غبار المعارك المباشرة لترزح تحت وطأة ما هو اشد سوءا وفتكا ، الحصار .

فإن كانت المناطق المحررة ما تزال تعاني إما من فوضى السح او ضيق المعيشة أو عبث المتطرفين وقصف الطاغية فإنه يبقى لها منافذ تخفف حدة مصاعبها سيما في الشمال ، لكن ما حال من استبد بهم حزام الحصار ؟!

في الجواب يتضح أن اعتياد هذه الكلمة و تكرارها قد ألفته الآذان ، لكن من يعيشه لم ولن يعتاد على موت يأتي بشبح رغيف خبز او جرعة ماء أو دواء .

لم ولن يعتاده مشيعو شيخ ثمانيني سئمت من تصبره مصاعب الحياة ليأتيه موت حصار الأقربين سالبا اياه جلده و جَلده .

عامان و نيف تحت هذا الحصار ، عامان غدت فيهما اساسيات الحياة من ماء و كهرباء و دواءو غالبا طعامترف يراود احم الكثير  ممن يعايشوه ، و لم تعد آلة القصف المستمرة حتى الكيماوية منها قادرة على احداث فرق في عزائمهم طالما انها تنزل على بطن خاوية و جسد هزيل مريض .

فمن اليرموك جنوبا مرورا بداريا و دوما وكل مناطق الغوطة الشرقية وصولحمص القديمة و الريف الاوسط ، مئات الآف ممن استحكمهم حصار الأخ العدو و أسلمهم إما لجوع اوصل الكثيرين منهم لحتفه أو لجشع جعل وجود القليل مما يصلح للأكل كعدمه أو لمرض لم يألفوه قبلا و هم من يخبر الاوبئة و حتى الكيماوي لأول مرة !

أسلمهم لطوابير تنتظر اياما على أنقاض بيوتها لتستلم طرد غذاء هو كل ما جادت به منظمات تغنت يوما بالانسانية و مواثيق تحييد الصراعات و إن كانت هذه المساعدات استثناءا عن قاعدة الحصار والمنع و التضييق !

و وفاءا لعهدها ، ترمي الحروب بثقلها على اقل ضحاياها احتمالا له .. أجيال من الاطفال تهب باكرا لتواصل سعيها ، لمدرسة و لعلم ولملعب ، بل لتهيم في الأرض علها تظفر ببعض الحشائش لتأكلها حتى و إن كان دونها القنص فالموت !

قد يكون عصيا على من تسرب من تعليمه أن يعاود ما فاته رغم فداحة ما خسر ، أما من نشأ على الأوصال المقطعة و العظام الناتئة و الموت اليومي و الجوع المستفحل و المرض ، فما الذي يمكن التنبؤ به لحاله حال انتهاء مأساته ؟!

ما حاله وهو الذي استبدل كتابه و ألعابه بفوارغ الرصاص و القذائف و اضحى يمايز بين قذيفة و سواها من صوتها و قوتها ؟!

عزاء في التعاطف ، وعزاء بكل إحصائيات و توصيات ومناشدات و حمت المنظمات والهيئات الدولية المدنية منها والرسمية و إن كانت قد اعترفت على خجل بأن ما يحدث هو جريمة حرب بحق مدنيين .. وفقط !!

هم ينتظرون منكم شيئا ، بل ينتظرون و يقاومون معكم فعزاؤهم منهم و إليهم حين يطل طفل علينا من داخل سجنه المفتوح ملوحا باصبعين و راسما بسمة ستشرق منهايقيناآية نصرهم هم .. يوما ما .

باكير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى