تحقيقات ستيب

سجون الأسد السريّة محاكمٌ خاصة وعقوبات قاسية.. تحقيق صحفي يكشف الغطاء عن 3 سجون بريف حمص الشرقي

مئات بل آلاف السجون التي أنشأها النظام السوري واضحة للعيان، يقطنه آلاف المعتقلين بسببٍ أو بدون سبب، يُطلق عليها “سجون الأسد”، بعد أن باتت شبحاً يُلاحق كلّ من لا يوالي رئيس النظام السوري، بشار الأسد، أو من لا يُشبح له و لضباطه وقوّاته ومسؤولين في برلمانه.

سجون الأسد رعبٌ حقيقي

ولكن ما يخفى على العيان، رغم القناعة التّامة بوجودها هي عشرات السجون السريّة، التي تحوي داخلها مساجين تُهمهم بالنسبة للنظام “خطيرة”، جميعهم من المعارضين السياسيين لحكمه وبعضهم عناصرٌ في صفوف قوّاته، ولا أحد يعلم بمكانهم أو يمكنه الوصول إليهم ومحادثتهم.

وكالة “ستيب الإخبارية”، تمكنت بعد محاولاتٍ ومتابعاتٍ شتى من الوصول إلى معلومات عن ثلاثة سجون سريّة أشد خطورةً وقساوةً من سجن تدمر، الذي كان يُعرف بأنه “شبح السجون”، وفي هذا التحقيق المستند على شهادة حراس ومهندس إعمار كان يعمل في إنشائها، نكشف لكم أسماء السجون الثلاثة ومسؤولين عنهم، بالإضافة إلى عدد المعتقلين بكلّ سجن وتُهمهم ومعلوماتٍ مادية عن تكلّفة إنشاء كلٍّ منها.

¶ أين تقع السجون الثلاثة؟

تقع ثلاثة سجون سريّة لقوات النظام السوري في مدينة تدمر ومحيطها في البادية السوريّة بريف حمص الشرقي، وتعدّ أشد خطورةً من سجن تدمرَ السابق.

¶ أسماء السجون الثلاثة

تُعرف السجون الثلاثة، بأسماء المناطق التي أُنشأت فيها بريف حمص الشرقي، وهي: سجن تخوم قرب مدينة تدمر وسجن السخنة قرب بلدة السخنة وثالثها سجن العامرية قرب بلدة العامرية، وانتهت قوّات النظام السوري من تجهيزها بشكلٍّ كامل مطلع العام 2018.

¶ أسماء بعض الضباط

من أسماء الضباط التي حصلت عليها “ستيب الإخبارية”، حازم الحسين مسؤول عن سجن العامرية وهو ضابط من الحرس الجمهوري، وعيسى الكرادوي مسؤول عن سجن السخنة وهو مقدم من أمن الدولة.

¶ متى أنشأت السجون الثلاثة؟

جرى البدء بإنشاء السجون في ريف حمص الشرقي بعد خروج تنظيم الدولة “داعش” منها في يوليو 2017، بعد أن سيطرت قوات النظام السوري على المنطقة إثر اشتباكاتٍ عنيفة مع التنظيم مطلع الشهر الثالث من العام نفسه.

حيث قام تنظيم “داعش” عَقَبَ سيطرته على المنطقة منتصف عام 2015، بتفجير أكبر سجون النظام السوري وأخطرها وهو سجن تدمر؛ وذلك أواخر الشهر الخامس من العام ذاته.

بدأت قوات النظام بعملية إنشاء السجون، بإيعازٍ مسبقٍ صادرٍ من المخابرات الجويّة ووزارة الداخلية للإسكان العسكري.

تضمنت الأوامر بتجهيز ثلاثة سجون بطاقة استيعابية تصلّ إلى 200 سجينٍ للسجن الواحد، وجرى العمل بها منتصف الشهر السابع من عام 2017.

يقول عامر العبد “اسم وهمي اختارته وكالة ستيب لغاياتٍ تتعلق بسلامته”، وهو إداري في مؤسسة الإنشاء والتعمير العسكرية التابعة لقوات النظام (الإسكان العسكري)، إنَّ تكلّفة تجهيز السجون الثلاثة بلغت آنذاك 38 مليون ليرة سورية، وتمَّ إرسال الفواتير بها لأرشفتها إلى شعبة المخابرات ووزارة الداخلية فقط بطلبٍ منهم.

¶ هندسة السجون

بحسب العبد، تأخذ السجون من الخارج هيكلة مقرات اعتيادية لقوات النظام السوري مزودة بكاميرات مراقبة بشكلٍّ كامل ونقاط حراسة مرتفعة بمحيطها ونشر قناصين على أسطحها، بالإضافة إلى امتلاكها أسلحة ثقيلة ومتوسطة بداخلها.

تتألف من طابقين وقبو في أسفلها، وتضمُّ مهاجع جماعية في كلّ سجن، يبلغ عددها 5 مهاجع وسجونٍ انفرادية يبلغ عددها 50 منفردة بطول وعرض مترٍ ونصف.

كما يوجد داخلها مكاتب للتحقيق في الطابق الثاني، وأماكن استراحة للحراس في قسمٍ مخصصٍ لهم داخل القبو، وبعضها تقع على أطراف باحات السجن، ويبلغ عددها في كلّ سجن 4 مهاجع استراحة للعناصر.

¶ كيف يُقتاد المعتقل إلى السجن؟

يقول عنصر من عناصر الحراسة المخصصة على السجن الواقع في بلدة السخنة، إنَّ عملية جلب السجناء تتمّ عبر سيارات عسكرية رباعية الدفع، مغلقي الأعين ومكبلي الأيدي.

ويشير إلى أن جلب السجناء، يتمّ على دفعات وكلّ دفعة تضمّ من ثلاثة إلى أربعة سجناء فقط؛ وذلك لعدم لفت الانتباه والشكوك حول هذه السجون، وبين كلّ دفعةٍ وأخرى فترة زمنيّة تتراوح بين الخمسة والسبعة أيّام.

¶ ما تُهم المعتقلين في تلك السجون؟

تحتوي السجون على معتقلين غالبيتهم من محافظة ديرالزور وإدلب والرقة.

تُهمهم مختلفة، منها التجسس لصالح التحالف الدولي ضد قوات النظام وبعضهم جرى اعتقالهم بتقارير تُفيد بأنهم يعملون على منع التشييع من قبل الميليشيات الإيرانيّة في سوريا والبعض الآخر اعتقل بتهمة محاولة اغتيال قياديين من قوات النظام لصالح تنظيم “داعش”.

كما اتهم بعضهم بتمويل ودعم جماعات مسلحة؛ وذلك لنزوحهم إلى تركيا وعودتهم إلى سوريا والتوجّه لمناطق قوات النظام السوري عن طريق مهربين.

ومن ضمن المعتقلين أيضاً، عناصر من قوات النظام جرى اعتقالهم بتهمٍّ تتعلق بتأمين انشقاق عناصر والتورط بالتشجيع على الانشقاق والالتحاق بقوات سوريا الديمقراطية “قسد” من جهة وترك العسكرة من جهةٍ أخرى.

¶ محاكم خاصة داخل السجون

وفق شهادة عنصر يخدم في سجن تدمر الجديد، فإن السجن يحتوي على محاكم خاصة، تشبه محاكم فرع أمن الدولة، يتمّ فيها استدعاء المساجين والتحقيق معهم وحكمهم داخل السجون نفسها.

لافتاً إلى أن غالبية الأحكام تتراوح بين المؤبد من جهة والسجن لمدّة 15 عاماً من جهةٍ أخرى، ولا تشملها قرارات إخلاء السبيل والعفو الذي يصدر على باقي السجون.

¶ أعداد المعتقلين في السجون الثلاثة لِلحظة إعداد التحقيق

– سجن السخنة، يضمّ 70 معتقلاً مدنياً و5 معتقلين كانوا قياديين سابقين في ميليشيا الدفاع الوطني.

– سجن تدمر، يضمّ 50 معتقلاً مدنياً و14 معتقلاً عسكرياً.

– سجن العامرية، يضمّ 30 معتقلاً مدنياً و25 معتقلاً عسكرياً، بينهم ثمانية معتقلين قياديين من ميليشا الفيلق الخامس المدعوم روسياً.

¶ تأثير قانون قيصر على نقل المساجين

شاهد عيان داخل سجون ريف حمص، يقول إنه جرى نقل 20 معتقلاً على شكل دفعات وتوزيعهم على السجون الثلاثة، قادمين من سجن صيدنايا بريف دمشق؛ وذلك بعد تسريب صور قيصر وإصدار العقوبات الخاصة بالقانون.

وجاء نقلهم تفادياً لدخول لجان التفتيش إلى سجن صيدنايا السيء السمعة ورؤية فظاعة ما يجري للمساجين داخله.

ويُضيف: “كانت قوات النظام تعمل على محاولة نقل أكبر عدد من المعتقلين من سجن صيدنايا إلى سجون ريف حمص الشرقي، لكنها توقفت بعد نقل 20 معتقل؛ وذلك لعدم قدوم لجان التفتيش حينذاك”.

ويؤكد أن هؤلاء يقبعون في سجون قوات النظام منذ عام 2013، وجرى نقلهم بشكلٍّ متكرر بين السجون ووصل بهم الحال إلى صيدنايا ومن ثمّ سجون ريف حمص الشرقي.

وبحسب المصدر، تتراوح أعمارهم بين 28 – 35 عاماً، غالبيتهم من دمشق وحلب.

إعداد : سامية لاوند

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى