تحقيقات ستيب

خط الغاز العربي.. 10 معلومات لا تعرفها عن أكبر مشروع اقتصادي مشترك بالشرق الأوسط

كثر الحديث خلال الشهر الفائت عن مشروع خط الغاز العربي الذي سيمر انطلاقاً من مصر إلى الأردن وسوريا ثم إلى لبنان، ووصف الأمر بأنه اختراق سياسية بإعادة التعامل مع الحكومة السورية بعد سنين من القطيعة بينما رآه آخرون باختراق للعقوبات الغربية على سوريا، أما الهدف الذي أذيع عنه بأنه المنقذ للبنان.

إلا أن المشروع الذي أعلن عنه أول مرّة منذ ما قبل الثورة السورية وبدأ العمل عليه ليكون مصدراً للغاز يصل أوروبا، توقف تماماً خلال الحرب في سوريا، ثم جرى تداول الحديث بأن مشاريعاً مضادة أدت لتوقفه لعلّ أبرزها “خط الغاز القطري” و”خط الغاز الإيراني”، وربما “السيل الشمالي الروسي” أيضاً.

معاينة مربع 1

بداية مشروع خط الغاز العربي

انطلق مشروع خط الغاز العربي لتصدير الغاز الطبيعي المصري لدول المشرق العربي ومنها إلى أوروبا، وبدأ بإنشاء خط من مدينة العريش في شمال سيناء إلى العقبة في جنوب الأردن وتم الانتهاء من هذا الجزء عام 2003 بتكلفة قدرها 220مليون دولار.

وفي المرحلة الثانية من المشروع وصل الخط بين العقبة والرحاب، أيضاً في الأردن، والتي تبعد 24كم عن الحدود السورية، وطول هذا الجزء 390 كم بتكلفة قدرها 300مليون دولار، وتم الانتهاء منه بحلول عام 2005.

أما الجزء الثالث للخط طوله 324كم، وهو من الأردن إلى دير علي قرب دمشق في سوريا، ومن هناك سيمتد الخط ليصل إلى قرية رايان. وفي عام 2006 تم الاتفاق بين مصر وسوريا والأردن ولبنان وتركيا ورومانيا بتوصيل الخط الغاز إلى الحدود السورية التركية ومن هناك سيتم توصيل الخط بخط غاز نابوكو ليوصل بالقارة الأوروبية، إلا أن الجزء الأخير بين سوريا وتركيا لم يكتمل بسبب اندلاع الحرب السورية.

وفي عام 2004 اتفقت مصر والأردن ولبنان وسوريا مع العراق لتوصيل خط الغاز العربي مع العراق لتصدير الغاز العراقي لأوروبا أيضاً. وكان من المفترض أن يتم الانتهاء من هذا المشروع عام 2010.

Arab Gas Pipeline ar

إعادة طرح المشروع بعد 10 سنين

يوم 19 من آب الماضي أعيد طرح الفكرة من خلال التصريح الصادر عن الرئاسة اللبنانية، والذي جاء فيه أنّ السفيرة الأمريكية في لبنان، دورثي شيا، قد اتصلت بالرئيس اللبناني وأبلغته أنها: “تبلغت قراراً من الإدارة الأميركية بمتابعة مساعدة لبنان لاستجرار الطاقة الكهربائية من الأردن عبر سوريا، وذلك عن طريق توفير كميات من الغاز المصري إلى الأردن، تمكنه من إنتاج كميات إضافية من الكهرباء لوضعها على الشبكة التي تربط الأردن بلبنان عبر سوريا. كذلك سيتم تسهيل نقل الغاز المصري عبر الأردن وسوريا وصولاً إلى شمال لبنان”.

وسبقت هذه التصريحات، زيارة الملك الأردني إلى واشنطن، والتي طرح فيها الموضوع مع الرئيس الأمريكي بايدن.

بدا الأمر في حينه، وبسبب تزامنه مع الحديث عن ناقلة النفط الإيرانية القادمة باتجاه لبنان وسوريا، وكأنه مجرد مناورة تكتيكية إعلامية، إلا أنه بدأ الحديث الرسمي بعد ذلك من خلال قمة بغداد لدول الجوار التي عقدت يوم السبت 28 آب الماضي، وكان لافتاً الحضور الفرنسي، إضافة إلى تسريبات إعلامية قالت إنّ موضوع خط الغاز كان مطروحاً ضمن أروقة القمة.

خلال الأيام الأخيرة، تسارعت الأحداث؛ حيث استضاف الأردن لقاءً رباعياً لوزراء الطاقة والنفط لكل من مصر الأردن سورية ولبنان لبحث الموضوع نفسه، ثم لقاء جمع قياد أركان النظام السوري والأردن، بعد أحداث عسكرية استطاعت من خلالها قوات النظام السوري بمساندة روسية فرض سيطرة على درعا الحدودية مع الأردن وربط الأمر بمشروع خط الغاز العربي أيضاً.

 

إسرائيل تشارك في الخط

مما كان لافتاً في المشروع هو ما ووضّح في الخريطة التي أظهرت سير خط الغاز العربي، حيث كان ظاهراً للعيان وجود ربطٍ بين خط العريش بمصر مع عسقلان في إسرائيل، والتي تعد مصدراً للغاز الإسرائيلي.

ولم يتناول أحد من المسؤولين العرب الحديث عن إمكانية وجود غاز إسرائيلي ضمن المشروع، إلا أن ذلك بات شبه مؤكد من خلال مصادر تواصلت معها وكالة “ستيب الإخبارية” في مصر وإسرائيل وحتى الأردن.

وفي إسرائيل أكد الكاتب والباحث السياسي “إيديي كوهين” بأنه بين مصر وإسرائيل اتفاقيات غاز قديمة متجددة، ولعلّ زيارات المسؤولين الإسرائيليين لمصر مؤخراً كان للتأكيد على استمرار ضخ الغاز الإسرائيلي إلى مصر التي ستنقله إلى خط الغاز العربي، وعن فائدة مصر من ذلك، بحسب مصادر مطلعة فهي عوائد مادية من فرق الأسعار بين الصفقة الإسرائيلية وخط الغاز العربي.

وبحسب دراسات مطلعة فإن مصر المرتبة 20 عالمياً في إنتاج الغاز الطبيعي عالمياً والمرتبة 16 عالمياً في احتياطات الغاز الطبيعي، والتي تقدر بحوالي 77 ترليون قدم مكعب و1.1% من إجمالي الاحتياطي العالمي، وهذا وفقاً لأعلى التقديرات وهي تقديرات أوبك. أما إذا أخذنا تقديرات بريتش بتروليوم فإنّ حصة الغاز المصري تنخفض إلى 0.9% من الاحتياطي العالمي، إلا أن لاستهلاك المحلي ضمن مصر للغاز المصري فإنّ الفائض المتبقي الذي يمكن –نظرياً-تصديره هو فائض شديد التواضع، مما يؤكد وجود سيل غاز إسرائيلي سيضخ بالمشروع “العربي”.

بداية الاتفاق بين مصر وإسرائيل كان يفترض ضخ الغاز المصري لإسرائيل عام    2005تقضي بالتصدير إليها 1.7 مليار متر مكعب سنوياً من الغاز الطبيعي لمدة 20 عاماً، بثمن يتراوح بين 70 سنتا و1.5 دولار للمليون وحدة حرارية بينما يصل سعر التكلفة 2.65 دولار، كما حصلت شركة الغاز الإسرائيلية على إعفاء ضريبي من الحكومة المصرية لمدة 3 سنوات من عام 2005 إلى عام 2008.

إلا أنه عام 2020 بدأت إسرائيل في ضخ الغاز الطبيعي إلى مصر بموجب اتفاقية هي الأهم منذ إقرار السلام، بواقع 200 مليون قدم مكعبة يومياً.

وبموجب الاتفاق الذي وصف بالتاريخي، تشتري شركة خاصة في مصر هي “دولفينوس القابضة” 85 مليار متر مكعب من الغاز بقيمة 19.5 مليار دولار من حقلي لوثيان وتمار الإسرائيليين على مدى 15 عاماً.

ويجري توريد الغاز عن طريق خط أنابيب تحت المياه يربط إسرائيل وشبه جزيرة سيناء في مصر. ووصف المسؤولون في الدولة العبرية تصدير الغاز بأنه أهم صفقة تبرم منذ توقيع البلدين اتفاقية سلام تاريخية في 1979.

1 2

مصر محور المشروع

يشرح مدير المركز العربي للبحوث والدراسات في مصر، هاني سليمان، خلال حديثه لوكالة “ستيب الإخبارية” بأن مشروع خط الغاز العربي له عدة فوائد، أولها السياسية بأن تكون مصر محور اقتصاد سياسي هام على اعتبار أن العامل الاقتصادي أهم العوامل المؤثرة بالعلاقات، ووجود مصر كمركز للغاز بالمنطقة له فائدة سياسية بالوقت الذي تعمل فيه مصر للانطلاق بعدة قضايا سياسية على مستوى المنطقة.

ويقول: على المستوى الاقتصادي، وجود مصر كمركز للغاز سيعطيها العديد من الفوائد والعوائد الاقتصادية خاصةً بأن هناك أكثر من مركز لمعالجة الغاز مما سيعود عليها بفائدة كبيرة ودفعة اقتصادية بارزة.

ويضيف: مرور خط الغاز العربي ووصوله للدول الأوروبية هدف مهم لا سيما مع البحث الأوروبي عن مصادر بديلة للغاز الروسي حتى لا تبقى تحت الرحمة الروسية، وكانت تركية تحاول أن تكون ذلك البديل إلا أنّ وجود خط الغاز العربي وإمكانية الوصول إلى أوروبا سيعطي خيارات جديدة باللعبة.

ويشير إلى أن مرور خط الغاز العربي من الدول العربية ولا سيما التي تعاني من أزمات مثل لبنان وسوريا يعتبر “كاصطياد عصفورين بحجر واحد” حيث سيساهم ذلك بتنويع مواطئ الغاز القادم من مصر وهو ما سيعطي فائدة أكبر اقتصادياً، إضافة إلى أنه سيعطي دفعة سياسية.

أما عن خط عسقلان القادم من إسرائيل يرتبط مع خط العريش فيؤكد “هاني سليمان” أنه كان ضمن خط إمداد الغاز من الحقول الإسرائيلية في شرق المتوسط، وفي فبراير الفائت كان هناك عقد بقيمة 64.مليار دولار لتوريد الغاز من خلال هذا الخط إلى شركة مصرية لمدة 10 سنوات من حقلي تمار وليفياسان الإسرائيليين، وطول الخط 90 ميل وكان قد استهدف عدة مرّات من قبل مجموعات إرهابية شمال سيناء.

ويتابع: استئناف نقل الغاز بخط عسقلان كان نتاج اجتماع منتدى غاز المتوسط الذي عقد ونتج عنه عدة قرارات وهو يضم مصر وإسرائيل واليونان وقبرص والسلطة الفلسطينية وشركاء خارج هذه المجموعة.

ويشير بذات الوقت إلى أن خط غاز عسقلان خضع للتعديلات الفنية لجعل الغاز ينتقل بالاتجاهين بعد أن كان من مصر لإسرائيل، أصبح ينقل بالاتجاهين، ووفقاً لذلك سينقل هذا الخط الغاز إلى مصر مع بقاء الأولوية بخط الغاز العربي إلى مصر.

ويرى “سليمان” بأن هناك حديث واقعي بأن خط عسقلان رئيسي بمشروع خط الغاز العربي وهو أمر راجع لتفاهمات مصرية إسرائيلية ولا يتعارض مع المشروع، معتبراً أن مصر قادرة على إقامة المشروع وحتى لو كان ربحها من هامش خط عسقلان فقط.

 

“الحلف العربي”

يرى “سليمان” بأن رئاسة مصر لمنتدى غاز شرق المتوسط هو نجاح السياسة المصرية وعلاقتها المتزنة مع دول الجيران وقبولها من قبلهم كوسيط اقتصادي، بعد أن قدمت طروحات ترسيم الحدود البحرية مع قبرص، وستحصد بذلك نتائج ما كانت تتصارع عليه الدول بالمنطقة.

ويقول: أهم ما يميز مصر كان حفاظها على العلاقات المتزنة مع الدول، لاسيما أنها تملك خبرة سياسية على مدار سنين جعلها كحكم تحدد موقفها من العديد من الملفات التي كانت في الإقليم مما جعلها كوسيط مقبول لدى الجميع.

ويضيف: التعامل المصري مع الأزمة السورية كان مختلف تماماً وتميز بالحكمة والهدوء لإدارة الملف بخيوط رفيعة وحساسية شديدة، لا سيما بأن الوضع السياسي بسوريا بدأ يتضح مع استقرار الأوضاع بشكل شبه نهائي، وهو ما تلقفته مصر بشكل مبكر حيث كان رأيها عدم تدمير الدولة ومؤسساتها وهو ما حدث، وخط الغاز العربي قد يكون خطوة كبيرة لإعادة سوريا إلى محيطها العربي.

ويتابع: الحلف العربي لدعم الاستقرار اعتقد أنه فاز نوعاً ما بمعظم الملفات والنتائج الإيجابية في تونس وليبيا وسوريا وغيرها، وخط الغاز العربي هو أحد المشاريع الهامة التي فاز بها الحلف العربي.

ويؤكد بذات الوقت أن مشاريعاً أخرى منافسة لخط الغاز العربي كانت موجودة، حيث كان هناك مشروع قطري وهو أحد أهم الأسباب الذي دفع قطر للاستثمار بالأزمة السورية، وبالنهاية فاز حلف مصر وباقي الدول العربية بالمشروع النهائي، حسب وصفه.

 

ماذا يستفيد الأردن؟

بعد مصر ينتقل خط الغاز العربي إلى الأردن التي تعوّل على المشروع كثيراً بقضايا اقتصادية وسياسية.

وحول ذلك يتحدث الباحث السياسي الأردن، أياد المجالي، لوكالة “ستيب الإخبارية” بأن موقع الأردن الاستراتيجي قد ساهم في شكل فاعل بتحديد مستقبل مشروع خط الغاز العربي.

ويقول: مشروع خط الغاز العربي مؤثر بشكلٍ كبير في مستقبل المنطقة في مجال الطاقة وسيكون فاتحاً للعديد من المشاريع الأخرى بالمنطقة لسد حاجة الأردن وسوريا ولبنان وحتى العراق، وهو سيكون له عوائد اقتصادية كبيرة على خزينة الدولة الأردنية نتيجة هذا الدور المحوري بهذا المشروع الحيوي.

ويضيف: الأردن يراهن على هذا الجانب للحصول على مكاسب اقتصادية تمكنه من الحصول على بدل نقدي لمرور هذا الخط عبر أراضيه وسد حاجته من الغاز وتخفيف قيمة ما كان يصرفه على نقل الغاز المسال عبر وسائل تقليدية.

ويؤكد “المجالي” أن الأردن سيكون أمام مشاريع كبيرة لتكرير الغاز وتوليد الكهرباء مما سيخفف من عبء الاستيراد ويسد حاجة كبيرة لهذه المنتجات.

ويوضح أن للمشروع بعد سياسي آخر، حيث سيجعل العلاقات بين دول خط الغاز العربي أكثر عمقاً نتيجة الشراكة والتعاون بمشروع سيغير من قواعد اللعبة في مجال الطاقة بالمنطقة.

ويستطرد بالقول: العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني يقود مبادرة سياسية دقيقة حول الأزمة السورية ومعالجة تداعياتها السياسية والاقتصادية، وتهدف هذه المبادرة إلى إعادة سوريا إلى محيطها العربي وفق معايير وأسس وقواعد التعاون والمشاركة في تخفيف أعباء الحرب التي دمرت قطاعات واسعة في الجغرافيا السياسية، ومن خلال إعادة التعاون في مجال مواجهة التطرف والإرهاب وتقديم المساعدة للعديد من القطاعات بسوريا.

ويتابع: المبادرة التي يقودها الملك عبد الله تتمثل بأحد أهم محاورها بإقناع المجتمع الدولي لرفع العقوبات عن سوريا والتي شكلت عقبة حقيقة وضاغطة على القيادة السياسية في سوريا خاصة بجانب مواجهة الأوضاع الاقتصادية المتردية، المتمثلة بارتفاع الأسعار وفقدان العملة الصعبة ومصادر الطاقة، ويأتي هذا الموقف نتيجة حتمية للضغوط التي انعكست بشكل مباشر وتلقائي على الاقتصاد الأردني مما دفع القيادة السياسية في الأردن للبحث عن حلول.

ويشير إلى أن التوافق على خط الغاز العربي ترجم من خلال جملة مسارات دبلوماسية نفذها وزراء الطاقة في سوريا والأردن ولبنان ومصر، ولقاءات مكثفة من أجل البدء بضخ الغاز من مصر مروراً بالأردن وسوريا إلى لبنان، وهو أمر سينعكس إيجابياً على تفاصيل الأزمة والملف السوري والصراع القائم في البلاد.

 

خرق العقوبات على سوريا بضوء أخضر أمريكي

لم يكن مشروع خط الغاز العربي ليرى النور في الوضع الراهن لولا الضوء الأخضر الأمريكي الذي أعطى الإذن لدول إقليمية وعربية للتحرك والتواصل مع الحكومة السورية “المعاقبة”.

ويؤكد الباحث السياسي السوري، كرم الشعار، أن مشروع خط الغاز العربي ليس اختراق لقانون قيصر بالذات بقدر ما هو اختراق للعقوبات السابقة، وهنا يجبب التفريق عقوبات قانون قيصر والعقوبات الأمريكية والغربية على سوريا.

ويقول: الشركة المسؤولة عن تمديد خط الغاز العربي في سوريا تتبع لوزارة النفط ووزارة النفط معاقبة من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي قبل قانون قيصر.

أما عن الفائدة المرجوة فيرة “الشعار أن عوائد خط الغاز العربي والكهرباء لن تكون منقذة للاقتصاد السوري، وغالباً ستكون على شكل غاز وكهرباء، ويذكر هنا أن استهلاك الفرد الواحد بسوريا من الكهرباء اليوم هو 15 بالمئة مما كان عليه قبل الحرب، وهنا تتضح المشكلة بأنه ليس الطاقة الإنتاجية التي انخفضت بينما قلّة الغاز اللازم للإنتاج، وإيصال الغاز من خط الغاز العربي لسوريا هو المكسب الأكبر للحكومة السورية من المشروع.

ويضيف “الشعار”: المكسب الثاني اللافت هو التعامل مع الحكومة السورية رغم العقوبات الغربية من خلال مشروع خط الغاز العربي، الأمر الذي ينظر إليه بأنه اختراق سياسي كان يبحث عنه النظام السوري منذ زمن.

ويوضّح بأن خط الغاز العربي لن يهدد المصالح الروسية ومشروعها المعروف بسيل الغاز الشمالي، لأن خط الغاز العربي لن يصل أوروبا، لأن جزء المشروع الذي يصل من سوريا إلى تركيا متوقف ولم يستكمل، أما إيران فقد ترى بالأمر مكسباً حيث يعتبر قدرة حلفائها في لبنان وسوريا على الحصول على الغاز هو أمر يريحهم نسبياً ويخفف العبء عليهم، فالدعم النفطي الذي يقدم لسوريا ولبنان يقدم بأسعار مخفضة أو من خلال الخط الائتماني.

ويتابع: كان هناك نظريات متعددة حول خطوط غاز أخرى مثل القطري والإيراني وأن ذلك التنافس كان سبباً من أسباب الحرب في سوريا وهو مثل نظريات المؤامرة التي روّج لها النظام السوري.

bara180927 012 gasnew 01i

خط الغاز العربي هل سينقذ لبنان؟

وضعت لبنان على أنها الهدف الأسمى لمشروع خط الغاز العربي، والذي سينقل معه كهرباء منتجة في الأردن وسوريا إليها أيضاً كنوع من الدعم العربي لها، لكنه ليس مجاني، حيث أن حكومة لبنان بدأت التفاوض مع صندوق النقد الدولي لاقتراض مليار دولار لسداد حاجة المشروع.

يقول الدكتور مكرم رباح، الباحث السياسي اللبناني: خط الغاز العربي والكهرباء هو محاولة من المجتمع الدولي والعربي لوضع نوع من شبكة أمان، إلا أنّ تلك الحلول مؤقتة والمساعدة للبنان بهذا التوقيت يساعد ميليشيات إيران في لبنان.

ويضيف: والجميع يعي تماماً أنه ليس هناك إمكانية لإعطاء الطبقة الحاكمة في لبنان أموال بشكل مباشر لذلك كانت الخطة “ب” وهي إعطاء الكهرباء والغاز.

ويؤكد “رباح” أن أي قرض للبنان بهذا الوقت هو عبء إضافي إلا أنه ليس هناك خيار آخر، مشدداً على أنه ليس المطلوب إعطاء المال للطبقة الحاكمة، بينما يجب أن يكون هناك إصلاحات جذرية وبنيوية للنظام السياسي والاقتصادي والمعاقبة على الفساد والإجرام، لا سيما أن الأموال التي صرفت على لبنان كانت طائلة بينما لم تستطع الطبقة الحاكمة منذ 2005 واغتيال الرئيس رفيق الحريري من الاستثمار في البنية التحتية للبلاد.

ويتابع: بغض النظر عن أن الغاز الوارد إسرائيلي أو غيره، فإن حزب الله برهن عن هرطقة وزندقة سياسية خلال التعامل مع موضوع إسرائيل والمقاومة، فهم يقولون إنهم يريدون تدمير إسرائيل ولكن لا يمانعون التفاوض معه بشكل مباشر عبر الألمان والأمريكان بما يتعلق بترسيم الحدود البحرية، وحزب الله لا يتصرف مع لبنان على أنه موطن بقدر ما يراه موقع متقدم أو قاعدة عسكرية.

ويبيّن أن المشروع العربي لم يكن بديلاً بقدر ما كان للتذكير بأن لبنان يملك خيارات وأصدقاء، معتبراً أن الخط العربي سيساعد حتماً لكن المشكلة داخلية في لبنان وليست خارجية، فأي أموال أو نفط أو كهرباء سيصل لبنان بدون آلية محاسبة وشفافية ستذهب هدراً.

أما عن الحكومة الجديدة فيرى أنها جاءت لتكون دليل بأن المجتمع الدولي لا يريد انهيار لبنان بشكلٍ كامل، ويقول: لا أعتقد أن هذه الحكومة قادرة على تحقيق إنجازات كبيرة كون ميقاتي نفسه جزء من المشكلة حيث يعطي غطاء بنفسه لحزب الله، ودول الخليج بات موقفها واضح بأنها لن تستثمر ببلد يحكمه حزب الله، وهذا شيء صحّي لأن أي أموال ستصل الآن للطبقة الحاكمة ستستثمر ضد الشعب في الانتخابات النيابية والبلدية القادمة.

 

لن يخلو من مخاطر

لن يخلو استثمار خط الغاز العربي من مخاطر لا سيما أن دول المنطقة التي يمر بها تعيش أزمات، وخصوصاً الفرع المار بسوريا التي دمرتها الحرب على مدار 10 أعوام.

ولم يسلم الخط العربي للغاز من الاستهداف منذ اندلاع أحداث 2011، فقد تم تفجير الخط في 5 فبراير 2011 عند منطقة الشيخ زويد شمالي سيناء، وتم إيقاف ضخ الغاز لمنع زيادة الاشتعال آنذاك. وفي 7 يوليو 2013، فجر مجهولون خط الغاز جنوبي العريش في محافظة شمال سيناء. ومنذ قيام ثورة 25 يناير 2011 تم تفجير خط الغاز لأكثر من 16 مرة، استهدفت معظمها الأنبوب الواصل إلى إسرائيل.

وكان آخرها بعد طرح المشروع بأيام حين استهدف الفرع المار بسوريا بمنطقة حران العواميد بمحافظة ريف دمشق ما أدى إلى توقف إمداد الغاز إلى المنطقة الجنوبية وتوقف عدة محطات لتوليد الطاقة بالمنطقة، وكان قد تبنى تنظيم “داعش”، في بيان، الهجوم على خط الغاز في محطة كهرباء دير علي.

1552918997 872 44867 showimage 770x435 1

خط غاز عربي بنكهة إسرائيلية

ومما سلف فإن تطابق المعلومات وآراء الخبراء تؤكد أن الغاز المسال بـ”خط الغاز العربي” لن يكون عربياً خالصاً، فيما يبدو أن إسرائيل مستفيدة بشكل لافت منه، وهو الأمر الذي يسأل عنه محور “الممانعة” المزعومة “سوريا وحزب الله وإيران” الذين قبلوا بالمشروع، بينما تبقى التفاصيل الخفية بانتظار الوقت لتتضح فيما إذا كانت موافقة هذا الحلف منوطة باتفاق ما مع إسرائيل ذاتها التي يرفعون شعار “زوالها”.

الوسوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى