حورات خاصة

خبراء اقتصاديون: مصر تمرّ بوضعٍ حرج و2023 الأسوأ اقتصادياً.. وهذا ما ينبغي على الشعب فعله

مع استمرار أزمات ارتفاع التضخم في مصر إلى مستويات كبيرة، بالإضافة إلى أزمة شح الدولار، خفض البنك الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد المصري في العام المالي الحالي إلى 4.5 في المئة، من توقعاته السابقة البالغة 4.8 في المئة، بينما كشفت بيانات التجارة الخارجية أن قيمة العجز في الميزان التجاري المصري ارتفع بنسبة 21%.

وفي الوقت نفسه، تواجه مصر فجوة تمويلية قدرها 17 مليار دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة، ويمثل برنامج صندوق النقد الدولي البالغ ثلاثة مليارات دولار أقل من 20 في المئة من هذه الفجوة.

وبينما يؤكد خبراء اقتصاديون أن الوضع الاقتصادي في مصر يمرّ “بحالة حرجة”، تتحرك الحكومة المصرية والبنك المركزي في أكثر من اتجاه، كان آخرها إعلان البنوك التابعة للحكومة عن طرح شهادات استثمار بعائد سنوي يبلغ نحو 25 في المئة.

وعلى صعيد خسائر الجنيه المصري مقابل الدولار، شهدت سوق الصرف تغيرات كبيرة منذ مارس/آذار من العام الماضي، وسط مخاوف من أن تواجه العملة المحلية مصيراً مشابهاً للدول التي انهارت عملاتها كسوريا ولبنان، فيما عاد الحديث مجدداً عن السعر العادل أو القيمة العادلة للدولار مقابل الجنيه.

يقول المحلل الاقتصادي في الأسواق الناشئة و البورصات العالمية تامر صفوت، إنه بالرغم من النزول الشديد للعملة المصرية أمام الدولار إلا أن هذا النزول كان جزءًا من اتفاق الحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولي لتفعيل آلية سعر الصرف المرن للعملة.

ويضيف لوكالة ستيب الإخبارية: “وهذا ما تم تفعيلة أمس الأربعاء، تحديداً بعد تحريك سعر صرف الجنيه لمستويات قياسية تم عودة ارتفاع الجنيه مرة أخرى أمام الدولار فى آخر اليوم ليسجل 29.70 من أعلى سعر له وهو 32.20، ما يعني استجابة البنك المركزي لآلية سعر الصرف المرن المتفق عليه، فتوقع سعر الصرف فى الأيام القادمة هو 3 أو 4% صعوداً أو نزولاً من إغلاق أمس (29.70) حسب الطلبات والعروض المسجلة فى الأيام القادمة”.

من جهته، يقول رائد الأعمال والخبير بالشؤون الاقتصادية باسم قدري لوكالة ستيب الإخبارية، إنَّ السعر الذي نراه الآن ليس السعر الحقيقي، مضيفاً “لأن السعر الحقيقي هو الذي سأجده عند الطلب. السعر الحالي هو سعر هبوط ونزول أمام الجنيه، النزول الحالي ليس حقيقياً، بل هو هبوط لجذب أموال ساخنة كي يتمكن من تعويض الـ Gap الموجودة عليه، ففكرة أن الدولار سيتغير أو أن هذا قمته، أنا أرى أن الرقم الذي سيقبله سيكون في حدود 36 إلى 37 جنيهاً للدولار الواحد”.

خبراء اقتصاديون: مصر تمرّ بوضعٍ حرج و2023 الأسوأ اقتصادياً.. وهذا ما ينبغي على الشعب فعله
خبراء اقتصاديون: مصر تمرّ بوضعٍ حرج و2023 الأسوأ اقتصادياً.. وهذا ما ينبغي على الشعب فعله

هل يواجه الجنيه المصري مصير الليرة السورية واللبنانية؟

‏رداً على هذا السؤال، يقول صفوت: “لا أعتقد أن العملة المصرية ستواجه الانهيارات السابقة التي شهدتها عملات دول مجاورة كسوريا و لبنان، نظراً لضخامة الناتج القومي المصري والمساندة والدعم التاريخيين من دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة كحليف استراتيجي للدولة المصرية”.

إلى ذلك، يرى قدري أن الانهيارات في عملات بعض الدول مثل سوريا ولبنان “أساسها أنه لا توجد ضمانة خليجية. لو كانت هناك ضمانة خليجية ستجد الموقف مختلفاً”.

ويضيف: “نحن لغاية هذه اللحظة توجد لدينا ضمانة خليجية «خالية الدسم». لا أرى تحمس كامل من الخليج لكن كما تعرفون أن موافقة صندوق النقد الدولي داخل فيها ملف 14 مليار الخليجية، وهذه هي المغازلة الموجودة فيها، وأرى أن الهزة التي حصلت أمس هي أن دول الخليج دخلت وسندت الموضوع قليلاً كي تبني الفكرة على السعر المتفق عليه، ألا وهو لدخول مزيد من الأموال الساخنة”.

ويتابع: “مصر في وضع حرج جداً ولا تحسد عليه”، قائلاً: “أولاً المشكلة الحقيقة هي أنه ليس لديك دولار احتياطي واقف وتتعامل عليه كي تقلل الاستيراد، ولكن لديك مسبقاً عجز وبضاعة في الميناء وتحاول إخراجها وهذه مشكلة كبيرة والرقم أمامك غير واضح، مرة يقول لك 6 وبعد ذلك 9. نحن هنا نتكلم في 15 مليار. هناك كلام جداً مرعب.

من وجهة نظري، سيكون هناك حد على الاستيراد بشكل رهيب جداً، وسيكون هناك السلع الأساسية التي ستركز عليها و الإنفاق سيكون بشكل أو آخر من الأولويات، الأموال الساخنة ستكون في أضيق الحدود بشكل أن يجعل الاحتياطي في وضع أفضل، و المصيبة هي أن نقع في الخطأ ذاته ونأخذ الأموال الساخنة ونستخدمها في استثمارات طويلة الأجل ونعود لنفس المشكلة”.

كيف يواجه الشعب في مصر الوضع الحالي؟

حول ‏تأثير الوضع على المصريين وكيف لهم أن يتحركوا كي يجنّبوا أنفسهم الحاجة، يقول المحلل الاقتصادي تامر صفوت: “على المصري الآن أن يغير من مفهومه الاستهلاكي ويتوجه إلى الترشيد في نفقاته على المدى القريب، و البدء في إيجاد دخل إضافي يساعده على تحمل التضخم الحالي القادم، ومحاولة استثمار جزء من أمواله في استثمارات تدر عليه دخل إضافي والتنوع في هذه الاستثمارات وعدم التوجه إلى استثمارات بعينها؛ مثل الذهب أو الدولار فقط حتى لا يضع البيض كله فى سلة واحدة فى ظل التقلبات الشديدة في معظم الأسواق”.

هل إبعاد الجيش عن اقتصاد مصر حل؟

قال صندوق النقد الدولي إن مصر “التزمت بتقليص دور الجيش في الاقتصاد كجزء من حزمة الإنقاذ التي قدمها صندوق النقد الدولي بقيمة ثلاثة مليارات دولار، في الوقت الذي تكافح فيه الدولة لمواجهة أزمة نقص العملة الأجنبية وضعف الجنيه وارتفاع معدلات التضخم”.

حول هذا الموضوع، يقول رائد الأعمال باسم قدري: “لا أرى أن الجيش مسيطر على كيانات اقتصادية ولو باعها سيكون هذا الحل. أنا أرى أن العين ليس على شركات الجيش بقدر ما هو على شركات الكهرباء والمرافق والموانئ، لأن هذه الشركات مصدر رسوم كبيرة”.

2023 الأصعب على اقتصاد مصر

واصل معدل التضخم السنوي في مصر الارتفاع ليبلغ نحو 22% في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وسط ارتفاع أسعار الغذاء نتيجة انخفاض قيمة العملة المحلية ونقص العملة الأجنبية، بينما طالب صندوق النقد الدولي الحكومة بتشديد سياستها النقدية لمواجهة ذلك.

يقول المحلل الاقتصادي تامر صفوت: “ببساطة كل السياسات المالية والنقدية هدفها تخفيف التضخم، وإغراء أصحاب الحسابات الدولارية والأجنبية للتخلي عن العملة ‏وتحويلها للجنيه للاستفادة بالفائدة، وبالتالي تحصل الدولة على دولار بسعر أقل ‏غير محسوب في هذه السياسات، أي جانب غير سد دين الدولة الداخلي والخارجي”.

ويردف: “‏‏يبدو أننا نستهدف الاستمرار في الاقتصاد التمويلي عن الاقتصاد التشغيلي وسندخل في نفس الدوائر المشابهة للأموال الساخنة. المشكلة أن هذه المرة ستأخذ وقتاً”، قائلاً: “سنة 2023 ستكون الأصعب للأسف”.

بدوره، يوضح قدري أن مصر متصدرة التضخم العالمي بكل أشكاله، لأن 65% من السلع الموجودة فيها مستوردة، مضيفاً “في الواقع يجب تغيير ثقافة الاستهلاك الموجودة، وأن تكون هناك ثقافة الدخل القومي ومشروع قومي واقف عليه”.

ما الحلول!

المحلل الاقتصادي تامر صفوت، يقول إنَّ ‏المشكلة ليست “تعويم” أو “شهادات” لأنها آليات لضبط الاقتصاد وليست غايات، ويضيف: “الحقائق الرقمية تقول إن سنة 2023 فيها 40 مليار أقساط و30 مليار عجز تجاري، 15 مليار صافي أصول بالسالب و10 مليار بضائع مُنتظرة من 2022. هذا نطاق الأزمة التي يرتب فجوة تمويلية من 15 إلى 18 مليار”.

ويردف: “‏كل حلولنا حالياً تدور في فلك سد فجوة التمويل «financing gap» الناتجة أصلاً عن مصروف دولاري؛ لذلك حلول إدارة الأزمة مهما كانت فهي تصلح المدى القصير”.

صفوت يزيد: “‏الحلول المعروفة، هي كالتالي: 1- نجتذب دولار عن طريق الأوعية الثابتة ذات الفائدة العالية. 2- نبيع أصول. 3- نجتذب استثمار مباشر. 4- مصدر تمويل”.

ويتابع: “يتم حالياً العمل على الحلين رقم 1 و2، بينما الحل رقم 3 متعثر منذ فترة والحل الرابع تقريباً نستخدمه منذ فترة وأشرف على الانتهاء”.

ويرى المحلل الاقتصادي أن ‏الحل يكمن في “إصلاحات هيكلية تسهم في اجتذاب رؤوس أموال أجنبية تدخل في نطاق التشغيل، وهذا الأمر تكلمنا فيه كثيراً وفي نهاية المطاف الدائرة تقفل علينا ونتفرغ لحل مشاكل تمويلية غير قادرين على الخروج منها، والمشكلة أن الدائرة تضيق والحلول تقل.

اجتذاب دولار عن طريق أوعية ثابتة يتطلب سعرف صرف «عادل» و «عادل» لا يتحدد إلا مع العرض والطلب”.

من جانبه، يقول رائد الأعمال باسم قدري: “‏طالما لدينا عجز أو نأخذ سلف نقود لنستخدمها كوسيلة ميزانين بين قرض وقرض، سنبقى في نفس الدائرة”.

ويواصل كلامه: “أرى أن الحل السريع هو أن نركز بشكل كبير على السياحة، لأن السياحة المصرية مهمة جداً برقم كبير وسريعة، ولكن مشكلتنا ليست في السياحة بل في الثقافة. نحن في مصر ليس لدينا ثقافة أن نبقى يد واحدة ونقف وراء صناعة واحدة ونقول إن هذه الصناعة هي التي ستنقذنا.

الحد من الاستيراد والبحث عن المصانع التي أقفلت خلال العشر سنوات الماضية، والتي تحتوي معدات استثمارية من الممكن بالفعل إعادتها مرة أخرى بشكل سريع جداً وإدخالها في دائرة الإنتاج”.

إعداد: سامية لاوند وفارس المغربي

خبراء اقتصاديون: مصر تمرّ بوضعٍ حرج و2023 الأسوأ اقتصادياً.. وهذا ما ينبغي على الشعب فعله
خبراء اقتصاديون: مصر تمرّ بوضعٍ حرج و2023 الأسوأ اقتصادياً.. وهذا ما ينبغي على الشعب فعله

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى