حورات خاصة

جرائم الشرف لا تزال تحظى بقبولٍ اجتماعي في سوريا.. ما دور القوانين في ازديادها وكيف ينظر الشرع إليها!؟

شهدت محافظة الحسكة خلال الأيّام القليلة الماضية، جريمتين مروعتين بحق فتاتين تحت ذريعة “جرائم الشرف“، لتلحقهما محاولة أخرى لقتل فتاة على يد ابن عمها لرفضها الزواج به.

أثارت الجرائم هذه غضباً عارماً، خرجت على إثرها مئات النساء تنديداً ورفضاً لقتل المرأة تحت أي ذريعةٍ كانت، وحول زيادة هذه النوعية من الجرائم والعنف ضد المرأة ودور القوانين في حماية مرتكبيها ووجهة نظر الإسلام، حاورت وكالة “ستيب الإخبارية” كل من الناشط الحقوقي والمحامي مصطفى أوسو والداعية الإسلامي والناشط في مجال حقوق الإنسان عبد الناصر العسلي.

جرائم الشرف
جرائم الشرف تزداد في المناطق العشائرية.. ما دور القوانين في ذلك وكيف ينظر الشرع إليها وإلى مرتكبيها!؟

جرائم الشرف تحظى بقبولٍ اجتماعي

يقول المحامي الكردي السوري، مصطفى أوسو، تعليقاً على زيادة جرائم الشرف مؤخراً في محافظة الحسكة: “رغم أن ما تسمى جرائم الشرف، ليست ظاهرة جديدة في المجتمعات المحلية السورية، منها بطبيعة الحال محافظة الحسكة ذات الطبيعة القبلية والعشائرية، إلا أن ازدياد عددها في هذه المحافظة في الفترة الأخيرة، يدل على أن هذه الجريمة لا تزال تحظى بالكثير من القبول الاجتماعي لها على أنها تشكل رادعاً تأديبياً للمرأة”.

ويضيف: “وأيضاً يدل ازديادها على غياب الوعي وخضوع أهل وذوي النساء للضغوطات الاجتماعية الممارس عليهم، من قبيل: تشويه السمعة والتحقير والنبذ، إضافةً إلى واقع جديد أنتجته الحرب السورية وما أدى إليه من فلتان أمني، من مظاهره الانتشار العشوائي لمختلف أنواع السلاح وغياب سيادة القانون؛وكذلك وضع اقتصادي ومعيشي صعب ومزري تشكل أرضية لهذه الجرائم وغيرها”.

وحول دور القوانين في زيادة أو تخفيض مثل هذه النوعية من الجرائم؟ أكد أوسو أن للقوانين دور كبير ومهم جداً في التأثير على هذه النوعية من الجرائم، سواء في زيادة عددها أو نقصانها، قائلاً: “فعندما تنص هذه القوانين على منح العذر المحل أو المخفف لمرتكب هذه الجرائم، من الطبيعي أنها بذلك توفر الأرضية المناسبة لها وعدم وجود الرادع لها والحد منها”.

ويتابع: “لكن و فرضاً فيما تم إلغاء هذه الاستثناءات – العذر المحل والمخفف – من القانون، يجب أن تكون هناك أيضاً عوامل أخرى فكرية ومعرفية للارتقاء بوعي المجتمع من أجل الحد منها والتخلص منها نهائياً”.

إلغاء القانون رقم 548 إنصاف للمرأة

أقر مجلس الشعب السوري في آذار 2020، إلغاء المادة القانونية رقم 548، من قانون العقوبات السوري رقم 148 لعام 1949 وتعديلاته التي تسمح للقاتل أن يتنصل من جريمته بذريعة الشرف، هل هناك مواد أخرى تشجع على القتل وتحمي القاتل؟

أوسو يقول: “إلغاء المادة 548 من قانون العقوبات السوري، خطوة جيدة وفي الاتجاه الصحيح، من أجل إنصاف المرأة وإزالة جميع مظاهر الظلم والغبن والتمييز عنها ومساواتها بالرجل ونبذ الأفكار المتطرفة..إلخ”.

ويواصل حديثه: “نعم هناك مواد أخرى في قانون العقوبات السوري، تشجع على القتل وتحمي القاتل، مرتبطة إلى حدٍّ كبير بالمادة 548 الملغاة، لا زالت موجودة في قانون العقوبات السوري المذكور، ألا وهي المادة 192 التي تخص وجود الدافع الشريف، والمادة 242 التي تسمح للقاضي بتخفيف العقوبة في جرائم القتل التي ترتكب في حالة الغضب أو بدافع من فعل غير قانوني أتته الضحية”.

لماذا لا تخفف الجريمة عن المرأة في حالة قبضها على زوجها متلبساً؟

ردّاً على هذا السؤال، أوضح الناشط القانوني “للأسف هذه هي من مفارقات حالة التمييز والظلم والغبن بحق المرأة وعدم مساواتها بالرجل، التي كرسها العقلية الذكورية في القوانين السورية، ومنها قانون العقوبات.
نأمل أن نرى قريباً سن قوانين تتماشى مع القوانين الدولية لحقوق الإنسان، تقضي تماماً على جميع أشكال التمييز ضد المرأة”.

كيف ينظر الشرع الى جرائم الشرف؟

يقول الداعية الإسلامي والناشط في حقوق الإنسان عبد الناصر العسلي: “بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد فلا يجوز القتل في الشرع إلا دفاعاً عن النفس حتى ولو كان الأمر مع حيوان وأمرنا أن نرفق بالحيوان فكيف بالإنسان”.

ويضيف: “الإسلام دعانا للحفاظ على النفس لا زهقها ومن طيب ما سمعت إن إطعام الجائع خير من بناء الجامع، والتي تخطئ هذه الخطيئة لا شك أنها آثمة إن كان الأمر بإرادتها أو بدافع شخصي منها، ولكن إن تم الاعتداء عليها كحالات الاغتصاب والإكراه فهي بريئة من هذه التهمة ولا شيء عليها، بل يجب أن نحميها وأن ندافع عنها أسرياً واجتماعياً وفي المحافل المحلية والدولية، وأما إن كانت تزني بقصد إفساد المجتمع و نشر الرزيلة فيه وهي محصنة (أي متزوجة) وزوجها يكفيها هذه الحاجة (الجنسية) وهي تصر على الخيانة فتُقتَل حفاظاً على المجتمع من الضياع والفساد”.

الداعية الإسلامي، يؤكد: “لايجوز قتل المرأة ومسامحة الرجل، فإن كانت زانية فهناك زانٍ ومغتصب مجرم لا يصح شرعاً ولا عرفاً أن ينجو بفعلته لا هو ولا من قتل تلك المسكينة التي استسلمت لرجل ظنته رجلاً سيحميها مما هربت منه، وإذا به ذاك الذئب المفترس الذي غرز أنيابه بها ثم انصرف كأن ذبابة وقفت على أنفه، وقال لها هكذا (كش)”.

ويواصل: “الله قال الزاني والزانية. المنافقين والمنافقات. والمشركين والمشركات. فلا ذكوره في الشرع إلا عند أهل الزيغ والضلال، ونحن نأسف لما جرى ويجري على أيدي جهال ولم يأمرهم الشرع بما فعلوا إنما جهلهم وضلالهم وذكورتهم
وعصبيتهم وكبرهم هو الدافع الأساسي لإجرامهم هذا والشرع من فعلهم براء”.

الشرع لا يسمح للناس أن يفتوا بلا دليل

يؤكد العسلي أن “الشرع لا يسمح بأن ينصب الناس أنفسهم قضاة، وأن يفتوا بلا دليل وينفذوا الأحكام بأيديهم لما في ذلك من فساد اجتماعي وتطاول على القضاء وعلى الشرع وما يتحقق في المجتمع من ظلم وافتراء على الناس وجور”.

ويردف القول: “الشرع أمر من يتهم امرأة أو رجلاً بالزنا، يجب أولاً أن يأتي بأربعة شهود عدول رأوا الواقعة ويقسموا أنهم رأوها وأنه دخل بها كالميل في المكحلة، وأن يجلد من قال إن فلان أو فلانة زاينة لا بمزاح ولا بجد، وإن قال ذلك يطالب بالشهود فإن لم يأتي بهم جلد هو ويعزر بين الناس ولا تقبل له شهادة”.

حاورتهما: سامية لاوند

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى