الشأن السوري

من جسد الثورة السورية … اللاذقية

مقدمة :
تعتبر محافظة اللاذقية الواقعة على الساحل الشرقي للبحر المتوسط خامس محافظة سورية من حيث المساحة وعدد السكان بعد كل من محافظات حلب ودمشق وحمص وحماه , كما تعتبر محافظة اللاذقية المنفذ الأول للبلاد ضمن شبه جزيرة بحرية تقع على مسافة 385 كم شمال غرب العاصمة دمشق , عدا عن كونها مركزا تجاريا هاما بسبب كثرة مرافئها بالإضافة لثروتها الحيوانية والصناعية والتجارية والسياحية حيث تتميز المحافظة بالمواقع الاثرية التي يعود بعضها للعصر الحجري فضلا عن مناخها المعتدل وشواطئها الجذابة , كما تعتبر المنطقة التي تشغلها مدينة اللاذقية حاليا من المناطق المأهولة بالسكان منذ قرون طويلة
يبلغ عدد سكان محافظة اللاذقية حسب احصائيات رسمية في عام 2006 ما يقارب 600 الف نسمة ارتفعت بعد الثورة الى 3 مليون نسمة بسبب حركة النزوح اليها من كافة المحافظات السورية التي شهدت ولا تزال حروب طاحنة , وكون محافظة اللاذقية من اقل المحافظات السورية خطورة وأكثرها تنوع ديني من مسلمين سنة وعلويين ومسيحيين هذا ما جعلها مقصد للنازحين من مختلف مناطق سوريا.

بداية الثورة بالحراك السليمي في محافظة اللاذقية :
مع انطلاقة الثورة السورية بدأت قرى وبلدات ريف اللاذقية ذات الغالبية السنية بالتحرك السلمي ضمن مظاهرات كان أولها في مدينة الحفة وتحديدا في قرى بابنا والجنكيل بالإضافة لقرية كبينة في جبل الاكراد , وكانت المظاهرات حينها عبارة عن مجموعة من الشبان يتجولون في شوارع القرية على دراجات نارية مرددين هتافات الثورة المطالبة بالحرية واسقاط النظام , لتنطلق بعدها اول مظاهرة حاشدة في مدينة الحفة مما دفع قوات الامن التابعة للنظام السورية بمواجهتها باطلاق الرصاص الحي وبحملات الدهم والاعتقال التي طالت عقب اول مظاهرة أربعة عشر شابا من أبناء المدينة، فيما قتل اول شاب في محافظة اللاذقية (غزوان شاكوش من مدينة الحفة) في تلك المظاهرة بعد ان اطلقت قوات الامن عليه الرصاص بشكل مباشر عند وصول المظاهرة الى مبنى شعبة حزب البعث في المدينة.
بدأت المظاهرات والحراك السلمي يتطور في المحافظة حيث انتقل الى بعض احياء مدينة اللاذقية وعلى راسها حي الصليبة مما دفع الامن الى المسارعة بمواجهة المظاهرات بحملات الاعتقال العشوائي والضرب بالهروات وما الى ذلك الى ان حدث الاعتصام الأشهر في المدينة والذي استمر لاربعة أيام على التوالي في ساحة العلبي وانتهى بمجزرة قتل بها 53 شخص من أبناء المدينة بعد ان هاجمت قوات النظام مكان الاعتصام في الساحة العامة وقتلت ما قتلت من المعتصمين والذين كان بينهم أطباء وعلماء دين ومدرسين وأطفال , وفي ذلك اليوم قتل امام مسجد و4 أطفال هم أبناء احد الأطباء المعتصمين في الساحة.

بدء الحراك العسكري :
مع القمع الذي واجه به النظام المتظاهرون وبعد عدة مجازر واحداث قتل واعتقال شهدتها المحافظة بدأت بعض القرى في ريف اللاذقية ( الجنكيل – الكبينة – عكو ) بالتسلح، حيث حمل الشبان أسلحة فردية ليدافعوا بها عن قراهم ومظاهراتهم , كما تم إيصال أسلحة خفيفة الى حي الرمل الجنوبي الذي كان يشهد في تلك الاثناء مداهمات ومضايقات يومية مما دفع شبان الحي للتسلح وإقامة حواجز على مداخل الحي لمنع قوات النظام من دخوله وقمع المظاهرات التي كانت تجري به يوميا.
بعد عدة محاولات فاشلة من قبل النظام لاقتحام الحي والتي كانت تواجه بأسلحة صيد وأخرى خفيفة وعبوات متفجرة تصنع يدويا , اقدم النظام على اقتحام الحي بالدبابات والمدرعات الثقيلة مع مساندة من بوارج بحرية ضربت الأبنية السكنية داخل الحي مخلفة العديد من الشهداء والجرحى من أبناء الحي لتتمكن بعدها قوات الامن وجيش النظام من دخول الحي واعتقال المئات من أبنائه فيما تمكن قسم اخر بالفرار باتجاه قرى الريف المحرر.
تطور العمل العسكري في ريف اللاذقية وانتقل من الدفاع الى الهجوم واستهداف دوريات الامن وسيارات حفظ النظام بالسلاح الخفيف والحصول على غنائم منها مما دفع النظام بتوجيه شبيحته باتجاه مدينة الحفة والقرى المحيطة بها , حيث تمكن النظام من دخول المدينة بعد معارك قوية مع الثوار من أبنائها استمرت ل8 أيام راح ضحيتها 78 شاب من مدينة الحفة وأبناء حي الرمل الذين كانوا قد نزحوا في وقت سابق اليها بالإضافة لعشرات الجرحى والمصابين الذين تم نقل معظمهم باتجاه الأراضي التركية كون المحافظة تملك حدود من تركيا.
تراجع الثوار من الحفة الى مدينة سلمى وتوزعوا في جبل الاكراد والتركمان وبدأوا بتشكيل الفصائل العسكرية وتنظيم العمل المسلح وتحرير قرى ومناطق جديدة من ايدي النظام وتنفيذ عمليات داخل مدينة اللاذقية وفي قرى وبلدات مؤيدي النظام في جبال العلويين , ولا تزال المعارك قائمة حتى اليوم بين النظام المتمركز في المدينة وقسم كبير من ريفها وبين الثوار المتمركزين في جبلي الاكراد والتركمان مع قصف يومي بالمدفعية والصواريخ والطيران الحربي على القرى المحررة التي تجاوزت نسبة الدمار فيها ال70 %.

خاتمة :
لا توجد احصائيات دقيقة لأعداد شهداء ومفقودي محافظة اللاذقية الا أن عدد الشهداء بالآلاف بالإضافة لعشرات الآلاف من المهجرين والمفقودين والمعتقلين في سجون النظام حتى اليوم.

لاذقية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى