تحقيقات ستيبسلايد رئيسي

الجن العاشق والمس الشيطاني.. حقيقة تأثير المخلوقات “الخفية” على حياة الإنسان

تُجمَع الأديان بجلّها بأن هناك كائنات ترانا ولا نراها، بينما يناضل العلم للبحث وإثبات وجودها، ويرى آخرون أنّ هذه الكائنات قد تؤثر بحياة الإنسان تحت مسمّى “المس الشيطاني”، بل ووصل الأمر حد العشق بما يعرف “الجن العاشق”، فهل يعشقنا الجن.. وهل يؤثر الشيطان على مجرى حياتنا؟

 

الجن العاشق.. روايات واقعية

يفشل الإنسان ببعض التجارب الحياتية لأسباب موضوعية، وأخرى قد يراها غير منطقية، ويرجع البعض ذلك للأقدار فقط، بينما يرى آخرون أن حديث الأجداد عن كائنات ترانا ولا نراها وتؤثر بحياتنا أمر واقعٌ يحصل.

يقول يوسف حمدان، وهو اسم وهمي لراقٍ شرعي، يعمل في سوريا: “لقد شاهدت عشرات القصص أمام عيني خلال عملي بمركز رقية شرعية أقامه عد من المشايخ المتمرسين بهذا المجال”.

ويتابع: “رأيت فتاة مُنعت من الحمل من زوجها لأكثر من 10 سنوات، وكانت تكره أن يقترب منها زوجها، وترى في فراشها بقع ماء غريبة، ولاحقتها الأحلام والكوابيس يومياً”.

ويضيف: “وصلت إلى مركز الرقية وشرحت حالها للشيوخ، والذين قدّروا بأن هذا اسمه “الجن العاشق”، وبدأوا بقراءة القرآن واتباع خطط محددة وطقوس دينية لمدة نحو شهر، وبالنهاية ذكر لنا زوجها أنها تغيرت كلّياً وقد حملت منه”.

ومن جهته أحمد شابٌ ثلاثيني يروي قصته لوكالة سيب الإخبارية قائلاً: “منذ أكثر من 5 سنوات وأنا أبحث عن زوجة، لكنّي كنت أمر بأمور غريبة خلال بحثي ولم أجد تفسيراً منطقياً لها”.

ويضيف: “كنت كلما ذهبت لرؤية فتاة ما ووصف لي من أحدهم، أراها بأبشع الصور رغم أن الجميع من حولي قد يختلفون معي ويرونها جميلة، وكنت أشعر بضيق تنفس وألم حاد بالرأس يتكرر معي بكل مرّة أخطو فيها للزواج”.

ويتحدث أحمد أن بعض رفاقه نصحوه بالتوجه لشيخ دين، وهو ما حصل فعلاً، والذي أكد له بعد الاطلاع على مجريات ما يحصل معه، بأن ذلك هو “الجن العاشق”، وحتى ينجح بخطواته نحو الزواج يجب الخلص منه.

الجن العاشق والمس الشيطاني.. حقيقة تأثير المخلوقات "الخفية" على حياة الإنسان
الجن العاشق والمس الشيطاني.. حقيقة تأثير المخلوقات “الخفية” على حياة الإنسان

ما هو الجن العاشق

الجن حسب ما تعتقده الثقافات والديانات بأنها كائنات غير مرئية تعيش في عالمنا وتتحكم في البشر إذا أرادت ذلك، وقد يصل بعض البشر لطرق حتى يتمكنوا من رؤيتها والحديث معها، بل حتى والسيطرة عليها.

يؤمن المسلمون بشكل قطعي بمسألة وجود الجن حيث أن هنالك سورة كاملة في القرآن الكريم اسمها سورة الجن، أما مسألة دخوله في الإنسان وتحكمه بانفعالاته العصبية فهي محل خلاف بين علماء المسلمين على مر العصور.

ويقسم المسلمون الجن لأنواع “المؤمن والكافر” كما البشر تماماً، وبينهم الملوك والعبيد، ولهم قبائل وأسماء يتنادون بها، ويسكنون بذات الأماكن التي يسكنها الأنسان، وبأخرى بعيدة ومهجورة.

أما مسألة “عشق” الجن للإنسان فتختلف باختلاف الثقافات، حيث يراها البعض واقعة ويستدلون بقصص حقيقية قد حصلت، ويراها آخرون محض تهيؤات واضطرابات نفسية بالإنسان.

يقول الشيخ عبد العزيز بن باز رئيس اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية سابقاً بأن الجن أنواع وأقسام، ومن الممكن أن يدخل الجسد ويتكلم بلسانه. ويوافقه أيضاً الكثير من علماء وشيوخ السلفية مثل الشيخ محمد بن عثيمين رئيس هيئة علماء المسلمين، حيث يؤكد على وجود حالات تلبس الجن بالإنس وأنهم يؤذون الإنسان ويزعجونه حسب تسلطهم. ويستشهد بقوله تبارك وتعالى “الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس”.

أما فريق آخر من المسلمين فيرى كما قال الشيخ ابن حزم الأندلسي في أحد رسائله: “إنما يلقي الشيطان في النفس يوسوس فيها وأما أن يتكلم على لسان أحد، فحِمقٌ عتيقٌ وجُنونٌ ظاهرٌ. فنعود بالله من الخذلان والتصديق بالخرافات”.

مواضيع ذات صلة: نصطاد اللهب.. حفصة المنقبة التي قادت الأمريكان للبحث عن الجن والسحر بجزيرة العرب

الجن العاشق أو المس الشيطاني في الديانات السماوية

يؤمن المسيحيون بوجود الشياطين والأرواح الشريرة ولا يؤمنون بوجود الجن وأن الشياطين قد تم ذكرها في الكتاب المقدس أكثر من 200 مرة عند المسيحيين.

فلا يوجد كائنات اسمها “جن” في المسيحية ولا يؤمنون به بل يؤمنون بوجود الشياطين كما ذكر في الكتاب المقدس: “وكانت الشياطين تخرج من كثيرين وتقول أنت هو المسيح ابن الله فكان ينتهرهم ولا يدعهم ينطقون لأنهم قد عرفوه أنه ابن الله”.

أما عند اليهود فهم يؤمنون بوجود “الجن” كما “الشيطان” فقد تم ذكره في بعض الأسفار في التوراة وقد جاء فيه: “وَأَرَانِي يَهُوشَعَ الْكَاهِنَ الْعَظِيمَ قَائِماً قُدَّامَ مَلاَكِ الرَّبِّ وَالشَّيْطَانُ قَائِمٌ عَنْ يَمِينِهِ لِيُقَأوِمَهُ. فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ. يَنْتَهِرْكَ الرَّبُّ يَا شَيْطَانُ. لِيَنْتَهِرْكَ الرَّبُّ الَّذِي اخْتَارَ أُورُشَلِيمَ. أَفَلَيْسَ هَذَا شُعْلَةً مُنْتَشَلَةً مِنَ النَّارِ”، كما ذكر بمواقع أخرى عدّة.

 

كيف يتواصل الإنسان مع الجن؟

ما تجمع عليه الأديان أّن الجن والشياطين ترانا ولا نراهم، لكن كيف يقدر البعض على تسخير بعضٌ منهم للتأثير على حياة الناس.

يقول الراقي الشرعي، الدكتور محمد محسوب، في حديث لوكالة ستيب الإخبارية: “لا يمكن التواصل مع عالم الجن والشياطين بالطرق الشرعية، والطريق الوحيد لذلك هو الطريق الغير شرعية، عن طريق ما يسمى المنادل والطلاسم، والكفر بالديانات السماوية والإساءة للقرآن”

ويشير إلى أن التواصل مع عالم الجن والشياطين كانت خصوصية لسيدنا سليمان عليه السلام، والدليل على ذلك من القرآن الكريم “رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ”، كما جاء في حديث الرسول ﷺ عندما مسك عفريتاً.. “كنت سأربطه في سارية من سواري المسجد إلا أنّي تذكرت دعوة أخي سليمان”.

شاهد أيضاً: النبي سليمان .. أول مؤمن يحكم الأرض الملك الذي كلّم الجنّ والطيور وجعلهم الله جنداً له

 

أما عن الجن العاشق فيقول الشيخ محمد: “عالم الجن كما عالم البشر، فالجن له العقل والشهوات والرغبات وله عائلة وأولاد وزوجة، والأصل هو خلق الله لكل منهما من نفسه، فالرجل من البشر له امرأة، والجني له جنّية، بينما كما يوجد لدى البشر تجاوزات وشواذ فيوجد لدى الجن ذلك، وعشق الجن للبشر ليس سوى اعتداء على الطبيعة لهما”.

وعن الطرق التي يتبعها البعض من خلال البخور والطلاسم في محاولة لشفاء المرضى من الجن العاشق أو المس الشيطاني، يؤكد أن هناك طرق شرعية من خلال القرآن الكريم والدعاء كما ورد في الأثر، بينما هناك طرق غير شرعية بالبخور والطلاسم والسحر وغيره، وهي قد تعطي شفاءً مؤقتاً ثم ينقلب الأمر.

ويشدد الشيخ محمد بأن العلاج الوحيد للمس الشيطاني والجن العاشق والسحر والعين والحسد هو القرآن الكريم والدعاء بنيّة خالصة لله تعالى، ويستخدم مع ذلك بعض “الأسلحة” مثل “ماء زمزم أو زيت الزيتون أو الحجامة أو عشبة السلمكة والسدر” وغيرها من المكملات التي يستخدمها الرقاة الشرعيين.

الدكتور محمد محسوب -إمام مسجد الحرية وراقي شرعي ودكتور في الطب البديل
الدكتور محمد محسوب -إمام مسجد الحرية وراقي شرعي ودكتور في الطب البديل

بين الحقيقة والوهم

يشرح الدكتور، محمد كمال الشريف، استشاري الطب النفسي والمفكر الإسلامي، خلال حديثه مع وكالة ستيب الإخبارية، حول حقيقة دخول “الجن العاشق” لجسم الإنسان والتأثير على تصرفاته ومجريات أحداثه.

يقول الدكتور محمد: “دخول الجني في الإنسي وكلامه على لسانه لم يرد في آية ولا في حديث صحيح، لذلك ليس هو معلوماً من الدين بالضرورة ولا يكفر من ينكره، مع أن عموم أهل السنة يؤمنون بذلك. نؤمن بالجن وأن منهم شياطين ومنهم مؤمنون، وأنهم مخلوقات مُكَلَّفَة كالبشر، لكنهم ليسوا مستخلفين عن الله مثلنا، وأنهم يروننا من حيث لا نراهم، بل نؤمن بوجودهم بالغيب طالما ذكرهم الله بوضوح في قرآنه، وذكرهم محمد ﷺ في أحاديث صحيحة”.

ويضيف: “لكن الإيمان بما جاء في القرآن والحديث عن الجن شيء، والإيمان أن الجني يدخل في بدن الإنسي ويتكلم على لسانه شيء آخر. هذا الاعتقاد دخل إلى العقيدة الإسلامية من كلام المرضى أثناء العلاج عند الشيخ”.

ويوضّح بأن ما يقوله الجني المزعوم على لسان المريض ليس وهماً بل هو حقيقة رآها الدكور محمد بعينيه مرات كثيرة، ويؤكد أنه كان واضحاً أن المريض لا يتعمد التمثيل، بل قد لا يعي على الإطلاق ما يقول، وعندما يصحو لا يذكر من ذلك شيئاً، لذلك لا يلام الناس الذين يتشبثون بهذا الاعتقاد.

ويشير إلى أن اليوتيوب زاخر باللقطات الواضحة التي تم فيها علاج مرضى حقيقيين وتكلم الجني على لسانهم، ولم يكن ذلك تمثيلاً درامياً في فيلم سينمائي.

ويبيّن الدكتور بأن مفهوم تعدد الهويات يعتبر أحد الأمراض النفسية التي أكدها الطب النفسي الحديث، ويتساءل لوكان ما يؤمن به المسلمون هو الصحيح فلماذا يحصل ذات الأحداث مع المريض عند تمتمة آيات من الإنجيل عليه وحتى بعض الهندوس في الهند يفعلون ذات الأمر ويحصل ذات الاضطرابات للمريض، رغم أن الهندوسية ليست ديانة سماوية؟

 

تفنيد الدلائل في المس الشيطاني والجن العاشق

يشرح الدكتور محمد كمال الشريف، عن مفهوم البهنسة، وهو ما بات يعرف لاحقاً بالتنويم المغناطيسي، وعندها يكون الإنسان بين حالتي الوعي واللاوعي، وهناك قد تخرج “الهويات المتعددة” الموجودة لدى المريض.

ولتفنيد ما يؤمن به المسلمون من أحاديث وآيات يقول: “المس في لغة العرب هو “الجنون”، والمعاجم ناطقة بذلك، بل كل ما له علاقة بالوعي عند الإنسان كان العرب الذين بعث فيهم محمد ﷺ يسمونه جنوناً أو مساً”.

ويذكر قصةً عن أبو هريرة أحد صحابة الرسول، كيف أغمي عليه ذات مرة من شدة الجوع، فصار البعض يحاول علاجه بوضع رجله على عنق أبي هريرة، ولعلها كانت طريقتهم في إخراج الجني من الممسوس أو المجنون، بينما يؤكد أبو هريرة أنما أغماه هو الجوع.

ويتابع الدكتور محمد شارحاً: “قول أيوب عليه السلام: ﴿مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ﴾ ما هو إلا أدب منه مع الله وليس للشيطان عليه أي سلطة، بل كيد الشيطان محصور في الوسوسة كما جاء في الحديث الشريف التالي: “جاء رجلٌ إلى النبيِّ ﷺ فقال يا رسولَ اللهِ إنَّ أحدَنا يجدُ في نفسِه، يعرضُ بالشيء، لأن يكونُ حممةٌ أحبَّ إليه من أن يتكلَّم به، فقال: اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، الحمدُ للهِ الذي ردَّ كيدَه إلى الوسوسةِ”، رواه الألباني في صحيح أبي داود، وفي رواية أخرى: “الحمدُ للهِ الذي ردَّ أمرَه إلى الوَسْوسة”.

ويؤكد خلال حديثه بأنه ليس للشيطان علينا من اقتدار إلا الوسوسة لنا بالمعصية، لكن نعزو كل ما يسوؤنا إلى الشيطان تأدباً أن نعزوه إلى الله الذي لا يقع في الوجود شيء إلا بقدره.

ويشير إلى أن دخول الجني في بدن الإنسان لو صح أنه ممكن فإنه يناقض القرآن والحديث، وكلاهما صريح أنه ليس للشيطان إلا أن يوسوس، ولم يجعل الله له علينا من سلطان على الإطلاق.

ويضيف: “نعم، الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، كما قال نبينا ﷺ، وهذا الذي يجري منا مجرى الدم -سواء كانت العبارة مقصودة بمعناها الحرفي المادي أم هي تشبيه بلاغي للتأكيد على قدرة الشيطان على أن يوسوس لنا فنسيء الظن ببعضنا بعضاً”.

ويوضّح “الشيطان الذي يجري من ابن آدم مجرى الدم هو قرينه من الجن الذي يوسوس له بالسوء، والذي لا يغادرنا أبداً، لا خوفاً من يسوعٍ ادّعى بعضنا أنه الرب، ولا خوفاً من أن يحرقه الشيخ بالقرآن، ولا خوفاً من الضرب والخنق أن يقع عليه”.

الدكتور محمد كمال الشريف - استشاري طب نفسي ومفكر إسلامي
الدكتور محمد كمال الشريف – استشاري طب نفسي ومفكر إسلامي

القرين المرافق للإنسان

يتحدث الدكتور محمد عن قصة الخلق، وكيف رفض إبليس المخلوق من نار أن يسجد لآدم المخلوق من طين، ثم كيف وسوس لآدم وزوجته حتى عوقبا وهبطا الأرض لتبدأ قصة الصراع الأزلي بين ذرية آدم واتباع إبليس.

ويقول: “التحدي كان من إبليس لله، لكن العداء والمعركة هي بيننا وبين إبليس وذريته من شياطين الجن، الذين أذن ربنا أن يلازم كلاً منا قرين منهم يحاول غوايته ويزين له معصية الله، ليتحقق النصر لإبليس في التحدي الذي دخله مع خالقه. نعم لكل من آدم وبنيه قرين من الجن أتباع إبليس سماهم ربنا شياطين، لأنهم متمردون مثل أبيهم إبليس، وفي لغة العرب كل عاتٍ متمردٍ من الجن والإِنس والدواب شيطان”

ويتابع: “ربنا رحيم بنا وعادل معنا وما كان ليتركنا ضحايا الإغواء ثم يعاقبنا على معصيتنا له وهو يعلم ضعفنا وقابليتنا للخطيئة، فقيض لكل إنسان قريناً آخر من الملائكة يدعوه إلى الخير وإلى عدم الطاعة لقرينه من الجن الذي لا يمل من محاولة إغوائه وحثه على العصيان. لكل منا قرينان كما قال حبيبنا رسول الله ﷺ”.

ووفق ما يؤكد الدكتور فإن القرين هو الشيطان يوسوس داعياً لنا إلى معصية الله والوقوع فيما حرمه علينا، والقرين الثاني هو الملاك يوسوس داعياً لنا إلى طاعة الله واجتناب ما حرمه علينا.

 

تفسيرات علمية لما يسمّى “المس الشيطاني أو الجن العاشق”

يحارب البعض كل تفسيرٍ علمي لنصٍ متداول أو خرافة ما أتى الله بها من سلطان، وما كانت بعض النصوص الصحيحة والتي نؤمن جميعاً بصحتها، إلا وقد حملت أخطاءً بالتفسير المنطقي والعقلاني مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل حالة وزمانها ومكانها.

يقول الدكتور، سعد المهدي، اختصاصي أمراض نفسية وعصبية، خلال لقائه مع وكالة ستيب الإخبارية: “إن الأمراض النفسية من أكثر الموضوعات التى دارت حولها الأساطير والروايات وأرتبطت لفترة طويلة في الأذهان بمعتقدات وأوهام خاطئة مثل تأثير الحسد والسحر ومس الجن والأرواح الشريرة وغيرها من القوى الخفية على الامراض النفسية.

ويضيف: “بعض مرضى الأمراض النفسية يستقبلوا أصواتاً تخاطبهم أو تأمرهم بعمل شيء ما، أو يشعروا بأشياء لا وجود لها، فيتصور البعض أن هناك قوى خفية تؤثر على المريض النفسي، والتفسير العلمي لذلك أن هذه المؤثرات تسمى “الهلاوس”، ومنها السمعية والبصرية وغيرها، وتحدث نتيجة لخلل في مراكز الجهاز العصبي، وهذه من الأعراض وليست سبباً في المرض.

ويتابع: “بعض تصرفات المرضى تتحول في بعض الأوقات إلى تصرفات غريبة عن طبيعتها وأصوات مختلفة، فيفسرها البعض أن المريض “ملبوس” بالشياطين التي تسبب له المرض، وتفسير ذلك مثلاً في الأمراض الهستيرية يهرب المريض من القلق وضغوط الحياة التي لا يمكن له مواجهتها بهذه التصرفات (يتكلم بأسلوب غير مفهوم أو يتشنج)، فتكون له بمثابة الهروب من المشاكل ويتحقق للمريض أيضاً التعاطف والرعاية من المحيطين به”.

ويشير إلى أنه قد حدث تقدماً كبيراً في فهم أسباب المرض النفسي كوجود تغييرات كيميائية في المخ، كما اكتشفت أدوية حديثة يمكن أن تعيد هذا التوازن الكيميائي في المخ وتؤدى الى اختفاء أعراض المرض، فمثلاً مضادات الاكتئاب تعمل على زيادة مادة “السيروتونين” في مراكز المخ، وأدوية علاج الفصام التي تعمل على إعادة التوازن الكيميائي لعلاج المريض.

الدكتور سعد المهدي - استشاري الأمراض النفسية والعصبية
الدكتور سعد المهدي – استشاري الأمراض النفسية والعصبية

ويوضّح الدكتور سعد المهدي بأن الاضطراب النفسي يحتاج علاج دوائي، ليعيد التوازن كما سبق، وعلاج نفسي لتصحيح الأفكار السلبية وزرع أفكار إيجابية مكانها، والإيمان يساعد على التفكير الإيجابي بكل جوانبه، فالمؤمن بقربه من الله لا ينقطع أمله ورجاؤه وحسن ظنه بالله، وبذلك يمنح نفسه الرضا والتفاؤل فيكون ذلك الإيمان داعماً لشفائه، إلا أنه يشدد على أن الايمان لا علاقة له بحدوث المرض.

ويؤكد أن الأمراض النفسية لا علاقة لها بالإيمان فهي تغيرات كيميائية تصيب أي شخص متدين أم لا ( مسلم .. قبطي .. يهودي .. شيوعي)، والعلاج النفسي والدوائي له أثره العلاجي على المرض.

 

إعداد: جهاد عبدالله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى