أدب وفنون

المناطق النائية من الألف إلى الياء في رواية “الليل لنا”

في “رواية الليل لنا” يطرح الكاتب، محمد مباركي، موضوع معاناة المعلمين في المناطق النائية، وتتفرع منه موضوعات عدة، اجتماعية وسياسية واقتصادية وتاريخية وجغرافية، من خلال تفاصيل العلاقات الإنسانية.

 

رواية الليل لنا

وتناقش الرواية مفهوم الغياب وآثاره على حياة الإنسان مما يبين بشكل جلي علاقة الإنسان في الزمان والمكان، ويظهر الغياب كقاسم مشترك بين جميع الشخصيات المتعددة في رواية “الليل لنا”.

 

تدور أحداث رواية “الليل لنا” حول شخصية كريم معلم قرية أولاد سعدون النائية، ويستعرض الكاتب ماضي كريم كطفل موضوع صراع بين جدّته وعمتيه من جهة، وأمه من جهة ثانية، ما سيكون له تأثير على علاقته بأمه التي تتميز ببرود في حاضره، وكتلميذ في المدرسة، وعلاقته بابنة الجيران نجاة التي شغفته حبا، ظل يراهن عليه، لكن كان مصيره القطيعة، بعد أن قررت نجاة الارتباط بشخص آخر.

وتتطرق الرواية أيضاً إلى حياة كريم في الثانوية وعلاقته بزملائه وبأستاذته الفرنسية جانيت، التي أحبّته واقترحت عليه الذهاب معها إلى فرنسا، لكنه لم يستطع ذلك بسبب صعوبة الحصول على جواز السفر آنذاك، وأدت العلاقة بينهما إلى ولادة طفلة، لكن دون أن يعلم بذلك.

وبالعودة إلى معالجة مفهوم الغياب، نراه في نهاية رواية الليل لنا حينما تنقلب الشاحنة بكريم مع مجموعة من سكان دوار أولاد سعدون، ويبرز الغياب كذلك في حرمان والدة كريم من ابنها في صراع مع حماتها ومع اختي زوجها، وكذلك بذبح الراهب وزوجته طامو، وابنتهما مورا التي أغلق عليها أهل الدوار وتركوها تموت ببطء داخل دار الراهب.

اقرأ أيضاً:

كيف يصنع المهمشون التاريخ.. في رواية “زقاق الجمجم”

 وسيرز الغياب أيضاً في شخصية أحد المرضى الذي كان يدّعي أنه شريف غيّبه المرض في مستشفى الأمراض العقلية، والشيخ مزوار غيّبته حادثة سير عن أنظار أهل دوار أولاد سعدون وبعد ذلك غيّبه الموت، وسليمان الذي غيّبه السفر إلى فرنسا بإرادة صديقه حماد، وغياب والد الطفل رمضان تلميذ كريم، بسبب اشتداد الوحم على زوجته وسطوتها عليه، وتغييب القرية أثناء صياغة المقررات الدراسية وتأثيره التربوي والنفسي على أبنائها.

 

فهناك شخصيات اختارت الغياب في رواية الليل لنا، مثل كريم بقراره التدريس في قرية نائية، غاب عن والديه الذي كان وحيدهما، وغياب والد كريم عن صراع والدته مع جدته وعمتيه وانصرافه إلى عمله، ونجاة التي غيبت نفسها في مدينة الرباط واختارت رجلا آخر وتركت كريما، وهروب طامو ليلة عرسها إلى دار الراهب رفضا لتزويجها القسري حيث أخفاها الراهب وبعدها أخفيا أمر ابنتهما مورا الناتجة عن زواج سري بينهما.

اقرأ أيضاً:

العنصرية والتمييز في رواية “زهر الغرام” محاكاة للواقع وتأنيب للمجتمع

وأحيانا يكون الغياب هروبا من وضع لا يُطاق، كهروب خدوج من الماخور الاستعماري برفقة زوجها السهلي، وانتحار ابنتهما كنزة تحت وقع حقيقة صادمة وهي أنها متبناة، وقرارهما مغادرة الدوار بعد نهايتها المأساوية.

الكاتب محمد مباركي

محمد مباركي قاص وروائي مغربي، تابع دراسته الابتدائية والإعدادية والثانوية بمدينة وجدة شرق المغرب، حاصل على شهادة البكالوريا سنة 1980 (تخصّص آداب عصرية)، تخرج من المركز التربوي الجهوي بوجدة كأستاذ لمادة التّاريخ والجغرافيا سنة 1982، التحق بالمدرسة العليا للأساتذة بفاس سنة 1990 وتخرّج منها سنة 1992 كأستاذ التّعليم الثّانوي التأهيلي، ويعمل حاليا بثانوية إسلي التأهيلية بوجدة.

اقرأ أيضاً:

عمره بين400 إلى 500 عام..منزل نزار قباني معروض للبيع في دمشق وهذا ما قاله فيه

شارك في مجموعة من الملتقيات للقصّة والرّواية كالملتقى الوطني للقصّة القصيرة جداً بمدينة خنيفرة والملتقى العربي للقصة القصيرة جدّا بمدينة النّاظور وملتقى أصيلة للقصة والملتقى الأول للرّواية بمدينة وجدة.

نشر نصوصه في مجلات مغربية وعربية، كمجلة طنجة الأدبية ومجلة العربي الكويتية ومجلة الجوبة السّعودية ومجلة السّلام (ستوكهولم)، كما نشر بعض نصوصه بالملاحق الثقافية لجرائد وطنية كالمنعطف والبيان.

نشر أيضا بعض كتاباته التربوية بالملحق التربوي لجريدة الإتحاد الاشتراكي ومجلة سوانح وغيرها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى