الشأن السوري

من جسد الثورة السورية …. الحولة

مقدمة :

يمتد سهل الحولة في منطقة منبسطة محاطة بالجبال وبالجهة الشمالية الغربية على بعد 25 كم عن مركز مدينة حمص , ويقسّم سهل الحولة جغرافياً إلى 4 بلدات رئيسية ( تلدو – تل ذهب – كفرلاها – الطيبة الغربية ) وفي آخر إحصائية لعدد سكان سهل الحولة قبل الثورة بلغ عددهم 120 ألف نسمة , إلا أن ظروف الحصار الذي فرض على المنطقة بعد بدء الثورة السورية أضاف للبلدات الأربعة السابقة قرى وبلدات أخرى في حدود رسمتها حواجز النظام المنتشرة في محيط المنطقة من جهة والقرى الموالية للنظام ذات الأغلبية العلوية من جهة أخرى، ليصبح سهل الحولة محاصرا بشكل شبه كلّي وبتوزيع جغرافي جديد.

بدء الثورة ومجازر النظام :

لم تتأخر الحولة عن باقي المناطق السورية بل رفعت راية الثورة وبدأت التظاهرات منذ الأيام الأولى كونها جزء من محافظة حمص المعروفة باسم ” عاصمة الثورة السورية ” , فكانت الساحة العامة في بلدة تلدو مركزاً لتظاهرات ضخمة شهدتها الحولة , وفي أحد تظاهرات المدنيين من سكان الحولة أمام مخفر الشرطة في بلدة الطيبة الغربية قام عناصر المخفر بإطلاق النار المباشر على المتظاهرين، مما أدى لسقوط اول شهيد في سهل الحولة من أبناء الطيبة الغربية وهو ” أحمد القاسم ” .
تميزت الحولة بمظاهرات ضخمة كان أبرزها في الجمعة التي اطلق عليها السوريون ” الجمعة العظيمة ” , كما شهدت المنطقة مظاهرة ضخمة أخرى في جمعة ” يا دمشق موعدنا قريب ” والذي صادف حينها ارتكاب قوات النظام مجزرة بحق سكان المنطقة راح ضحيتها العشرات وذلك بتاريخ 25-5-2011.

كما شهدت الحولة مجزرة وحشية أخرى بحق أطفال وعائلات كاملة تمت تصفيتها ذبحاً بالسكاكين، مما جعل الشعب السوري ينتفض في عموم البلاد متضامنا مع أطفال الحولة ومطلقا اسم ” أطفال الحولة مشاعل النصر” كتسمية لأحد أيام الجمع التي شهدت تظاهرات كبيرة في مختلف المحافظات.

بدء العمل العسكري:

إن طبيعة منطقة الحولة واحتكاكها المباشر مع القوى العلوية الموالية للنظام جعل قوات النظام تسارع إلى ارتكاب المجازر فيها، لتثبيت الخوف في نفوس أبنائها كي لا ينتفضوا في وجه النظام، ولكن تلك المجازر لم تزيد سكان الحولة إلا إصراراً على متابعة الثورة حتى النصر، مما دفع النظام إلى جلب تعزيزات من جيشه مدعومة بآليات ودبابات لبدء حملة عسكرية على المنطقة في اليوم الثاني من شهر اب 2011 منفذاً عمليات اعتقال كبيرة وقتل وتشريد بأبناء الحولة، مما دفعهم إلى حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم لتبدئ بعدها مظاهر العمل العسكري من خلال تشكيل مجموعات سرعان ما تطورت الى فصائل منظمة ومجهزة بالسلاح قادرة على الوقوف في وجه النظام ورده بل وتحرير نقاط تقع تحت سيطرة قواته , حيث جرى بالمنطقة معارك كثيرة كان أبرزها معركة تحرير حاجز المفرزة بتاريخ 25 – 5 -2012 ومعركة تحرير حاجز عقرب بعدها , فيما لا تزال الاشتباكات بين الثوار وقوات النظام وشبيحته حتى يومنا هذا بين كر وفر وأغلبها على الجبهة الشمالية الشرقية ( كيسين – كفرنان ) ولكن ضمن وتيرة اخف بعد أن أنهك الحصار فصائل المنطقة.

خاتمة :

قدمت الحولة منذ بداية الثورة أكثر من 800 شهيد وآلاف المهجّرين من العائلات التي قصدت بعضها قرى الريف الشمالي وتوجه معظمها الى لبنان كونها البلد الأقرب المجاور , فيما يقدر عدد المعتقلين من أبناء المنطقة 2000 شخص منذ بداية الثورة وحتى اليوم، حيث لا يزال قسم منهم في سجون النظام ومصير بعضهم مجهول , كما تجاوزت نسبة الدمار في مناطق الحولة الـ 70% نتيجة حملات القصف اليومية التي يشنها النظام بالقصف الجوي والمدفعي والصاروخي.

حولة

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى