عندما وصلت المعارك في الحرب العالمية الأولى منحنىً ثابتاً عكفت الجيوش إلى اللجوء لعدّة طرقٍ لكسر الجمود على الجبهات واختراق الحواجز والدفاعات المقامة عليها، فما كان من بريطانيا إلا الكشف عن الدبابة الأولى في العالم، متمثلةً بالدبابة البريطانية “مارك 1” التي تعدّ الدبابة الأولى في العالم التي تدخل ميادين الحروب.

الدبابة الأولى في العالم “مارك 1”

خرجت دبابة “مارك 1” البريطانية كأول دبابة في العالم إلى العلن وأبصرت النور في شهر آب/ أغسطس من العام 1916وفقاً للروايات، فيما يشير بعضها الآخر إلى أنّها لم تستخدم فعلياً حتّى صبيحة الخامس عشر من شهر سبتمبر من العام ذاته.

السبب في تصنيع هذه الدبابة

وبالعودة إلى الأسباب التي شكّلت عاملاً مساهماً في تصنيع هذه الآلية، فلا جدال بأنّ الخنادق التي تم بناؤها على طول الحدود الفرنسية الألمانية خلال الحرب العالمية الأولى هي من خلقت الحاجة إلى مركبة مدّرعة يمكنها كسر الجمود في الجبهة.

وبالتطرّق إلى صناعتها، فقد تمّ تصميم دبابة Mark-1 لتكون طويلة الشكل بحيث تتمكن من عبور الخنادق الألمانية، وبالإضافة إلى الشكل الخارجي فقد قدّم درعها مقاومةً فعالةً ضدّ نيران المدافع الرشاشة، وأضيفت الجنازير إلى دبابات Mark-1 لتمكينها من السير عبر الأراضي الوعرة، على الرغم من نجاحها في كثيرٍ من النواحي خلال الحرب العالمية الأولى، فقد واجهتها العديد من المعضلات بسبب طبيعتها البدائية.

ويبلغ وزن الدبابة الأولى 28 طنّاً، أمّا طولها فيبلغ 9.94 متراً، وعرضها 4.33 متراً، وبارتفاعٍ يبلغ 2.44 متراً، ويبلغ عدد طاقمها 8 أفراد، ودرعها من 6 إلى 12 ملم، سلاحها الأساسي 4 مدافع رشاشة 7.7 ملم، والثانوي رشاشان من عيار 7.7 ملم، والمحرك 6 سلندر بقوة 105 حصان، أما مداها 6.2 ساعة، وسرعتها القصوى 6 أميال / ساعة.

وتداول البريطانيون خلال الحرب العالمية الأولى اسم “تانك” أو الصهريج بالعربية في إشارةٍ منهم إلى الدبابة الأولى التي صنعوها، وبعد ذلك انتشر الاسم في مختلف دول العالم، ليصبح اسماً متعارفاً عليه للدبابة.

أمّا السبب في اختيار هذه التسمية دوناً عن سواها، وفقاً للروايات التاريخية المتداولة فإنّ وزير البحرية البريطاني خلال الحرب العالمية الأولى، ونستون تشرشل، الذي آمن بمفهوم “السفن البرية” أمر بتنظيم لجنةٍ خاصّة لتجسيد هذا التخيّل، أطلق عليها اسم لجنة “لاندشيبس” بهدف البدء في تطوير النماذج الأولية.

9 دول تمتلك الأسلحة النووية حول العالم.. إحداها تخزنها خارج حدودها وإسرائيل ترتيبها صادم!

مشروع بريطاني سري

وسعياً منه بالحفاظ على سرية المشروع عن أعداء بريطانيا بالحرب آنذاك، تمّ إخبار العمال أنّ الهدف من إنتاج هذه المركبات التي تمت صناعة نماذج أوليةٍ منها هو سقاية ساحة المعركة، وهذا كان سبباً في أنّ هذه المركبات حين تمّ الفراغ منها سُلّمت في صندوقٍ يحمل اسم “خزّان” (تانك بالإنكليزية) وأصبحت التسمية دارجة.

وتضمّنت المشاركة الأولى عملياً للدبابة في الحروب على اشتراك دبابتين من الطراز مارك 1، أثناء معركة “فليرس كورسيليت”، أما المواجهة بين الدبابات من الطرفين في الحرب العالمية الأولى فكانت في معركة “فيلرس بريتونيوكس” في تاريخ الـ 24 من نيسان/ أبريل عام 1918، حيث واجهت ثلاث دبابات بريطانية، ثلاث دبابات أخرى ألمانية من طراز “آي.7.في”.

في ذكراها الثالثة بعد المئة .. الحرب العالمية الأولى قتلت الملايين وغيرت شكل العالم

التحسينات التي طرأت على التصميم

وعلى الرغم من التغييرات التي استطاعت خلقها الدبابات في ساحة المعركة العسكرية، إلا أنه وبعد اختبار “مارك 1” اتضح أن أداءها كان لا يزال غير مرضٍ لأن هذا “الخزان” كان لا يزال يتحرك ببطء وحار جداً، ما دفع باتجاه البحث عن تعديلاتٍ بحيث خرجت أنماطٌ لاحقة.

ولاحقاً، تمّ إجراء المزيد من التحسينات في التصميم وفي معركة “كامبراي” التي وقعت في نوفمبر 1917، وقد أثبتت الـ مارك 4 نجاحها أكثر بكثير من مارك الأول، حيث تمّ أسر 8000 جندياً و100 قطعة سلاح من أسلحة العدو.

وسرعان ما أصبحت الدبابات سلاحاً عسكرياً مهماً، خلال الحرب العالمية الثانية، حيت لعبت دوراً مهماً في ساحات القتال المختلفة.

وظهرت تصنيفات جديدة، حيث كانت الدبابة “الذكر” مسلحة بمدافع متوسطة وثقيلة نسبياً، بينما تم تجهيز الدبابة “الأنثى” بعدد كبير من الرشاشات الخفيفة بهدف حماية النوع الأول، ومواجهة مشاة العدو كأساسٍ لها.

إلا إن هذه الدبابات البدائية قد عانت من مشاكل كثيرة ، إذ لم تتجاوز سرعتها 13 كم / ساعة على الأكثر ، كما أنها عانت من العديد من الأعطال الميكانيكية والفنية، حيت تبيّن أنّ من بين 150 دبابة “مارك 1” التي شاركت في معركة “السوم “، كانت 9 دبابات فقط قادرةً على إطلاقها في مرحلة الهجوم، نتيجة مشاكل ميكانيكية.