حورات خاصة

استعدوا لعامين من انهيارات الأسواق المالية بـ”محرك شيطاني”.. خبراء يكشفون التفاصيل

“مؤامرة” و”محرك شيطاني” وراء موجة الخسائر الفادحة، والانهيارات التي طالت الأسواق المالية والأسهم والعملات المحلية والعملات الرقمية، بهدف “هدم النظام العالمي المالي والاقتصادي الحالي وبناء آخر” ، هو بعض ما خلص إليه خبراء اقتصاديون تحدثوا إلى وكالة ستيب الإخبارية. حول ما وصفوه بـ “المحنة” المالية العالمية الحالية والعوامل المؤثرة بها والظروف العالمية التي أدت إليها، وسط مخاوف من انهيار متزايد مترافق بأزمات سياسية وعسكرية واقتصادية لم يشهدها العالم منذ الحربين العالميتين.

 وبحسب الخبراء الاقتصاديين فإن الأزمة الاقتصادية الحالية التي أثرت على أسواق الأسهم والعملات المحلية والعملات الرقمية قد تطول لبضع سنين، ما يشي باستمرار التضخم في العالم وارتفاع الأسعار بشكلٍ غير مسبوق، وسط انهيارات متتالية للأسواق.

 

الأسواق العالمية تنهار

 

شهدت العديد من الدول هبوط عملاتها المحلية أمام الذهب والدولار الأمريكي وعوامل المقارنة الاقتصادية الثابتة، مما تسبب بحالة من الارتباك وتسجيل أرقام وخسائر بهذه العملات لم تسجّل منذ عقود.

وفي حديث لوكالة ستيب الإخبارية، يقول المحلل الاقتصادي، رضوان الدبس: العملات العالمية تراجعت بشكل عام وهناك تضخم بكل الدول، ولمعرفة السبب نتذكر أنه قبل عامين خلال جائحة كورونا كان هناك ما يعرف باسم “التيسير الكمّي”، حيث قامت الدول بطباعة عملاتها وتوزيعها على أساس أن تكون لفترة وجيزة ويتم سحبها بعد التعافي من إجراءات إغلاق كورونا، وهذا ما كان أساس التضخم الحالي حيث توجد كتلة مالية غير مسنودة بذهب أو احتياطات أجنبية.

ويوضح أنه لتسحب الدول هذه العملة من السوق تحتاج أن تقدم بديل من خلال المواد الأولية والصناعات والقطع الأجنبي أو الذهب، وهذا غير موجود.

ويضيف: إلى جانب ذلك كان هناك ديون على الدول نتيجة إجراءات الإغلاق بكورونا وخسائر الاقتصاد للدول في تلك الأثناء، وما أن بدأ العالم يتعافى من إجراءات كورونا، حتى جاءت الصراعات الدولية المتمثلة بحرب روسيا وأوكرانيا وما تبعها من فرض عقوبات وغيرها.

حيث بدأت الدول بحجر الناس صحيّاً وتقييد الحركة العامّة عام 2020 بعد انتشار فيروس كورونا، واستمر ذلك لأكثر من عام ونصف، ما سبب خسائر فادحة بالاقتصاد.

وبعد العودة التدريجية للحياة الطبيعية وزيادة الطلب على النفط والطاقة، أدى إلى ارتفاع أسعار النفط وهو بدوره أدى إلى ارتفاع كل الأسعار بالأسواق المحلية لما له من تأثير كبير على باقي الصناعات والنقل وغيرها.

أما النقطة بالغة الأهمية التي يراها “الدبس” وهي رفع سعر الفائدة بالبنوك الأمريكية، مشيراً إلى أن ذلك من أهم المؤثرات على الخسائر الحالية للعملات وسوق الأسهم، حيث تحاول البنوك الأمريكية سحب الدولار من السوق مما يؤدي لزيادة الطلب عليه وارتفاع قيمته، ويلفت بذات الوقت إلى أنه من المتوقع المزيد من الخسائر خلال الفترة المقبلة.

ويتابع: الخسائر الحالية نتيجة عدم الاستقرار في العالم، ولا سيما الحرب الروسية في أوكرانيا التي ما تزال قائمة ولا أحد يعرف إلى متى ذلك، ويتزامن ذلك مع انهيارات بالأسهم والعملات في عدة دول، وهو ما يشكل عدم وضوح وثقة لدى المستثمرين من أجل ضخ العملات والاستثمار بالأسواق.

ويرى الخبراء أن الوضع يمكن أن يأخذ سنتين إلى ثلاث سنوات في حال لم يحصل أي شيء خارج عن المألوف، حيث هناك عديد من بؤر الصراع حول العالم تغلي منها (الصين وتايوان، إيران وإسرائيل، تركيا واليونان) إضافة إلى صراع روسيا وأمريكا بعدة مواقع، ويقول “الدبس”: في حال انفجار أي من تلك الصراعات سيؤدي الأمر إلى مزيد من الخسائر والمشاكل.

 

العملات الرقمية مرتبطة بالأسهم

 

من جهتها لم تنجو العملات الرقمية من حالة الارتباك العالمية، رغم أنها لا تملك أصولاً أو ارتباطات حقيقية، مما أثار المخاوف من أن تكون هذه العملات كما وصفت بأنها “فقاعة” يمكن أن تنفجر وتختفي فجأة مسببة خسائر فادحة كما ظهرت فجأة وسببت أرباحاً هائلة.

وانخفضت قيمة سوق العملات الرقمية، إلى أقل من تريليون دولار للمرة الأولى منذ يناير/كانون الثاني 2021.

وزادت توقعات رفع الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة بعد ارتفاع التضخم في مايو/أيار لأعلى مستوياته منذ عام 1981.

وحول ذلك يوضح الخبير الاقتصادي، يونس الكريم، أن نتائج سوق العملات الرقمية غالباً تأتي مما يتم المضاربة عليه بالأسواق، حيث أن هناك فئة قليلة ممن تملك العملات المطلوبة والمعروض منها كان قليلاً مما أدى لارتفاع سعرها.

ويقول: من ناحية ثانية، فإن العروض التي قدمتها منصات وشركات التداول بتقسيم العملة الرقمية إلى فئات صغيرة وإقامة محافظ مشتركة لعدة أشخاص من صغار الملّاك للعملات الرقمية، وبذلك الكثير غامر بالمضاربة على أساس إن حقق ربحاً فهو شيء جيد وإن لم يحقق فلن يخسر شيء.

ويتحدث بأن ارتفاع مستوى المضاربة ذلك نتيجة أن أكثر من 95 بالمئة من ملّاك السوق هم فئات متحركة بالسوق، إضافة إلى أن عدد من الدول امتلكت العملات الرقمية لمحاولة التخلص من “الهيمنة الأمريكية”، مدفوعة برغبات سياسية لدول أخرى.

ويضيف: كل ذلك أدى لارتفاع العملات الرقمية خلال فترة إجراءات الإغلاق من جائحة كورونا، أما بعد بدء التعافي منها، فبدأ المستثمرون يتجهون إلى العملات الحقيقية، وذلك ما أدى إلى زيادة المعروض من العملات الرقمية مقابل انخفاض الطلب وهو ما سبب خسائر.

ويبيّن “الكريم” أن هناك ما يبدو وكأنه ترابط بين سوق الأسهم وسوق العملات الرقمية، فعند تحسّن سوق الأسهم كانت تتحسن سوق العملات الرقمية، وعندما بدأ التضخم يرتفع بدأ المستثمرون يتجهون إلى شراء الذهب أو العقارات والأصول المحافظة على القيمة مقابل بيع الأسهم.

وفي حين أن سوق العملات الرقمية كان يساوي أكثر من 3 تريليونات دولار في ذروته قبل 7 أشهر، فإنه يقترب الآن من تريليون دولار.

ويشرح الخبير الاقتصادي أن من الأسباب الأخرى لخسائر العملات الرقمية هو توقف التعدين وذلك بسبب وضع شروط وقيود عليها بعدة دول إضافة إلى ارتفاع أسعار الكهرباء وغيرها.

 

فرصة لتحقيق مكاسب

 

أما الخبير ورئيس شركة الليث كريبتو لخدمات الاستثمار والتداول، فيتحدث لوكالة ستيب الإخبارية، عن تأثر سوق العملات الرقمية و أسواق المال بشكل عام بعدة أسباب، موضحاً أن أهمها كان التضخم المفرط او hyperinflation والذي خلق حالة هلع في جميع قطاعات الحياة.

ويقول: أسعار العملات الرقمية كانت أسعاراً تضخمية وهذا يعني بأن سعرها أكبر من قيمتها في الوقت الراهن، و هذا أمر طبيعي في كل سوق حديث الولادة بسبب حالة الإقبال بهدف الغنى و ليس بدافع الإيمان بالتكنولوجيا.

ويضيف: أسواق المال الأخرى مثل سوق الأسهم تأثرت أيضاً بحالة التضخم العالمية بالإضافة إلى الأسباب الجيوسياسية وهي حرب روسيا وأوكرانيا التي صعدت الأوضاع ودقت ناقوس الخطر .

ومن الأسباب التي تؤثر على العملات الرقمية، بحسب الخبير الاقتصادي، هي نسب الفائدة و قوة الدولار الأمريكي، معتبراً أنّ هذا يضر بشكل مباشر بالأصول عالية المخاطرة مثل البيتكوين و الايثيريوم و باقي العملات الرقمية، ويشير إلى أن سوق الأسهم الأمريكية له تأثير قوي على العملات الرقمية لكنه متغير، ما يعني أن العلاقة طردية.

وعن سوق الكريبتو و تكنولوجيا البلوك تشين، يشير إلى أنها ما زالت تكنولوجيا واعدة و في مهدها ويجري التطور كل يوم فيها وفي مجالتها، حيث ظهرت تكنولوجيا الـNFT من ثم ظهرت تكنولوجيا الـMETA و من ثم عملات الـPrivecy، و لكن بذات القوت يشير إلى أن اكثر المتضررين في الهبوط الحالي هي عملات الـ DEFI او عملات الاقتصاد اللامركزي كونها هي نظير البنوك في العالم المشفر وكون البنوك والفائدة في تصاعد، وسيعرف هذا القطاع هبوط أكثر مثل AVVE,PERP,COMP…. و غيرها.

إلا أنّ “الشوبكي” اختلف برأيه مع باقي الخبراء معتبراً أنّ الوقت مناسب لاستغلال الفرصة في العملات الرقمية، ومشدداً على أن الفرص لا تتكرر.

ويقول: حالة الهلع الموجودة بين المستثمرين والمتداولين هو أمر طبيعي وناتج عن الهبوط الحاد في هذا السوق لكن الثقة في زمن اللا ثقة هو الأمر الذي سيعود عليك بمردود مادي كبير، مثلاً من قام بالإيمان بالبتكوين في بدايته عام 2009 ربح أكثر بكثير من الذي قام بشراء البيتكوين في 2021.

ويضيف: لذلك عندما تنعدم ثقة الناس بالسوق بشكل كامل سيخرج المشككين و يقومون باستغلال الفرصة للنيل من هذا السوق، مشيراً إلى أن هذا هو الوقت المناسب الذي سيعود علي المستثمر بالمردود الأكبر لأنه سيقوم بالتركيز بالموجة قبل انطلاقها وهذا هو الأضمن والأصعب، موضحاً أن “ركوب” الموجة في نصفها أو آخرها يعني أن يكون المستثمر عرضة لأي حركة عكسية للسوق.

 

مؤامرة وأزمة مفتعلة

 

أما عن مسببات الأزمات التي أدت إلى التضخم وارتفاع الأسعار من جهة، مقابل انهيار العملات والأسهم من جهة ثانية، فيرى الخبير الاقتصادي، الدكتور شريف الدمرداش، أن هناك فاعل وراء كل ذلك.

ويقول في حديث لوكالة ستيب الإخبارية: سوق الأسهم مرتبط بدرجة الثقة والثبات، والوضع الحالي ليس ثابت ولا مستقر، وهو ما يؤدي إلى المضاربات، لأن الأسواق المستقرة تنشأ في ظل اقتصاديات مستقرة، وبالتالي فإن سوق الأسهم لا يمكن أن تكون مستقرة بهذه الظروف العالمية الحالية.

ويضيف: نحن نعيش أزمة اقتصادية عالمية تهدف لوضع اقتصادي عالمي جديد، وكل ما يحدث الآن مفتعل بهدف هدم النظام الاقتصادي الحالي بنيّة إنشاء نظام جديد، بدوافع سياسية، وكل ما يمكن تداركه قد يحدث بتحرك سياسي ما وليس بظرف اقتصادي بحت.

وكانت تقارير مسنودة بتصريحات روسية تؤكد أن العالم يتجّه إلى بناء نظام عالمي جديد “متعدد الأقطاب” بعيداً عن هيمنة القطب الواحد سياسياً.

ويرى “الدمرداش” أن الأزمة الأساسية من سلاسل الانتاج وسلاسل التوريد على إثر جائحة كورونا كانت أيضاً مفتعلة، وبالتالي جاء التضخم العالمي، حيث نتج عنه أن العرض كان أقل من الطلب وبالتالي ارتفعت الأسعار.

ويوضح أنه وخلال التحول من النظام القديم إلى الجديد هناك صناعات ستظهر وأخرى ستختفي وبالتالي سنشهد آلاف عمليات تسريح الموظفين حول العالم.

أما عن الحرب وما تبعها بين روسيا وأوكرانيا فيقول: مهما كانت لم تكن لتؤثر كما فعلت حتى تصبح حرب عالمية ثالثة، إلا أنّ افتعال الأزمات من مقبل محرك “شيطاني” يريد تغيير النظام العالمي الاقتصادي هو أساس ما جرى.

 

التضخم وسلاسل التوريد والانتاج

 

يتم تعريف التضخم بأنه الزيادة المستمرة في المستوى العام لأسعار السلع والخدمات في دولة ما، ويُقاس على أنه نسبة مئوية متغيرة سنويًا. ويعني أيضًا ارتفاع أسعار الأشياء مع مرور الوقت. وبطريقة أخرى، يُقصد بالتضخم أن كل دولار تملكه يمكنه شراء نسبة أقل من السلع والخدمات، حيث عندما ترتفع الأسعار تنخفض قيمة الأموال التي تمتلكها.

أما سلاسل التوريد فهي منظومة من المؤسسات، والناس، والتكنولوجيا، والأنشطة والمعلومات والموارد المطلوبة لنقل المنتجات أو الخدمات من الموردين إلى العملاء.

وتُطلق إدارة سلسلة التوريد على التعامل مع مسار الإنتاج بأكمله لمنتج أو خدمة، بدايةً من المكونات الخام ومرورًا بجميع المراحل ووصولاً إلى تسليم المنتج النهائي.

بينما سلاسل الانتاج هي عبارة عن سلسلة من الروابط التي تصل ما بين أماكن إنتاج وتوزيع كثيرة ينتج عنها تبادل السلعة الأساسية بالسوق العالمية.

ويمكن الإيجاز بأنها مسار الاتصال الذي تنتقل خلاله البضاعة من المنتجين إلى المستهلكين. وقد تكون سلاسل إنتاج السلع فريدة وذلك وفق أنواع المنتجات أو أنواع الأسواق.

 

أزمة مالية

 

يتفق الخبراء الاقتصاديون على أن العالم يعيش أزمة مالية واقتصادية كبيرة في ظل الظروف الراهنة، ولن تتغير ما لم تتغير تلك الظروف.

وتعيد الأوضاع للأذهان الأزمة المالية في عام 2008 ورغم اختلاف الظروف إلا أنّ سرعة الانهيار وهي مرتبطة بثقة المستثمر بالسوق، كانت متشابهة.

المحلل الاقتصادي رائد العبادي خلال حديث لوكالة ستيب الإخبارية، يرى أن العالم أقرب إلى ركود تضخمي كما حصل في السبعينات بشكل أكبر من أزمة ٢٠٠٨.

ويقول: لدينا تشابه كبير في المعطيات، حيث أرقام تضخم عالية وبطء في النمو وحتى أرقام البطالة ليست بالجيدة، وهذه الأمور لا تجتمع إلا بالركود التضخمي، وفي السبعينات كانت لدينا صدمة نيكسون بالإضافة لصدمة النفط مما أدى إلى زيادة الطلب على الدولار والطاقة وهذه الظروف مشابهة اليوم.

أما الحلول المتوقعة فتبدأ في حالة زوال بعض هذه الظروف الحالية، فبعضها ظروف خارجة عن إرادة السوق كالظروف الجيوسياسية، وبعضها بحسب “العبادي” ربما يستطيع الفيدرالي الأمريكي التقليل من أثرها كالتضخم، وذلك عن طريق رفع أسعار الفائدة.

وبالعودة إلى التاريخ والتشابه بأزمة السبعينات ففي الركود التضخمي بالسبعينات قام الرئيس الأمريكي حينها بعمل حزمة إجراءات مثل فرض 10 بالمئة على الواردات وتجميد الرواتب لمدة 3 أشهر.

وكما أوضح المحلل الاقتصادي رضوان الدبس فإن الأزمة الاقتصادية الحالية تحتاج إلى عامين حتى ثلاث أعوام حتى تعيد الاقتصادات العالمية ترتيب نفسها، وهو مرحلة أشبه بمرحلة انتقالية في الأسواق بين مرحلة الركود ومرحلة العودة إلى الطبيعة.

أما الدكتور شريف الدمرداش فكان رأيه مختلفاً، مشيراً إلى أن هناك جهات تريد وضع أسس نظام عالمي اقتصادي جديد، كل ما يجري كما بدأ سينتهي عند الوصول لهدف الفاعل نفسه، وهي أشبه بنظرية “المؤامرة”.

وكما أوضح الخبراء فإن عمليات “التيسير الكمّي” غير المنضبطة على إثر جائحة كورونا، تسبب بالتضخم العالمي، وما جاء من صراعات عسكرية واقتصادية لاحقاً زاد حجم الكارثة، وتبقى عمليات المضاربة في الأسواق هي أساس التغييرات الآنية في الأسواق بين هبوط وصعود، وقد تستمر حتى الوصول إلى نقطة الاستقرار الكامل وعودة الثقة للأسواق.

 

الأسواق العالمية ستشهد تغيرات كبيرة
الأسواق المالية العالمية ستشهد تغيرات كبيرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى