تحميل سعر البتكوين... | تحميل الدولار مقابل الليرة التركية... | تحميل الدولار مقابل الليرة السورية... | تحميل الدولار مقابل الدينار الجزائري... | تحميل الدولار مقابل الجنيه المصري... | تحميل الدولار مقابل الريال السعودي...
مقال رأي

مقال رأي | عندما تتقاطع الفتنة مع المال السياسي: هل تُدار سوريا اليوم من تل أبيب والدوحة؟

عندما تتقاطع الفتنة مع المال السياسي: هل تُدار سوريا اليوم من تل أبيب والدوحة؟

بقلم الصحافي السوري: فارس المغربي

خلال الأيام الأخيرة من أبريل 2025، بدا المشهد السوري وكأنه ساحة مكشوفة لتقاطع مشاريع إقليمية ودولية متداخلة. سلسلة من التطورات المتلاحقة، شملت تصعيدًا طائفيًا مفاجئًا، وتصريحات إسرائيلية لافتة، وفضيحة تمويل إعلامي قطري داخل إسرائيل، رسمت معالم محاولة جديدة لإعادة تفجير الساحة السورية، لا بالسلاح فقط، بل عبر الإعلام والدين والمال السياسي.

التسلسل اللافت للأحداث يفرض نفسه بقوة: فمن مدينة جرمانا التي اشتعلت فجأة على وقع تسجيل صوتي طائفي، إلى تصريحات تل أبيب حول “حماية الدروز”، وصولًا إلى كشف تلقي مستشارين إسرائيليين أموالاً من قطر لتلميع صورتها، تكتمل ملامح مشهد إقليمي مضطرب تُلعب فيه الورقة السورية من جديد.

انطلقت شرارة التصعيد من مدينة جرمانا بريف دمشق، عندما انتشر تسجيل صوتي منسوب لأحد أبناء طائفة الموحدين الدروز يتضمن إساءة صريحة للنبي محمد ﷺ. سرعان ما تحولت المدينة إلى ساحة اشتباكات مسلحة خلفت قتلى وجرحى، بينما سارعت وزارة الداخلية إلى فرض طوق أمني مشدد وملاحقة المتورطين.

غير أن الأسئلة الأعمق ظلت عالقة: هل كان التسجيل فعلًا تصرفًا فرديًا معزولًا، أم أن هناك من تعمّد إشعال الفتنة في واحدة من أكثر المناطق حساسيةً؟ ومن سمح بحمل السلاح مجددًا رغم قرارات سابقة بسحبه؟ ولماذا تزامن التفجير مع تحركات إسرائيلية وفضائح قطرية تمس صلب المشهد الإقليمي؟

إسرائيل وتقديم نفسها “حاميًا” للدروز

بالتوازي مع التصعيد في جرمانا، خرج وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، ليعلن عن خطة جديدة لدعم الدروز والشركس داخل إسرائيل، متعهدًا ضمناً بحماية الدروز السوريين.
ترافق ذلك مع سماح نادر منذ عقود لرجال دين دروز سوريين بزيارة مقام النبي شعيب داخل الأراضي المحتلة.

هذه الخطوة لم تكن مجرد تصرف إنساني كما حاولت إسرائيل أن تظهره، بل تندرج ضمن محاولة مدروسة لإبراز تل أبيب كـ”حامٍ للأقليات”، ما يكرس مشروعها لتبرير سيطرتها على الجولان، وربما توسيع دورها لاحقًا في أي تسوية سورية مرتقبة.

المال القطري يدخل المعركة “قطر غيت”

وسط هذا المناخ المتوتر، انفجرت في إسرائيل فضيحة “قطر غيت”، حيث كشفت تحقيقات رسمية أن مستشارين لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تلقوا أموالًا من قطر بغرض تحسين صورة الدوحة خلال حرب غزة، وتوجيه الإعلام الإسرائيلي بما يخدم مصالحها الإقليمية.
الاتهامات الموجهة شملت الاتصال بجهة أجنبية، وتلقي رشاوى، والمساس بالأمن القومي الإسرائيلي.

هذه الفضيحة تفتح باب الشكوك واسعًا: إذا كانت قطر قادرة على شراء مواقف داخل تل أبيب، فهل من المستبعد أن تكون أيضًا لاعبًا خلف الكواليس في إدارة المواقف الإسرائيلية تجاه سوريا؟ وهل إثارة الفتن الطائفية في الداخل السوري هي جزء من معركة إعلامية أوسع مدفوعة بأموال سياسية؟

عودة الإخوان المسلمينعبر نافذة الفوضى

على خلفية هذا المشهد المعقد، حاولت جماعة الإخوان المسلمين استغلال الحالة الانتقالية في سوريا.
ففي أبريل 2025، تقدمت قيادات إخوانية بطلب لإعادة فتح مكاتبها داخل البلاد، إلا أن الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع رفض بشكل قاطع.
هذا الرفض جاء متسقًا مع موجة إقليمية وعربية لإغلاق الطريق أمام الجماعات المسلحة الخارجة عن سلطة الدولة، بعد قرارات مماثلة بحظر نشاط الإخوان في الأردن ودول أخرى.

ورغم الرفض الرسمي، صعّدت قنوات الإخوان الإعلامية حملاتها ضد الحكومة الانتقالية، متهمة إياها بالارتهان للخارج، ومحاولة تقويض الجهود المبذولة لإعادة دمج سوريا في محيطها العربي.
كما أصدرت الجماعة بيانات تصف الوضع القائم بأنه “اغتصاب للسلطة والثروة”، في محاولة مكشوفة لزرع الشكوك داخل الشارع السوري.

تحذيرات عديدة صدرت مؤخراً من أن الإخوان يستعدون لاستغلال أي فراغ سياسي قد ينشأ، عبر دعم فصائل مسلحة أو تشكيل تحالفات جديدة تعيدهم إلى الواجهة، مما يهدد مجددًا استقرار الدولة الوليدة.

في الخلاصة: صدفة أم خطة محكمة؟


ما يجري اليوم في سوريا لا يمكن قراءته كسلسلة أحداث عشوائية أو منعزلة.

هناك خيط واحد يربط تفجير الفتنة الطائفية، وتقديم إسرائيل كطرف راعٍ للأقليات، وتحريك المال السياسي القطري داخل الإعلام الإقليمي، ومحاولات الإخوان التسلل مجددًا إلى الداخل السوري.

إنها معركة جديدة ضد سوريا، سلاحها هذه المرة ليس الطائرات أو المدافع، بل الإعلام والدين والمال.
ولعل التحدي الأكبر الذي يواجه السوريين اليوم هو إدراك أن أدوات الحرب تغيّرت، وأن الدفاع عن الدولة لم يعد يتطلب فقط الجيوش، بل يتطلب أيضًا الوعي، والمناعة السياسية، واليقظة الإعلامية.

سوريا الآن أمام مفترق طرق جديد… ومن لم ينتبه لهذا المخطط مبكرًا، قد لا يجد لاحقًا وطناً يدافع عنه.

عندما تتقاطع الفتنة مع المال السياسي: هل تُدار سوريا اليوم من تل أبيب والدوحة؟

 

ملاحظة: ما جاء في المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعبر بالضرورة عن رأي الوكالة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى