بيتكوين: 112,187.97 الدولار/ليرة تركية: 41.18 الدولار/ليرة سورية: 12,900.16 الدولار/دينار جزائري: 129.74 الدولار/جنيه مصري: 48.52 الدولار/ريال سعودي: 3.75
قصص الأخبار
سوريا
سوريا
مصر
مصر
ليبيا
ليبيا
لبنان
لبنان
المغرب
المغرب
الكويت
الكويت
العراق
العراق
السودان
السودان
الاردن
الاردن
السعودية
السعودية
الامارات
الامارات
فلسطين
فلسطين
حوارات خاصة

حي السومرية بدمشق… معضلة جديدة أمام الحكومة السورية وحل قانوني وحيد

حي السومرية بدمشق… معضلة جديدة أمام الحكومة السورية وحل قانوني وحيد

تحوّل حي السومرية في العاصمة السورية دمشق خلال الأيام الماضية إلى بؤرة توتر متصاعدة، بعدما تفجرت أزمة "الإخلاءات القسرية" التي طالت عشرات العائلات، وأثارت جدلاً واسعاً حول شرعيتها وأبعادها. 

القضية، التي وُصفت بأنها "قديمة متجددة"، أعادت فتح ملف الاستملاكات والسكن العشوائي في سوريا، وكشفت هشاشة الإطار القانوني أمام قرارات متناقضة بين الفصائل المسلحة والأجهزة الرسمية. ومع تصاعد الأحداث، تدخلت الأمم المتحدة ببيانات تحذيرية، فيما اضطرت السلطات السورية إلى التراجع عن قرارات الإخلاء بعد احتجاجات وضغوط اجتماعية ودولية.

لكن السؤال الأهم يبقى: هل ما جرى مجرد حادثة عابرة في حي صغير من دمشق، أم أنه حلقة من سياسة أوسع لإعادة رسم الخريطة السكانية في العاصمة؟

 

من التهديد إلى الإخلاء ثم العودة

بدأت ملامح الأزمة في يوليو/تموز 2025، حين تلقى سكان السومرية إنذارات تطالبهم بإخلاء منازلهم خلال فترة قصيرة، دون أن تُقدم أي بدائل أو مبررات قانونية. سرعان ما تحوّل الحي إلى ما يشبه المنطقة المعزولة، بعد أن أُغلقت معظم مداخله من قبل قوات الأمن، وانتشرت مجموعات مسلحة أطلقت النار في الهواء، وفق ما أفاد شهود وتقارير حقوقية.

وفي أواخر أغسطس/آب، تصاعد الموقف حين اقتحمت مجموعات مسلحة من "المعضمية" مدعومة بأجهزة أمنية، عددًا من منازل العائلات العلوية. 

عمليات الاقتحام ترافقت مع تمزيق وثائق ملكية، ووسم بعض المنازل بعلامات "X" لتحديد مصيرها. كما تحدّث السكان عن اعتقالات وسرقات.

هذه التطورات دفعت الأمم المتحدة في 30 أغسطس إلى إصدار بيان رسمي أعربت فيه عن "القلق البالغ" من التهديدات بالإخلاء والانتهاكات التي طالت المدنيين، محذّرة من أن ما يجري قد يرقى إلى تهجير قسري وانتهاك لحقوق الإنسان الأساسية.

وبعد ضغوط اجتماعية وإعلامية، صدر قرار رسمي بوقف الإخلاءات والسماح بعودة السكان، عقب تدخل وزارتي الدفاع والداخلية ولجنة السلم الأهلي. لكن هذا القرار لم ينهِ الجدل، بل فتح الباب أمام نقاش أوسع حول مستقبل الحي وحقوق سكانه، وارتباط القضية بملف الاستملاكات والعشوائيات على مستوى سوريا.

ماذا يقول القانون؟

القضية أخذت منحى قانونياً معقداً، وسط تضارب الروايات بين "ملكية الأرض" لأهالي لمعظمية وسلخها قسراً من قبل النظام البائد و"حق السكن" للعائلات المتواجدة فيها منذ عقود، وبين ما تقرره الدولة وما تفرضه الفصائل المسلحة. وفي حديث خاص، قدّم المحامي والحقوقي السوري ميشال الشماس رؤية نقدية شاملة للوضع، مؤكداً غياب الأساس القانوني للإخلاءات.

يقول الشماس: "بحسب الأهالي وما نشر على وسائل الإعلام، فإن عمليات الإخلاء جرت بدون أية مرجعية قضائية أو قانونية، بل هو قرار صادر من فصيل مسلح."

وحول معضلة الملكية المزدوجة بين الدولة والأهالي، أوضح: "أن معظم الأراضي موضوع النزاع هي مستملكة للدولة منذ سنوات طويلة، وهذه المسألة تحتاج إلى تشكيل لجنة وطنية من كل الأطراف لدراسة كافة قرارات الاستملاك، وهذا الأمر يحتاج إلى مجلس تشريعي لإقرار قانون يحدد آليات حل هذه المشكلة بشكل عادل."

بين العشوائيات والاستملاكات… معضلة ممتدة

يشير الشماس إلى أن مشكلة السكن العشوائي لا تقتصر على السومرية، بل هي "مشكلة ممتدة على امتداد سوريا". 

ويقول: "هذه مشكلة معقدة ويحتاج حلها إلى تفعيل قوانين التخطيط العمراني مع مراعاة البعد الإنساني. وإقرار قانون خاص بالتسوية العقارية للعشوائيات، يضمن التعويض أو إعادة التوطين". 

ويضيف: “معالجة هذه المشكلة تتطلب حلاً يوازن بين حقوق جميع الأطراف: الدولة، وأهالي المعضمية الذين حُرموا ظلماً من أراضيهم بقرارات الاستملاك، والقاطنين الحاليين الذين استقروا لعقود في بيوت سُمح لهم بها أو تم غضّ النظر عنهم من قبل سرايا الدفاع ومن بعدها أجهزة المخابرات الأسدية.”

ويحذّر من أن الحلول السريعة أو القرارات الارتجالية ستفتح جروحاً جديدة: “لا يجوز أن يُرمى هؤلاء السكان ببساطة خارج بيوتهم ونقول: انتهت القضية. هذا لن يكون حلاً، بل سيكون كارثة اجتماعية جديدة ومظالم جديدة.”

المخاطر القانونية والسياسية

يعتبر الشماس أن تجاهل الإطار القانوني في التعامل مع قضية السومرية ستكون له تبعات واسعة.

ويقول: "ستؤدي إلى انتهاك حقوق الإنسان، خاصة الحق في السكن الآمن. وفقدان الثقة بالمؤسسات، مما يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية. وقد يفتح الباب أمام إمكانية الطعن دولياً في الإجراءات، خصوصاً إذا وُثقت الانتهاكات من قبل منظمات دولية مثل الأمم المتحدة."

ويضيف أن الحل يحتاج إلى رؤية وطنية شاملة لا تختزل المعضلة في حي واحد: "إن موضع الاستملاكات القديمة هو ملف معقد أكبر من أن يُختزل في المعضمية وحدها. إنه ملف ممتد على امتداد سوريا كلها، ويمس مئات آلاف العائلات. معالجته لا يمكن أن تكون بقرارات ارتجالية أو انتقائية، بل تحتاج إلى مقاربة وطنية شاملة."

هل القضية جزء من تغيير ديمغرافي؟

من أبرز الأسئلة المثارة: هل ما يجري في السومرية يعكس سياسة لإعادة تشكيل التركيبة السكانية في دمشق؟

الشماس لا يستبعد ذلك قائلاً: "بحسب ما جرى على أرض الواقع وتحذيرات الأمم المتحدة، هناك مؤشرات على وجود تهديدات بالإخلاء وانتهاكات بحق المدنيين، مما يثير مخاوف من تغيير ديمغرافي محتمل. وإذا لم تُعالج القضية بشفافية وعدالة، فقد يُنظر إليها كجزء من سياسة أوسع لإعادة تشكيل التركيبة السكانية في دمشق."

ويحذر في الوقت ذاته من أن فتح ملفات حساسة مثل العشوائيات في هذا التوقيت "يحمل طابعاً انتقامياً" أكثر مما يعكس رغبة حقيقية في الحل.

ويضيف: "الأولوية اليوم لبناء الدولة واستكمال توحيدها وحل مشكلة السويداء والشمال الشرقي والساحل وضبط الأمن وسحب السلاح وبناء أجهزة أمنية وجيش على أسس وطنية احترافية، وضمان استقلال القضاء. أما فتح ملفات السكن العشوائي الآن فهو كمن ينكش في عش الدبابير."

نحو حل وطني جامع

في ختام حديثه، يقدّم الشماس رؤية للخروج من المأزق، مشيراً إلى أن الحل هو تشكيل لجنة وطنية عليا مختصة بهذا الملف، تضم خبراء قانونيين واقتصاديين وممثلين عن المتضررين، تكون مهمتها مراجعة قرارات الاستملاك السابقة. 

ويقول: “العدالة تقول إنه لا يجوز أن يبقى الظلم مصادراً إلى الأبد. معالجة هذا الملف يجب أن تتم وفق مسار وطني وقانوني، يضمن الإنصاف، يحمي السلم الأهلي، ويمنع في الوقت نفسه فتح جراح جديدة أو خلق مظالم إضافية.”

قضية حي السومرية لم تعد مجرد نزاع عقاري أو توتراً أمنياً عابراً، بل أصبحت رمزاً لتشابك الملفات السورية: من الاستملاكات القديمة والعشوائيات، إلى الانقسامات الطائفية، مروراً بدور الفصائل المسلحة وضعف مؤسسات الدولة. وبينما أُوقف الإخلاء مؤقتاً بقرار رسمي، تبقى جذور المشكلة قائمة، ما لم يتم فتح ملف الاستملاكات والعشوائيات على مستوى وطني وبشفافية تضمن العدالة لجميع الأطراف.

 

اقرأ أيضاً|| التمويل العقاري في سوريا.. مشروع بملامح كندية ودنماركية وخبير يكشف شروط نجاحه

شاهد أيضاً: 

 

المقال التالي المقال السابق
0