في حوار خاص مع وكالة "ستيب نيوز"، فتح الفنان السوري رائد مشرف قلبه للحديث عن تجربته الأخيرة في المسرح القومي السوري من خلال عرض "آخر ليلة أول يوم"، كاشفاً عن رحلة البحث الطويلة التي قادته إلى هذا النص، وعن شغفه الدائم بالمسرح رغم كل التحديات.
مشرف الذي جمع بين الإخراج والتمثيل في هذا العمل، تحدث عن فلسفته في تقديم عروض قريبة من الناس، عن المزج بين الدراما والكوميديا لإدخال الفرح إلى قلوب السوريين، وعن رسالته الأبدية بأن الحب قادر على صنع الأمل والتغيير. كما تطرق إلى تجاربه التلفزيونية في أعمال شامية أيقونية مثل "باب الحارة"، وصولاً إلى محطته في "تحت سابع أرض"، مؤكداً أن الجمهور يظل دائماً هو البوصلة والغاية.
مسرحية آخر ليلة أول يوم
تحدث الفنان رائد مشرف عن مسرحية "آخر ليلة أول يوم" والتي لاقت صدى كبيرا في دمسق، قائلا: "أنا بقيت حوالي عام أبحث عن نص أقدمه للجمهور السوري بعد انقطاع"، وأشار إلى أنه انقطع فترة من الزمن عن المسرح السوري.
وتابع: "عندما وجدت هذا النص اتفقنا على بعض النقاط التي تخص العمل وقُدم إلى مديرية المسارح والموسيقى المسرح القومي وتمت الموافقة على هذا العمل".
وأشار مشرف إلى أن عرض " آخر ليلة أول يوم" هو الأول للمسرح القومي السوري بعد سقوط النظام والتحرير.
وبالحديث عن نص المسرحية قال إنه: " يتحدث عن الحياة الواقعية والمشاكل الزوجية، عن الرجل والمرأة بشكل عام، زوجان يعيشان مشاكل الحياة وتفاصيل المعيشة التي تؤدي إلى خلق مشاكل يومية".
ولفت إلى أن الذي يربط الزوجين في هذه الحكاية هو الحب، كاشفا أن الرسالة التي يحملها هذا العرض المسرحي هي أن: "الحب يصنع المستحيل، يصنع الأمل".
والعرض الذي افتتح بعيد زواج الشخصيتين الرئيسيتين في المسرحية اختتم كذلك بعيد زواج آخر في سنة أخرى ليدل على استمرار العلاقة بينهما بفضل المحبة.

مخرج وممثل معاً
وعن الديكور ودوره في المسرحية كمخرج أيضا يقول مشرف: "اخترنا ديكورا بسيطا واقعيا، فأنا مع العروض القريبة من الناس، أنا لا أبحث عن عروض تحدث إشكالية أو تحدث أسئلة عبثية، وأجعل الجمهور يفكر ما هي رسالة العرض، على العكس أنا أبحث عن عروض قريبة من الجميع ويفهمها الجميع".
وبما يتعلق بالمشاهد الكوميدية التي تخللت المسرحية وسط مشاهد درامية حزينة جدا، ومؤثرة بشكل كبير، قال الفنان السوري" إن الجمهور يحتاج للحظات المرح والضحك في كل الأعمال مهما كان نوعها وبشكل خاص في سوريا بعد سنوات من الحرب، الجمهور بحاجة للشعور بالفرح".
يشار إلى أن المسرحية من تأليف جوان جان إخراج رائد مشرف وتمثيل عهد ديب ورائد مشرف في أدوار البطولة وشارك في التمثيل الفنان فادي الشاعر والفنان أحمد عاصي.

العقبات والصعوبات في المسرح
أما عن العقبات والصعوبات التي واجهت صناعة العمل تحدث الفنان السوري لوكالة ستيب نيوز عن التحديات التي سببها "الظرف العام في البلاد" مثل انقطاع الكهرباء المتواصل وغير ذلك من سوء الخدمات والبنية التحتية في كافة المؤسسات، وأعاد ذلك إلى أن "هناك ضعف في ميزانية الدولة حتى الآن والمبلغ المخصص لمديرية المسارح لا يكفي لكل الأعمال والأفكار المطروحة" مؤكدا أن "ضعف إمكانيات الدولة بالعموم يؤثر على كافة القطاعات وهذا أمر سوف يحل مع الزمن من خلال النهوض باقتصاد البلاد".
وعن الدافع للاستمرار في العمل على خشبة المسرح رغم الظروف الصعبة ورغم كل العقبات يقول مشرف: " المسرح شغف للمثل مهما عمل في التلفزيون وفي السينما لا يستطيع أن يبتعد عن المسرح، لأنه مرآة حقيقية للممثل، وخشبة المسح هي المكان الحقيقي الذي يصنع الممثل".
وأكد على أهمية المسرح السوري الذي ترك تأثيرا كبيرا على امتداد الوطن العربي وحصل على جوائز عربية وعالمية مهمة جدا.
مسلسل باب الحارة
ولا يمكننا الحديث مع رائد مشرف دون المرور على مسلسل باب الحارة الذي نال شهرة كبيرة في الوطن العربي وتابعه الصغار والكبار، وعن هذا العمل قال مشرف لستيب نيوز: "باب الحارة هذا العمل صنع حالة إشكالية في الوطن العربي، ومن بداية الأجزاء الأولى وأنا كنت في الأجزاء الأولى مع المخرج بسام الملا رحمة الله عليه وفي الجزء الرابع خرجت من العمل لأن دور الشخصية انتهى جيث استشهد مسلم".
وأضاف :"ثم عدت إلى العمل بشخصية أخرى في الجزء العاشر مع شركة قبنض والأستاذ زهير رجب، وقمت بأداء شخصية أبو مصطفى صاحب المقهى".
وأوضح أن الجمهور يحب الأعمال الشامية لأنها تحمل روح الأصالة والصفات العربية الحميدة من الكرم والنخوة والوفاء والبطولات والحفاظ على الروابط الأسرية واحترام الوالدين .

وأشار إلى أن هذه القيم "لازالت موجودة في العرب لكن مع سرعة الحياة والتطور تغيرت مفاهيم كثيرة، ولذلك المشاهد يبحث عن نفسه في الأعمال الشامية مثل باب الحارة مثل أيام شامية والخوالي وليالي الصالحية".
تحت سابع أرض
وحول النمط الآخر من الأعمال الحديثة التي تحاكي الواقع كان لدينا محطة للحديث حول مسلسل "تحت سابع أرض" ويقول رائد مشرف عن هذا العمل إنه "كان فرصة مهمة جدا وهو يعد التجربة الثانية مع الأستاذ سامر البرقاوي حيث كنت ضيفا في مسلسل عاصي الزند قبله، هذا المخرج العبقري الذي يعرف هدفه تماما، وهو كذلك صاحب الإيقاع المتوازن في أعماله".
وأكد مشرف أنه كان معجبا جدا "بالسيناريو والحوار والإخراج وبكل فريق العمل المتكامل".
كما تحدث عن الفنان تيم حسن معبرا عن سعادته بالعمل معه، قائلا: "تيم حسن الشخص المتواضع الطيب الخلوق، ومهما تحدثنا عن طريقة تعامله بموقع التصوير لا نوفيه حقه، حيث كان بمنتهى اللطافة".
وتطرق مشرف إلى نجاح مسلسل "تحت سابع أرض" في الوطن العربي وقال إنه "كان في المراكز الأولى على المحطات العربية، وهذه التجربة كانت نقلة نوعية في تجربتي الفنية وعلى مستوى حضوري لدى الجمهور العربي وكذلك على المستوى الشخصي، من بعد ليالي الصالحية وباب الحارة هو كان نقلة أخرى تضاف إلى مسيرتي".
السباق الرمضاني
اعتدنا أن نرى نجوم الفن السوريين والعرب يبذلون جهدا كبيرا قبل بدء الشهر الكريم لدخول أعمالهم في السباق الرمضاني الذي اعتاده الجمهور العربي أيضاً، وهنا صرح رائد مشرف بأنه سيشارك في أعمل درامية تقدم في رمضان القادم، ولكنه لا يستطيع ذكر أسماء المسلسلات التي سوف يظهر فيها قبل أن يوقع العقد على حد تعبيره.
رسالة إلى الجمهور
يقول مشرف: "نحن نعمل من أجل الجمهور السوري والجمهور العربي نقدم كل جهدنا كي نرضي الجمهور ونسعده، كما نحاول أن نراعي دائما احترام ذوقه وخصوصيته وخصوصية العائلة، الجمهور هو من يرفع مرتبتنا ويسلط الضوء علينا، ونعد الجمهور بأننا سنقدم الكثير من الأعمال التي تليق بنا كمجتمع سوري".
وفي ختام هذا الحوار، لا يسعنا إلا أن نثمّن أعمال الفنان رائد مشرف على خشبة المسرح السوري بشغف أكبر وإصرار متجدد، ليضيف لمسيرته التي أغناها بأدوار درامية تركت بصمتها في ذاكرة الجمهور. فقد تألق في أعمال تلفزيونية بارزة مثل "باب الحارة"، إلى جانب مشاركاته في مسلسلات معاصرة حملت طابعاً اجتماعياً وإنسانياً عميقاً. واليوم، يأتي عمله المسرحي الجديد ليؤكد أن حضوره مسيرة فنية متواصلة تتجدد مع كل تجربة وتمنح الجمهور فسحة من الإبداع والأمل.