بيتكوين: 111,280.81 الدولار/ليرة تركية: 41.26 الدولار/ليرة سورية: 12,946.58 الدولار/دينار جزائري: 129.97 الدولار/جنيه مصري: 48.55 الدولار/ريال سعودي: 3.75
قصص الأخبار
سوريا
سوريا
مصر
مصر
ليبيا
ليبيا
لبنان
لبنان
المغرب
المغرب
الكويت
الكويت
العراق
العراق
السودان
السودان
الاردن
الاردن
السعودية
السعودية
الامارات
الامارات
فلسطين
فلسطين
حوارات خاصة

تحرك مصري عسكري بالقرن الأفريقي يعيد ترتيب موازين القوى.. القاهرة في مقديشو والعين على أديس أبابا

تحرك مصري عسكري بالقرن الأفريقي يعيد ترتيب موازين القوى.. القاهرة في مقديشو والعين على أديس أبابا

تشهد الساحة الأفريقية تطوراً لافتاً مع إعلان مصر استعدادها لإرسال قوات عسكرية إلى الصومال، في خطوة تعد الأولى من نوعها بهذا الحجم منذ عقود، وتأتي في سياق إقليمي بالغ التعقيد، يتقاطع فيه ملف مكافحة الإرهاب مع حسابات النفوذ السياسي والعسكري في القرن الأفريقي، ولا يغفل الخبير بالعلاقات الدولية، طارق البرديسي، خلال حديث مع وكالة ستيب نيوز، ربط ذلك بملف الصراع المصري الإثيوبي، فهل نشهد احتدام هذا الصراع على أرض الصومال؟

 

تفاصيل التحرك المصري

بحسب مصادر متطابقة، أنهى وفد عسكري مصري رفيع زيارة استطلاعية شملت قاعدة بلّيدوغلي الجوية وعدداً من المدن الصومالية، بينها جوهر، بلعد، مهداي وبورني، حيث التقى الوفد وزير الدفاع الصومالي أحمد معلم فقي، الذي شدد على أن مشاركة مصر "إضافة مهمة لجهود استعادة الاستقرار وتعزيز قدرات الجيش الصومالي في مواجهة التهديدات الإرهابية".

كما نقلت وسائل إعلام عن مصادر أن مصر تستعد لنشر نحو ألف جندي في الصومال، نصفهم ضمن بعثة الاتحاد الأفريقي الجديدة (AUSSOM) التي خلفت بعثة ATMIS، فيما سيعمل النصف الآخر ضمن اتفاقات ثنائية مباشرة مع الحكومة الفيدرالية الصومالية. 

وأفاد تقارير أن ثلاث مروحيات مصرية هبطت بالفعل في قاعدة قريبة من الحدود الإثيوبية، ما يعكس جدية الاستعدادات الميدانية.

من جانبه، اعتبر ممثل الاتحاد الأفريقي في مقديشو أن دخول مصر على خط المهمة "يعزز شرعية بعثة الاستقرار الجديدة ويمنحها ثقلاً إضافياً على المستوى العملياتي".

السياق الإقليمي: مصر وإثيوبيا وجهًا لوجه

لا يمكن فصل الخطوة المصرية عن التوتر المستمر مع إثيوبيا حول سد النهضة ومياه النيل، فالقاهرة تسعى منذ سنوات لتوظيف حضورها في القرن الأفريقي لموازنة النفوذ الإثيوبي المتصاعد. 

صحيفة The EastAfrican أشارت إلى أن أديس أبابا تنظر بقلق إلى التحركات المصرية، وتعتبرها "نكسة لطموحاتها في المنطقة"، خاصة وأن الانتشار المصري سيكون على مقربة من حدودها.

وفي هذا السياق، قال طارق البرديسي، لوكالة ستيب نيوز: "إن غضب إثيوبيا غير مبرر"، موضحاً أن مصر "تتصرف دائماً وفق الشرعية الدولية، والاتفاقات المرجعية والثنائية، باعتبارها دولة ذات سيادة تتعامل مع حكومات وسلطات شرعية، سواء من خلال منظمة الاتحاد الأفريقي أو في المحافل العربية والأممية".

وأكد أن "جميع تحركات مصر تأتي تحت مظلة الشرعية الدولية والإقليمية، وفي إطار الاتفاقات الثنائية بين الدول ذات السيادة"، مضيفاً أن "من حق مصر أن تبحث عن مصالحها، لكن دون عداء أو خصومة مع أي طرف".

وحول ما إذا كان التحرك المصري في الصومال يحمل بعداً جيوسياسياً يستهدف قطع الطريق على إثيوبيا، شدد البرديسي على أن "مصر عندما تتحرك، فإنها تتحرك دائماً وفق المرجعيات الدولية ومبدأ السيادة الوطنية، ودون أن تعادي أو تخاصم أحداً".

الأبعاد الأمنية: مواجهة الشباب وتعزيز الاستقرار

الداخل الصومالي ما يزال يواجه تهديداً متصاعداً من "حركة الشباب" المرتبطة بتنظيم القاعدة، والتي نفذت في مارس الماضي هجوماً دموياً على فندق بمدينة بيلدوين أسفر عن عشرات القتلى، وفي ظل الانسحاب التدريجي لقوات ATMIS، يشكل انخراط مصر ضمن AUSSOM دعماً مهماً للحكومة الصومالية التي تعاني من ضعف القدرات.

ويرى خبراء أن الحضور المصري يمكن أن يسهم في إعادة التوازن داخل البعثة الأفريقية، خصوصاً مع مشاركة قوات من كينيا وأوغندا وبوروندي. لكنهم يحذرون في الوقت نفسه من أن ذلك قد يزيد من انقسامات الداخل الصومالي بين الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات.

ما علاقة ملف سد النهضة؟

وحول ملف سد النهضة، أوضح البرديسي أن "مصر منذ البداية لم ترَ في السد ملف صراع، وإنما ملف تعاون وتنمية وتلاقي بين مصر وإثيوبيا عبر تقاسم المنافع من النهر الدولي". 

لكنه أشار إلى أن "الجانب الإثيوبي هو من يختلق الأزمات ويتهرب من الالتزامات، ويرفض التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم ينظم تشغيل وإدارة السد وتدفقاته المائية".

وتابع قائلاً: "الاتفاق القانوني هو الضابط لإيقاع العلاقات المنضبطة بين الدول، حتى لا يحدث تجاوز أو انفلات في السلوك، لكن إثيوبيا تصر على مخالفة هذه القواعد".

أما عن الربط بين التحرك المصري في الصومال وملف السد، فقد اعتبر البرديسي أن "لا علاقة بين الملفين"، مضيفاً: "مصر تتحرك مع الحكومة الصومالية الشرعية، بما يحافظ على وحدة وسلامة الأراضي الصومالية، ويرفض التدخل في الشؤون الداخلية. بينما إثيوبيا هي التي تتعامل مع كيانات غير معترف بها، وتسعى إلى تقسيم الصومال الواحد، وبالتالي فهي التي تختلق الصراعات وتؤجج المشكلات".

ردود الفعل المتوقعة

بحسب الخبير يتوقع أن تواصل أديس أبابا التعبير عن قلقها، وربما تتحرك دبلوماسياً للحد من النفوذ المصري الجديد، أو حتى التصعيد من خلال استمرار التعاون مع حكومة "أرض الصومال" التي تطالب بالانفصال عن الحكومة المركزية، وتعهدت بتقديم منفذ بحري لأديس أبابا على البحر الأحمر.

إلا أن هناك قوى دولية أخرى باتت لاعباً رئيساً بالقرن الأفريقي منها تركيا والإمارات، فلكل منهما حضور قوي في الصومال؛ الأولى عبر القاعدة العسكرية في مقديشو، والثانية عبر استثمارات في الموانئ، ودخول مصر يعيد رسم معادلة النفوذ الثلاثي.

توقيت التحرك ورسائله

وبشأن توقيت إرسال قوات مصرية إلى الصومال، أوضح البرديسي أن "رسائل مصر دائماً رسائل سلام واستقرار"، مذكراً بأن القاهرة "حريصة على التعاون مع إثيوبيا، كما أنها متمسكة بالسلام مع إسرائيل، ولا تبدأ عدواناً ولا تسعى إلى الاعتداء على أحد".

وختم بالقول: "مصر قيادةً وحكومةً وشعباً، هي دولة داعية للسلام، لكنها في الوقت نفسه لا تفهم السلام باعتباره ضعفاً أو تخاذلاً. فالاستعداد لكل السيناريوهات هو الضمانة الحقيقية للحفاظ على السلام حتى آخر لحظة".

تداعيات التحرك المصري

1يؤكد الخبراء أن التحرك المصري العسكري في الصومال يعد تعزيزاً لأوراق الضغط على إثيوبيا، فالانتشار المصري بالقرب من الحدود الإثيوبية يبعث برسالة مفادها أن القاهرة قادرة على التأثير في خاصرة إثيوبيا الأمنية، ما يضع ملف سد النهضة في سياق جيوسياسي أوسع.

أيضاً هناك مكاسب صومالية، فالحكومة الفيدرالية تكسب شريكاً عربياً وأفريقياً وازناً، يعزز توازنها في مواجهة الضغوط الداخلية والانقسامات الإقليمية.

إلا أن ذلك لا يغيّب المخاطر المحتملة، فالتواجد المصري قد يُستغل من قبل حركة الشباب كذريعة لتصعيد الهجمات، كما قد يزيد من حدة الاستقطاب بين الصومال وإثيوبيا.

إلى جانب ذلك يرى المراقبون أن هذه الخطوة تعيد مصر إلى قلب التفاعلات الأمنية في القارة، بعد سنوات من الانكفاء النسبي، وقد تمنحها دوراً مؤثراً في هندسة التوازنات الإقليمية.

وبين حسابات النفوذ السياسي والأهداف الأمنية، تتحرك القاهرة بخطى متسارعة لترسيخ موطئ قدم عسكري في القرن الأفريقي، فمشاركة مصر في بعثة الاتحاد الأفريقي بالصومال، إلى جانب دعم مباشر للحكومة الفيدرالية، تمثل انتقالاً من مرحلة المراقبة والدعم السياسي إلى الانخراط الميداني، لكن الطريق محفوف بالتحديات فإثيوبيا لن تقف مكتوفة الأيدي، والجماعات "الإرهابية" ستسعى لاستغلال الظرف، فيما يراقب الفاعلون الدوليون والإقليميون هذا التحول في معادلة موازين القوى في القرن الأفريقي.

 

شاهد أيضاً:

المقال التالي المقال السابق
0