سلايد رئيسيمقال رأي

ما بين بغداد وأنقرة.. هل حققت زيارة البارزاني أهدافها؟

على ما يبدو أن زيارة رئيس إقليم كُردستان، نيجرفان البارزاني، إلى العاصمة بغداد كان الهدف الأساسي منها، هو اللقاء مع الرئيس الفرنسي الشاب، إيمانويل ماكرون، ومع كبار المسؤولين العراقيين.

ما الهدف من زيارة البارزاني إلى بغداد

ولا يخفى على أحد بأن البارزاني، هو مهندس العلاقات الدبلوماسية بين (أربيل، بغداد، أنقرة) بحكم علاقاته الواسعة التي بناها على أساس الثقة المتبادلة.

طار الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، من بيروت نحو بغداد، محاولاً استغلال الزيارة للقاء بجميع الكتل العراقية، ومن بينها رئيس إقليم كُردستان.

ومن الواضح أن، ماكرون، كان يريد توجيه رسائل إلى تركيا من بغداد، مفادها أن بيروت وبغداد هي مناطق نفوذ لها، وأنه يمكن تطويقها من خلال حلف متكامل ( أثينا، بغداد، القاهرة، أربيل وشرق الفرات في سوريا)، لكن البارزاني وبحكم حنكته السياسية يدرك تماماً نوايا الدول الغربية، فهو على الأغلب ومن طبيعتهم السياسية يتجنبون اللعب على التناقضات الدولية والإقليمية، ومن ثم يستمعون إلى الجميع، لكن يتركون لأنفسهم ليقرروا فيما بعد.

ماكرون طلب من الفرقاء العراقيين الذين التقى بهم، إثارة موضوع التدخل التركي العسكري في إقليم كُردستان (دولياً) لمحاربة العمال الكُردستاني، ولمح أكثر من مرة خلال لقاءاته مع المسؤولين العراقيين إلى أن التدخل التركي في العراق هو “غير شرعي، ويفترض تدويله ونقله إلى المحافل الدولية”، بحسب النقاشات التي تمّت في بغداد.

ولكن المسؤولين العراقيين يراعون العلاقات الاقتصادية والسياسية مع أنقرة وطهران وحتى في بعض الأحيان مع دمشق، ويتجنبون المغامرة والدخول في الصراعات لا ناقة لهم فيها ولا جمل، وبالتالي اعتبروا ما قاله، ماكرون، بأنه كلام عابر غير قابل للتنفيذ ويمكن تمرير ذلك إعلامياً مراعاةً لمشاعره فقط.

هل حققت زيارة البارزاني أهدافها؟
هل حققت زيارة البارزاني أهدافها؟

ولا يخفى على أحد بأن فرنسا وضعت كل ثقلها لوضع تركيا في الزاوية الضيقة، من خلال دعمها وتحريضها لليونان، حسب تصريحات المسؤولين الأتراك، ونجحت إلى حدٍّ بعيد في هذه الجبهة، لكن في جبهة (بغداد وأربيل ) ستذهب طموحاتها أدراج الرياح، هكذا يبدو والمتوقع.

لماذا زار البارزاني أنقرة؟

الزيارة جاءت مفاجئة، ولم يتم الإعلان عنها في وقتٍ سابق، ويبدو أنه وبحكم العلاقات الاستراتيجية بين أربيل وأنقرة، أراد الطرفان اللقاء ومناقشة آخر التطورات في المنطقة.

كما يبدو أيضاً، أن المسؤولين العراقيين قد نقلوا كلام ماكرون حرفياً إلى أنقرة، وبناءًا على ذلك، خلقت لدى الأخيرة تخوف وقلق من نوايا زيارة الرئيس الفرنسي إلى بغداد.

ولعلّ من أهم المحاور التي تمّت مناقشتها في أنقرة بين الرئيس التركي، أردوغان، ورئيس إقليم كّردستان، نيجرفان البارزاني، كان:

1- وقف إطلاق النار مع حزب العمال الكُردستاني، والبحث عن طرق أخرى لتعامل مع تواجدهم العسكري داخل أراضي إقليم كُردستان بالتنسيق مع بغداد وواشنطن.

2- المفاوضات الكردية – الكردية في سوريا، يجب أن يتمخض عنها إخراج العمال الكردستاني من شرق الفرات، مقابل صمت أنقرة على نتائج هذه المفاوضات بالتنسيق مع واشنطن، وتضمن ذلك شريطة إشراك جميع العشائر والمكونات في إدارة شرق الفرات كحالة جامعة.

البارزاني يتفهم مطالب الأتراك، وعاد إلى أربيل وبجعبته الكثير من الملفات الشائكة والمعقدة، وبعدها على الفور أعلنت وزارة الدفاع التركية عن وقف عملياتها العسكرية داخل إقليم كردستان، تاركةً للجهود السليمة أن تلعب دورها وتعمل على تحقيق أهدافها.

ومن جانبٍ آخر، تحاول وسائل إعلام العمال الكردستاني، بثّ سمومه نحو إقليم كردستان من خلال إعلامه المشوه ونحو المجلس الوطني الكردي الذي لم يترك فرصة إلا وطالب فيها بتوحيد الصف الكردي، حرصاً على المصلحة العامة.

“العمال الكردستاني” رفض الاتفاق الذي عقدته (قسد) مع الشركة الأمريكية، وهذا دليل آخر بأنهم غير راغبين لأن يكون هناك مشروع مشترك بين المجلس الوطني الكردي و”قسد” على الميدان.

وبالتالي هجومهم الإعلامي والتحريض الممنهج ضد البارزانيين، ما هو إلا انزعاجهم الواضح من دورهم الإيجابي ودعمهم ومساندتهم للجهود السياسية المبذولة حول الاتفاق الكردي- الكردي ( المرتقب) في شرق الفرات.

بالمحصلة: سيعمل حزب العمال الكردستاني، بحسب (قراءتنا للواقع والمعطيات الموجودة)، ويضع كل ثقله لافتعال مواجهات عسكرية مع الحزب الديمقراطي الكردستاني- العراق، لخلط الأوراق ولإفشال المفاوضات القائمة هناك رغم حرص المجلس الوطني الكردي بأن يتمخض عن المفاوضات، اتفاق شامل ومتكامل، والدور إيراني موجود بالقوة في كل التفاصيل، حول ما يحدث في (شنكال) وشرق الفرات.

وهناك محاولات لوقف المفاوضات الكردية – الكردية قبل الوصول إلى نتائج ملموسة على الأرض، بينما الأمريكان يبدو أنهم غير مستعدين بشكل جدي في الوقت الحالي للدخول في أي مشروع سياسي في سوريا كحالة شاملة وفي شرق الفرات تحديداً، إلا بعد الانتخابات الرئاسية.

وبالتالي، ربما يتم استغلال هذه الفترة، ويتم قرع طبول الحرب في شنكال، أو في الحسكة (على الأغلب) مع النظام لجر المنطقة إلى دوامة صراعات أخرى وإلى مستنقع يستحيل خروج الجميع منه قبل دفع فاتورة باهظة الثمن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى