أفرجت وزارة العدل الأمريكية عن آلاف الوثائق المنقّحة المتعلقة بتحقيقاتها في قضية المموّل الراحل جيفري إبستين، المدان بجرائم اعتداء جنسي، المعروفة بـ “ملفات إبستين”.
في خطوة قالت إنها جاءت استجابة مباشرة لضغوط الكونغرس وتشريع جديد يلزم الحكومة بالكشف عن السجلات المرتبطة بالقضية.
لكن الإفراج، الذي وصفته الوزارة رسميا بأنه «جزئي»، فتح بابا واسعا للجدل، ليس فقط بسبب ما احتوته الوثائق، بل أيضا بسبب ما غاب عنها من معلومات حساسة وأسماء نافذة.
إفراج تحت ضغط الكونغرس
وقالت وزارة العدل إن نشر الوثائق جاء امتثالا لقانون أقره الكونغرس بأغلبية كبيرة في نوفمبر، يفرض الكشف عن جميع ملفات إبستين، بعد سنوات من السرية بدعوى حماية التحقيقات وخصوصية الضحايا.
وحدد مشرعون في مجلس النواب مهلة نهائية حتى 19 ديسمبر للإفراج عن الوثائق التي بحوزة الوزارة، في ظل انتقادات حادة من نواب وجمهور واسع بشأن التأخير والمماطلة.
كلينتون حاضر… وترامب غائب
وأظهرت مراجعة أولية للوثائق المنشورة تركيزا لافتا على الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، حيث ورد اسمه وصوره بشكل متكرر ضمن مواد التحقيق، في مقابل غياب شبه تام لأي إشارات مباشرة إلى الرئيس دونالد ترامب.

واعتبر مراقبون هذا التفاوت مثيرا للتساؤلات، خاصة أن إصدارات سابقة من ملفات إبستين، على مدى سنوات، تضمنت مواد تتعلق بعلاقة ترامب السابقة بإبستين قبل خلافهما وإدانة الأخير الأولى عام 2008.
ولم توجه أي اتهامات إلى ترامب، الذي نفى مرارا علمه بجرائم إبستين، فيما قال مكتب كلينتون إن التركيز على الرئيس الأسبق يمثل «محاولة سياسية لتحويل الأنظار وحماية أطراف أخرى من التدقيق».
تحذيرات بشأن خصوصية الضحايا
وأكدت وزارة العدل أنها بذلت «كل الجهود المعقولة» لحجب البيانات الشخصية للضحايا، محذرة في الوقت نفسه من احتمال الكشف غير المقصود عن بعض المعلومات الحساسة.

وقال نائب المدعي العام تود بلانش إن الوزارة تخطط للإفراج عن «مئات الآلاف من الوثائق»، لكنها لن تنشر جميع الملفات، مشيرا إلى أن دفعات إضافية قد تصدر خلال الأسابيع المقبلة بعد مراجعات قانونية دقيقة.
شبكة علاقات واسعة
وأعادت الوثائق إلى الواجهة شبكة العلاقات الواسعة التي نسجها إبستين بعد إدانته عام 2008، والتي شملت شخصيات سياسية واقتصادية بارزة، من بينها ستيف بانون، ولاري سامرز، وبيتر تيل، إضافة إلى الأمير البريطاني السابق أندرو، الذي جُرّد من ألقابه الملكية بسبب صلاته بإبستين.
ملفات غير مكتملة وحجب واسع
ونقلت وكالة «أسوشيتد برس» عن وزارة العدل تأكيدها للكونغرس أن الوثائق المنشورة «غير مكتملة»، وأن بعضها خضع لتنقيح واسع، بما في ذلك صفحات محجوبة بالكامل، من بينها وثيقة معنونة بـ«قائمة المدلِّكات».
كما طلبت الوزارة من الجمهور المساعدة في تحديد المعلومات التي ينبغي أن تبقى محجوبة، مع تأكيدها حقها في إخفاء ملفات تتعلق بتحقيقات جارية أو اعتبارات تتصل بالأمن القومي.
وثائق التركة وما كشفته
وشملت دفعات أخرى وثائق قدمتها تركة إبستين إلى الكونغرس، تضمنت صورا ومواد بصرية، إضافة إلى أكثر من 20 ألف صفحة تحقيق، و95 ألف صورة قالت جهات جمهورية إنها تمثل جزءا فقط من المواد المسلّمة.
ومن بين أبرز ما نُشر:
صور ووثائق تتضمن إشارات إلى رواية «لوليتا».
رسائل إلكترونية أشار ديمقراطيون إلى أنها توحي بمعرفة ترامب بوجود فتيات.
جداول يومية تتضمن أسماء مثل إيلون ماسك وبيتر تيل وستيف بانون.
وصية إبستين النهائية، وكتاب عيد ميلاده الخمسين، واتفاق عدم الملاحقة القضائية لعام 2007.

إصدارات سابقة ومستمرّة
ومنذ يناير 2025، نشرت وزارة العدل عدة دفعات، شملت سجلات رحلات، ودفاتر جهات اتصال منقّحة، وتسجيل فيديو قالت إنه ينفي دخول أي شخص إلى زنزانة إبستين ليلة وفاته عام 2019، والتي خلصت التحقيقات الرسمية إلى أنها كانت انتحارا.
ورغم ذلك، لا تزال القضية تثير شكوكا واسعة لدى الرأي العام، وسط مطالب متزايدة بكشف كامل وغير منقّح لكل ما يتعلق بإحدى أكثر القضايا إثارة للجدل في التاريخ الأمريكي الحديث.